مدن تحتفل بتاريخها على جسور الحاضر فلمَ لا تشاركينها؟!
كثيرات منا يرغبن في انطلاقة جديدة، إنها الأمنية المتجدّدة لتمضية إجازة فريدة مع بداية العام. وكما الإنسان كذلك مدنه تبحث عما يعيدها إلى ساحة العالم وتاريخه، فتنشغل بتحويل أفكارها الافتراضية إلى واقع يحاكيها ويحاكي كل من يزورها.
أربع مدن إخترناها لك يشكّل عام 2015 بالنسبة إليها منعطفاً ثقافياً وتاريخياً وهندسياً يكتبه ناسها.
واشنطن: التاريخان الأميركي والأفريقي يتحولان متحفًا
كما تعرف واشنطن بمساحتها الرحبة كذلك هي رحبة بجمالها وفخامتها. فهذه المدينة المرتبط اسمها بالعاصمة السياسية التي تدير العالم من بيتها الأبيض، هي أيضاً عاصمة أكبر تجمع متاحف في العالم وغاليريات فنون ومراكز أبحاث لمؤسسة سميثونيان Smithsonian.
ويشهد عام 2015 أكثر من حدث ثقافي وتاريخي، ففي هذا العام سوف يفتتح المتحف الوطني الأفريقي - الأميركي للتاريخ والثقافة، وهو أول متحف في الولايات المتحدة مخصص للثقافة الأفرو- أميركية.
وتكرّم هذه المدينة المتميزة بالسياسة والتاريخ الرجالات الكبار. فعام 2015 يشير إلى مضي 150 عاماً على اغتيال إبراهام لنكولن الرئيس السادس عشر للولايات المتحدة الأميركية، في مسرح فورد.
وبعيداً عن كونها مدينة المتاحف، هي أيضًا مدينة المسارح والمشاهد الفنية، لأنها مفعمة بالحياة والحركة التي لا تهدأ ليلاً ونهارًا، فيما للذاوقة مقاه ومطاعم تقدّم كل أنواع المطبخ العالمي، و يشكّل التسوّق فردوساً بالنسبة إلى هاوياته، إذ تضم واشنطن شوارع للتسوق: مثل Chevy Chase وFriendship Heights الذين يعرضان لأهم دور الموضة والمصمّمين العالميين، فيما شارع جورجتاون Georgetown يعرض أزياء لمصممين محليين، إضافة إلى الأحذية الرائعة.
و كابيتول هيل Capitol Hill لتسوق الأنتيك والهدايا والتذكارات، كما يضم هذا الشارع متاجر الـ outlets، أما شارع دوبون سيركل Dupont Cirle فهو مخصص لبيع الكتب المستعملة والأعمال الفنية الغريبة والأكسسوارات. ولمن تحب زينة المنزل وأكسسواراته، فإنّ شارع شاو Shaw هو مقصدها.
ميلانو الإيطالية تتحول إلى عاصمة الغذاء العالمي
كل الأنظار مشدودة إلى ميلانو عاصمة إيطاليا الاقتصادية وعاصمة الموضة. فهذه المدينة التي تدهشك بثرائها وأناقتها المتناثرة في حواشيها وأروقتها أينما جلتِ، تجعلك تخضعين لمعاييرها. مدينة سكّانها يستعرضون أناقتهم العفوية التي تنمّ عن شغف فطري بالموضة.
تخيّلي مدينة نساؤها يتبخترن بأزياء من أهم دور الأزياء الراقية وكما يقول المثل اللبناني «أناقة من البابوج إلى الطربوش»، ورجالها لا يتخلون عن بزّاتهم الرسمية مهما كانت وظائفهم، فلا بد من أن تدخلي لعبة الترف هذه. لكن ميلانو لم تكتفِ بلقبيها: عاصمة إيطاليا الاقتصادية وعاصمة الموضة العالمية، إذ تستقبل معرض 2015 للغذاء من أيار/مايو حتى تشرين الأوّل/أكتوبر جاذبة آلاف الزوار الذين يحتشدون عند بوابة بياتزا كاستللو Piazza Castello ليخوضوا تجربة الغذاء، وهو موضوع عزيز على قلوب الإيطاليين.
ويسلط المعرض الضوء على مسألتي الزراعة والغذاء المستدامين في السُلّم العالمي، لذا ستكتشفين في ميلانو ما سيأكله الناس والأجيال القادمة خلال الخمسين عاماً المقبلة.
إحتفلي بعيدك في تسيرمات في سويسرا
منذ نهاية القرن التاسع عشر، يشعر هواة التسلق والمتزلجون بالدوار أمام سيرفين أو جبال ماترن هورن كما يطلق عليها الألمان، هذه القمة التي تأخذ شكل الهرم الطاغي على المشهد الخلفي لبلدة تسيرمات تشعرك بأنها مارد يراقب كل ما دونه بلطف الأبيض الذي يكتسيه.
عام 2015 ستخرج ملكة القمم الجبلية ثياب العيد للإحتفال بالذكرى الـ150 لأول تسلق إلى هذه القمم الأسطورية عام 1865.
على ارتفاع 3260 متراً على قمة ماترن هورن، يعاد فتح ملجأ Hornli في تموز/يوليو بعد سنة من أشغال الترميم، لكشف رائعة معمارية أعيد ترميمها فتتوهج قصيدة معمارية بالطاقة الشمسية تستقبل المتسلقين الآتين من مختلف أنحاء العالم.
عند زيارة بلدة تسيرمات، لا تنسي طبق جبنة الفوندو اللذيذ إذا كنت لا تأبهين للحمية. أما إذا كنت من هواة الساعات السويسرية فتسيرمات مبتغاك. وإذا كنت من هواة السهر فالنوادي الليلية تكاد تكون متلاصقة ويمكنك ارتيادها من دون حجز مسبق.
وأجمل وسيلة للتجوال فيها هي ركوب الدراجة الهوائية، فلا سيارات في تسيرمات تعمل على البنزين، وإنما تاكسيات كهربائية تسير ببطء أو تاكسي خيل.
فاليتا عاصمة مالطا تحتفل بعامها الـ 450 وشبابها المتجدّد
كثر لا يعرفون عن فاليتا عاصمة مالطا، ولكن عام 2015 ستسدّ هذه الفجوة وتخرج المدينة من الكواليس لتثبت وجودها على مسرح المدن، وتعرض أجمل ما لديها من روائع، معلنة أنها مدينة شابة تحتفل بعامها الـ 450.
وما زمن المدن سوى صفحات من التاريخ يزداد بهاءً كلما أصبح عتيقاً، فما بالكِ إذا عرف أصحابه كيف يقرأونه ويرممون سطوره المهمّشة ويضيفون إليه تاريخهم الشخصي؟
«مدينة بناها النبلاء لأجل النبلاء»، هكذا قال عنها الأديب الإسكوتلندي السير والتر سكوت. بناها جان باريسوت دو لا فاليتا الذي دافع عن الجزيرة بمواجهة هجمات الأتراك المتكرّرة عليها، وتحديداً جيش السلطان سليمان القانوني.
وعام 2015 تكشف المدينة خباياها: السور العظيم العثماني الذي يعود إلى عام 1565، لتجولي وسط قلاع القرن السادس عشر التي لا تزال تقف ببهاء سيرتها الأولى. و في أيلول/ سبتمبر خلال العيد الوطني تنتظر من يزورها احتفالات استثنائية.
الدخول إلى فاليتا يكون عبر بوّابتها الرئيسية لتأخذك الساحات المحاطة بالقصور والكاتدرائيات الرائعة إلى وسط المدينة حيث يقف أبهى المباني أوبيرج دو كاستيل Auberge de castille قصر اللغتين الإسبانية والبرتغالية الذي يضم مكتب أول رئيس وزراء لمالطا.
تشتهر فاليتا أيضاً بحدائقها الغنّاء، لا سيما Upper Barrakka Gardens، وهي مجموعة حدائق خاصة للفرسان الإيطاليين ، هنا في هذه الحدائق يجد زائر المكان نفسه وسط عالم جميل تسرّب على غفلة من العصر الحديث ليحتفظ بروائعه التي تتهامس مع نسائم المتوسط الآتية من مرفأ كوتونيرا Cottonera فيستمتع بمشهد عزّ نظيره في العالم حيث تعانق فاليتا البحر الأبيض المتوسط الذي يزنّرها شمالاً وشرقاً وجنوباً.
شاركالأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024