عندما تؤثّر مشكلات السمع في تطوّر وعي الطفل
قد لا يقدر البعض خطورة مشكلات السمع لدى الأطفال، لكن في الواقع يبدو هذا النوع من المشاكل في غاية الخطورة لما قد يترتب عليه من نتائج على الحياة ككل. إذ لا تعود المشكلة مقتصرة على ضعف السمع أو فقدانه، بل تشمل ما ينتج عن ذلك من أثر على النطق لدى الطفل والقراءة وعلى انخراطه في المجتمع ومتابعته تعلّمه وغيرها من الشؤون المرتبطة بذلك.
من هنا تبرز أهمية تشخيص أي مشكلة في السمع من الولادة ومتابعة هذا الموضوع لاحقاً باستمرار، من قبل الأهل أولاً ثم مع الطبيب والاختصاصيين بالدرجة الثانية في حال وجود مشكلة. المدير، ويشدد باسل شيخوني على أهمية الكشف المبكر والعلاج السريع والمباشر لحماية حياة الطفل ككل من كل النتائج السلبية التي قد تترتب على التأخير.
أيضاً تشدد الاختصاصية في معالجة النطق دعاء نوفل على ضرورة اللجوء إلى اختصاصي في النطق من اللحظة الأولى للتشخيص.
الطبيب الاختصاصي في أمراض الانف والأذن والحنجرة باسل شيخوني: «على الاهل مراقبة نمو الطفل من الولادة وملاحظة علامات فقدان السمع في أبكر وقت ممكن»
لأي أسباب يمكن أن يعاني طفل ضعفاً في السمع؟
ثمة عوامل متعددة قد تساهم في فقدان الطفل حديث الولادة السمع، ومنها وجود تاريخ من مشكلات السمع في العائلة وخفض الوزن عند الولادة أو الالتهابات التي قد تنتقل إلى الطفل خلال الحمل، ومنها الحصبة أو القوباء (الهربس).
هل من سن معينة يجب أن تجرى فيها فحوص السمع للطفل؟
في حال اكتشاف أحد أعراض فقدان السمع لدى الطفل، فإن أول ما ينصح به هو إخضاعه للفحص الطبي لدى مختص لفحص السمع لدى الأطفال، يستخدم مجموعة متنوعة من أدوات التشخيص لتقويم مدى تجاوب الطفل.
مع الإشارة إلى أن جميع الأطفال يتعرضون للأخطار المحيطة بهم، كالتعرض للأصوات المرتفعة والالتهابات والأدوية وغيرها. لذلك لا بد من الفحص الدوري خلال سنوات المدرسة ايضاً.
في أي سن يمكن ظهور المشكلة أو اكتشافها؟
يستطيع الطفل التجاوب مع المؤثرات السمعية عندما يكون جنيناً في مرحلة 25 – 29 أسبوعاً، مما يعني أن الأطفال الحديثي الولادة يتمتعون بقدرة سمعية في حال اكتمال فترة الحمل.
ولكن هذا لا يعني ان جميع الأطفال يولدون بقدرة ممتازة على السمع، ففي بعض الحالات، يولد الطفل مع نقص شديد إلى كامل في قدرته على السمع، بينما تتأثر البقية بمستويات أقل.
لذلك إذا كان الوالدين يعتقدان أن الطفل يعاني مشاكل متعلقةً بالسمع يجب إخضاعه لاختبارٍ للسمع في أقرب وقت حتى إذا كان حديث الولادة.
علماً أن اكتشاف صعوبات السمع في سن مبكرة يساعد في التعامل معها وعلاجها بشكل أفضل بحيث يتاح للطفل إمكان التعلم وتطوير قدرته على التخاطب كأي طفل في السن نفسها.
هل من فحوص تجرى عند الولادة للسمع؟
من أول الأمور التي يجب على الوالدين القيام بها إجراء فحص للسمع في الأسابيع الأولى من ولادة الطفل. يجري فحص السمع عادة اختصاصي ويستغرق بضع دقائق فقط، وهو غير مزعج للطفل الذي لا يشعر بشيء عادة.
علماً أنه من المهم إجراء فحص السمع، إذ لا يولد جميع الأطفال متمتعين بإمكانات السمع الكاملة ويمكن من خلال الفحص الكشف عن أي مشاكل بشكل مبكر، ليتمكن الوالدان من اتخاذ الإجراءات الفورية لضمان حصول الطفل على فرصة ليتمتع بتطور طبيعي وكامل في مراحل الطفولة والمراهقة والشباب.
ما المشكلات التي قد تنتج عن مشكلات السمع المهملة لدى الطفل؟
لإعاقات السمع أثر بالغ على الأطفال الرضع، فهي تؤثر سلباً على نوعية حياتهم وتطورهم وقدرتهم على الحديث والقراءة في مراحل لاحقة من حياتهم. فالقدرة على السمع تعتبر من الحواس الأكثر حيوية، ويؤثر فقدانها سلباً على نوعية الحياة.
كيف يمكن أن يكتشف الأهل وجود مشكلة؟
عادةً يكون الوالدان أول من يشعر بأن الطفل يعاني مشكلةٍ في السمع، لذلك من المهم أن يتعرفوا إلى علامات فقدان السمع لدى الرضع والأطفال في أبكر وقتٍ ممكن، علماً أن الفترة من الولادة حتى سن 4 سنوات تعتبر الأكثر أهمية في التحدث وفي تطور اللغة. يجب مراقبة نمو الأطفال منذ الولادة.
للتحقق من سمع للرضع والأطفال الصغار، يجب ملاحظة الأمور الآتية:
من الولادة إلى سن 4 أشهر
- هل يستيقظ أو ينزعج من الأصوات العالية؟
- هل يجفل أو ينزعج من الأصوات الصاخبة؟
- هل تهدئه الأصوات المألوفة؟
- هل يستجيب لصوتك عن طريق الابتسام؟
من 4 إلى 9 أشهر
- هل يستدير بنظره إلى مصدر الأصوات المألوفة؟
- هل يبتسم عند التحدث إليه؟
- هل ينتبه إلى الأجراس والألعاب التي تصدر الأصوات؟
- هل يبكي بشكلٍ مختلف باختلاف احتياجاته؟
- هل يصدر أصوات غمغمة؟
- هل يبدو عليه أنه يفهم بعض الكلمات البسيطة والإشارات اليدوية على غرار «باي باي» المصحوبة بالتلويح باليد؟
من 9 إلى 15 شهراً:
- هل يغمغم كثيراً بأصواتٍ مختلفة؟
- هل يستجيب لدى سماع اسمه ؟
- هل يستجيب للتغيرات في نبرة صوتك؟
- هل يقول «ماما» أو «بابا»؟
- هل يفهم الطلبات البسيطة؟
- هل يكرر بعض الاصوات التي يصدرها؟
- هل يستخدم صوته لجذب الانتباه؟
من خمسة 15 إلى 24 شهراً
- هل يؤشر إلى بعض الأشياء المألوفة عندما يتم ذكر اسمها؟
- هل ينصت إلى القصص والأغاني والنغمات؟
- هل يتبع بعض الأوامر البسيطة؟
- هل يستخدم عدداً من الكلمات المختلفة؟
- هل يشير إلى أعضاء الجسم عندما يطلب منه ذلك؟
- هل يذكر أسماء الأشياء المألوفة؟
- هل يصيغ كلمتين أو أكثر معاً؟
علامات للتحقق من السمع في مرحلة ما قبل المدرسة والأطفال الأكبر سناً
هل يقوم الطفل بالتالي
- يرفع صوت التلفزيون بدرجةٍ عاليةٍ جداً؟
- يستجيب للأسئلة بشكلٍ غير ملائم؟
- لا يجيب عند مناداته؟
- يتابع الآخرين ليقلد ما يقومون به؟
- لديه مشاكل تأخر في النطق أو التحدث أو اللغة؟
- يواجه مشاكل أكاديمية؟
- يشكو من أوجاعٍ أو ألم في الأذن أو ضجيجٍ في الرأس؟
- يجد صعوبةٍ في فهم ما يقوله الناس؟
- يبدو أنه يتحدث بشكلٍ مختلفٍ عن الأطفال الآخرين في سنه؟
هل من حلول مباشرة لتجنب النتائج من بداية اكتشاف المشكلة؟
هناك العديد من طرق العلاج، منها استخدام السماعات أو زراعة القوقعة أو إعادة التأهيل السمعي وعلاجات اللغة المتخصصة.
تختلف كل حالة عن الأخرى ولكن بفضل التقنيات المتطورة والخبرة في المجال، فإن كل الأعراض قابلة للعلاج وهناك فرص كبيرة ليتمكن الطفل من النمو بشكل طبيعي.
في أي حالات تتفاقم الحالة ويزداد الوضع سوءاً وصولاً إلى فقدان السمع وعدم إمكان المعالجة؟
عند التأخر بالعلاج طبعاً يزداد الوضع سوءاً وخصوصاً في حال التهاب السحايا حيث تحدث تغيرات حتى داخل الحلزون مما قد يؤثر سلباً على زراعة القوقعة.
ما وسائل التشخيص المعتمدة لاكتشاف مشكلات من هذا النوع؟
- تخطيط السمع بالنغمة الصافية.
- المعاوقة السمعية مع اختبار المنعكسات السمعية .
- تخطيط جذع الدماغ السمعي (A.B.R) وحديثا (A.S.S.R)
- البث الصوتي الأذني (O.A.E)
- تخطيط السمع بالتعزيز البصري أو بمراقبة السلوك .
في أي حالات ترافق المشكلة الطفل طيلة حياته؟
في حالات نقص السمع الحسي العصبي الخلقي وعند الإهمال والتأخر في العلاج يمكن أن ترافق المشكلة الطفل ونتائجها طيلة حياته.
ما العلاجات المتوافرة لمشكلات السمع وهل من آثار سلبية لها؟
يجب أولاً التأكد من سبب فقدان السمع ونوعه. ففي بعض الحالات قد يكون فقدان السمع أمراً لا يمكن تجنبه ولكن في حالاتٍ أخرى قد تكون عملية زراعة القوقعة الحل الأمثل، مع الإشارة إلى أن حالة فقدان السمع تعتبر حالةً شائعة في جميع ارجاء العالم وتشهد تزايداً ملحوظاً.
لكن لا يجب أن تتم معاملة البالغين والأطفال الذين يعانون من فقدان السمع بشكلٍ مختلفٍ عن أي شخصٍ آخر، كما يجب ألا تكون هنالك وصمة مرتبطة بفاقدي السمع.
تعد عملية زراعة القوقعة عمليةً ذات خطورةٍ منخفضةٍ إذ أنها عبارةٌ عن إجراء مباشر ويجريها جراحون مدربون خصيصاً لهذا الغرض.
تمر أنظمة زراعة القوقعة بشكل يتجاوز الجزء التالف من الأذن الداخلية ويحل محلها، لتقوم بتحويل الأصوات التي يسمعها الفرد بشكل يومي إلى نبضات كهربائية مرمزة.
تحفز تلك النبضات الكهربائية ألياف الأعصاب في الأذن الداخلية بشكل مباشر، ويقوم العصب السمعي بنقل الإشارات إلى الدماغ، وهناك يجري تفسيرها كأصوات.
تقوم القوقعة المزروعة باستمرار بالتحفيز بسرعات عالية، وعندما يتلقى الدماغ معلومات صوتية، يمكن للمريض أن يسمعها بشكل فوري.
علماً أنه يمكن زراعة القوقعة للأطفال ابتداءً من سنّ ستة أشهر، وغالباً تكون الزراعة أفضل إذا تمت في وقت مبكر، نظراً لأهمية تلك الفترة في تطور اللغة والنطق لدى الأطفال منذ الولادة وحتى سن أربع سنوات.
كذلك بالنسبة إلى الأطفال الذين يصابون بمشاكل السمع في مراحل لاحقة في حياتهم، فالخضوع لزراعة القوقعة في وقت مبكر أفضل بكثير لاستعادة السمع والقدرة على النطق، بينما يعني التأجيل مزيداً من الصعوبة في عودة الدماغ إلى تفسير الأصوات واستعادة القدرة العقلية على فك رموزها.
مع الإشارة إلى أن جراحة زراعة القوقعة هي الخطوة الأولى فقط، ومن المهم أن يخضع الأطفال لعملية إعادة تأهيلٍ مع مختصين في التدريب على التحدث للحصول على أفضل النتائج، وفي الوقت نفسه فإن مساندة الأهل تعد بدرجة الأهمية نفسها للمساعدة على تشجيع الأطفال لاكتساب الثقة في سمعهم وتطورهم وهم يتكيفون مع الكلمات الصوتية الجديدة من حولهم.
إعادة التأهيل في النطق ضرورة
الاختصاصية في معالجة النطق دعاء نوفل: «اللجوء إلى اختصاصي في معالجة النطق يكون من اللحظة الأولى وعندما يقترب العمر اللغوي من العمر الزمني يمكن وقف العلاج»
كيف يتأثر النطق لدى الطفل بضعف السمع لديه؟
يسبب فقدان السمع في فترة ما قبل الكلام تأخراً في النطق والتطور اللغوي. لذلك لا بد من التأكد من خضوع الطفل الحديث الولادة لفحص السمع بين عمر أسبوع إلى بضعة أسابيع. فإذا اجتاز الطفل الفحص يكون السمع طبيعياً، وإلا فيحتاج إلى تقويم سمعي مكثف للتحقق من سلامة السمع واختيار الحل المناسب لحالته.
هل من سن معينة تكون المشكلة فيها أكبر في حال فقدان السمع ويصبح تخطيها أكثر صعوبة؟
هناك عدة مراحل للتطور الطبيعي للنطق واللغة تبدأ منذ الولادة. ومن أهم السلوكيات التي يجب ملاحظتها الانتباه إلى حركة الطفل بشكل مفاجئ عند سماع الأصوات العالية، وما إن كان يتمتم ويصدر أصواتاً ويحاول جذب الاهتمام إليه بصوته.
إذا كانت لدى الأهل مخاوف من الأفضل استشارة الطبيب. كما يجب متابعة قدرات الطفل السمعية في مراحل الطفولة المبكرة وما قبل المدرسة، لأن المشاكل السلوكية والتعليمية بما فيها قلة التركيز، قد تكون ناتجة عن صعوبات السمع.
كما أن هناك عوامل خطر أخرى تؤثر على السمع، منها مرض الأم خلال فترة الحمل ووجود تاريخ مرضي في العائلة والنزف في الأذن الوسطى والإصابة بالسحايا.
وفي كل الحالات إن اكتشاف المشكلة في مرحلة مبكرة يساعد في حلها بشكل أفضل، بحيث تتم زراعة القوقعة في الوقت المناسب ليتمكن الطفل من النمو بشكل طبيعي.
في أي سن يجب اللجوء إلى اختصاصي والبدء بتقديم المساعدة؟
اللجوء لاختصاصي النطق يكون من اللحظة الاولى لاكتشاف التأخر حتى لا يزيد التأخر اللغوي لدى الطفل، فكلما تم الاسراع بالتدريب النطقي كانت النتائج في التحسن اللغوي أفضل.
هل من سن معينة يكون قد تأخر فيها الوقت للمعالجة على تحسين النطق؟
لا يوجد وقت معين فعلاج النطق ليس كالدواء و إنما يتم تدريب مراكز النطق في الدماغ و تحفيزها على الانتاج اللغوي باستخدام الوسائل التعليمية.
لكن يبقى لكل طفل حالته الخاصة و العوامل التي تؤخر من التجاوب في التدريب تعتمد على بيئة الطفل والمشاكل أو الاضطرابات المرافقة.
في أي مرحلة يمكن أن يكتشف الأهل وجود مشكلة في النطق؟
اذا لم تكن هنالك اي مشاكل أخرى كضعف السمع والمتلازمات والعوامل الوراثية، فإنه من الامكان ملاحظة التأخر في سن السنة تقريباً ، حيث يبدأ الطفل بلفظ الكلمات المفردة.
فإذا أصبح في هذه السن دون اي تطور نطقي، يتوجب على الاهل متابعة الموضوع.
كيف تتفاقم المشكلة في حال التأخير؟
التأخير في التدريب النطقي يؤدي لزيادة الفجوة بين العمر الزمني و العمر اللغوي و بالتالي حدوث تأخر في اللغة.
كيف يتم العمل على مساعدة الطفل في النطق ؟
يتم ذلك بتقديم الخدمات التدريبية المكثفة عن طريق العلاج الموسيقي و التدريب الادراكي واللغوي و النطقي من خلال اللعب.
ما العوامل التي تساعده على التحسن والتطور وما تلك التي تؤخر ذلك؟
الاكتشاف المبكر للتأخر أو لأي اضطراب مصاحب يساعد في تحديد أسباب تأخر اللغة و من ثم العلاج و التدريب النطقي الفوري و تواصل الأهل من العوامل المساعدة في التطور.
وما يؤخر الطفل هو الكشف المتأخر عن اي مرض او اضطراب، والتأخر في اختيار الحلول المناسبة في حالة ضعف السمع و إهمال الأهل لعلاج النطق او الجلسات المبرمجة لطفلهم.
هل من أطفال يكونون أكثر تجاوباً؟
يعتمد على الطفل ونشاطه و تعاون الاهل والمشاكل المصاحبة، فكلما ازداد تعاون الاهل وقلت المشاكل المصاحبة كان التقدّم أسرع.
كيف يمكن أن يساعد الأهل في تحسن النطق لدى الطفل؟
يمكن للأهل أن يساعدوا بتمضية ساعات من التواصل بشكل أكبر مع الطفل مما يساعد في تنمية مهاراته الادراكية و التواصلية.
ما الفترة التي تحتاجها معالجة النطق؟
لا يوجد وقت محدد لأن المعالجة تعتمد على 3 عوامل أساسية هي الطفل و الاسرة و البيئة. والهدف من تدريب النطق يتم لتقليل الفجوة الزمنية بين العمر اللغوي و الزمني للطفل، فكلما اقترب العمر الزمني من العمر اللغوي يمكن انهاء العلاج، لأنه في هذه الحالة يصبح الطفل قادراً على التواصل و التعبير عن حاجاته.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024