كيف أتجنّب الصراخ في وجه أبنائي؟
ما من أم لا تمرّ بمرحلة الشعور بالسخط على أبنائها، وهذا ليس عيبًا، بل هو شعور مشترك بين الكثير من الأمهات. فالأطفال عمومًا يجيدون فن إستفزاز أمّهاتهم وإخراجهن عن طورهن.
وأينما كان الطفل موجودًا ففي إمكانه أن يدفع أمه نحو الصراخ بسبب تصرفاته المتعنتة أو عناده، سواء كان جالسًا إلى المائدة، أو في الحديقة أو المطعم، صباحًا أو مساء الطفل يعرف فطريًا كيف يثير غضب أمه إلى حد الصراخ.
كيف يمكن الأم تجنب الغضب والصراخ في وجه أطفالها؟
نصائح الإختصاصيين لمواقف مستفزّة تواجهها معظم الأمهات مع أطفالهن:
على المائدة لا يعجبه الطعام. إنها معركة؟
- الموقف: يستحيل إقناعه بتناول الخضر أو أي نوع من أغذية لا يعرفها.
- الذي يجدر بالأم معرفته: يعبّر كل الأطفال تقريبًا مرحلة يظهرون فيها صعبي المراس خصوصًا تجاه الأكل. هذه مرحلة لا بد منها خلال نمو الطفل النفسي وتطوره. فهو في هذا الرفض يمرّ بمرحلة ما يعرف بالرهاب من كل ما هو جديد. وبين الأربع والسبع سنوات يرفض77 في المئة من الأطفال تذوّق أطعمة لا يعرفونها.
- نصيحة اختصاصي: بدل أن يتحوّل الجلوس إلى المائدة معركة يمكن الأم جعل طفلها يشارك في مهمّة تحضير الطعام. فالطفل عمومًا يتذوق بسهولة الخضر أو الفاكهة أو الطبق الجديد إذا ما ساهم في طهوه. لذا يمكن الأم أن تقترح عليه تحريك صلصة البيشامل أو غسل الخضر أو الفاكهة، مما يحفزه في ما بعد على تذوّقها. إذ لا يجوز أن تعزف الأم عن تقديم طبق معيّن لمجرد أن الطفل رفضه مرة.
لا يضع ملابسه المتّسخة في سلة الغسيل!
- الموقف: من المستحيل أن يضع ملابسه المتسخة في سلة الغسيل الموجودة إلى جانب الغسّالة، وهذا مثير للغضب!
- الذي يجدر بالأم معرفته: عندما ينفر الطفل بشكل منتظم من الأعمال المنزلية، قد يكون السبب الطريقة التي يتلقى بها الأمور. فقد تميل الأم إلى تحويل الطلب إلى أوامر وتأنيب إذا لم يكن إنجازها كما ترغب. مثلاً تطلب من الطفل أن يضع ملابسه المتسخة في سلة الغسيل وعندما يفعل تؤنبه لأنه مثلا لم ينظف جيوب سرواله...
- نصيحة اختصاصي: بدل تكرار الطلب مئات المرّات على الأم تغيير أسلوبها في الطلب. بتحويل مسألة النظافة إلى نشاط يكون فرصة يتعلم الطفل من خلالها مهارة جديدة وهي معنى النظافة، وتدبر أموره مثلا الإهتمام بنظافته الشخصية كما الكبار، فهذا يجعله أكثر تعاونًا. ويكون ذلك بإنجاز الأم والطفل معًا مهمات منزلية مما يغذي الشعور بالإنتماء إلى العائلة، ويعزّز الشعور بالإكتفاء بأنه عضو مفيد في العائلة ويعرف كيف يعتني بنفسه.
يركض في كل الإتجاهات عندما يكون مع والدته في الأماكن العامة
- الموقف: الأم مع طفلها في المتحف، وهو يركض في كل الإتجاهات، تنزعج الأم فتبدأ بالصراخ في وجهه!
- الذي يجدر بالأم معرفته: في المتحف أو في معرض ما خاص بالراشدين، يشعر الطفل بالملل، فهو غير قادر على التصرّف كما الراشد في ما يتعلق بالفن أو بأي معرض خاص بالكبار. بل هو في حاجة إلى إرشاد. فعندما تتشتت أفكار الطفل من دون وجود شيء يلفت انتباهه، فإنّ نشاطه العصبي يزداد وبالتالي يشعر بالتململ وهذا يفسّر ركضه في كل الإتجاهات.
- نصيحة اختصاصي: توجيه بنّاء لطاقة الطفل يكون دائمًا فعّالاً. لذا على الأم تركيز انتباهه وتوجيه دماغه نحو نشاط يجنّبه أن يصبح ضحية محفّزات متعددة تشتت تفكيره. ويمكن الأم أن تكلّف طفلها مهمّة أثناء وجودهما في متحف أو معرض كتب... مثل البحث عن شخصية يحبها، أو لون أو سيارة... وهكذا يصبح أكثر حماسة للنظر في اللوحات أو السيارات أو أي معروضات فنية.
لا يُحتمل
- الموقف: لا يساعد في ترتيب الطاولة التي كان يدرس عليها. تطلب منه مرات عدة توضيب دفاتره وكتبه، يترك كل شيء تحت الفوضى ليشاهد التلفزيون. تصرفه لا يحتمل!
- الذي يجدر بالأم معرفته: تقول له أنت لا تحتمل! النتيجة لا يعود يكترث ويصبح عدوانيًا ويصمّ أذنيه، بكل بساطة لا يصغي، ورد فعله هذا طبيعي. فعندما تنعت الأم طفلها بأنه لا يحتمل فهي تجعله منغلقًا على نفسه، وحرمانه من أي فرصة لتحسين سلوكه.
- نصيحة اختصاصي: على الأم في البداية أن تهدّئ من روعها، والتنفس بعمق ثلاث مرات، ومن ثم التحدث إليه، كأن تقوله له أنها مستاءة من تصرفه، وتحدّد له أن تصرفه هو الذي يجعلها تشعر بالإستياء وليس هو، بهذه الطريقة تمنحه فرص التغيير والتفكير في تصرفه وتحسينه.
إنّه فوضوي
- الموقف: يقلب كوب الماء على الطاولة، ويتعثر بالخزانة. فهل يفعل هذا عن قصد!
- الذي يجدر بالأم معرفته: رغم أن تقدّم الطفل الصغير ونموه المعرفي يُفرح الأم، فإن عثراته الصغيرة تقلقها: فهو أحيانًا يبدو فوضويًا والأم تنهره، وهي بصراخها في وجه طفلها، تسبب له توترًا يؤدي إلى تشوّش وظيفة مناطق الدماغ التي تسمح له بالتفكير. وبالتالي عندما تتفوه الأم بعبارات سلبية تجاه عثرات الطفل غير المقصودة، تجعله يشعر بالخجل والذنب وبالإستياء مما يؤدي إلى التصرف بفوضوية.
- نصيحة اختصاصي: بدل أن تحمّل الأم طفلها مسؤولية أفعاله الفوضوية وإشعاره بالذنب، يمكنها التحدث معه عما يسببه لها تصرفه الفوضوي غير المقصود. كأن تقول له بهدوء «تعبت من التنظيف خلفك ومراقبتك كي لا تؤذي نفسك»، بهذه الطريقة سوف تكوّن لديه قدرة على تركيز انتباهه ويأخذ في الإعتبار كل ما تقوله والدته.
لا يشعر بالإكتفاء أبدًا
- الموقف: أنفذ له كل ما يطلبه ومع ذلك يطلب المزيد!
- الذي يجدر بالأم معرفته: تشعر بأنها على وشك الإنفجار من الغضب. ولكن في الواقع ما تعتبره دلعًا عند طفلها هو أمر طبيعي جدًا بالنسبة إليه، فالرغبة تولّدها عناصر عدة معروضة أمامه تحرّض الطفل على طلب المزيد، ما يجعله يتجاوز عبارات والدته. وهذا يتطلب بذل طاقة كبيرة للتخلي عن رغبته.
- نصيحة اختصاصي: الأفضل هو توقع ما يمكن أن ينتج في إطار الخروج في نزهة وتحديده. أي تحديد النشاطات التي يمكن القيام خلال النزهة، والتأكيد أنه لا يمكن القيام بكل النشاطات، أو شراء كل ما تقع عليه عيناه، كما يمكن الحديث عن ميزانية محددة للنشاطات. وهذه فرصة لتعليم الطفل كيف يسيطر على رغبته، والتمييز بين ما يرغب فيه وحاجته إليه. مثلاً عندما يصرّ على شراء سيارة لعبة لاسلكية ولديه واحدة، يمكن الأم أن تسأله أليس لديك مثلها! وماذا ستفعل بها بما أنك لن تحتاجها. لن أشتري شيئًا لديك منه فهذا إسراف!
يرفض تنفيذ التعليمات
- موقف: تتعب الأم من تكرار ضع قبعتك ، الشمس تؤذيك؟
- الذي يجدر بالأم معرفته: عندما تطلب بلهجة آمرة تحرّك في الطفل رد فعل التمرد، إذا ليس لدى الطفل نية لإثارة غضب أمه، بكل بساطة لا يظن أنه من الضروري أن ينفّذ طلب والدته وأنه مشغول كليًا بنشاطه.
- نصيحة اختصاصي: الأفضل إعطاؤه تعليمات واضحة وشرح أسبابها، فهي حين تطلب منه اعتمار قبعته أثناء اللعب في الحديقة فذلك لأنها تخشى عليه من ضربة الشمس، لا لأنها تريد أن يقوم بذلك رغبة منها وتسلطًا. فالطفل عمومًا يتلقّى التعليمات كأنها إلزام جائر في حقّه إذا لم يفهم دوافعها، وبالتالي يتمرّد عليها. لذا على الأم أن تعقد اتفاقًا معه إذا كان ذلك مناسبًا، فبعد أن تشرح له الأسباب تؤكد له أنّها ستذكّره بالتعلميات بكلمة واحدة مثلاً» الشمس النظارات، واقٍ الشمس»، وهكذا يفهم أنها كلمات العبور نحو الفعل وبالتالي يشعر بحرية أكثر عندما ينفّذ التعليمات.
رتب غرفتك
- الموقف: تبدو غرفته ساحة معركة، الألعاب على الأرض وفي كل زاوية من الغرفة، والكتب منتشرة والملابس هنا وهناك. الفوضى تعمّ غرفته.
- الذي يجدر بالأم معرفته: ترتيب الغرفة هو غالبًا مصدر صراع بين الأم والطفل أو المراهق. فإذا كانت الأم ترى أن الألعاب مكانها في الصندوق والثياب ترتّب في الخزانة، فبالنسبة إلى الطفل أو المراهق مكانها هو في الزاوية أو الركن الذي وضعها أو حيث في إمكانه رؤيتها.
- نصيحة اختصاصي: تعلم الترتيب والتنظيم لا يتم بالإكراه أو بمقولة «دعه يعمل»، بل بالتدرج. فهناك طرق عدة لتعليم الطفل الترتيب، ويمكن الأم أن تضع له اختيارات عدة خصوصًا إذا كان الطفل دون الأربع سنوات مثلا تسأله من أين نبدأ؟ «البيلوش» أم الثياب؟ فهكذا تجعله يفكّر في الطريقة المثلى لترتيب أشيائه. فيما الطفل فوق الأربع سنوات والمراهق يفضلان أن يقوما بذلك من دون تدخل. وأحيانًا كثيرًا يحصل مشكلة بين الأم وابنها المراهق أو المراهقة إذا ما تدخلت الأم بترتيب الغرفة. فالمراهق يعتبر غرفته عالمه الخاص ولا يجوز لأحد اختراقه من دون إذنه، وغرفته التي تعمّها الفوضى بنظر الأم هي مساحة منظّمة خاصة به. لذا من الممكن أن تبدي الأم ملاحظتها من دون انتقاد لاذع.
شجار على ارتداء الملابس كل
صباح قبل الذهاب إلى المدرسة
- الموقف: توتّر صباحي وشجار بسبب مماطلة الطفل في ارتداء ملابسه، قبل الذهاب إلى المدرسة.
- الذي يجدر بالأم معرفته: غالبًا ما تكون معارضة الطفل في الشكل أكثر منها في المضمون، فاللهجة المتوتّرة أو ذات الطابع السلطوي يكون تأثيرها معاكسًا. والمجازفة هي الدخول في صراع على السلطة أيًا كانت المواجهة التي تتكرر كل صباح. فالطفل يريد أن يرتدي ما يريد وإن كان غير مناسب فقط كي يقول لوالدته لن أخضع لسلطتك.
- نصيحة اختصاصي: تركه يرتدي ما يريد! قد تبدو هذه النصيحة غريبة، ولكنها تستحق المحاولة. كأن تقول الأم: «يمكنك الذهاب إلى المدرسة من دون سترتك وحذائك. هيا». هذه العبارة تشعره بالمسؤولية، ومن دون شك هناك احتمال كبير لأن يركض نحو غرفته ليرتدي سترته وينتعل حذاءه لأن والدته جعلته يواجه حقيقة اعتراضه ويتحمل عواقبه.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1078 | تشرين الأول 2024