تحميل المجلة الاكترونية عدد 1079

بحث

نيبال عرقجي: والدتي وبختني بعدما شاهدتني في «قصة ثواني»

نيبال عرقجي: والدتي وبختني بعدما شاهدتني في «قصة ثواني»

التقطت القدر بثوانٍ حولتها إلى قصة بدلّت حياة ثلاثة أشخاص. وانتقلت الكاتبة والممثلة والمنتجة نيبال عرقجي إلى واقع درامي آخر مصور بعيد عن «قصة ثواني» في «يلا عقبالكن»، فاتخذت من الكوميديا ترجمةً لقضية العنوسة وما تتعرض له الفتاة بعد تجاوزها سن الثلاثين من ضغوط في مجتمعها، فكتبت ومثّلت في «يلا عقبالكون» راسمة ابتسامة رمادية لواقع حزين بكل تفاصيله. حوار مع نيبال عرقجي...


- ماذا عن فيلم «يلا عقبالكن»؟
كتبت السيناريو، وشاركت مع ندى أبو فرحات ودارين حمزة ومروة خليل، نحن الشخصيات الأربع صاحبات الأدوار الرئيسية. كما شاركت في الفيلم جوليا قصار وبديع أبو شقرا وماريو باسيل وشربل زيادة ويارا أبي حيدر. الممثلون خفيفو الظل والعمل كان طريفاً.

- ما هي القضية التي يتناولها الفيلم؟
يتحدث عن أربع فتيات في أواخر الثلاثينات ولسن متزوجات، ونشاهد ضغط المجتمع عليهن لأنهن لم يرتبطن بعد. حاولت أن أسلط الضوء على هذا الموضوع ولكن بطريقة كوميدية، إلا أنني حافظت على مضمون القضية بنكهة طريفة. هؤلاء الفتيات الأربع صديقات يلتقين أسبوعياً وكل واحدة منهن لديها شخصيتها ورؤيتها للحب والزواج.

- لماذا انطلقت من هذه الفكرة؟
لأنني من هؤلاء الفتيات اللواتي وصلن إلى أواخر الثلاثينات ولم يرتبطن بعد، لست وحدي بل نحن الممثلات الأربع في الحقيقة وصلنا إلى هذه السن ولم نتزوج بعد.

- هل تقصّدتِ هذا اللقاء؟
لا أبداً، ولكن بالصدفة تبين أننا جميعنا عازبات. وثمة أحداث واجهتها في حياتي وضعتها في الفيلم، ومعظم هذه الأحداث كوميدية، ولكن لا أدري لماذا كل شيء في هذا المجتمع مرتبط بالزواج ولا يعتبرونك أنثى إلا إذا تزوجتِ.
لن أتزوج لأسباب خاطئة، أو لأن الوقت قد حان للزواج أو للأولاد، أفضل أن أبقى عزباء. كما أني أعايش زيجات فاشلة وهذا ما أحاول أن أقوله من خلال الفيلم، الزواج هو بإيجاد الشخص المناسب وليس فقط للتباهي بخاتم الزواج والبوح بالإرتباط.

- ألم تلتقي الزوج المناسب في مجال عملك؟
ألتقي أشخاصاً كثراً وحياتي الإجتماعية مليئة ولكنني لم ألتق حتى الآن الشخص المناسب.

- هل مروحة العلاقات الإجتماعية الواسعة تُصعب عليك الإختيار؟
لا أعلم، ثمة رجال يخافون من نجاح المرأة واستقلاليتها، وحتى ثمة رجال لا يتقبلون غياب زوجاتهم عن المنزل ليلاً لدواعي التصوير مثلاً. أجدالأمر طبيعياً ولكنّ كثراً لا يتقبلون، وهذه حرية في التفكير. الرجل حر في طلبه من زوجته البقاء في المنزل إذا وافقت، هذا اتفاق ثنائي بين شخصين.

- ماذا عن التعاون بينك وبين ممثلات «يلا عقبالكن»؟
هن صديقاتي، ولكن مروة خليل تعرفت عليها أخيراً. وكنت أود أن أعمل مع دارين، وكذلك ندى أجدها ممثلة ناجحة ومروة أحببت تمثيلها في مسرحيات وأردت التعاون معها.
جوليا قصار «فظيعة» وشخصيتها من أكثر الشخصيات التي أحبها في الفيلم. أما الممثلون في الفيلم، فلديهم أدوار ثانوية ولكن أقدّر لهم تعاونهم ومشاركتهم في هذا العمل، كما أنهم أصدقائي أيضاً.

- كم تطلب التصوير وقتاً؟
تطلب خمسة أسابيع مع عمل مكثف، وصوّرنا مشاهد كثيرة في فترة قصيرة.

- هل يوجد إنتاج ضخم؟
كلا، العمل هو من إنتاج شركتي أنا، كما أنني وضعت ميزانية فيلم «قصة ثواني» كذلك فعلت مع «يلا عقبالكون». وأخذت بعض المال من أصدقائي وأشخاص أعرفهم لكي أنتج الفيلم، ولكن لم نكن مرتاحين بشأن الإنتاج. وسأكرر ما قلته سابقاً، لا يوجد مؤسسات تساعد النهوض بالسينما اللبنانية.

- لماذا لا تطلبون المساعدة؟
 نطالب ولكن هل سيعطوننا مالاً؟ نعمل بما هو متاح. لو كنت أملك مالاً إضافياً لهذا الفيلم لشعر كل فريق العمل بالراحة أكثر، ولكن صوّرنا بالإمكانات الموجودة ولو لم نصور الآن لما صوّرنا بالمطلق.

- مروة خليل قالت بأن «يلا عقبالكن» كوميديا وقحة، أي يتخطى الجرأة!
الوقاحة ولكن ليس بالمعنى السلبي للكلمة، ونحن نتحدث عن الواقع بوضوح. فنتطرق إلى الخيانة لأن غالبية الناس تخون، وإلى ارتباط الفتيات برجال متزوجين، لم أخترع شيئاً من مخيلتي ولكني صوّرت الواقع بكل تفاصيله. إذا أراد أحد أن يعتبر الفيلم جريئاً أو وقحاً لأني أقول الحقيقة فليكن!

- كل شيء كان حقيقياً؟
كل التفاصيل حتى النكات، مثلاً: عندما تقول جوليا قصار لابنتها دارين حمزة في الفيلم «زوجنا الكلب وما زوجناكِ»، هذه العبارة قالتها لي والدتي. كل شخص سيشاهد الفيلم سيتصور بأنه إحدى الشخصيات لأنني أنقل واقع العلاقات الإجتماعية.

- ما هي النتيجة التي سنخرج بها من الفيلم؟
الفيلم إيجابي جداً.

- هل تصل الفتيات في نهاية الفيلم إلى صعوبة بناء عائلة؟
هذه هي الحياة ولن نتزوج جميعاً، الزواج ليس وحده هدف الحياة، ربما ثمة فتيات لا يردن أن يتزوجن أو ينجبن أولاداً، كما أن كثيرات يردن أن يرتبطن ولا يجدن الرجل المناسب، وهذه الصورة التي نسلط الضوء عليها في الفيلم.

- حدثيني عن أصداء «قصة ثواني».
ثمة مشاعر متناقضة لدى كل من شاهد الفيلم، هناك من أحبه ومن كرهه. إحدى صديقاتي اتصلت بي وأخبرتني أنها لم تفكر يوماً بما عرضه الفيلم لكن بعد مشاهدته أصبحت تأخذ حذرها أكثر تجاه أولادها وتسألهم أسئلة لم تكن تخطر في بالها سابقاً.
أصبح هناك وعي عند الناس تجاه قضايا لم يفكروا فيها سابقاً. «قصة ثواني» فيلم قاسٍ ومزعج لأنه ينقل واقعاً بعيداً عن الرقعة التي نعيش فيها وهي الـ10 في المئة، بينما 90 في المئة في مجتمعنا يعيشون وضعاً اجتماعياً صعباً.
وكنت أود أن أسلط الضوء على هذه الرقعة التي يحاول البعض حجب بصره عنها، لأن كثراً أخبروني أنهم لا يودون رؤية هذا المجتمع حتى ولو وُجد.

- في الفيلم أم تجبر ابنها على ممارسة الرذيلة، هل يوجد في واقعنا حالة كهذه؟
بالتأكيد، لم أخترع شيئاً وقمت بعدد من الأبحاث. وذهبت إلى مراكز لرعاية الأطفال المشردين وتحدثت مع متابعين لهذه الحالات. قمت بدور «زينة» الأم. حتى أمي انزعجت مني ووبختني على الدور خلال العرض الأول للفيلم. في المشهد الذي ضربت فيه «ابني» علاء حمود وكان ضرباً حقيقياً.
بكيت بعد المشهد وهو تضايق وكان يود أن يتوقف عن العمل. عندها جلست مع علاء تحدث معي عما يتعرض له الأطفال في سنه وانزعاجه من التمثيل، فكيف في حال الأطفال الذين يعيشون هذه الحالة ولا يجدون من يقف بجانبهم؟ ولهذا اقتنع بالدور وأكمله. إذا أنقذت ولداً واحداً من خلال هذا الفيلم فأنا سعيدة.

- هل يعي علاء الكلام الذي أطلعته عليه، وهو في سن الثانية عشرة؟
لم أختر ولدا عادياً، كثيرات من صديقاتي عرضن عليّ الإستعانة بأولادهن، ولكن هذا الدور كان بحاجة إلى ولد «مدعوك بالحياة»، وهذه المواصفات تنطبق على علاء، وهو العمل الأول له إذ لم يمثل سابقاً.
وقبل التصوير تحدثت معه ومع أهله بحضور طبيب نفسي. ما زلت أتواصل معه، وأخبرته بأني سأرعاه طوال فترة دراسته إلا أنه التحق بالمدرسة لمدة أسبوع وتوقف.

- ألا تخشين من انعكاس الدور على حياته الشخصية؟
لا أبداً، أتواصل معه باستمرار.

- ماذا عن ردة فعله بعد الفيلم؟
شعر بالسعادة وتحوّل إلى نجم في منطقته.

- عُرض الفيلم في مهرجان «كان»، وكذلك شارك في «الأوسكار» بدلاً من فيلم «غدي».
صحيح عُرض في «كان»، ولكن في ما يختص بـ«الأوسكار» لم يكن «غدي» مرشحاً إذ لا يحق له أن يترشح، لأنه لم يكن قد عُرض في الصالات بعد. ربما تواصلوا مع أشخاص يعرفونهم في الوزارة لكي يترشحوا لكنهم لم يستفيدوا. «غدي» مرشح هذا العام وأتمنى أن يحوز الجائزة.

- هل تصحّ المقارنة بين دورك المكتوب والمنفذ في «قصة ثواني».
هو نفسه، قاسٍ في الكتابة والتنفيذ كما أنني كنت أعلم بأدائي دور «زينة» الأم.

- ولكن هل هذه البيئة الوحيدة الموجودة لدينا؟
أنا صوّرت البيئة المعدمة والطبقة الوسطى والطبقة الغنية، أظهرت ثلاث طبقات من المجتمع، ولم أهدف من خلال الفيلم إلى إبراز المشاهد السياحية في لبنان بل واقع المجتمع، وما أسعدني أن كل من شاهد الفيلم لا يستطيع أن ينساه.
هو فيلم سينمائي حقيقي وليس كل فيلم هو «فيلم سينما». كما أن من شاهده ولو قبل سنتين لا يزال يتحدث عنه، أي أني لمست مشاعرهم في مكان ما.

- إلى أي مدى يؤثر فيك الواقع لاقتباسه في أفلامك؟
لأني أعيش الواقع، لكنني لم أعش الكوارث التي ترجمتها في «قصة ثواني» بينما أعرف من عاشها. وكنت أود من خلال هذا الفيلم أن أكتب عن القدر وكيف تتبدل حياتك إذا توجّهت يساراً أو يميناً. الفيلم بأكمله مترابط.

- استعنت بممثلين أدّوا أدوارهم باحتراف، علماً أن ليس كل من يمثل هو محترف.
أعتقد أني أشعر بالممثل، لا تعني لي كلمة ممثل شيئاً وكل من يقول أنا ممثل أطلب منه أن يترجم قدراته التمثيلية، لذلك لا مشكلة لدي أن أعمل مع أناس لم يمثلوا سابقاً. ولا أعتقد أن أي ممثل يستطيع أن يؤدي دور علاء بهذه الصدقية وهذا الإحتراف.

- هل مرّ علاء بتجربة مماثلة في حياته؟
لا أعتقد أن تجربته كانت بهذه القسوة.

- كيف يمكننا وصف انتقالك من الدراما إلى الكوميديا؟
ليست نقلة، لكن إذا كتبت الفيلم الثاني درامياً أيضاً (علماً أني أحب الدراما)، سيظن المشاهد أني لا أكتب إلا دراما. ولقسوة الفيلم الأول أحببت أن أكتب كوميديا لكي أخرج من ضغط «قصة ثواني» وأكتب فيلماً خفيفاً نوعاً ما، وأعتقد أن إضحاك الناس أصعب من إبكائهم. وأعمل اليوم على فيلم في الولايات المتحدة وأتمنى أن ننتهي منه قريباً.

- لماذا الأفلام اللبنانية ليست منتشرة عربياً؟
في الشرق الأوسط لا تتم مشاهدة الفيلم اللبناني بسبب اللهجة، لأن الخليجيين لا يفهمون لهجتنا ونحن كذلك، وهو الأمر الذي جعل الأفلام المصرية منتشرة أكثر لأن لهجتهم مفهومة.

- أي من الفيلمين أقرب إليكِ؟
«قصة ثواني» هو طفلي الأول، و«يلا عقبالكن» طفلي الثاني، ولا أعتقد أن أحدهما سيكون أفضل من الثاني.

- ما هي أعمالك المستقبلية؟
طُلب مني أن أكتب، وسأتطرق في الفيلم الجديد إلى كل ما يتعلق بالمجتمع والإنسانية والواقع لأن هذه القضايا تهمني. ولا أحب الأفلام الخيالية ولا أكتبها.

- ماذا عن التمثيل؟
لا أحضّر أعمالاً تمثيلية حالياً، ولا أعتبر نفسي ممثلة، وأفضل نفسي ككاتبة أكثر من ممثلة. معظم الأدوار التي تظهر فيها الممثلات طريفات وجميلات لا تعجبني ولا أعتبر أنها تمثيل خصوصاً حين نشاهدهن بصورة واحدة في كل أعمالهن. لا تعني لي هذه الأدوار ولا أؤدّيها، أحب الأدوار المؤثرة. «ويلا عقبالكن»... 

المجلة الالكترونية

العدد 1079  |  تشرين الثاني 2024

المجلة الالكترونية العدد 1079