تحميل المجلة الاكترونية عدد 1079

بحث

كل الحقائق عن إيبولا، لا علاجات للمرض فكيف نحد من أعراضه؟

أحدث ظهور فيروس «إيبولا» وانتشاره بهذا الشكل المرعب في عدد من البلدان وانتقاله من بلد إلى آخر حالة هلع، لا على مستوى الافراد فحسب، بل على مستوى الدول التي اتخذت إجراءات صارمة في سبيل الحد من انتشاره والتصدي له.
إلا أن ظهور هذا الفيروس القاتل السهل الانتشار ليس الأول، بل سبق أن ظهر للمرة الأولى عام 1976 قرب نهر إيبولا في «الكونغو» فحصد ضحايا كثيرين نتيجة النزف من دون أن يعرف فعلياً سبب الوفاة، فأطلق على الفيروس اسم «إيبولا» تيمناً باسم النهر. كما ظهرت لاحقاً موجات وبائية لكنها سرعان ما كانت تختفي في فترة قصيرة.
أما الجديد في ظهور فيروس «إيبولا» هذه المرة في أواخر العام 2013 ففي استمرار الموجة حتى الآن ودرجة اتساعها التي لم تصل يوماً إلى هذا الحد.
وسبّب وجود الفيروس وانتشاره الواسع حالة من الهلع. وانتشرت الأقاويل المتعلقة بوجوده في كل البلدان ومن ضمنها لبنان حيث جرى الحديث عن ظهور عدد من الحالات لم يتم الإعلان عنها.
عن هذا الواقع وعن حقيقة هذا الداء تحدثت «لها «مع وزارة الصحة اللبنانية ومع رئيسة دائرة الأمراض الانتقالية في الوزارة عاتقة بري التي أوضحت كل الحقائق المتعلقة بفيروس «إيبولا».


ما هو مرض»إيبولا» وكيف ظهر؟
«إيبولا» هو مرض فيروسي ظهر للمرة الأولى عام 1976 قرب نهر إيبولا في الكونغو. وكان المرضى يموتون على أثر نزف من دون أن يعرف سبب وفاتهم. لذلك سمّي المرض باسم النهر «إيبولا» الذي ظهر قربه.
بعدها حصلت موجات وبائية حيث كان المرض يظهر في فترات ثم يزول خلال فترات قصيرة. أما هذه المرة، فالجديد الذي أحدث حالة من الهلع أن الموجة بدأت في كانون الأول /ديسمبر 2013 ولا تزال مستمرة حتى اليوم، وهي المرة الأولى التي تنتشر فيها إلى هذا الحد وتقضي على هذا العدد من الناس، علماً أن عدد المصابين بالفيروس تخطى الـ 10 آلاف.

 هل أعراض المرض واضحة؟
تظهر أعراض المرض على مرحلتين، فهو يصيب أولاً الجهاز المناعي فتبرز أعراض كارتفاع الحرارة وآلام المفاصل والتقيؤ والإسهال، بعدها يصيب صفائح الدم ويبدأ نزف داخلي وخارجي فيكون المرض اجتاز المرحلة الأولى ويصبح علاجه أكثر صعوبة لناحية السيطرة عليه.

هل من وسائل وقائية من «إيبولا»؟
حتى الآن لا يتوافر لقاح لفيروس «إيبولا»، لكن ثمة تجارب تجرى الآن على علاجات اختُبرت على بعض الاشخاص واستفادوا منها. إلا أن كميات العلاج محدودة، وتحتاج إلى وقت لتأمين المزيد منها. كما أن السبب الحقيقي للشفاء ليس مؤكداً وما إذا كانت هذه العلاجات ناجحة.

هل هذا يعني أنه لا يتوافر حتى الآن أي علاج للمرض؟
لا تتوافر علاجات للمرض، بل ثمة علاجات تعتمد مع المرض للحد من أعراضه ولتعويض السوائل التي يخسرها الجسم. فيتم العمل على خفض الحرارة وتعطى مسكنات الألم، إضافةً إلى صفائح الدم التي يحتاج إليها المريض نتيجة النزف الذي يتعرض له.

سبّب ظهور المرض وانتشاره حالة من الهلع، هل ينتقل من شخص إلى آخر بهذه السهولة التي يتم الحديث عنها؟
ينتقل الفيروس من الشخص المريض من خلال السوائل التي يفرزها الجسم كاللعاب والغائط والقيء والإفرازات المخاطية والمهبلية والسائل المنوي.
لذلك يجب عدم الاحتكاك بالشخص المريض وبالسوائل الناتجة منه، سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة. أما الخطر الاكبر فيكون على العاملين في الجسم الطبي والذين يعتنون بالمرضى، مع الإشارة إلى أن المرض يبقى قابلاً للانتقال حتى بعد 7 أسابيع من شفاء المريض، ومن الضروري الاستمرار باتخاذ إجراءات الوقاية طوال هذه الفترة.

أين تكمن خطورة الفيروس مقارنةً بغيره من الفيروسات؟
تكمن خطورة فيروس «إيبولا» وصعوبته في ارتفاع نسبة الوفيات به، مقارنةً بغيره من الفيروسات، وهذا ما تسبب بحالة الهلع بين الناس. إذ يراوح معدل الوفيات فيه ما بين 50 و90 في المئة.
كما أن خطورته في أنه ينتقل بسهولة، خصوصاً من المرضى إلى اعضاء الجسم الطبي الذين يعتبرون في دائرة خطر. كذلك بالنسبة إلى العاملين في دفن الأموات، إذ إن الفيروس يبقى قابلاً للانتقال حتى فترة تتخطى السبعة ايام من موت المصاب.

هل يموت كل من يصاب به؟
لا يموت الكل، بل ثمة مرضى يشفون في المرحلة الاولى من المرض، أي تلك التي يصاب فيها الجهاز المناعي، وكثر يموتون في المقابل. فعندما يتخطى المرض المرحلة الأولى تزداد صعوبة معالجته والسيطرة عليه.

مَن من المصابين الأكثر عرضة للوفاة نتيجة الإصابة بالفيروس؟
كأي مرض آخر، يعتبر أكثر عرضة للوفاة المريض الذي تكون مناعته ضعيفة. عندها يزيد خطر حصول مضاعفات ناتجة من المرض. أما إذا كانت مناعة المريض قوية فقد لا تظهر أعراضه بوضوح.
بل تكون بسيطة يمكن تخطيها. لكن حتى في هذه الحالة يتم الإعلان عن المرض لأنه يكون قابلاً للانتقال إلى الآخرين.

بعد التقاط الفيروس، كم يستغرق من الوقت لتظهر أعراضه؟
تراوح فترة حضانة الفيروس بين يومين و21 يوماً لا تنتقل فيها العدوى وإن كان المريض يحمل الفيروس. أما مرحلة إصابة الجهاز المناعي فهي يومان أو 3 أيام. ومرحلة المرض ككل من بداية ظهور أعراضه إلى أن يشفى المريض أو يموت هي 10 أيام تقريباً.

هل يسهل تشخيص المرض من بداية الإصابة به؟
في فترة حضانة الفيروس، لا يمكن تشخيص المرض وليس صحيحاً أنه يمكن كشفه ولا تتوافر أي فحوص لكشفه. يمكن تشخيصه بعد ظهور الأعراض ويحتاج الفحص إلى 3 أيام حتى تظهر النتيجة ويتم تأكيد الإصابة بالفيروس.
إذا كانت النتيجة سلبية، يجب معاودة الفحص للتأكد، أما إذا كانت إيجابية فالإصابة مؤكدة. مع الإشارة إلى ان في الشرق الاوسط لا تتوافر فحوص تكشف المرض، بل يتم إرسالها إلى فرنسا ويبقى المريض في عزلة حتى تظهر النتيجة.
ففي لبنان مثلاً، حتى الآن كانت هناك شكوك بإصابات وبقي المرضى في عزلة، لكن تبين لاحقاً أنها لم تكن حالات «إيبولا» بعد التحقق من النتائج.

هل للمرض آثار جانبية بعد الشفاء؟
ليس للمرض أي آثار جانبية بعد الشفاء.

إلى أي مدى هناك خطر لظهور المرض في لبنان؟
الخطر في لبنان أن لدينا عدداً كبيراً من اللبنانيين في ليبيريا وغينيا وسييراليون، وهي البلدان الموبوءة التي ينتشر فيها فيروس «إيبولا» بشكل كبير. مما لا شك فيه أننا قطعنا، في لبنان، مرحلة الخطر التي مررنا فيها آخر الصيف نتيجة السفر إلى هذه البلدان ومنها إلى لبنان فلم تظهر أي حالة إيبولا. وبالتالي تخطينا المرحلة الدقيقة التي ارتفع فيها الخطر، لكن يبقى الخطر موجوداً .

ما الإجراءات التي اتخذت في لبنان في سبيل التصدي للمرض؟
ثمة مراقبة دقيقة في لبنان بالنسبة إلى البلدان الموبوءة، إذ تتم المعاينة من خلال أسئلة تطرح في المطار قبل الصعود إلى الطائرة ويتم التأكد من الحرارة.
عند الوصول إلى لبنان ويملأ المسافر استمارة حتى إذا لم تظهر لديه اي أعراض تشير إلى احتمال إصابته بالمرض. أما في حال ظهور أعراض لدى احد المسافرين، فسواء كان من هذه البلدان الموبوءة أو لا، يتم عزله ويخضع لمراقبة طبية.

وهل من إجراءات اتخذت محلياً لاستيعاب الحالات في حال وجودها؟
أجريت دورات تدريبية عامة وأخرى خاصة للإحاطة بمرض «إيبولا» في المستشفيات والمراكز والمستوصفات. كما تم التعاون مع نقابة الاطباء بحيث يسأل أي شخص يتصل لأخذ موعد من الطبيب هل كان مسافراً فتكون الإجراءات مختلفة إذا كان الجواب إيجابياً، خصوصاً إذا كان قادماً من أحد البلدان الموبوءة، حتى لا يعرض الآخرين لخطر انتقال العدوى إذا كان مصاباً بالفيروس.
وفي مستشفى بيروت الحكومي هناك وحدة لمكافحة «إيبولا» ومعالجته. حتى أن الحالات المشتبه بها تحول إليها ليتم عزلها في الوحدة المخصصة لذلك. إلا أن هذه الوحدة لا تستوعب أكثر من 4 حالات. وفي حال زيادة العدد، يُطلب من المستشفيات التي فيها أكثر من 100 سرير، الجاهزية التامة لتستوعب هذه الحالات في حال وجودها. فالمسألة دقيقة ولا يمكن أن نعرّض بقية المرضى في المستشفيات لخطر انتقال العدوى.

هل من نصائح معينة لتجنب انتقال العدوى؟
النصيحة الأساسية للناس عامةً وتحديداً لأعضاء الجسم الطبي وللأشخاص الذين يعتنون بالمريض، هي عدم الاحتكاك به. أيضاً على أعضاء الجسم الطبي أن يرتدوا ملابس الوقاية المتوافرة في المستشفيات، والأهم أن ينزعوها عنهم بالطريقة السليمة تلافياً لانتقال العدوى.
من المهم أيضاً توعية الناس وعدم نشر الذعر. وقد تم توزيع كتيبات في البلدان الموبوءة وفي حال السفر إليها لتنبيه الشخص الذي تظهر لديه أعراض حتى يعزل نفسه في المنزل ولا يعرض الآخرين للخطر.
ولا ننسى أهمية غسل اليدين جيداً والحفاظ على النظافة الشخصية. لكن هذا كله لا يكفي، إذ في حال ظهور أعراض، من الضروري عزل الشخص إلى أن يصبح في المستشفى ويخضع للتدابير اللازمة.


وزارة الصحة تنفي
في اتصال مع «لها» نفت وزارة الصحة وجود حالات «إيبولا» في لبنان بعكس ما يشاع. فلو كانت هناك حالات، فإن وزارة الصحة اللبنانية ملزمة الإعلان عنها وعدم إخفاء وقائع من هذا النوع. كانت هناك شكوك بوجود إصابات «إيبولا»، لكن تبين بعد عزل المرضى خلّوهم من المرض.
في المقابل، أكدت الوزارة اتخاذها إجراءات صارمة واتباعها إرشادات خاصة بالبلدان الموبوءة، ففرضت على المسافرين ملء استمارة بالبيانات المطوبة، وأخضعتهم لاختبار الحرارة رغم أنها طريقة غير موثوقة تماماً، لأن ارتفاع الحرارة قد لا يحصل في الأيام الأولى من التقاط الفيروس.
وتوجهت الوزارة إلى القادمين من البلدان الموبوءة للإعلان عن أي أعراض يعانونها. وطلبت من مستشفيات معيّنة الجاهزية التامة لمعاينة الحالات التي تنقل من المطار مباشرة وعزلها، واستقبال حالات «إيبولا» في حال وجودها.

المجلة الالكترونية

العدد 1079  |  تشرين الثاني 2024

المجلة الالكترونية العدد 1079