تحميل المجلة الاكترونية عدد 1077

بحث

في رمضان.. النساء يُحكمن قبضاتهن على 'ريموت' التلفزيون

عبد الرحمن بن طشة

عبد الرحمن بن طشة

أحمد عبد الله

أحمد عبد الله

بدر الشهري

بدر الشهري

مها الشيخ

مها الشيخ

 رحاب عباس المواردي

رحاب عباس المواردي

ينطلق سيل من المسلسلات الدرامية مع أول أيام شهر رمضان المبارك بعد حملات إعلانية تجعل النساء ينتظرن بفارغ الصبر حلول الشهر الفضيل، ليُحكمن قبضاتهن على جهاز التحكم في التلفزيون، فيصبحن الآمرات الناهيات في تحديد ما تجدر مشاهدته. تلك السيطرة طوال شهر رمضان، قد لا تؤثر كثيراً على بقية أفراد العائلة، خصوصاً أن الرجال عادة ما ينشغلون في التزاماتهم خارج منازلهم في الفترات المسائية، تاركين نساءهم إما بين أسوار المنزل وأمام الشاشات الفضائية، أو في الزيارات العائلية وحضور المناسبات والفعاليات الرمضانية. «لها» رصدت الآثار المترتبة على السيطرة النسائية التي تشهدها أجهزة التحكم في التلفزيون، وسط اعترافات «رجولية» بأن ذلك من أبسط حقوق المرأة الملتزمة بواجبات منزلية لا حصر لها في ساعات النهار من رمضان...


رحاب عباس: ليالي رمضان الطويلة جعلته «شهر المرأة» بلا منازع

تؤكد المستشارة الإعلامية في المنظمة العربية للسياحة التابعة لجامعة الدول العربية رحاب عباس المواردي، أن ليالي شهر رمضان التي عادة ما تكون طويلة، أعطت مجالا أكبر للمرأة في الاستفادة من المرافق العامة والأسواق وحتى متابعة التلفزيون، وهو ما يجعل من رمضان شهراً نسائياً تبرز فيه المرأة أكثر من الرجل. ولكنها ترى أن معظم النساء خلال شهر رمضان المبارك يتّصفن بالالتزام الذي يشمل تأدية صلاة التراويح بعد انتهائهن من إعداد موائد الإفطار وإنهاء واجباتهن المنزلية، بعد ذلك قد يخرجن للتنزه أو زيارة الأسواق وسوى ذلك. وتشير إلى أن سيطرة المرأة على جهاز التحكم في التلفزيون يأتي ضمن أوقات محددة، بعد اختيارها الوقت المناسب، خصوصاً أن غالبية المسلسلات تعاد مراراً وتكراراً نهاراً وليلاً. وتقول إن ذلك لا يتعارض مع واجباتها والتزاماتها الأخرى كونها قادرة على تنظيم جدولها ما بين منزل وتلفزيون وخروج، وهو ما يجعل المرأة في رمضان أبرز من الرجل، وذلك بحكم الأوقات الطويلة في الشهر الفضيل، خاصة في الفترة المسائية.

المسلسلات الرمضانية تتحكم في الحياة الاجتماعية بين الزوجين
بحكم تركيبة شخصية المرأة، فإنها تعيش أحداث المسلسلات بشكل أكبر من الرجل حسب ما ذكرته رحاب المواردي، ولا سيما أن معظم الشخصيات والأحداث الدرامية تجسد واقع الحياة بشكل كبير.
لكنها استدركت: «قد يكون التأثر بالمسلسلات الرمضانية سلاحاً ذا حدين، فهناك نساء يتمتعن بالإيجابية في شخصياتهن نتيجة لتنشئتهن السوية، وبالتالي يتّعظن مما يشاهدنه ليأخذن تلك الأحداث الدرامية بشكل بنّاء، غير أن أخريات يتأثرن سلباً بحيث يطبقن السلوكيات الخاطئة في حياتهن». وباعتبار أن القنوات الفضائية تصل إلى مختلف دول العالم، ترى المواردي أن كثرة المسلسلات خلال شهر رمضان الكريم من شأنها أن تناسب كل الأذواق على اختلاف ديانات أصحابها، بينما يمكن المسلمين التحكم في مشاهدة التلفزيون والامتناع عن متابعة ما يتنافى مع روحانية شهر الصيام.


سحر باقازي: في منزلي السيطرة على التلفزيون ذكورية بحتة!

لا تهتم كثيراً بما يتم عرضه من مسلسلات خلال شهر رمضان، وذلك لأسباب عديدة أولها إيمانها التام بأن هذا الشهر مخصص للعبادة، فتشغل وقتها بالصلاة وقراءة القرآن نهاراً، والاستماع إلى أحاديث العلماء عبر موقع «يوتيوب»، ومتابعة البرامج الدينية أو الاجتماعية في فترة ما قبل الإفطار.
أما السبب الثاني لعدم اكتراثها بمتابعة التلفزيون فهو سيطرة زوجها على جهاز التحكم، الأمر الذي يجعلها إن أحبّت الجلوس معه تتابع ما يشاهده، ويكون عادةً مسلسلاً كوميدياً أو دراما تتناول حياة شخصيات معروفة. وتقول السيدة سحر باقازي إنها كانت في فترة من الفترات تتابع البرامج الدينية أو الاجتماعية قبل الإفطار في غرفتها، غير أنها اكتشفت «روعة» اجتماعها بزوجها وأبنائها خلال تلك الفترة في غرفة الجلوس عوضاً عن مكوثها بمفردها بعيدة عنهم.

ولأن فترة وجودها مع أفراد عائلتها أمام التلفزيون عادة ما تكون قبل الإفطار وقبل السحور، تحاول باقازي دائما أن تشغل أوقاتها الأخرى بالزيارات الاجتماعية إما لعائلة زوجها أو عائلتها أو صديقاتها المقربات، كونها تؤمن بأن الأوقات التي تمضيها مع زوجها وأبنائها لمشاهدة ما يتابعونه كافية جداً.
وتضيف: «لا أحب الخروج إلى الأماكن العامة بحكم الزحام الذي تشهده الشوارع في ليالي رمضان، لذلك أحب كثيراً السهرات المنزلية لدى الأقارب والأصدقاء، لا سيما أن تلك الأجواء تشبه الطقوس الرمضانية الموجودة في منزلي، ولكن أحيانا أصطحب أبنائي بعد الإفطار مباشرة إلى شاطئ البحر وأمكث معهم حتى صلاة التراويح، ونعود إلى المنزل قبل اشتداد الزحام المروري».

وذكرت أن وجود أبنائها معهما هي وزوجها خلال فترة متابعتهما التلفزيون في رمضان يجعلهما حريصين جدا في انتقاء ما يمكن مشاهدته، وبالتالي التحكم في اختيار المحتوى المناسب مع الابتعاد عن المسلسلات التي لا تتلاءم مع روحانية رمضان، كالتي تحوي مشاهد جريئة أو ألفاظاً نابية.
ولأنها تحرص أيضاً على زرع روحانيات شهر الصيام في نفوس أبنائها، فإنها تعمد غالباً إلى إضافة لمسات رمضانية على ديكور منزلها في هذا الشهر، من ضمنها الفوانيس والإضاءات المعلقة على الحائط لتشعلها قبل الإفطار وحتى ما بعد السحور.

المسلسلات الرمضانية باتت محصورة في غرف النوم
وتنتقد السيدة سحر محتوى المسلسلات العربية بشكل عام والتي تتهافت القنوات الفضائية على عرضها في شهر رمضان المبارك، فترى أن أحداثها الاجتماعية باتت تنحصر في إطار غرف النوم، وهو ما وصفته بـ»المقزز» والمنافي للشهر الفضيل، لافتة إلى أن ما يعرض في رمضان يصبح راسخاً في الأذهان دائماً.
ومع ذلك، تبيّن أن زوجها لا يتأثر بما يشاهده من مسلسلات بقدر تأثره الحميد بالشخصيات الدرامية ذات السمة الجاسوسية، إذ قد يتقمص مثل تلك الشخصيات من ناحية قوّتها وصفاتها الإيجابية فقط.
وتتساءل عن المانع من تأجيل عرض الكم الهائل من تلك المسلسلات إلى ما بعد رمضان، إذ أن التركيز عليها خلال شهر الصوم يعطي انطباعاً بأن الناس يشعرون بالملل من الصيام وبالتالي يمكنهم التخلص من مللهم عبر متابعة تلك المسلسلات.


مها الشيخ: الأمة العربية تتّحد على شاشات التلفزيون في رمضان

بحكم بث مسلسلات عربية وخليجية مختلفة اللهجات والثقافات في شهر رمضان المبارك، ترى مها الشيخ أن ذلك يوحّد الأمة العربية على شاشات التلفزيون في هذا الشهر، مؤكدة أن النساء هن أكثر متابعة من الرجال بحكم انشغال الأخيرين وارتباطاتهم والتزاماتهم. وتقول: «وجود شاشات عرض في المقاهي والمرافق ساعد كثيراً على استمرار النساء في متابعة ما يرغبن فيه حتى خلال وجودهن خارج المنزل في الفترات المسائية».
وتروي أن والدها يهوى متابعة المسلسلات التاريخية والبرامج الوثائقية ونشرات الأخبار، فيما هي ترغب في كسر روتين السنة من خلال متابعة بعض المسلسلات الدرامية أو الكوميدية التي ينظر إليها والدها على أنها مضيعة للوقت. وتستطرد في القول: « أحاول قدر الإمكان اختيار الوقت المناسب لمتابعة المسلسل المفضل لدي بحكم أن أوقات العرض متفاوتة، وأحياناً يتوافق اختياري لمسلسل معين مع اختيار أفراد أسرتي الآخرين، غير أني في المجمل لا أمضي كل أوقاتي قبالة التلفزيون لأن ما يُعرض في رمضان سيعاد في أوقات لاحقة من السنة».


الرجال يبرّرون السيطرة بأحقيّة النساء اللواتي يمضين النهار في المطبخ

قد تكون تبريراتهم من منطلق «مجبر أخوك لا بطل»، إلا أنها أولاً وأخيراً تصب في مصلحة النساء. وما يشفع لهن كي يتقبل الرجال سيطرتهن على «ريموت» التلفزيون هو أنهن يمضين ساعات طويلة من نهار رمضان في المطبخ لإعداد موائد الإفطار، فمن حقّهن الترويح عن أنفسهن بعد ذلك الالتزام الذي يعد الأهم والأكبر لدى العائلات كافة.

أحمد عبد الله: اهتماماتنا متشابهة ونتفق دوماً على متابعة التلفزيون
زوجته مقلّة جداً في متابعة التلفزيون عموماً، وفي أغلب الأحيان يكون متفقاً معها على أمور معينة يتابعانها معاً بحكم تشابه الميول والاهتمامات بينهما. ويقول أحمد عبد الله: « في الغالب تؤثر عليّ زوجتي وابنتاي لمتابعة مسلسل معين خلال شهر رمضان، وهو ما يجعلنا دائما متفقين على مشاهدة التلفزيون معاً». ويؤكد عدم وجود أي تأثر قد يطرأ على زوجته أو ابنتيه من جرّاء المسلسلات التي يتابعنها، خاصة أن العائلة تبتعد عن الدراما الحزينة والمبالغ فيها، وتستهويها الكوميديا والدراما الاجتماعية المتّزنة. وقد جرت العادة أن تخرج زوجته إلى الأسواق كثيراً في شهر رمضان لعوامل عدة، منها انشغالها طوال فترة النهار وحتى بعد الإفطار في المطبخ وإنهاء واجباتها المنزلية، إلى جانب تجهيزاتها لعيد الفطر. وأكد أحمد أن «لها الحق في الخروج من أجواء نهار رمضان في المساء، ولا أعارض مطلقاً أن تكون هي الأكثر سيطرة على المنزل شريطة أن لا يكون ذلك على حساب راحتي من حيث إرهاقي بكثرة المشاوير والالتزامات الأخرى».

عبد الرحمن بن طشة: أنزعج إذا تزامن موعد مسلسلاتها مع المباريات الكروية
يرجع عبد الرحمن بن طشة سيطرة النساء على جهاز التحكّم إلى كثرة المسلسلات التي تجعل المرأة تتابع أكبر عدد ممكن منها، وبالتالي تتولد لديها السيطرة في شهر رمضان. ومع أن ذلك لا يضايقه كثيراً، فإنه ينزعج إذا أرادت زوجته متابعة برنامج معين أو مسلسل يتزامن مع مباراة كروية يرغب في متابعتها، غير أنه يشير إلى أنه هذا العام لن تكون هناك دوريات لكرة القدم خلال شهر رمضان المبارك. وقد ينشأ شيء من «الزعل» بين عبد الرحمن وزوجته على خلفية تأثرها بما تشاهده من دراما كالمشاهد الحزينة وغيرها، وأحيانا قد تتذكر مشكلات حدثت في السابق بينهما إذا رأت مشاهد شبيهة بتلك المشكلات، لتعود إلى المناوشات معه، إلى جانب أنها قد تشك فيه أحياناً نتيجة متابعتها لأحداث درامية تتناول قضية الخيانة الزوجية. وتابع: «غالباً ما أشاهد المسلسلات التي تتابعها زوجتي كي لا أقع في مشاكل معها، ولكن إجمالاً هي لا تمضي أوقاتاً طويلة أمام التلفزيون باعتبارها موظفة، وإنما قد يكون لديها برنامج أو مسلسل واحد تتعلق به وترفض تماماً تفويت أي حلقة من حلقاته».

بدر الشهري: تركيز الدراما على جوانب الحياة يجذب النساء
غالباً ما تركز الدراما خلال شهر رمضان المبارك على جوانب متعددة من حياتنا الواقعية حتى وإن اصطبغت بصبغة خيالية، الأمر الذي من شأنه أن يجذب النساء بشكل أكبر من الرجال، ولذلك يرى بدر الشهري أن من أبسط حقوق زوجته السيطرة على التلفزيون كونها منشغلة طوال النهار في تأدية التزاماتها المنزلية. ويقول: « قد تتغير في تعاملها معي بناءً على أحداث متعلقة بمسلسل معين، إلا أن هناك تغيرات سلبية قد تحدث للمرأة كالشك في زوجها بسبب مسلسل سلّط الضوء على خيانة الرجل لزوجته، وتجعلها تفكر في أوهام لا تمت إلى الحقيقة بصلة قياساً بما تشاهده في المسلسلات».


إدمان متابعة الدراما يؤدي إلى اضطرابات نفسية لدى المراهقات

تحذّر الاختصاصية النفسية الهنوف جاسر من إدمان المراهقات متابعة الأعمال الدرامية، نتيجة ما تسببه من اضطرابات نفسية، باعتبار أن ملامح شخصياتهن لم تكتمل بعد، في حين قد يترتب على متابعة المسلسلات في رمضان من السيدات عموماً إهمال في الجوانب الاجتماعية والنفسية والدينية أيضاً.
وأكدت أن لكل سيدة شخصية مختلفة عن الأخرى، إذ أن هناك من يملكن نسبة عالية من الإيحاء في شخصياتهن، وهو ما يجعلهن يتأثرن بالأحداث الدرامية التي يشاهدنها في المسلسلات. وأوضحت أن تأثر تلك الشخصيات بالمسلسلات يعتمد على السمات الشخصية ومعدلاتها لدى كل فتاة أو سيدة، وتقول: «ثمة من تعاني من زيادة نسبة سمة الشك في شخصيتها، الأمر الذي يجعلها تتأثر كثيراً بالمواقف الدرامية المتعلقة بالثقة، وهناك من تكون سمة الكآبة مرتفعة لديها فتميل إلى متابعة المشاهد الحزينة». ولفتت إلى أن طبيعة المرأة العاطفية تجعلها أكثر تأثراً بما تشاهده من مسلسلات مقارنة بالرجل، ولكن ذلك التأثر لا يتعلق بأمراض نفسية بقدر ما هو مرتبط بالسمات الشخصية، مع إمكان اعتبار تلك التغيرات النفسية الناجمة عن متابعة الأحداث الدرامية التلفزيونية مجرد عارض لا اضطراب نفسي.

المجلة الالكترونية

العدد 1077  |  آب 2024

المجلة الالكترونية العدد 1077