تحميل المجلة الاكترونية عدد 1080

بحث

بعد تخرجهن من أكاديمية معتمدة من الهيئة العامة للطيران المدني: سعوديات يقتحمن مجال الطيران ويحصلن على رخص رسمية

 أشواق محمد المرواني

أشواق محمد المرواني

بثينة هشام عمر الباز

بثينة هشام عمر الباز

منال خالد كتبي

منال خالد كتبي

منال خالد كتبي

منال خالد كتبي

في خطوة شكّلت كسراً لاحتكار الذكور عالم الطيران، تمكّنت خمس سعوديات، ضمن تسع فتيات في المجال نفسه بينهن ثلاث سوريات ويمنيّة، من الحصول على رخصة مرحّل جوي، في مؤشر لارتفاع سقف طموحات المرأة السعودية، والالتحاق بالتخصصات العلمية في مجال الطيران، ليعملنَ مساعد طيار للمرّة الأولى على مستوى الخليج والعالم العربي، بعدما أنهين دورة في الترحيل الجوي، وتخرّجن ضمن الدفعة الأولى من إحدى الأكاديميات المتخصّصة في مجال الطيران بجدة. وتمكنت السعودية عائشة جعفري من الحصول على رخصة مرحّل جوي معتمدة نظامياً، فيما أدّت الأخريات الاختبارات التي تشترطها الهيئة العامة للطيران المدني، للالتحاق بزميلتهنّ.  وقال الناطق الإعلامي في الهيئة العامة للطيران المدني خالد الخيبري إن مجال عملهن «لن يعتمد على العمل الميداني الذي يعارض طبيعتهن البشرية كنساء، بل سيعملن في بيئة منفصلة ومهيأة لمد قائد الطائرة بالمعلومات الضرورية قبل الإقلاع». «لها» التقت عائشة جعفري التي حدّثتنا عن خوضها هذه التجربة، ومدى اقتناعها بالخطوة التي أقدمت عليها، ملقية الضوء على توجه السعوديات إلى مجال الطيران، والالتحاق بتخصصات دقيقة وحساسة، كما التقت مساعدة المدير العام والناطقة الرسمية لأكاديمية رواد الطيران منال خالد كتب.


عائشة جعفري: أعلم أين وضعت قدمي ومستقبل الطيران في السعودية سيشهد تطورات كبيرة

من هو المرحّل الجوي؟
المرحّل الجوي وظيفة مهمة تحتاج إلى دقة وتركيز نظراً إلى صعوبة المجال. هو الشخص المؤهل والمجاز له قانونياً اتخاذ قرار السماح بإقلاع الطائرة، بعد أن يدرس كل المعلومات الفنية للرحلة وتجميعها، وتجهيزها لقائد الطائرة قبل الإقلاع.

دفعها حبها وشغفها للعمل في مجال الطيران إلى الالتحاق في أكاديمية رواد الطيران في جدة  وإنهاء درجة الدبلوم، والآن تعد عائشة أحمد جعفري أول سعودية حائزة رخصة هيئة الطيران في الترحيل الجوي، أو ما يُعرف بالـ  Dispatcher وفي حديث خاص معها، قالت: «تمكنت من الحصول على الرخصة، بعدما اجتزت اختبارات الهيئة العامة للطيران المدني». وتضيف: «ثقافة المجتمع ضعيفة حول هذه المهنة، فهو يعتبر صاحبها جندياً مجهولاً يتصل مباشرة بكابتن الطائرة، ويبقى الكابتن هو الحلقة الأهم في حركة الطائرة ولكن يسانده من الجانب الآخر الكثير من المساعدين، من بينهم المرحّل الجوي الذي يقوم بإعداد كامل «خطة للطيران» فيجهّزها قبل ساعات من بداية الرحلة التي تختلف بحسب الشركات، فهناك الشركات الكبرى والمجدولة مثل الخطوط السعودية وطيران ناس، فتوضع خطة الطيران بنظام وزمن محدد مُسبقاً، ويدور نقاش بين كابتن الطائرة والمرحّل الجوي حول بعض النقاط في الخطة في اجتماع ما قبل الإقلاع. ومن الجهة الثانية نجد شركات الطيران الخاصة غير المجدولة ونجد أنه في أي وقت قد يحتاج الكابتن أو المُشرف إلى إعداد خطة طيران حسب نوع الطائرة، ويتطلب من المرحّل إعداد خطة طيران وفق ما يطلب منه، وقد تكون قبل ساعات فقط من إقلاع الطائرة، فالأمر ليس معقداً، ولا يحتاج إعدادها فترة طويلة قبل موعد الرحلة».
وأشارت إلى أن هذه الخطة تُعد «لجميع الرحلات سواء داخلية أو دولية وطويلة، أو إذا كانت في الطائرات الصغيرة الخاصة أو في طائرات Airbus أو Boeing، للشركات الكبيرة. ويختلف الأمر بحسب تخصص المرحّل الجوي بنوع معين من الطائرات، «وأنا تدرّبت على  طائرة على نوع بوينغ 777».
وأرجعت السبب الذي دفعها إلى الالتحاق المجال الطيران إلى أن «الخيارات أمام السعوديات محدودة جداً، ولهذا بمجال دور كبير في المجتمع، إضافة إلى أن الامتيازات التي يحصل عليها المرحّل الجوي جيدة جداً». وقالت إن علم الطيران «علم جديد، قابل للتطور يومياً، وأنا أعلم جيداً أين وضعت قدمي ولم أندم على هذه الخطوة، فالمستقبل سيشهد تغييرات كبيرة في المجالات المتاحة للمرأة في السعودية ومن ضمنها الطيران. كما أن التقبّل الذي لمسته لدى أفراد المجتمع خصوصاً من الذكور أثناء تدريبي لدى بعض الشركات الخاصة مشجعة، ووجدت الدعم والاحترام من كل الموجودين في القطاع».

وعن تقبل عائلتها أوضحت جعفري أن والدها «في بداية الأمر، لم يتقبل هذه الفكرة بسبب خوفه من دخول معترك الحياة العملية في المطارات»، وكونها «فتاة» وبسبب نظرة المجتمع إلى هذا العمل لكن عندما شرحت له طبيعة عملها، رحّب كثيراً بهذه الخطوة، وبادرت والدتها بتشجيعها دون تردد. وختمت: «أعتقد أن دعم أسرة الفتاة هو الركيزة الأولى في تقدمها ونجاحها في كل خطوات حياتها، فالمرأة السعودية امرأة جبارة وقادرة، وتستحق أن تُمنح الثقة لتخوض كل المجالات التي تتناسب مع طبيعتها و شريعتها».


خالد الخيبري: سيعملن في بيئة منفصلة ومهيأة لمد قائد الطائرة بالمعلومات الضرورية قبل الإقلاع

ذكر المدير العام للعلاقات العامة والإعلام والناطق الإعلامي للهيئة العامة للطيران المدني خالد عبد الله الخيبري أن هناك «جهات خاصة تعمل على تدريب السعوديين والسعوديات على بعض الوظائف في مجال الطيران، كدعم مساند لشركات النقل الجوي، سواء في الخدمات الأرضية أو في الأمور الملاحية، وتبقى غالبية أعمال الطيران مثل الخدمات الأرضية في العمليات والساحات ميدانية، وبالتالي هي أعمال لا تتناسب مع طبيعة النساء. ومتى توافرت لهنّ وظائف مناسبة، سيتم توظيفهن بحسب الأنظمة الشرعية المتبعة في السعودية، وسيعملن في بيئة منفصلة ومهيأة لمد قائد الطائرة بالمعلومات الضرورية قبل الإقلاع وبعيداً من الاختلاط بالذكور». واعتبر ذلك مؤشراً إلى دخول الفتاة السعودية العمل في مثل هذه التخصصات العلمية والدقيقة والحساسة في مجال الطيران.


توجّه السعوديّات  إلى مجال الطيران

قالت مساعدة المدير العام والناطقة الرسمية لأكاديمية روّاد الطيران منال خالد كتبي: «تأسست الأكاديميّة قبل ست سنوات، وتهتم بمجال الطيران في شكل عام. وتمنح دروساً تتعلق بالدراسة الأرضية للطيران الخاص، والطيران التجاري والتعريف بالأجهزة الخاصة في هذا المجال».
وتقدّم الأكاديمية دورات متعددة من بينها دورة المرحّل الجوي، والحاصلين فيها على اعتماد من هيئة الطيران المدني للرجال والسيدات. ولفتت كُتبي إلى أن «الأكاديمية خرّجت عام 2013 أول دفعة من الفتيات من دورة المرحّل الجوي للسيدات.
وأشارت إلى أن فترة التدريب «تستمر ثلاثة أشهر، ثم تحصل الفتاة على رخصة من هيئة الطيران المدني، بعد اجتيازها اختبارات محددة، ثم تستطيع العمل في أي شركة من شركات الطيران. إضافة إلى أن يكون عمر المتدربة قد تجاوز 21 سنة، ومستوى اللغة الانكليزية لديها ضمن المستوى الرابع».
وأوضحت كتبي أن «غياب الخلفية الصحيحة عن هذا المجال، جعلت الكثيرات يترددن في دخول عالم الطيران ومن خلال عملي في الأكاديمية وجدت إقبالاً كبيراً من السعوديات على التعلم والاستمرار في أخذ الدورات والحصول على رخص لممارسة هذا المجال الجديد على السيدات في شكل عام. كما أن هناك عقبات الكلفة المادية للبعض، خصوصاً أن دراسة الطيران مُكلفة جداً، فالطيران التجاري أو العادي تصل تكاليفه إلى 50 ألف دولار. كما أن دورة المرحّل الجوي تصل كلفتها إلى 30 ألف ريال سعودي، فلا بد أن تتوافر المادة لمن ترغب في دخول هذا المجال».


سمية حكمي: عدد السعوديات اللواتي يتقدمن لدراسة هذا المجال كبير جداً

من جانبها قالت موظفة خدمة العملاء في أكاديمية رواد الطيران وإدارة التدريب لدورة المرحّل الجوي سمية حكمي إن القسم النسائي في الأكاديمية «بدأ منذ خمس سنوات وكان عدد الفتيات آنذاك قليل جداً، إلا أن الفكرة حول هذا المجال بدأت تتضح أمام الكثيرات، إلى أن وصلنا إلى ما نحن عليه. وأود الإشارة إلى أن عدد السعوديات اللواتي يتقدمن لدراسة هذا المجال، كبير جداً».
ولفتت إلى أن «عدد السعوديات اللواتي تخرجن في الدفعة الأولى من الأكاديمية وصل إلى خمس سعوديات من أصل تسع فتيات من جنسيات مختلفة، وجميعهن اجتزن اختبارات هيئة الطيران المدني وحصلوا على رخصهن». مؤكدة أن «التواصل بين الأكاديمية والمتخرّجات، لا يزال قائماً، وأنا المسؤولة عن إيجاد فرص عمل لهن، من خلال شركات الطيران التي تبحث عن فتيات في مجال المرحّل الجوي. ومجال التوظيف يكون في المطار وشركات طيران أخرى في السعودية على سبيل المثال لا الحصر كالشركات القطرية، أو الإماراتية، فأي شركة تتوافر لديها فرصة عمل، أقوم بإرسال البيانات للفتاة، ثم يبدأ التواصل بينها وبين الشركة الراغبة بتوظيفها».


فتح أبواب جديدة للفتيات في مجال لم يعد حِكراً على الرجال

في توجه جديد لطالبات المرحّلة الثانوية في مدارس الفتيات في جدة، تسعى أكاديمية رواد الطيران، إلى إعطائهن محاضرات تعريفية عن الدورات التي تقدمها الأكاديمية، للراغبات في دخول هذا المجال. وعن هذا تقول كُتبي: «التركيز على طالبات المرحّلة الثانوية رغبةً منا في تغيير ميولهن وفتح أبواب جديدة أمامهن في مرحّلة الدراسة الجامعية، وتعريفهن أن هذا المجال لم يعد حكراً على الرجال هي خطوة بدأنا العمل عليها».


وخلال زيارة الأكاديمية، التقت «لها» عدداً من طالبات المرحّلة الثانوية، وتحدثت معهن.

- فقالت وجدان بن سليمان (18 سنة) أن شغفها في معرفة طريقة سير الرحلات الجوية وما يحدث في مقصورة الكابتن، كانا الدافع الأساسي لذهابها إلى الأكاديمية، مضيفة: «كنت أعتقد أن قيادة الطائرة مشابهة لقيادة السيارة، والكابتن عليه أن يتسلّم مقود الطائرة طوال وقت الرحلة، وهذا ما غيرته المعلومات التي حصلت عليها من خلال زيارتي. وسأضع احتمال دراسة الطيران من بين الاحتمالات التي سأسعى لتحقيقها بعد تخرجي من المدرسة، لأن الفكرة أعجبتني كثيراً، خصوصاً أنه مجال جديد للسعوديات».
- الطالبة بثينة هشام عمر الباز (19 سنة) إن زيارتها الأكاديمية غيّرت مفاهيم كثيرة لديها «فكنت أعتقد في البداية أن الكابتن هو المسؤول عن قيادة الطائرة من الألف إلى الياء، لكن اليوم صرت أعرف أن هناك كابتن آخر، يوفر له خطة سير الرحلة من خلال إعطائه توجهات، ليسير عليها أثناء رحلته سواء داخلية أو خارجية. ومن المعلومات التي استمتعت بها هي تعريف الصندوق الأسود داخل الطائرة، الذي يقوم بتسجيل كل الأحداث التي قد يُستفاد منها لاحقاً في حال حدوث حادث للطائرة. إضافة إلى شرح موسع عن هبوط الطائرة، والآلية الصحيحة التي يجب أن يتبعها الكابتن ليصل بالمسافرين إلى بر الأمان».
ولفتت إلى أن وجودها في الأكاديمية هو بغرض «الحصول على معلومات فقط، ولكني لن أقوم بخوض مجال الطيران نظراً إلى عادات المجتمع السعودي وتقاليده، كما أنني أخشى المرتفعات، فأنا أفضل أن أتخصص في مجال آخر غير الطيران».
- وقالت الطالبة أشواق محمد المرواني (18 سنة) أن سبب زيارتها الأكاديمية رغبة منها في تعلم أشياء جديدة «رغبت في التعرف إلى معلومات جديدة، حتى وإن لن أخوض هذا المجال كمهنة في المستقبل. ومن أبرز المعلومات الجديدة التي حصلت عليها من خلال المحاضرة التعريفية التي قدمتها رواد للطيران، هي أن الكابتن لديه ساعد أيمن، يعمل على تقويم الرحلة ووضع جدول سير لها، وهو ما يعرف بالمرحّل الجوي، الذي يشارك كابتن الطائرة المعلومات التي يقدمها له. أتمنى أن أخوض هذا المجال كدراسة، وتطبيق على أرض الواقع مستقبلاً، لكني أخشاها في الوقت نفسه، فهي مسؤولية كبيرة جداً، لكني سأسعى لكسر حاجز الخوف داخلي يوماً ما».

 

المجلة الالكترونية

العدد 1080  |  كانون الأول 2024

المجلة الالكترونية العدد 1080