3 تجارب مؤثرة في مواجهة سرطان الثدي
فيما يعتبر سرطان الثدي السرطان الأكثر انتشاراً بين النساء، تبرز التطورات الطبية في هذا المجال والاكتشافات التي تسمح بزيادة عدد الناجيات من المرض.
إضافةً إلى الدور الذي تلعبه حملات التوعية في توجيه المرأة إلى الطريق الصحيح لتتعرف إلى أساليب الوقاية وسبل مواجهة المرض بفاعلية في حال اكتشافه.
وتُحدث شهادة كل امرأة حاربت المرض وتغلبت عليه على طريقتها، فارقاً كبيراً بالنسبة إلى أخريات فتمهد الطريق لهن ليقمن بالمثل يواجهن المرض بشجاعة وعزم وإرادة. سلام وميرنا وجيمي واجهن المرض وعشن تجارب صعبة تختلف كل منها عن الأخرى لكنها تشكل معاً نقطة تحول في حياة كل منهن وفي حياة أخريات عشن أو قد يعشن يوماً تجربة من هذا النوع. فسرطان الثدي مرض كغيره من الأمراض يمكن مواجهته بالوعي والعزم والأمل.
سلام بوسي
كانت سلام في سن 37 سنة عندما اكتشفت إصابتها بالمرض فيما كانت تحرص على إجراء الفحص الشعاعي للثدي سنوياً من سن مبكرة من تلقاء نفسها، رغم عدم وجود حالات في العائلة.
عن تجربتها تتحدث سلام قائلة: «كنت أحرص على إجراء الفحص الشعاعي للثدي سنوياً بعد أن بدأت حملات التوعية حول سرطان الثدي.
وفي إحدى المرات كنت أرافق صديقتي لتجري الفحص الشعاعي للثدي، فيما كنت قد أجريت فحصي قبل 7 أِشهر، فسألتني الاختصاصية في التصوير الشعاعي ما إذا كنت أرغب في إجراء الفحص، لكني لم أرغب في ذلك لأنه لم يكن قد مضى وقت طويل على خضوعي له.
إلا أنها أصرت وبعد أن ضغطت على الحلمة وخرج سائل منها، أصرّت على أن أجري صورة شعاعية مباشرةً في اليوم التالي. وشاء القدر أن يحصل خطأ في التصوير في المرة الأولى، وفي المرة الثانية وجدت أنه علي الانتظار لوقت طويل لأجري الفحص لكني أصررت على إجرائه فطُلبت مني بعدها الصور القديمة وتبين وجود ورم لدي ممتد إلى ما تحت الإبط والغدد اللمفاوية.
أما الطبيب فطلب مني أن أخضع لعملية مع تجميل للثدي. استشرت أطباء آخرون إلى أن وصلت إلى طبيب نصحني بتقنية حديثة تقضي بالخضوع للعلاج الكيميائي حتى يصغر الورم وتجرى بعدها العملية .
لكن بعد أشهر من العلاج، تبين أن الورم قد كبر حجماً وأني لا أتجاوب مع العلاج. كانت مناعتي قد تأثرت سلباً بالعلاج، وفي النهاية تبين لي أن العلاج الذي كنت أخضع له كان خطأ لم يساهم إلا في ضياع الوقت وأدى إلى زيادة حجم الورم.
قصدت عندها طبيباً آخر وخضعت لعملية استئصال الثدي. كنت اسأل كثيراً وأستشير أطباء كثراً واسأل عن أحدث العلاجات إلى ان عرفت بوجود فحوص حديثة تسمح بتحديد العلاج بتقنية جديدة. قصدت عندها طبيباً آخر وتلقيت العلاج المناسب لمدة عام تساقط شعري بسببه.
لكني كنت قد حلقته قبل ذلك حتى لا أراه يتساقط كاملاً ثم وضعت شعراً مستعار طبيعياً، وكثر لم يعرفوا أني مريضة وأن شعري قد تساقط.
وفي العملية التي أجريت لي استؤصل ثدي واحد مع أني نصحت باستئصال الثديين لارتفاع خطر ظهور المرض في الثدي الثاني الآن، لكني رفضت.
ومن الاخطاء التي تعرضت لها أيضاً سلام أن عملية التجميل وترميم الثدي التي خضعت لها أجريت في الوقت نفسه مع عملية استئصال الثدي وقبل الخضوع للعلاج الشعاعي، فكانت النتيجة أن شكل الثدي تغيّر بسبب العلاج مما أثر سلباً على نفسيتها فيما رفض طبيب التجميل تصحيح ذلك. أثر بها ذلك نفسياً إلى حد كبير إلا أن زوجها دعمها ووقف بجانبها ولم يتأثر بهذه التفاصيل.
واليوم بعدما شفيت تماماً وعادت إلى حياتها الطبيعية، تحرص على إجراء الفحوص اللازمة كل 6 أشهر فيما لم يبقَ من مرضها إلا ذكرى تجربة تعلّمت منها الكثير.
أصعب اللحظات
اللحظات الأصعب بالنسبة إلى سلام كانت عندما اكتشفت مرضها. فقد صدمها أن تكون مريضة رغم كل الإجراءات الوقائية التي كانت تتخذها.
«كانت تلك المرحلة في غاية الصعوبة خصوصاً أنني أم لـ3 أولاد صغار يحتاجون إلى رعايتي. لكن على الرغم من أني لم أخبرهم بحقيقة الوضع، وفيما كنت اتصور أنهم لا يعرفون تبين لي من خلال أسئلتهم أنهم يعرفون فطمأنتهم على حالي وكان ذلك أفضل للكل.
ومن اللحظات التي كانت في غاية الصعوبة بالنسبة لي لأنها أفقدتني الامل بالحياة تلك التي أخبرني فيها الطبيب الأول الذي أخطأ معي أني لم أتجاوب مع العلاج وأن لا أمل لي بالشفاء. تلك اللحظة التي ظننت فيها أن الأمل مفقود ولم يكن ذلك إلا بسبب الإهمال».
زوج داعم في كل لحظة
بدت التجربة التي مرت بها سلام أسهل بفضل زوجها الذي كان الداعم الأكبر لها. فقد كان يرافقها دوماً إلى المختبرات والمستشفيات لإجراء الفحوص والخضوع للعلاجات وإلى عيادات الاطباء، وكان يهدئها حتى لا تشعر بالتوتر بسبب وضعها، ويرعى الأطفال.
وتقول سلام: «نفسياً لم أكن خائفة بل كنت مرتاحة وكل من حولي أعطاني أملاً. كما ان أصدقائي وقفوا بجانبي طوال تلك المرحلة لأتخطى هذه المحنة».
تجربة عائلة واجهت المرض مرتين
في العمر الذي تبدأ فيه المرأة عامةً بالتحضير لتكوين أسرة، اكتشفت جيمي بيلفا نيكرسزن أنها مصابة بالسرطان بعد تشخيص حالتها وهي في سن 29 عاماً.
في تلك المرحلة تحديداً كانت عائلتها تودع أختها الكبرى التي كانت تكافح المرض من 9 سنوات وتوشك على خسارة المعرك.
عن تلك المرحلة تقول جيمي»عند تشخيصي إيجاباً بالطفرة الجينية BRCA1 تم اتخاذ قرار استئصال الثدي كخطوة وقائية يعاد بعدها ترميم الثدي .
لكن فيما كنت أقوم بالفحوص اللازمة للعملية، تم تشخيص المرض لدي. عندها صار والداي يتنقلان ما بين سريري وسرير شقيقتي التي كانت في المراحل الاخيرة من المرض. وبعد تشخيصي بثلاثة أشهر، فقدنا شقيقتي بسبب المرض نفسه.
علماً أنها كانت أقوى الاشخاص الذين عرفتهم في حياتي ، مما جعل التحدي أكثر صعوبة لي لأني كنت أواجه فكرة القدرة على مكافحة المرض والتغلب عليه فيما لم تتمكن شقيقتي من ذلك رغم إرادتها الصلبة وعزيمتها.
عندها أصبح الشيء الاساسي لي أن أستمد القوة من السرطان نفسه. نجوت وتغلبت على المرَض وأنا اليوم في سن 38 سنة وأشعر أحياناً بالذنب لأني نجحت فيما فشلت شقيقتي تريسي لكني أعلم جيداً أن هذا ما أرادته هي فعلاً.
لذلك كنت أواصل الصراع يومياً وأردت العيش من أجلها ومن أجل والديّ وأخوتي ووزوجي وأطفالي المستقبليين وكل من دعمني. أردت أن أكون مثالاً للنساء الاخريات ليعرفن أنه يمكنهن استمداد القوة من سرطان الثدي والبقاء على قيد الحياة».
من جهته، يتحدث تيد والد جيمي عن التجارب التي مرت فيها العائلة بسبب مرض ابنتيه فيقول: «أصبنا والدة جيمي وأنا بالانهيار عند تشخيص مرض جيمي. مضت فترة نتنقل فيها ما بين مستشفيين مختلفين في منطقتين مختلفتين بعد أن عرفنا أن جين BRCA1 موجود في العائلة.
أردت أن أكون قوياً من أجل جيمي لتتغلب على المرض، فيما لم يكن ذلك سهلاً أبداً، خصوصاً أني كنت الشخص الأول الذي تخبره بمرضها عندما اكتشفت ذلك. لكن في الوقت نفسه، كانت جيمي هي التي جعلتني أبقى قوياً من تلك اللحظة لأقف بجانبها وأدعمها بكل ما أوتيت من قوة. كان صراعاً قاسياً، لكن ما جعلني أصبر أكثر عزم جيمي وتصميمها على التغلب على المرض.
حملة إيستيه لودر للتوعية ضد سرطان الثدي
تتعاون حملة التوعية حول سرطان الثدي BCA التي تطلقها مجموعة شركة إيستيه لودر ومؤسسة أبحاث سرطان الثدي BCRF التابعة لها في كل عام لتحقق هدفاً مشتركاً هو إيجاد عالم خالٍ من سرطان الثدي من خلال رفع مستوى الوعي وجمع التبرعات لتمويل برنامج المنح البحثية في مؤسسة أبحاث سرطان الثدي الداعم لأهم أبحاث سرطان الثدي الواعدة في العالم.
وقد أطلقت مجموعة شركات إيستيه لودر Estee Lauder حملة التوعية حول سرطان الثدي عام 1992 مع ابتكار الشريط الوردي الذي أصبح رمزاً عالمياً لصحة الثدي.
عام 2014 تلتزم حملة «معاً نحن أقوى» لهذا العام هذه الرسالة لتحقيق أهدافها فتشجع الرجال والنساء على العمل معاً تكريماً لكل من واجه المرض فتدعو كل من أثّر المرض في حياتهم ليشاركوا الآخرين قصصهم الشخصية التي تشكل مثالاً يشجع آخرين على التحدث بحرية كبرى، إلى جانب الاستمرار بدعم الأبحاث لإنقاذ المصابين.
جيمي من السيدات اللواتي شاركن في الحملة من خلال تجربة مميزة مع المرض تمكّنت بعدها من مواصلة حياتها مع عائلتها.
سرطان الثدي في حقائق
- يعتبر سرطان الثدي ثاني أكثر الأمراض السرطانية انتشاراً في العالم.
- عام 2012 تم تشخيص حوالي 1،7 مليون إصابة بسرطان الثدي لدى النساء في العالم، أي ما يوازي نسبة 12 في المئة من سكان العالم.
- يشكل سرطان الثدي معدل 1 من 4 من حالات السرطان التي يتم تشخيصها بين النساء في العالم.
- يتضاعف خطر الإصابة بسرطان الثدي بوجود قريبة واحدة من الدرجة الأولى أي أم أو اخت أو إبنة مصابة بالمرض. أما في حال وجود قريبتين من الدرجة الأولى، فيزيد خطر الإصابة إلى 3 أضعاف.
- هناك أكثر من 6،3 ملايين ناجية من مرض سرطان الثدي في العالم.
- يعتبر سرطان الثدي أكثر الأمراض السرطانية انتشاراً بين النساء في أكثر من ثلاثة ارباع البدان التي تم تقويمها (140 بلداً من 184).
- تعتبر المرأة أكثر عرضة للإصابة بسرطان الثدي لكن الرجل قد يصاب به أيضاً. علماً أن حوالي 1 من 5 من الرجال المصابين بسرطان الثدي لديهم قريب أو قريبة مصابة بالمرض.
في مواجهة سرطان الثدي
شهادة ميرنا حب الله
ليس سهلاً على أي امرأة أن تتقبل إصابتها بسرطان الثدي. فإلى جانب المخاوف التي تتكون لديها حول المرض وخطورته واحتمال تطوره، تتأثر أنوثتها به. هواجس كثيرة تتملك المرأة مع إصابتها بسرطان الثدي فيقلب عالمها رأساً على عقب وغالباً ما تعتبر هذه المرحلة التي تمر فيها مرحلة انتقالية تبدل حياتها وشخصيتها ككل.
السيدة ميرنا حب الله واجهت المرض وعاشت هذه التجربة كأي امراة أخرى أصيبت بسرطان الثدي، لكن اللافت أنها تمكنت من مواجهته بشجاعة كبرى بحيث انه لم يتمكن من تحطيمها بل على العكس جعلها أكثر قوة فانطلقت من التجربة التي عاشتها بإيجابية لتساعد نساء أخريات يمررن بالتجربة نفسها من خلال انضمامها إلى الجمعية اللبنانية لمكافحة سرطان الثدي.
اليوم تتحدث ميرنا عن تجربتها بهدوء تام فيبدو أنها مرت في حياتها بإيجابية تامة دون أن تؤثر عليها وعلى نظرتها إلى الحياة، بل على العكس استفادت من هذه التجربة لتساعد أخريات هن بأمس الحاجة إلى هذه المساعدة.
كثر ممن أصبن بسرطان الثدي، يشرن إلى أنهن اكتشفنه بالصدفة وأن اكتشافه شكل صدمة لهن فيما لم يتوقعن يوماً أن هذا المرض يمكن أن يصيبهن. لكن هذه لم تكن حال ميرنا حب الله التي كانت تحرص دائماً وبانتظام على الخضوع الصورة الشعاعية السنوية كإجراء روتيني وضروري لتكتشف المرض في مرحلة مبكرة.
عن هذا تقول: «في العام 2007 كنت في سن 42 سنة وكنت اجري الصورة الشعاعية للثدي كعادتي في كل عام وبشكل روتيني عندما تبين وجود ورم في الثدي. لم أهمل يوماً إجراء الصورة بل كنت حريصة جداً على هذا الأمر.
أخذت خزعة وكانت النتيجة إيجابية أي أني مصابة بسرطان الثدي. رغم أني وجدت صعوبة في التصديق في البداية، تقبلت الامر والله أعطاني القوة اللازمة لأواجه المرض بإيجابية. علماً أني كنت أعي أن إصابتي بالمرض ممكنة كما بالنسبة إلى أي إمرأة، لذلك كنت حريصة على إجراء الفحص الروتيني السنوي. منذ اكتشافي للمرض قررت مواجهته والتغلب عليه بشجاعة وإيمان.
خضعت لجراحة ثم إلى العلاج الكيميائي. مدّني الله بالقوة اللازمة والإيمان لأواجه مرضي فلم أجد أوقاتاً صعبة فيه بكل ما للكلمة من معنى. إلا أن المجهول يبقى صعباً لأننا لا نعرف ماذا ينتظرنا.
فعلى سبيل المثال لم اكن أعلم أني أحتاج إلى العلاج الكيميائي عندما خضعت للعملية لكن بعدها قيل لي إنه ضروري لي، فتقبلت الأمر. علماً أن حرصي على إجراء الصورة الشعاعية السنوية للثدي بانتظام ساعد في اكتشافي المرض في مرحلة أولى، وهذا ما يجب أن تحرص عليه كل امرأة».
العلاج الكيميائي صعب ولكن...
يجد المريض عامةً في العلاج الكيميائي أصعب التجارب التي يمكن المرور بها في المرض نتيجة الآثار الجانبية الناتجة عنه. وبالنسبة إلى مريضة سرطان الثدي تحديداً وللمرأة عامةً تزيد صعوبته نظراً إلى تأثيره على جانب مهم من أنوثتها كالشعر والشكل عامةً. كان من الطبيعي لميرنا أن تتخوف من الخضوع للعلاج الكيميائي الذي لم تكن تعرف مسبقاً حاجتها إليه.
إلا أنها سرعان ما تقبلت الأمر. كأي مريضة أخرى تساقط شعرها فكانت لحظات صعبة ولكنها سرعان ما تخطت الأمر عندما أدركت أن شعرها سيتجدد بعد العلاج وسرعان ما يعود شكلها كما كان قبل المرض والعلاج.
حتى أنها لم تضع شعراً مستعاراً إلا مرة واحدة فلم تشعر بالارتياح وفضلت ان تضع وشاحاً على رأسها فكان يريحها نفسياً ولم تهتم يوماً بنظرة الناس.
تأقلمت جيداً مع هذا الواقع وتعايشت معه، فتؤكد أنها لم تشعر ولو للحظة أنها تفقد أنوثتها كما يحصل مع كثيرات. أدركت انها مرحلة تمر بها وسرعان ما تعود الأمور إلى سابق عهدها. عن هذا تقول: «المرأة تبقى امرأة مهما حصل وهذه تفاصيل يجب عدم التركيز عليها. ثمة تفاصيل كثيرة أخرى يمكن أن توليها المرأة اهتماماً غير مسألة شعرها.
وما ساعدني في تخطي هذه المرحلة بشكل أفضل، وقوف الكل بجانبي من عائلة وأصدقائي وكانت أختي بشكل خاص رفيقتي الدائمة في هذه التجربة».
«كنت أمد زوجي بالقوة ليتقبل مرضي»
قد تشعر المرأة بالضعف في تجربة من هذا النوع، فتشعر بالحاجة إلى مساندة كل من حولها. لكن في حالة ميرنا، لم تشعر ولو للحظة بالضعف بل بقيت قوية طوال فترة مرضها وتعكس قوتها هذه على من حولها.
لذلك تتحدث عن زوجها في هذه المرحلة: «زوجي حساس جداً ولا يعبر عن مشاعره وأحاسيسه بسهولة . قد لا يعبر بالكلمات لكن بطرق أخرى مختلفة.
في تلك المرحلة كان خائفاً فكان يسكت بسبب قلقه علي. وشخصياً لم أكن بحاجة إلى من يقويني بل بالعكس كنت أطمئنه بتأكيدي له أني سأتحسن وأشفى وأتخطى هذه المرحلة.
لذلك لم يتخطَّ هذا القلق إلا بعد أن رآني أتعافى فعاد ينظر إلي بطريقة طبيعية، كما في السابق، لا بنظرة القلق والخوف التي كنت أراها في عينيه طوال فترة مرضي. أما بالنسبة إلى أطفالي وهم ولدان وبنت فكانوا ينظرون إلي بطريقة أخرى.
رأيت العتب في عيونهم عندما قصصت شعري قبل أن يتساقط وعندما سألت ابني عما إذا كان يريدني أنا أو شعري، أجاب أنه يريد الاثنين معاً.
وجدت أن الصبيين تأثرا بمرضي أكثر من ابنتي أو على الأقل بطريقة مختلفة فالفتاة عامةً تعبر عن تأثرها وانزعاجها فكانت تبكي في أحضاني. أما الصبيان فكانا شديدَي التأثر لكن بصمت دون أن يعبرا عن ذلك.
لكن من البداية أصررت على إخبار أولادي بكل التفاصيل عن مرضي وألا أخفي عنهم شيئاً. وساعد العائلة على تخطي هذه المرحلة أني كنت قوية في مرضي ولم أضعف أمامه. فرغم أني كنت أتعب أحيناً بعد العلاج، إلا أني لم أكن أظهر ذلك وبإيماني تغلبت على المرض.
الآن أنهيت العلاج من 5 سنوات أو أكثر بعد خضوعي للعلاجين الشعاعي والهرموني بعد العلاج الكيميائي. وقد تابعت حياتي بشكل عادي وأمارس الرياضة التي لم أتوقف يوماً عن ممارستها، خصوصاً رياضة اليوغا التي كانت تريحني كثيراً في فترة مرضي وأنصح بها كل مريضة لتشعر بالارتياح النفسي. وكما لم أكن خائفة في فترة مرضي لا أخاف الآن من عودة المرض.
والأهم أني أود أن أنصح كل سيدة بأن تفحص نفسها لتعرف جسمها وتلحظ أي تغيّر لتتمكن من كشف المرض في مرحلة مبكرة فيكون العلاج أكثر فاعلية من أجل الشفاء التام. كما أنصحها بالاطّلاع للحصول على المعلومات اللازمة لتحارب مرضها بشكل أفضل».
انطلاقة جديدة لدعم أخريات
«كنت أشعر بالقوة والقدرة على دعم أخريات يعشن التجربة نفسها. على هذا الأساس أسسنا في الجمعية اللبنانية لسرطان الثدي مجموعة دعم. كنا نعرف أن المريضة تتحدث بين الغرباء بشكل مختلف وبحرية كبرى تفقدها أثناء وجودها مع عائلتها.
هي تعبّر بحرية وثقة وشجاعة، من هنا أهمية مجموعات الدعم حيث تتحدث نساء عشن أو يعشن تجارب مماثلة عنها. شخصياً بعد المرض صرت أقوى من السابق بفضل حب من حولي ودعمهم لي، وصرت أفكر بإيجابية كبرى ولا أحزن من أمور وتفاصيل لا أهمية لها.
أحب الحياة أكثر، فيما لم تتغير شخصيتي كما قد يحصل مع البعض بسبب المرض. فقد كان انعكاس هذه التجربة عليّ إيجابياً. لذلك أعطي في الجمعية أكثر فأكثر لأساعد الآخرين لأني أعرف أن من لم يعش تجربة المرض لا يساعد المريض كمن عاش التجربة نفسها. أعرف جيداً قيمة هذه التجربة وصعوبتها وأحرص على مساعدة أخريات على هذا الأساس».
شارك
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1078 | تشرين الأول 2024