كارمن سليمان: لا أغني إلا ما أقتنع به
«لا أطيق السفر من دون بابا وماما، ليس لأنني صغيرة، أو اعتمادية، بل على العكس، فقد نضجت كثيراً، أصبح عمري 20 عاماً. وتعرفت على الحياة العملية بشكل كبير حتى قبل «أراب آيدول»، وبعيداً عن فكرة الفوارق بين الشاب والفتاة، أشعر براحة كبيرة حين أكون قريبة منهما». تصريحات دفعت حوار المطربة الشابة كارمن سليمان الفائزة بلقب «أراب آيدول» في موسمه الأول، إلى ركن دافئ في بدايته، قوامه حياتها الأسرية الهادئة. تعشق الأغاني الكلاسيكية، وترفض تسميتها بالأغاني القديمة. كما ترفض أن تدفع ضريبة الشهرة قائلة بكل ثقة بأنها لن تكون سوى كارمن سليمان. الأغنية التي لا تملّها «محبوبة العرب» والتخصص الجامعي الذي خاضت به تحدياً ومبعث فخرها وأكثر ...
بنت العشرين
- يقولون أن البنت تمر بمرحلة مختلفة بعد عامها العشرين، وهي السن التي تقفين على أعتابها الآن؟
أشعر بأنني أكثر نضجاً، وحين أتذكر ما كنت أفكر فيه قبل عامين أو ثلاثة، أدرك هذا، وخصوصاً حين أرصد أختي فرح التي أكبرها بثلاث سنوات، وأتذكر أن ما تقوم به الآن وأستغربه كان مألوفاً بالنسبة لي عندما كنت في سنّها.
- هذا يعني أن كارمن نضجت؟
على الأقل أصبحت أكثر نضجاً، لكنني قد أكتشف بعد أعوام أن خبرتي في العشرين كانت محدودة جداً.
شقيقتي ومفتاح العبور
- وهل تملك فرح خامة صوتية جيدة مثلك؟
هي لها طموح مختلف، وإمكاناتها الفنية أقرب إلى مجال التمثيل، رغم أن لديها خامة صوتية جيدة.
- لماذا لم ترشحيها لأحد الأدوار، وخصوصاً أنك غنيت تترات عدة مسلسلات؟
هي جديرة بأن تشق طريقها بنفسها، وأتصور أنها تملك العديد من الأدوات التي تضمن لها على الأقل، فرحاً أولى، ليبقى مفتاح العبور الأهم بعد ذلك بيد الجمهور.
- أحد أكثر ما يشير إليه النقاد في أعمالك أنها مختارة بعناية، هل هذه الاختيارات تتم بقرارات فردية، أم في إطار ورش عمل فنية؟
ورشة العمل الأهم بالنسبة إلي هي الناس المحيطون بي، وأهمهم بالإضافة إلى بابا وماما، أختي فرح، لأنها تنقل إلي بشكل مباشر روح جيلها وميول صديقاتها، وهذا مهم للفنان، فبالإضافة إلى ما أنت مقتنع به، من المهم أن تضمن أن ما ستقدمه هو ما يطلبه الجمهور، وخصوصاً الأجيال الجديدة التي يتطور ذوقها بسرعة.
- معنى ذلك أنك تقبلين أحياناً أعمالاً أنت لست مقتنعة بها تماماً؟
لا، فأنا لا أغني إلا ما أقتنع به، ولكن بعض ما يروق لي قد لا يروق للجمهور، فأنا على سبيل المثال أعشق الأغاني الكلاسيكية، وأرفض تسميتها «الأغاني القديمة»، لأنها لا تزال حية باستمتاع الملايين بها، ولكن لا أرى أن هذا يستوجب أن أقدّم هذا النوع في ألبوم، ومن الممكن أن يكون محله حفلة مباشرة، وحينها سأكون أكثر إحساساً وتفاعلاً معها.
أعشق «الكلاسيكي»
- يبدو أنك تعشقين الأغاني الكلاسيكية؟
بجنون، وخصوصاً ألحان محمد فوزي، فهو من وجهة نظري المطرب الذي عايش عصره وسبقه، فالمدقق في ألحانه سيرى أنها تحمل روح زماننا، وخصوصاً أغنية «ياللي شغلت القلب»، فأنا لا أملّ من سماعها، كما لا أملّ من سماع سائر أعماله. وما يقال عن محمد فوزي، يقال بالطبع عن الأستاذين محمد عبدالوهاب وبليغ حمدي.
- ما الذي تغير في الطرب بين القديم والحديث؟ هل هو غياب العمالقة كما يقولون، أم عوامل أخرى؟
هم جيل العمالقة فعلاً، لكنهم كانوا أكثر حظاً من المعاصرين في أن الجمهور لم يكن يركز معهم على أدق التفاصيل إلى هذا الحد الذي نراه الآن، وأتصور أن بعض الأعمال الكلاسيكية لو جرى تقديمها لأول مرة في زماننا هذا، لما سلمت من انتقادات قاسية، فالفارق الجوهري هو أن جمهور زمان كان يستمتع بسماع الأغاني، والجمهور الآن لا يكتفي بأن يكون مستقبلاً للأعمال الفنية، بل لا يتردد في أن ينتقد ويدقق، وقد يُصدر أحكاماًً قاسية.
طريق مختصر
- حين دخلت مسابقة «أراب آيدول» في دورتها الأولى كان عمرك 17 عاماً، لكن كانت لك تجارب غنائية معروفة عند جانب من الجمهور، عكس معظم المتسابقين، هل أعطاك هذا أرجحية للفوز بالبرنامج؟
مجرد أن يقدمني الفنان الكبير هاني شاكر، أو أن يتحدث عني بالإيجاب الملحن القدير حلمي بكر، فهذا معناه أنني أصبحت معروفة على نطاق ما في الوسط الفني. وحين قال بعض الجمهور بعد ظهوري في الوسط الفني «نحن نعرف كارمن سليمان»، كان هذا مبعث فخر لي، لكن بكل تأكيد فإن «أراب آيدول» كان بوابة الشهرة الأوسع.
- ولكن ليس كل رابح لبرنامج استكشاف مواهب يستطيع الاحتفاظ بشهرته وجمهوره.
هذا هو التحدي الأكبر الذي يحمله المتخرجون من تلك البرامج، فالطريق لم ينته بالفوز على المتنافسين في البرنامج، لأن الغرض من هذه النوعية من البرامج هو صنع جماهيرية لأصحاب الموهبة، لكن تبقى الخطوات التالية ومنها نشاط شركة الإنتاج، والعقود الفنية لفنان في بداية مشواره، والتحضير لمرحلة مختلفة تماماً عن استكشاف الموهبة.
«وجع» الشائعات
- هل أنت مرتاحة لعقدك مع شركة «بلاتينوم ريكوردز» التابعة لمجموعة «إم بي سي»؟
في عالم الإنتاج لا توجد شركة كاملة، أو حتى بلا عيوب، لكن على الفنان أن يضع أمامه اعتبارات كثيرة. وكالعادة لم يكن خيار التوقيع على العقد فردياً، بل كان في إطار التشاور الأسري. وصدَفَ أن السنوات الثلاث الأولى ولظروف متعلقة بالشركة كان هناك غياب ملحوظ للنشاط، وهذا لم يكن محصوراً بي، بل شمل جميع الفنانين المرتبطين بتعاقد معها، لكن بعد ذلك صار الوضع أفضل.
- أنت محل للكثير من الشائعات، إلى أي مدى يستفزك هذا الأمر وتخصصين وقتاً لتكذيب مطلقيها؟
في أول احتكاكي بالجمهور والإعلام كان يستثيرني ذلك كثيراً، لكن بعد ذلك اعتدت هذا الأمر ولم أعد ألتفت إليه، وردّي دائماً في هذه الحالة، معروف وموجود كشعار لي على صفحتي الخاصة على «فيسبوك»، وهو «كن نفسك».
- ماذا تقصدين بهذه الجملة، ولمن توجهينها؟
أقصد أنني لن أكون سوى كارمن سليمان، ولا أستطيع أن أكون متصنعة أو غير طبيعية، أو حتى كما يحب الآخرون أن يروني. وأوجهها لكل شخص غير متصالح مع ذاته، لأن الإنسان يكون أجمل بكل تأكيد حين يكون حقيقياً.
- ألا تعتبرين ذلك ضريبة الشهرة والنجومية، على حد التعبير الشائع؟
المشكلة أن البعض يريد أن يراني كما يريد «نجمة، سوبر ستار»، وفي الوقت ذاته يسعى لإقحام نفسه في تفاصيل من حياتي الشخصية، وهما معادلتان لا تستقيمان إلا إذا كان هناك تصنع، وهو الخط المرفوض تماماً بالنسبة إلي، ولا أظن أنه سيكون الخيار الأنسب لكارمن سليمان التي عرفها الجمهور بشكل رئيسي عبر برنامج جماهيري.
- من الممكن أن نجد كارمن سليمان تكرر تصريحات بعض النجوم : «حياتي الشخصية خط أحمر» ؟
لن أكرر تصريحات يعرفها الجمهور، قبل النجوم انفسهم، لكنني حريصة على التواصل مع الناس إلى اقصى درجة، وحقوق الجمهور على الفنان كبيرة، ولا أعتقد أن العلاقة الإيجابية مع الجمهور، تشكل هاجساً لأي فنان؟
- شائعات الحب والارتباط، والزواج من اكثر الشائعات التي تطارد الفنانات الشابات، لقطع الشائعات، هل من ثمة ارتباط جديد في حياة كارمن، ام ان هذا الجانب مؤجل لديك في هذه المرحلة؟
لا..أنا غير مرتبطة، ولا توجد لدي اي مشاريع للارتباط وقلبي غير مشغول على حد التعبير الشائع، لكن في نفس الوقت لا أتصور أن بإمكان أحد أن يتخذ بشكل صارم قرار تأجيل هذا الأمر، لأنه يأتي بشكل تلقائي.
- كيف تصنفين شخصيتك؟
هوائية ومتقلبة المزاج.
- بمعنى أنك سريعة الغضب ومتغيرة الطباع؟
قد يكون هناك شيء من تغير الطباع، نظراً إلى أنني لا أزال في العشرين، والمراحل الماضية من المؤكد أنها تحمل سمات تغيير في سمات الشخصية. لكني لست سريعة الغضب، بل متغيرة المزاج، فقد أميل إلى سماع نمط أو رتم معين في الأغاني، ثم أغير نوع الموسيقى تماماً، قبل أن أعود إلى النوع الأول، أو سواه. حتى أنني أجد توافقاً غريباً بين أكثر الموسيقى عصرية وأبعدها كلاسيكية.
«وصفة» النجاح
- لديك روشتة أو وصفة للنجاح تقدمينها إلى متسابقي «أراب آيدول» في نسخته الحالية التي تقدم على شاشة «إم بي سي»؟
لا أتصور أنني وصلت إلى المرحلة التي تسمح لي بتقديم نصائح لموهوبين يتنافسون أمام الجمهور ولجنة تحكيم عالية المستوى، لكن المؤكد أنه ليس هناك وصفة سحرية للنجاح، و«الروشتة» التي يمكن أن اقدمها ستكون بيضاء، وعلى المتسابق أن يكتب ما يحتاجه بنفسه كي يتجاوز رهبة المسرح ولجنة التحكيم ويتألق، ما دام يملك الموهبة الحقيقية. ولكن يبقى أن الثقة المفرطة بالنفس هي أول بوادر الإخفاق، وجرعة من القلق الصحي والخوف الإيجابي تبقى مطلوبة.
- التغيير الذي حدث في لجنة تحكيم «اراب أيدول» بدخول الفنان وائل كفوري محل الفنان راغب علامة، كيف تنظرين إليه؟
فقد البرنامج نجماً وقامة كبيرة بخروج راغب علامة الذي تأثرت وحزنت جداً على توديعه البرنامج، لدرجة أنني عندما علمت الأنباء لم أتوقع كيف سأتابع البرنامج من دون حضوره، لكني معجبة جداً في نفس الوقت بحضور وائل كفوري، فمن حُسن الحظ أن من حل محل راغب علامة هو قامة أخرى في عالم الفن هو الفنان وائل كفوري الذي يتمتع بكاريزما وحضور ملفت، ويشكل وجوده في البرنامج إضافة حقيقية.
لا للتلفزيون
- تدرسين الإعلام في القاهرة، هل الطموح يمكن أن يكون عملك في التلفزيون؟
دراستي للإعلام ليس هدفها الوصول إلى التلفزيون، أو حتى الإعلام المكتوب، رغم أنني اخترت الالتحاق بقسم الصحافة، وهما من دون شك مجالان رائعان، فأنا لا أرى كارمن سوى في عالم الطرب، لكني اخترت هذا التخصص تحدياً دون سواه لأن مساره الأكاديمي من شأنه أن يمدني بكم هائل من الثقافة الإنسانية والمعرفة الحقيقية، وهما جزء مهم من تكوين الفنان.
- غيابك لفترة طويلة بعد تألقك في «أراب آيدول» كان محل تساؤلات عديدة، وقمت بتبرير ذلك حينها بانشغالك في الدراسة، والآن بعد أن عاودتي نشاطك بشكل ملحوظ هل من الممكن أن نرى غياباً آخر لك، باعتبارك «مزاجية»؟
الغياب كما أشرت كان جزء منه متعلقاً بشركة الإنتاج، وليس هناك فنان جاء من قلب الجماهير يكون خياره الغياب على الإطلاق، ولكن لابد أيضاً من أن يكون الحضور لائقاً بهذا الجمهور، وفي حال عدم توافر العمل الجيد، فإن الغياب يبقى الخيار الأفضل. لكني حاضرة في المرحلة المقبلة من خلال العديد من الأغاني «السنغل»، بالإضافة إلى الحفلات التي أعتبرها أهم صلة حقيقية مع الجمهور، ويكفي أنها أتاحت لي فرصة حقيقية للالتقاء بالجمهور الفلسطيني والسوري والمغاربي، وجمهوري في أنحاء الوطن العربي الذي لا يمكن أن أنسى أنه كان الداعم الأكبر لرحلة لقب «أراب آيدول».
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024