حكايات غريبة لجرائم الاتجار بالبشر
تناسى كل الأعراف والتقاليد ودفعه ضعفه الجنسي الذي صاحبه الشك في سلوك زوجته وأم أطفاله إلى ارتكاب جريمة بشعة، نتج عنها إعلان أسرته إسقاطه من سجل العائلة بأكمله ودخوله السجن وطلب زوجته الطلاق منه وحضانتها لأطفالها. إنه رجل آسيوي ينتمي إلى أسرة عريقة وميسور الحال يعمل في دبي، تزوج قبل 13 عاما، وأنجب من زوجته ثلاثة أبناء أكبرهم في التاسعة وأصغرهم في السابعة، إلا أنه فجأة بدأ يشعر بالعجز الجنسي والابتعاد عن حياته الزوجية الاعتيادية، وقد دفعه هذا الأمر إلى شكّه في زوجته ومراقبتها عن بعد، ومراقبة كل صغيرة وكبيرة من تصرفاتها. وذات يوم توجه إلى هاتف المنزل فوجد رقما غريبا فأعاد الاتصال به وسمع صوت رجل، وهنا ازداد شكّه في سلوك زوجته الشابة، فقرر الانتقام منها على طريقته الخاصة. أما الاصطياد عبر الشبكة العنكبوتية فهو أسلوب رخيص اتبعه شخص يحمل جنسية أوروبية للإيقاع بضحاياه من النساء وجلبهن إلى دبي بحجة توفير فرص عمل لهن، ومن ثم بيعهن إلى شبكة دعارة نسائية بقيمة 10 آلاف درهم للضحية الواحدة... وفي قضايا الاتجار بالبشر عجائب أخرى وبعضها يخرج عن إطار المألوف.
متحرّش بوجود الزوج
وفقا للعميد خليل إبراهيم المنصوري مدير الإدارة العامة للتحريات والمباحث الجنائية وفي ما يخص الجريمة الأولى، كان البلاغ من زوجة تستنجد من تحرشات رجل بها داخل أحد النوادي الليلية، وعلى الفور تحرّك رجال البحث الجنائي ليتبين أن الزوج يرافق زوجته، وأن هناك شخصاً ثالثاً يجلس معهما هو من يقوم بالتحرش بالزوجة تحت مرأى من الزوج. فتم اصطحاب الجميع إلى مركز شرطة الرفاعة حيث روت الزوجة مأساتها كاملة وأفصحت فيها أن زوجها يأتي لها بالرجال لممارسة الفحشاء معها أثناء وجوده، وأنه يقبض المال منهم.
وباستجواب الزوج أكد أنه شك في زوجته عندما وجد رقماً غريباً على هاتف منزله، وبمعاودة الاتصال بالرقم رد عليه رجل، وهنا تأكد أن زوجته تخونه نظراً إلى ضعفه الجنسي، فأراد أن يختبر الزوجة، واتصل ذات يوم برقم بيته من خارج المنزل وعندما أجابت الزوجة غيّر صوته وأخذ يغازلها. إلا أنها كشفته وأكدت له انه زوجها فأنكر، فأرادت أن تكيد له، وجارته في المكالمة.
وفي أحد الأيام عاود الاتصال بالرقم الذي وجده على هاتف المنزل، وقلّد صوت الزوجة، ودعا الرجل لزيارتها في المنزل في غياب زوجها كما ادعى. وفي الموعد اختبأ الزوج تحت السرير وأمر زوجته بفتح الباب واستضافة هذا الرجل الغريب، وأمرها بممارسة علاقة غير شرعيّة معه وإلا قتلها.
وأكد الزوج أن الزوجة استجابت تحت التهديد ومارست لطلبه، واستمرأ الزوج الأمر وكأنها أصبحت عادة عنده، وبدأ استدراج العديد من الرجال عبر الحديث معهم هاتفيا وتغيير صوته إلىصوت امرأة، وأصبح الأمر معتاداً عنده، حتى أنه في بعض الأوقات كان شاهدا على الأمر برمته وأثناء وجوده. وتحول الأمر إلى تجارة، وأصبحت الزوجة تتقاضى مبالغ مالية من هؤلاء الرجال بناءً على أوامره، وفور خروج الزبون يستولي على كل ما حصلت عليه من مال رغم انه ميسور الحال ولا يحتاج إليه.
ويوضح العميد المنصوري أنه ذات يوم ورد بلاغ من شخص أبلغ فيه عن الأمر تبين أنه زوج شقيقة الزوجة الذي يعمل داخل الدولة، حيث علم من زوجته التي كانت تهاتف شقيقتها ان الأخيرة تتعرض من زوجها لعملية إجبار وتهديد لممارسة الفحشاء مع الرجال، وأن هذا الأمر مرفوض من العائلة برمتها لأنه لا يتفق مع تقاليدهم ولا دينهم، ولهذا فهي تستنجد بهم من أجل إنقاذها مما يحدث لها من زوجها، ولهذا تم الإبلاغ عن الزوج المتاجر بزوجته. وعلى الفور تم إعداد مكمن والتواصل مع الزوجة التي أكّدت أنها سترافق زوجها إلى أحد النوادي الليلية لمقابلة شخص جديد، وأثناء وجودهما مع هذا الشخص الذي بدا يتطاول عليها ويتحرّش بها، صرخت الزوجة واستنجدت بالأمن حيث كان قربها فريق متكامل من رجال المباحث، واقتيدوا جميعاً لمركز الشرطة.
وأشار المنصوري إلى أن الزوج أحيل على النيابة العامة بتهمة الإتجار بالبشر، والرجل الآخر بتهمة التحرّش بامرأة، بينما أودعت المرأة وأطفالها مؤسسة رعاية الأطفال والنساء، وأبدت الزوجة رغبتها في العودة إلى بلادها بعد انتهاء التحقيقات في القضية، كما طلبت الطلاق من الزوج ومنحها حضانة أطفالها.
وأكّد المنصوري أن هذه القضية من القضايا النادرة التي لم تحدث من قبل، وتوقّع أن يكون الحكم على الزوج قاسياً لأنه مهما كانت درجة عجزه، فجرمه في حق زوجته وعائلته ونفسه ليس مبرراً على الإطلاق.
الإتجار بالبشر عبر «النت»
نجحت إدارة مكافحة الاتجار بالبشر في دبي في القبض على 3 رجال و8 نساء بتهمة الاتجار في البشر، كما وجدت لديهم ضحيتين وصلتا حديثاً أُجبرتا على ممارسة الفحشاء،.
وفي تفاصيل الجريمة كما يرويها العميد المنصوري، أن معلومة وردت عن وجود شخص يتعرّف على فتيات من أوروبا الشرقية عبر شبكة الانترنت، ويتّخذ من شركته ستاراً لتجارته المخفية، بحيث يوهم الفتيات بإعجابه بهن، وإذا كن يرغبن في فرصة عمل يتظاهر بقدرته على توفيرها لهن، أو أنه يدعوهن لتمضية فترة سياحة على كفالة شركته مع تكفلّه بكل المصاريف.
وأشار المنصوري إلى أن إحدى الفتاتين حضرت بناءً على الدعوة، وفوجئت في اليوم الثاني لمجيئها ببيعها إلى امرأة مقابل 10 آلاف درهم، وأثناء عملية التسليم والتسلّم كان أفراد العصابة في قبضة المكمن الذي أعدّته الشرطة لهم.
وأثناء تفتيش مقرّات سكن أفراد العصابة تم العثور على فتاة أخرى محتجزة، وعليها آثار ضرب مبرح، فأفادت بأنّها جُلبت عن طريق الشخص نفسه من بلادها بعد أن أوهمها بتوفير فرصة عمل لها كنادلة في أحد الفنادق، ثم باعها للمرأة المذكورة التي أرغمتها على ممارسة علاقة غير شرعيّة مع أشخاص لا تعرفهم لقاء مبالغ مالية.
وأشار المنصوري أنه تبيّن من خلال التحقيق مع أفراد العصابة أن المتهم الرئيسي اتخذ من شركته الخاصة التي تعمل في مجال النقل وسيلة للإيقاع بضحاياه بعد التعرّف عليهن عبر شبكة الانترنت، وتبيّن أن كفيله متواطئ معه ويوقّع له على جلب الفتيات، ثم يقوم بمواقعتهن قبل بيعهن... وأحيل الجميع، وعددهم 11 رجلاً وامرأة، على النيابة العامة، بينما أحيلت الضحيتان على مؤسسة دبي لرعاية النساء والأطفال إلى حين الفصل في القضية.
تحت ستار صالونات التجميل
وأشار المنصوري إلى أن من بين القضايا الأخرى التي اتبع فيها الأسلوب السابق، واحدة بطلها سوري و8 مغربيات، وقد استغلّ المتهم مكتبه الذي يعمل في تنظيم الحفلات، وبدأ التواصل مع الراغبات في العمل . ووردت شكوى من فتاة أكّدت أنها حضرت من دولتها على أساس العمل في صالون نسائي، إلّا أنّها فوجئت بتسليمها لامرأة راحت تحاول إجبارها على ممارسة الفحشاء، وأن هناك مجموعة من الفتيات يجبرن على ذلك.
وأوضح المنصوري أن الشرطة دهمت الشقة وعثرت على المرأة و6 فتيات بخلاف المبلغة التي أكدت أنها وصلت قبل 10 أيام فقط، ورفضت الانصياع لأوامر المرأة إلى أن تمكّنت من الإبلاغ عنها. وأوقف المتهم الرئيسي في مكمن لاحق وأحيل الجميع على النيابة العامة. وروت الفتيات أنهنّ خضعن للضرب في حال رفضهنّ الانصياع لأوامر تلك المرأة، وأنهنّ جميعهن جُلبن على أساس العمل في صالونات نسائية.
ولفت العميد المنصوري إلى واقعة أخرى كانت بطلتها فتاة آسيوية أُحضرت على أساس العمل من جانب امرأة صينية، إلا أنّها فوجئت بأنها تريد إجبارها على ممارسة البغاء، فكتبت ورقة استنجدت فيها برجال الشرطة وألقتها من شرفة الشقة التي وضعت فيها مع امرأة أخرى من جنسيتها، ورفضت أن تنصاع لأوامر الرجل الذي جلبها ولتهديدات المرأة. وكرّرت فعل إلقاء الورقة مراراً حتى التقطها شخص مارّ في الطريق، وأبلغ الشرطة التي دهمت الشقة وألقت القبض على صاحبتها ورجل باكستاني والضحيتين.
طفلة للبيع!
من بين القضايا المضبوطة هذا العام في دبي قضية بيع طفلة ارتكبتها امرأة اندونيسية عندما حملت سفاحاً وأنجبت طفلة من رجل كان قد غادر الإمارات، فأرادت التخلص منها وعرضت الطفلة وعمرها 6 أشهر للبيع.
يشير المنصوري إلى أن المرأة كانت تعمل خادمة بنظام الساعة، وتعرّفت على شخص باكستاني قدم لزيارة دبي من سلطنة عمان، وأقامت معه علاقة غير شرعية أثمرت إنجاب الطفلة. وأفصحت لصديقاتها في السكن أن لديها رغبة في بيع الطفلة لإحدى الأسر. فقامت إحداهن بإبلاغ الشرطة التي أعدّت مكمناً وتواصلت مع المرأة عبر احدى الشرطيات التي طلبت منها شراء الطفلة مقابل مبلغ 6 ألاف درهم فوافقت، وتم الاتفاق على موعد التسليم والتسلّم في أحد مواقف السيارات القريبة من فندق. وأثناء تسلّم المرأة المبلغ دُهم المكان وألقي القبض على المتهمة. وأحيلت الطفلة على مؤسسة دبي لرعاية النساء والأطفال، وتم التعميم دولياً عن الرجل الذي ادّعت أنه والد الطفل لإلقاء القبض عليه واتخاذ الإجراءات القانونية بشأنه.
التوعية من الإغراءات الوهمية
أكّد العميد المنصوري أن هناك تواصلاً مع قنصليات الدول التي تعمل في دبي لتوعية بنات دولها بعدم الانصياع لأي إغراءات وهمية، وضرورة التواصل مع وزارات خارجية بلدانهن ليتأكدوا من أن الأعمال التي سوف يأتين إليها حقيقية وليست وهمية حتى لا يتورطن في مثل هذه القضايا، ويصبحن ضحية الاستغلال من جانب أشخاص ضعفاء النفوس. وأشار إلى أن هناك أيضاً كتيّبات وزّعتها شرطة دبي على القنصليات وفي المطار عند الدخول للتوعية من هذه الأفعال، إضافة إلى تخصيص خط هاتفي مجاني يمكن الاتصال به في حال الوقوع ضحية لأي عصابة تتاجر بالبشر.
شاركالأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024