كثر يعتبرونها مجرد سيجارة عابرة 43 في المئة من إجمالي المدمنين في السعودية... متعاطو حشيش
بين البحث عن شعور بالسعادة، والانتقال من عالم الواقع إلى الخيال، تبقى لفافة السيجارة جذابة لشاب مراهق. وقد تتطور الأمور وصولاً إلى سيجارة الحشيش التي تعدّ من أكثر أنواع المخدرات استهلاكاً نظراً إلى سهولة الحصول عليها، إضافةً إلى جهل متعاطيها بخطرها على الصحة النفسية والجسدية، واعتبارها أمراً عابراً. وكشفت اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات في السعودية أن نسبة متعاطي الحشيش من إجمالي المدمنين في البلاد بلغت 43 في المئة. وأوضحت دراسة أعدتها المديرية العامة لمكافحة المخدرات أن 10في المئة من المعالجين من إدمان الحشيش تعرفوا عليه أثناء المرحلة المدرسية الابتدائية، و34 في المئة أثناء المتوسطة، و26 في المئة جربوا تدخينه في الثانوية. «لها» تلقي الضوء في هذا التحقيق على وقائع عاشها أشخاص أدمنوا الحشيش منذ سنوات طويلة، آخذين بآراء أصحاب الاختصاص في هذه المسألة.
بين الترفيه والتجربة
يوسف (26 سنة) على صداقة وطيدة بالحشيش الذي يحضره من بعض الدول العربية بكميات تكفي احتياجاته الشخصية: «تعرفت على الحشيش في إحدى السهرات في دولة عربية، وأمتعني الإحساس الغريب الذي سرى في جسدي وعقلي ما أن أنتهي من سيجارة الحشيش. أهرب من خلال هذه السجائر الحشيش إلى عالم آخر بعيداً عن مشاكل أسرتي وشجاراتهم المستمرة. ولا أدخنها إلا بملحق خاص يتبع لمنزلي، حتى أنني لا أدخنها أمام أصدقائي، وإن طلب أحدهم مني سجائر حشيش أرفض أن أقدمها له، ذلك لأني أخشى على الآخرين من جرعة زائدة خاصة لمن يطلبها لغرض الترفيه، أو تجربة الإحساس الغريب للمرة الأولى».
أم بندر المتزوجة منذ ست سنوات، ولها أربعة أبناء، تحدثت عن تعاطي زوجها لمادة الحشيش من خلال تدخينه للسجائر التي لم تكتشف أمرها إلا بعد أشهر من زواجهما، تقول: «زوجي يدخن السجائر العادية، لذلك لم أشك فيه، لكني بدأت أجد في جيوبه تبغاً مفتتاً، أكثر من مرة! وعندما سألته أخبرني بأنه شيء عادي عندما يتساقط التبغ من علبة السجائر. وبعد ذلك بفترة وجدت بالصدفة وأنا أنظف أسفل السرير، قطعة صغيرة من ماده سوداء ملفوفة بورق ألومنيوم، وعندها أيقنت أن زوجي يخفي عني أمرا ما، لكن لم يخطر ببالي إن زوجي مدمن! واجهته، وسرعان ما أنكر أن هذه المادة تخصه، فقد تكون لأحد الأقارب بحسب ما أخبرني، وطلب مني التخلص منها. لم أصدقه، وعرفت انه يكذب علي».
بدأت أم بندر بعد ذلك بتفتيش كل ما يخص زوجها، «حتى أتأكد ولا أظلمه، إلى أن وجدت في علبة السجائر سيجارة غريبة الشكل. ترددت كثيراً قبل أن اسأله، لكني سألته حتى أجد تفسيراً! فتغيرت ملامح وجهه ولهجته وقال: لا تفتشي أغراضي مرة ثانية! وتهرب من أسئلتي كالعادة».
عندما عرف زوجها وتأكد من علمها بالأمر أخذ بلا مبالاة يدخن الحشيش أمامها هي وأطفالها وكأنه كان منتظراً معرفتها لكسر الحاجز وحتى يأخذ راحته أكثر، كما تقول: «وأنا بدوري أخذت بتقديم النصح له لكن دون فائدة وقلت له أيضاً إني سأخبر أهله عن وضعه. عندها هددني بأنه سيحرمني من أولادي، وانه يستعمله منذ أكثر من عشرين سنة وإنها مثل الدخان العادي، يمكنه تركها متى ما تاب عن التدخين. لذلك التزمت الصمت من أجل أسرتي وأطفالي».
تسلية
«الشباب يدخنون الحشيش لمجرد الترفيه والتسلية»، بهذه العبارة بدأ محمد ( 28 سنة) حديثه قائلاً: «بدأت أدخن الحشيش قبل خمس سنوات، بعد أن تعرفت عليه من بعض الأصدقاء ضمن جلسات السهر، خاصة في عطل نهاية الأسبوع، وكنت قد أخذت الحشيش للمرة الأولى من أحد أصدقائي في العمل، والبداية كانت على سبيل التجربة والمزاح».
ولفت إلى أن الشباب ما بين سن 20 و25 سنة هم «تجار يبيعون الحشيش، خاصة في المناطق العشوائية والشعبية، كما أن هناك شباباً يقدمون خدمة التوصيل للمنازل، ولكل منطقة سعر خاص بها. ناهيك بأن تجارة الحشيش مربحة جداً، وهناك عدد كبير من الشباب يعملون في هذه التجارة، خاصة من خريجي الجامعات الذين لم ينجحوا في الحصول على فرص عمل».
الدكتور سعيد السريحة: 95 في المئة من المتعاطين رجال
من جانبه، قال مدير الدراسات والمعلومات في اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات في السعودية الدكتور سعيد السريحة إن «اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات هي المسؤولة عن رسم السياسات وإعداد الدراسات الإستراتيجية التي تشير إلى أن ثمانية في المئة وقعوا في التعاطي بشكل عام خلال المرحلة الابتدائية. كما أن التعرف على مادة الحشيش يأتي من خلال إما التعرف عليها عبر القنوات التلفزيونية والصحف ووسائل التواصل الاجتماعي، أو من خلال أصدقاء السوء ممن يدخنون هذه السجائر». ولفت إلى أن تعاطي المواد المخدرة بشكل عام يبدأ في المرحلة الابتدائية، «وهذا يتطلب من الأسرة التركيز على توعية أبنائها لاختيار أصدقائهم بشكل سليم، وتوعيتهم بمضار المخدرات على الصحة، وخاصة الصحة العقلية. فالكثير من الأشخاص لا يعرفون مدى تأثير المخدرات على الصحة العقلية، وأنها تؤدي إلى تدمير الأنظمة العصبية في العقل». وأشار إلى أن الدراسة التي موّلتها وزارة التربية والتعليم، وأجراها فريق اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات، وطُبقت على طلاب المرحلة المتوسطة، كشفت وجود ضعف في الوعي، وأن هناك أقرباء يتعاطون الحشيش، وهذا الأمر من عوامل الخطورة التي قد تدفع بالأطفال إلى تقليد أولياء أمورهم أو أقاربهم. كما بيّنت أن 26 في المئة من الأطفال، في هذه المرحلة الدراسية الصغيرة، يعلمون جيداً أن هناك من يتعاطى المخدرات في أحيائهم، و12 في المئة ذكروا أن لديهم أصدقاء يتعاطون الحشيش والمخدرات. وعن نسبة تعاطي الحشيش في السعودية قال: «تقريباً 43 في المئة من مجتمع المدمنين يتعاطون الحشيش، وهذا له ارتباط وثيق بالتدخين».
وتابع السريحة حديثه قائلاً: «للحشيش أضرار فادحة، خاصة على معدل التركيز، وعلى اضطراب عملية التذكر، وعلى انخفاض مستويات التعلم. ويوصم متعاطي الحشيش بالبلاهة، في المراحل المتقدمة، ويُصاب بالهلوسة. وفي حال غياب المادة، يصبح الشخص عصبياً جداً، لا يقوى على التحدث مع الآخرين وضبط تصرفاته، يهوى العزلة، ويعيش حياة كئيبة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى». وأكد أن الرجال أكثر إقبالا على الحشيش من النساء، وأن نسبة 95 في المئة من المتعاطين رجال.
اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات
ولفت السريحة إلى آلية العمل التي تتّبعها اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات، قائلاً: «اللجنة الوطنية برئاسة الأمير محمد بن نايف، تصدر توجيهات وتضع خططاً استراتيجية بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم التي تعمل على تصميم برنامج وقائي وطني، يعتبر الأول من نوعه، وهو برنامج «حماية» الرامي إلى توعية تلاميذ المراحل الابتدائية والمتوسطة والثانوية. كما أن وزارة التعليم العالي رسمت خطة إدارة التعليم العالي لمكافحة المخدرات، منذ ثلاث سنوات». وأضاف أن «اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات أسست مركز استشارات الإدمان الهاتفي لمن أراد العلاج عن بعد وبسرية تامة ومجاناً، على أيدي اختصاصيين. وهو يقدّم خدمات استشارية، ورقم المركز هو 8001278888.
الجمارك
أصدرت مصلحة الجمارك العامة تقريرها للربع الأول من عام 2014، وهو يغطي الفترة الممتدة من الأول من كانون الثاني/يناير 2014 إلى نهاية آذار/مارس. ويوضح التقرير إجمالي ما تم ضبطه من مواد مغشوشة ومقلدة بلغت 24 مليون وحدة. وقال الناطق باسم الجمارك عيسى القضيبي: «بالنسبة إلى الكميات المضبوطة من المخدرات، بلغ إجمالي ما تم ضبطه منها 843 كلغ، وبلغ عدد الحبوب المخدرة حوالي 6.7 ملايين حبة.
شارك
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024