تحميل المجلة الاكترونية عدد 1079

بحث

كاظم الساهر في بيت الدين

في مدرّج يحوي آلاف المقاعد التي يجلس عليها محبّوه منذ ساعات، تتقدّم بين الحشود لتبحث عن كرسيك وفي ذهنك أسئلة لا تنفكّ تلّح عليك. لماذا هو؟ ما سرّه؟ كيف اقترن اسم هذا الفنان العراقي بأهمّ مهرجانات لبنان حتى صار ضيفها الدائم؟ قد لا تجد الجواب إلاّ وأنت عائد أدراجك.
الأكتاف تتزاحم خروجاً ونظرات شاخصة نحو المسرح، لعلّه يعود ويُغنّي لهم أغنية أخرى...


لا صفة واحدة تطغى على الحاضرين. رجال، نساء، مسنّون، مراهقون... المشهد وحده يترجم الحالة الخاصة لفنان نجح في تحقيق المعادلة الصعبة.
أن يكون نجماً يتفق عليه المستمعون العاديون والنخبويون والصغار والكبار والإناث والذكور. كاظم الساهر هو الفنان الذي لا يملّ منه الجمهور.
يقصدون أعالي جبل لبنان عاماً بعد عام لحضور حفلته التي تُعيدهم إلى زمن الحبّ والغزل والكلام الجميل.

النساء يُردّدن أغنياته وعيونهن تتجّه إليه وكأنّه الرجل الذي يفهم أحاسيسهن. أمّا الرجال فيُردّدون أيضاً كلماته وكأنّه الفنان الذي يتكلّم بصوتهم ويترجم مشاعرهم بأعذب المفردات.

كعادته، لم يلتزم كاظم الساهر برنامج الحفلة الذي حضّره. استمع إلى طلبات الجمهور الذي كان يُناديه عبر الفضاء المفتوح سائلاً إيّاه أغنية «المستبدة» مرّة، و«الحبّ المستحيل» أو «قولي أحبّك» مرّات أخرى.

ومع أنّ الحفلة كانت بعنوان تحيّة إلى نزار قباني، أصرّ قيصر الغناء على تقديم بعض أغنياته باللهجة العراقية، خصوصاً أنّ المدرجات امتلأت بجاليات عراقية قصدت بيت الدين للإستمتاع بسفير بلادها في العالم العربي. فغنّى «عبرت الشطّ» و«عيد وحبّ» التي أدّى على إيقاع موسيقاها الجميلة الدبكة العراقية المعروفة ، برفقة ثلاثة من أعضاء فرقته.

أمّا مفاجأة السهرة فكانت في مشاركة «تلامذته» في برنامج «ذا فويس». ومثلما وعد كاظم المتسابقات في فريقه بمساعدتهن ومساندتهن بعد انتهاء البرنامج، سمح لأربع منهنّ بمشاركته الغناء في الحفلتين اللتين أحياهما في مهرجان بين الدين.
فغنّت معه التونسية (وصلت إلى النهائيات) يسرى أغنية «أشتكيك لمين» التي يجهل الكثيرون أنّها من ألحان كاظم الساهر نفسه.
وبعدما أبدعا معاً في أداء هذه الأغنية الطربية، استقبل المتسابقة الأخرى وسام التي شاركته غناء رائعته «هل عندك شكّ».
وفي الحفلة الثانية، شاركته المتسابقة السورية نور عرقسوسي غناء «زيديني عشقاً» وكريس جرّ أغنية «سلام»... ولم يمنح كاظم طالباته فرصة الغناء معهن فحسب، وإنما ظلّ يُشجعهنّ بالتصفيق لهنّ وبالثناء على أصواتهن، فبدا وكأنّه عرّاب هذه المواهب التي تحتاج كلّ الدعم في بداية مسيرتها.

في كلّ مرة ترى حجم الجمهور الذي يتوافد إلى قصر بيت الدين، برغم الظروف الأمنية الصعبة، لحضور حفلة كاظم الساهر، يتولّد لديك شعور بأنّ هذا الفنان الذي تليق به هذه المهرجانات الكبيرة هو امتداد للفنانين الكبار الذين استطاعوا خلال تاريخهم الفني أن يجذبوا الجمهور على اختلاف أمزجته. 

المجلة الالكترونية

العدد 1079  |  تشرين الثاني 2024

المجلة الالكترونية العدد 1079