ألقى بزوجته من الطابق الثاني والسبب: ستنجب بنتاً!
لم يصدق الرجل أن الزمن عاد بزوج ابنته إلى عصور الجاهلية، وأنه ما زال يؤمن بأن ميلاد الأنثى عار لا بد من الخلاص منه بوأدها. إلا أن المؤودة هذه المرة كانت الزوجة التي حملت بين أحشائها طفلة صغيرة، فكان قرار زوجها ووالدته بالخلاص منها عقاباً على فعلتها التي لم يكن لها دخل فيها.
طفل صغير يجري مهرولاً في القرية، يطرق الباب بأنامله الضعيفة، يلهث الأنفاس من المسافة التي قطعها حتى وصل إلى منزل شحتة ليبلغه بالخبر، الذي وقع على رأسه كصاعقة من السماء، فحمل الرجل أطراف جلبابه هو الآخر وأخذ يسارع الرياح حتى وصل لمنزل ابنته عله ينجح في إنقاذها.
«زوج ابنتك ألقاها من الشرفة»، كانت هذه العبارة التي نطقها الطفل الصغير في وجه شحتة، المزارع البسيط، ليتأكد الرجل أن ابنته تصارع الموت إن لم تكن قد لفظت أنفاسها الأخيرة بالفعل، خاصة أنها حامل في شهرها الخامس.
حالة جنون
لم يكن هذا جزءاً من مشهد سينمائي أو عمل تلفزيوني، لكن من قصة واقعية شهدتها محافظة الشرقية في مصر، حيث أقدم فلاح على إلقاء زوجته من شرفة منزله بالطابق الثاني بمساعدة والدته عقب عودتهما من عند الطبيب المعالج، وإبلاغه أنها ستنجب بنتاً، فاسودَّ وجهه وسيطرت عليه حالة من الجنون زادتها والدته التي شاركت معه في هذه الجريمة. ورغم أن الواقع الطبي يؤكد أن مثل هذا الحادث قد يودي بحياة هذه السيدة الحامل أو تفقد جنينها على الأقل، إلا أن رحمة الله كانت كبيرة، فرغم إصابتها بكسور متفرقة بالجسد احتفظت بجنينها ووضعت طفلتها مكتملة النمو، وهي ما زالت تضع ساقها في الجبس.
البداية
بدأت حكاية شحتة وابنته مع هذا الزوج المجنون قبل ثلاث سنوات، إذ كانت ابنته بشرى التي تبلغ من العمر ثمانية عشر عاماً الآن، في عامها قبل الأخير في مرحلة التعليم الثانوي الفني، وجاءها هذا الشاب الذي يكبرها بثمانية أعوام بصحبة والدته وخاله لطلب يدها. ولأن الأب رجل بسيط طار من السعادة، خاصةً بعد أن علم من أهل القرية التي يسكن فيها بثراء العريس وأسرته، دون أن يدرك للحظة واحدة أنه يلقي بها إلى التهلكة. وافق الأب على زواج ابنته الكبرى، لكنه اشترط ألا يتم الزواج إلا بعد سنة تكون قد انتهت فيها من دراستها، وهو ما وافقت عليه أسرة العريس وبدأت إعداد عش الزوجية حتى تفرغ العروس من شهادتها.
الحاكم الآمر
فرح أسطوري شهدته القرية زفت بعده بشرى وهي في قمة السعادة لزوجها محمد وانتقلت من العيش في منزل يفتقر إلى كثير من الإمكانات إلى جنة، كما كانت تعتقد، إلا أنها لم تمكث كثيراً حتى علمت الجحيم الذي سيقت إليه. أدركت بشرى سريعاً أنها تزوجت من رجل بلا شخصية، لا يملك قرار نفسه إلا حين يوسعها ضرباً، فقد كانت أمه الحاكم الآمر في المنزل، إذ توفي والده وهو صغير وعكفت هي على تربيته بمساعدة أهلها، لذا كان من الصعب عليها أن تتركه لأي امرأة تأخذه منها.
الفرار والعودة
لم تكن هذه هي المشكلة الوحيدة في حياة بشرى، فقد تحولت فجأة إلى خادمة بأوامر من زوجها لهذه الأم. وعندما تعبر المسكينة عن شعورها بالتعب في أي يوم من الأيام يكون الجزاء ضرباً مبرحاً على يد زوجها، لتحمل حقيبة ملابسها وتذهب غاضبة لمنزل والدها، الذي يسارع بإعادتها ظناً منه أن ابنته تبالغ في الأمور. تكرر المشهد مراراً، وراح الأب وخال الزوج يناقشان أمر إعادة بشرى إلى منزلها، ليكثر الكلام في القرية عن هذا الزوج الذي يتحول فجأة إلى وحش كاسر فيوسع زوجته ضرباً، ثم سرعان ما يهدأ ويرسل من يتوسط لإعادتها من منزل أسرتها.
خبر سعيد
علمت بشرى بأمر حملها فطارت فرحاً، على أمل يكون لهذا الخبر مفعول السحر لتنال رضا زوجها ووالدته. وبالفعل صدق ما توقعته بشرى وتحسنت علاقتها بزوجها وأمه، وأصبحت تعامل كملكة مدللة، وانتهت مشاكلها مع الاثنين ولم تعد تذهب إلى منزل أسرتها إلا زائرة، بعد أكثر من عشر مرات ذهبت إليه غاضبة بفعل مشاكل الماضي التي تناستها، حتى حدث ما لم تكن تتوقعه.
نهاية السعادة
ذهبت بشرى بصحبة زوجها إلى الطبيب ليزف إليها خبر حملها بطفلة، وهو ما سعدت به، لكن على الجانب الآخر لم يلق الخبر على مسامع زوجها أي ظاهرة للسعادة، بل قطّب جبينه وخرج والحزن يسيطر على كل تفاصيل وجهه، فأدركت بشرى أنها على موعد مع المشاكل من جديد، دون أن تدرك أن هذه المشاكل قد تصل إلى حد هلاكها. عادت بشرى إلى بيتها بعد طريق قصير مشته مع زوجها ظنت أنها ظلت فيه لأكثر من دهر، بسبب الصمت الذي سيطر عليهما طواله، وفور وصولهما صعد هو إلى منزل والدته التي تسكن معهما في العقار نفسه، فيما صعدت هي إلى مسكنها لتمر دقائق قصيرة فوجئت بعدها بزوجها ووالدته يدخلان عليها وكأنهما كتيبة إعدام جاءت لتنفيذ حكم صادر بشأنها. فوجئت المرأة بزوجها ووالدته يحملانها ويلقيان بها من شرفة الطابق الثاني، وكأنهما خططا للخلاص منها هي ومولودتها التي ستجلب لهما العار في رأيهما، لتسقط المسكينة مصابة بالعديد من الكسور في الساق واليدين تصارع الموت.
هروب
وصل شحتة إلى موقع الحادث وقد ظن أن ابنته فارقت الحياة، بعدما علم بما وقع لها، خاصةً أنها حامل كما يعلم وقد ظن أن توازنها اختل، دون أن يفكر للحظة أن زوجها المجنون ووالدته هما من فعلا بها ذلك. لكن إرادة الله كانت أكبر منهما فقد نقلت إلى المستشفى وأجريت لها الإسعافات اللازمة ونجحت جهود الأطباء في الحفاظ على حياة الأم والجنين معاً. لم يصدق رجال الشرطة ما يرويه الأب في المحضر الذي ذهب لتحريره ضد زوج ابنته، ووالدته هاجر. إلا أن تحريات المباحث أكدت صحة الواقعة لتحال على القضاء في الوقت الذي هرب فيه الزوج ووالدته في حين وضعت بشرى صغيرتها في حالة جيدة لتؤكد أن إرادة الخالق تتحدى أخطاء البشر.
شارك
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024