رامي كوسا: الدراما السورية ولّادة للنجوم، هكذا كانت وهكذا سوف تكون
بعيداً عن إبداعه الذي وضعه في الصفوف الأمامية بين كتّاب الدراما السوريين رغم صغر سنه، هو كاتب سينمائي لديه قاموسه الخاص في ابتكار الأحلام الصغيرة، ليحافظ كما قال على بذرة الفن النقي بداخله.
شخصية مُربكة تشعر بحضرته وكأنك تخاطب جيلاً بأكمله، يشع بالحيوية ومنصت جيد لك، يتقبل آراء الآخرين حتى لو كانت نقدية، وهناك من يصف نصه «القربان» بالمغيّر لمسار الدراما السورية، وأنه من أفضل النصوص للكتاب السوريين الشباب. «
لها» أجرت مع السيناريست الشاب رامي كوسا الحوار التالي...
- المشهد الأخير من مسلسلك «القربان» يعلن فيه الانفجار في سورية الذي حصل في آذار/مارس 2011، ألا تعتقد أن غيرك من الكتاب سبقك في هذا الأمر ولم تأتِ بجديد؟
في السينما، هناك عشرات الشّرائط التي تناولت حياة الرئيس الرّاحل جمال عبد النّاصر، أو المناضل الأرجنتيني آرنستو تشي غيفارا، الميدان يتّسع لشرائط إضافيّة، الأهم هو: كيف تقول؟ وليس ماذا تقول.
- نفيت أن يكون العمل منحازاً إلى أي جهة سياسية، هل تؤيد تدخل الفن في السياسة؟
مجنون من ينادي بفصل الفنّ عن السّياسة، السينما مرآة الشّعوب، وإحدى أخطر الوسائل الموجّهة للرأي العام العالمي، ففي هوليوود، مثلاً، تُستخدم السّينما لخدمة الأهداف القوميّة الأميركيّة.
السّينما الأوروبيّة تناولت إنزال النّورماندي استناداً إلى وجهاتِ نظر الصنّاع ودولهم، بعضهم اعتبره انتصاراً والآخر اعتبره عاراً ونكبة، الأمثلة تكاد لا تنتهي.
- تكتب الشعر المحكي، لمَ لجأت إلى العامية؟
أنا ابن بيئة ريفيّة، في القرى، يصنعون من القمر والأرض ومن حكايا العاشقين سيراً شعبية، ويصنعون منها قصائد يستوي في فهمها الأميّ والمثقّف.
- تتحدث الدراما عن الأزمة في سورية، ما الجديد الذي أضافه «القربان»؟
لا تستوي وجهتا نظرٍ في قضيّة بلد، قدّمت خطاباً فكرياً يختلف عن كلّ خطاب في كلّ دراما سابقة.
- يتطرق نصك إلى العشوائيات، هل هذا الأمر بات الشغل الشاغل للدراما؟
كانت كذلك في وقت مضى، اليوم تغرق «درامانا» في هوسِ الصّورة وتصدير البهرجة بما في ذلك من سيّارات وقصور ومكياج وملابس، لم أفضّل هذا الصّنف يوما، لكنّه موجود وجماهيريّ وله مريدوه.
- البعض قال: «القربان» يحمل الكثير من الموضوعات، ألا يقلل هذا من هدف الفكرة التي يحملها النص؟
هذا تلفزيون، ابتكر أساساً لتسليّة ربّات المنازل، والدراما الرمضانية محكومةٌ بالإطالة لتلبية شرط السّوق، «القربان» يمكن اختصاره بفيلمٍ روائيّ طويل لا يتجاوز السّاعتين إذا أردنا أن نصنع له معادلاً سينمائياً، الزّمن الفائض في عمر التلفزة يجب إشباعه بطريقةٍ من طريقتين: الحشو الكلاميّ، أو الحكايا المفصلية الدّاعمة للخطّ العام، وأنا ميّالٍ إلى الملء الحكائيّ.
- تقول الدّراما المُشتملة على بعضِ الجرأة شيء، والجرأة المشتملة على بعضِ الدّراما شيء آخر، ماذا تقصد بذلك؟
الجرأة مفردةٌ فضفاضةٌ تستند وفقَ المفهوم العربيّ إلى ثلاثة مفاهيم: الدّين، الجنس، السياسة، حين أشاهد عملاً قائماً على العريّ وبعضِ التجذيف والخرقِ السياسي دون حاملٍ حكائيّ حقيقي، أستطيع أن أصفه بأنّه جرأة تتخللها دراما، وهذا نموذجٌ بات متداولاً في دراما اليوم، سوف يسقط بالتقادم لأنّه ليس صحيّاً وليس سوياً، الحكاية هي أساسُ كلّ صنعةٍ دراميّة، الحكاية وحياكة النّص الجيّد فاتحة كلّ منجز جيد.
- في ظل الأزمة السورية غاب نجوم، وظهر مكانهم نجوم جدد، هل وجودهم كان تغييباً لغيرهم؟
ربما كان لوجودهم بعض هذا الأثر، لكنّ السّاحة الإبداعيّة فيها مستوعبٌ لكلّ الطاقاتِ ولكلّ المواهب، والدّراما السّوريّة ولّادة للنجوم، هكذا كانت، وهكذا سوف تكون.
- ما هي أزمة السينما السورية الحقيقة؟ وإلى ماذا تفتقر؟
أزمة السّينما السّورية تكمن في غيابِ دُور العرض، دور العرض هي سوق تصريف السّينما، المنتج ليسَ محسناً خيرياً يصنع شريطاً يكلّفه عشراتِ ملايين الليرات ليرشقه في أرشيف شركته بعد تصويره. هذا الكلام يتردد في الصّحافة منذ عشرينَ عاماً...
شاركالأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024