انهال عليها ستة ذئاب دفعت ثمن خروجها للعمل لمساعدة زوجها!
كانت الساعة تقترب من العاشرة ليلاً، عندما دخلت قسم الشرطة امرأة ممزقة الملابس ملطخة بالوحل، في حالة إعياء وانهيار شديدين، تطلب من الموجودين بداخله الستر قبل أن تصبح فضيحتها على كل لسان، تلطم خدّيها بين الحين والآخر علها تفلح في التعبير عن المصيبة التي لحقت بها.
جريمة واضحة
استمرت المرأة في حالة انهيار تام، حتى حضر رئيس المباحث وشاهد ملابسها الممزقة والتي عجزت عن أن تخفي تفاصيل جمالها الريفي، ففطن إلى ما حدث معها واصطحبها إلى مكتبه، يستعلم منها عن ملابسات ما تعرضت له من جريمة، هي بكل المقاييس كارثة في مجتمع ريفي ما زال متمسكاً بعاداته وتقاليده.
فاطمة امرأة في العقد الثالث من عمرها، تزوجت قبل أكثر من خمسة عشر عاماً من أحد شباب القرية التي تسكن فيها في محافظة الغربية، إحدى محافظات الدلتا في مصر. كانت في قمة السعادة في بدايات حياتها الزوجية، إلا أنه سرعان ما تبخّرت السعادة وحل محلها شقاء وكفاح من أجل تربية أربعة من الصغار، كانوا ثمرة هذا الزواج.
خروج اضطراري
أصبحت ظروف فاطمة غاية في القسوة، وبات زوجها عاجزاً عن توفير نفقاتها وصغارها من محل البقالة الذي يملكه عند مدخل القرية، فعادةً ما يذهب لافتتاحه قبل أن تغرب الشمس، ويعود قبل الفجر. لذا وجدت المرأة نفسها مجبرة على العمل معه، تذهب إلى المحل في السادسة صباحاً وتظل فيه حتى السادسة مساءً، عندما يأتي زوجها من المنزل، فتعود هي لتقضي احتياجات صغارها بما تبقّى لها من قوة استنفدت معظمها طوال النهار داخل المحل.
ورغم أن هذا الوضع ساعدها كثيراً في تحسين ظروف معيشتها، ونجحت في جلب بضائع جديدة عادت عليها بالكثير من المال، فإنها لم تسلم من نظرات الرجال التي تنهش في جسدها مثل الكلاب الجائعة، ومن قبلها النساء اللواتي عجزن عن تقبل فكرة عمل امرأة في محل للبقالة يتردد عليه شباب ورجال القرية طمعاً بها، لا رغبةً في الشراء منها.
حسن الظن
حاولت فاطمة ألا تلتفت إلى كلمات النساء بحقها، فيما سعت بكل ما أوتيت من قوة صدّ نظرات الرجال عنها، لكن كثيراً ما فشلت في ذلك. وكثيرا ما كانت تواسي نفسها بأنه مهما حدث فإن أخلاق القرية ستحصّنها من كل هؤلاء، فقد تمتد إليها نظراتهم وكلماتهم، لكن من المؤكد أن أيديهم لن تصل إليها. عاشت فاطمة مغيبة عن الحقيقة التي كانت واضحة، إلى أن جاء زوجها ذات يوم متأخراً بعد أن غرق في النوم، وفور أن رأته صبّت عليه غضبها وهمت مسرعة لتلحق بصغارها تعد لهم الطعام قبل أن يغرقوا في النوم.
الصديق المنقذ
كانت فاطمة تسرع الخطى عندما مرت بجوارها دراجة بخارية يستقلها صديق زوجها، وما إن رآها حتى عرض عليها إيصالها. ولأن المسافة إلى منزلها كانت كبيرة وجدت فيه منقذاً لها، فوافقت على الفور من دون أن تفكر في شيء سوى الوصول إلى منزلها من أجل صغارها. لم يكن صديق الزوج سوى ذئب يريد أن يفترس المسكينة. تظاهر بالمساعدة، إلا أنه كان يبطن لها الشر، فما إن انطلق في الطريق حتى وجدته ينحرف بها وسط الزراعات، وما أن أبدت قلقها وجدته يظهر على حقيقته ويكشر عن أنيابه ليراودها عن نفسها محاولاً ممارسة الرذيلة معها.
الفريسة
كان القدر أكثر قسوة بالمسكينة، فبدلاً من أن يرسل لها من يحاول نجدتها وتخليصها من أنياب هذا الذئب الجائع، أرسل لها خمسة ذئاب أخرى خطفتها من أحضانه ليتناوبوا الاعتداء عليها بصورة وحشية، ولم يكتفوا بذلك بل صوّروها وهي عارية وهم يعتدون عليها، بعد أن شلوا حركة صائدها الأول وقاموا بتوثيق يديه وساقيه. انتهى المجرمون من فعلتهم الشنعاء، وقبل أن يغادروا مسرح الجريمة استولوا على هاتف الضحية وقرط ذهبي كانت تتزين به وفروا هاربين، دون أن يتركوا أي أثر لهم أو أي تفاصيل تقود للتعرف عليهم. فقد نجحوا في إخفاء معالمهم بشال يلثم كل منهم بصورة لا تظهر إلا أعينهم التي حجب الظلام رؤيتها هي الأخرى.
الفضيحة
توقفت فاطمة عن رواية تفاصيل جريمة الاغتصاب التي تعرضت لها على أيدي هؤلاء الذئاب ، لتنهمر دموعها وهي تتوسل إلى ضابط المباحث أن ينقذها من فضيحة مدوية، فما حدث لن يساوي شيئاً أمام انتشار مقاطع فيديو تظهرها وهي عارية في أحضان هؤلاء الذئاب الذين تناوبوا الاعتداء عليها وهم يصورونها. تفاصيل كثيرة ذكرتها فاطمة (35 سنة) في المحضر الذي ضم أحداث الواقعة التي بدأت عقب مغادرتها محل البقالة المملوك لزوجها طلال (42 سنة)، خرج بعدها رجال المباحث بصحبتها يعاينون مسرح الجريمة، ليجدوا شخصاً مقيد الساقين واليدين تبين أنه صديق زوجها المدعو رفعت م.ع (46 سنة، سائق)، ذلك الصديق النذل الذي تناسى أنها زوجة لصديقه وحاول نهش لحمها، ليكون سبباً في قيام ستة ذئاب بافتراسها وهروبهم دون أن يتركوا أي أثر لهم.
دليل الإدانة
كان هاتف الضحية هو الوسيلة الوحيدة للوصول إلى الجناة، بعد إجراء مكالمات قادت رجال المباحث إلى تحديدهم، ليتبين أنهم خمسة من شباب القرية ساروا وراء نزواتهم، دون أن يفكروا ولو للحظة في العقاب الذي ينتظرهم إزاء فعلتهم الشنعاء. نصب رجال المباحث مكامن في محيط القرية، نجحت في الإيقاع بكل من ح.ح. (20 سنة، حاصل على دبلوم)، وبحوزته هاتف محمول عثر فيه على مقاطع فيديو فاضحة له ولبقية المتهمين وهم يعتدون على فاطمة، وع.أ.ع (25 سنة، حاصل على دبلوم) وبحوزته القرط الذهبي الخاص بالمجني عليها، وغ.ر.س(19 سنة، طالب) وعثر معه على هاتف الضحية، وف.ف.إ (9 سنة، سائق)، وع.ر.م (25 سنة، عامل).
لم يكن أمام المتهمين أي فرصة للإنكار بعد أن عثر على متعلقات الضحية بحوزتهم، ليتبقى لهم محاولة التظاهر بالندم وإلصاق الأمر بالضحية زاعمين أنها كانت سبباً في الاعتداء عليها، عندما شاهدوها في أحضان صديق زوجها، فظنوا أنها ذهبت معه برغبتها، فأرادوا أن يكون لهم نصيب فيها. وقررت النيابة حبسهم على ذمة التحقيقات دون أن يشفع ذلك لفاطمة التي دفعت ثمن خروجها للعمل لمساعدة زوجها.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1078 | تشرين الأول 2024