تحميل المجلة الاكترونية عدد 1077

بحث

'صانع الألعاب' لأحمد محسن

كتاب: «صانع الألعاب»

كتاب: «صانع الألعاب»

الكتاب: «صانع الألعاب»

الكاتب: أحمد محسن


في رواية أحمد محسن الأولى «صانع الألعاب»، تتحوّل الحياة إلى ملعب كرة قدم، على أرضها تُصادف الهجمات مرّة والصدّات مرّة أخرى.
وكذلك الأهداف والزلاّت والمراوغات والتكتيكات، والأهمّ من هذا كلّه الربح والخسارة.. مصطلحات عالم كرة القدم موجودة في كلّ نصّ، وفي كلّ مشهد.
وتمكّن الكاتب الشاب المسكون بلعبة كرة القدم، أن يستفيد من معلوماته في عالم الكرة ومن تجاربه ومعرفته بتفاصيل اللعبة وأسماء نجومها وفرقها ومنتخباتها.
فهو يُعنون الفصول الداخلية لروايته بمصطلحات «كرة القدم»، مثل: «الساحر على شاشة عملاقة»، «أفضل طريقة للدفاع هي الدفاع»، «المايسترو»، «فورزا إيطاليا»، «فوفوزيلا»، «عرض غير لائق»، «العودة إلى نقطة الصفر»...

من هنا يتولّد لدى القارئ شعور بأنّ هذه «الكرة» الحاضرة كلازمة في رواية محسن هي ليست سوى حيلة يتخذّها الكاتب ليُمرّر عبرها رسائله ومواقفه ومقارباته، بل ليسرد من خلالها أيضاً حكاية واقع اجتماعي يعيشه في بلد غير مستقر، كحال الكرة نفسها.

يختار محسن موقع «صانع الألعاب» ليُقدّم من خلاله مقاربة جميلة بين «الحياة» و«الكرة»، بين صانعي الألعاب في السياسة، وصانعيها في الكرة. وهذه المُقاربة منحت الرواية بُعداً واقعياً، ومُسليّاً.

يكتب الراوي بصيغة المتكلّم «أنا»، ما يدفعنا إلى الخلط بين هويّة الراوي والكاتب، وما إذا كان كلاهما واحداً.
وهذا الأمر يتكرّس جليّاً عندما يقول الراوي إنّ اسمه «أحمد»: «وفعلاً تضاعف ذهولها حين علمت أنّ اسمي أحمد وأتحدّث الإيطالية.
هذا حدث تقبلّه صعب من فرانكوفونية أصيلة». الراوي هو شاب مثقف وإنما من بيئة مُغلقة، تعتقد بالأساطير والغيب والمسلّمات «تربيت على الأساطير والواقع محكوم بالمؤامرات الكبرى.
أنفر من الأساطير تلقائياً. وحتى لو شرح لي باحث تاريخي القصّة عشر مرّات فلن أصدّقه».

هو ابن الضاحية الجنوبية لمدينة بيروت، وعلى أرض ملعبها « الراية»، مارس هوايته كصانع ألعاب.
وهذا قبل أن يظهر على أرض الملعب نفسه لاعب آخر، أو بمعنى أدق، صانع ألعاب آخر وإنما من غير رقم.
ومن ثمّ يتوقف عند هذا اللاعب الكبير الذي أضحى نجماً في محيطه، ليعرض مفهومه لمعنين مترابطين «النجومية» و»الجماهير»: «زحفت الجماهير إلى منزل اللاعب البرازيلي (كاكا) كما يزحف اللبنانيون إلى زعمائهم.
أحوالهم مختلفة عن أحوالنا. كاكا هو القائد الفعلي في ساحة الدوما. ومالك الفريق ورئيس الدولة سيلفيو برلسكوني، هو رجل الظلّ...».

ويعمد الكاتب إلى تحليل ظاهرة «الجمهور»، باعتباره عنصراً رئيساً في لعبة كرة القدم، وفي السياسة أيضاً.
فيؤكّد محسن أنّ الإنصياع ضمن مفهوم «الجمهور» يقتل بمعنى من المعاني الوعي والفردية عند الإنسان: «الفرد يتحرّك بشكل واعٍ ومقصود، أمّا الجمهور فيتحرّك في شكل لاواعٍ. ذلك أنّ الوعي فردي تحديداً، أمّا اللاوعي فهو جماعي».
ويتّخذ موقفاً واضحاً وجريئاً من الانسياق الأعمى إلى شخص واحد يكون هو «المايسترو»، وغيره مجرّد أدوات له.
رواية محسن الأولى تحاكي الواقع بأسلوب شبابي طريف يبتعد عن التقليدية ويقترب من حياة الكاتب نفسه وشباب جيله.

المجلة الالكترونية

العدد 1077  |  آب 2024

المجلة الالكترونية العدد 1077