قتل النساء ظاهرة في فلسطين
ما زال مسلسل القتل تحت مسمّى الشرف مستمراً رغم التقرير الصادر عن معهد الطب الشرعي في فلسطين والذي أكد أن جميع النساء اللواتي شرّحت جثثهن عذراوات.
قالت مديرة جمعية نساء ضد العنف عايدة توما سليمان إن منع وقوع هذه الجرائم يحتاج إلى عمل جدي، وأضافت: «لا يمكن التحدث عن إمكان الحد من الظاهرة من دون بذل جهود متوازية في كل المجالات، مثل سَن قوانين خاصة لحماية النساء وردع المجرمين، وفرض أقسى العقوبات على مرتكبي الجريمة، ووضع البرامج التثقيفية والتوعوية للشباب، خصوصاً أن معظم القتلة هم من هذه الفئة، إضافة إلى توفير الحماية وخدمات التأهيل للنساء المعنفات أو المعرضات للخطر». وأشارت إلى أن «غياب المساءلة أو ضعفها ووجود قوانين غير رادعة وأحكام قاسية على مرتكبي هذه الجرائم، يقودان إلى وضعية يشعر فيها من يريد ارتكاب جريمة أن بإمكانه الإفلات من العقاب». وتابعت: «لا يمكن التحدث عن قتل النساء الفلسطينيات تحت هذا المسمى، فالنساء يقتلن بذرائع مختلفة، وما استعمال «شرف العائلة» إلا لتبرير الجريمة والإساءة إلى الضحية وتحميلها المسؤولية عن دمها الذي سفك. وأنا أتحدث عن قتل النساء كونهن نساء، علماً أن قتلهنّ ازداد في السنوات الأخيرة في شكل ملحوظ، وبإمكاننا أن نعزو ذلك إلى الأوضاع السياسية والاقتصادية المتأزمة والى الإحباط العام الذي يعيشه الإنسان الفلسطيني».
وتؤكد ليلى دعيبس من مؤسسات المجتمع المدني ما قالته عايدة بقولها: «اعتقد أن الظاهرة كانت موجودة، ولكن انتقلت إلى الواجهة بسبب تغيّر المجتمع والتطور الذي سمح بمعرفة هذه الحالات، وفي الوقت نفسه، بدأت الظاهرة تتفاقم جراء انفتاح بعض المجتمعات واختلاف وجهة نظر الشباب والمجتمع الفتي. وللأسف ما زال هناك ضعف في تربية المجتمع الفتي، بالإضافة إلى استمرار وجود الفكر القديم المتخلف لقتل النساء وممارسة العنف عليهن سواء اللفظي أو الجسدي وحتى القتل».
وأضافت: «ما زالت الأسباب كما هي، وأهمها عدم وجود آليات مجتمعية للحد من العنف ضد النساء وعدم وجود وعي كاف لدى المجتمع في حقوق المرأة واستمرار عدم الثقة في النظام القضائي، ناهيك باستخدام عذر «جريمة الشرف» أحياناً للتغطية على جرائم أخرى لا علاقة لها بالشرف المزعوم وإنما للتساهل القضائي مع هذه الحالات مما يخفف من حدة الحكم». وعن إمكان الحد من الظاهرة قالت: «الحد منها قد يأتي بزيادة الوعي لدى الرجال قبل النساء بأهمية الحد من هذا العنف، إضافة إلى الدور الكبير الذي قد تقوم به الأجسام القضائية بالتعاون مع الأنظمة العشائرية السائدة لما لتأثيرها في القضاء».
ويشير المستشار القانوني لمؤسسة الحق الدكتور عصام عابدين إلى انه يواجه مشكلة مع مصطلح شرف العائلة، ويقول: «لدي مشكلة مع المصطلح لأنه مضلل. فنقول شرف العائلة كما لو أننا أمام عمل بطولي، في حين أننا أمام جريمة قتل دنيئة. ويكفي القول جرائم قتل النساء. ونحن في المقابل لا نقول مثلاً جريمة سرقة على خلفية كذا وكذا فلماذا في قتل النساء نقول جريمة شرف؟!».
وتحدث عن الأسباب فقال: «هي مركّبة تتعلق بالثقافة السائدة وغياب الرؤية الواضحة والعمل المشترك على الصعيد الرسمي وغير الرسمي في المعالجة، علماً أن التربية على ثقافة حقوق الإنسان، خصوصاً المساواة وعدم التمييز واحترام الكرامة الإنسانية، تلعب دوراً على المستوى السياسي في مواجهة ثقافة مضادة وتحتاج إلى جهد وصبر وعمل وبرامج واضحة على هذا الصعيد».
وأشارت ميسون عودة مديرة إذاعة «نساء اف ام» إلى الإحصاءات فقالت: «في الإحصاءات التي صدرت عام 2014 هناك أكثر من 25 امرأة قتلن على خلفية ما يسمى شرف العائلة في فلسطين. ونلاحظ أن قتل النساء أصبح ظاهرة، وللأسف لا يوجد حسم قانوني ورسمي تجاه هذا الموضوع، وإذا استمرت هذه الأمور على هذا النحو فإنها ستذهب إلى الاسوأ». وأوضحت أن الدين بريء من الدعوة إلى القتل موضحة: «الدين لا يدعو إلى قتل النساء على خلفية الشرف، والإثباتات التي طلبها الدين معقدة ولا يمكن أن تتحقق». وأضافت: «نحن كوسيلة إعلام نعمل منذ 5 أشهر على التوعية بالتعاون مع مؤسسات محلية تدعو إلى توقيع وثيقة لسنّ قانون متعلق بموضوع قتل النساء». وختمت: «حقوق المرأة هي من ضمن حقوق الإنسان ونشر ثقافة أن للمرأة حقوقاً مثل الرجل، مما يساهم في مكافحة هذه الظاهرة. والغريب أن القتل يحصل في المدن وليس فقط في المناطق المهمّشة، ومن الصعب حصر الموضوع. وكان عدد النساء اللواتي قتلن هذا العام أكبر في الضفة الغربية منه في قطاع غزة».
شاركالأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1078 | تشرين الأول 2024