تحميل المجلة الاكترونية عدد 1079

بحث

بعد فوز باتريك موديانو بجائزة نوبل... متى ينال كاتب عربي شرف الإنضمام الى اسم نجيب محفوظ؟

بعد إعلان فوز الفرنسي باتريك موديانو بجائزة نوبل في الأدب لهذا العام، برز مجدداً سؤال: متى يفوز بالجائزة نفسها كاتب عربي لينضم الى نجيب محفوظ الذي نالها عام 1988؟ خصوصاً بعد أن تكرر في وسائل إعلام عربية طرح اسم أدونيس وربما آسيا جبار، باعتبارهما مرشحين "بقوة" لنيل ذلك الشرف.  

يقول الشاعر والمترجم المصري محمد عيد ابراهيم: حصول نجيب محفوظ على جائزة نوبل كان لضرورات سياسية جنب الضرورات الإبداعية، فمع أن نجيب محفوظ روائي عربي رائد، إلا أنهم وضعوا جنب ذلك للأسف تأييده لمعاهدة السلام المصرية الإسرائيلية، لكن المركزية الأوروبية عودتنا دائماً على تركيزها على رموزها ومحاولة وضع رموز جديدة وإن كانت متهافتة، فالسنين الأخيرة في عمر الجائزة لم تعد تقدم نماذج باهرة فنياً، بل نماذج ترضى عنها تلك المركزية الأوربية أو أنها تنخرط ضمن السياق الأوروبيّ بدرجة أو بأخرى، وهو ما جعلها تختار هذا العام أيضاً روائياً فرنسياً وتضرب صفحاً عن أي روائيّ آخر سواء كان إفريقياً أو عربياً.

كما أن العرب - يضيف ابراهيم- لم تعد لهم قائمة منذ معاهدة السلام، بل تتدهور أحوالهم يمينا ويسارا، حيث تضعهم أميركا ومركزية أوروبا في صراع حتى مع أنفسهم، حتى يتخلوا عن فكرة محاربة الآخر العدواني الزنيم المزروع وسطهم! ولذلك لم تعد لهم أهمية تذكر في صناعة التاريخ العالمي، صاروا وراء التاريخ، في ذيل قائمة العالم.

ويرى ابراهيم أن ذلك لا ينفي أن هناك في العرب أسماءا كثيرة تستحق هذه النوبل، على رأسها أدونيس، فالرجل قامة كبيرة شعرياً ونقدياً، مهما اختلفنا أو اتفقنا معه، وغيره كثيرون، وأعتقد أننا لا يجب أن نعوّل كثيراً على الجائزة في تكريس مبدعينا، فهناك وسائط أخرى لتكريسهم والدعاية لهم، علينا أن نبحث عنها مع أننا فاشلون حتى الآن في كلّ شيء، ضمن مجتمعاتنا وضمن عوالمنا الصغيرة، فالإرهاب لا يزال موجوداً، سواء كان إرهاب الدولة أو إرهاب الجماعات المتطرفة أو حتى إرهاب الفرد العادي تجاه أخيه قبل الآخر، وأرى أن العداوات السطحية بين المثقفين تكفي لوضع غطاء كاف على ما يبدعون، فلماذا يهتم بهم الآخر وهم كلهم (دواعش) ضد بعضهم البعض!


اعتبارات سياسية!

ومن جانبها ترى أستاذة النقد الأدبي بأكاديمية الفنون د.أماني فؤاد أن هناك اعتبارات سياسية وتوازنات أدبية تتحكم في نيل جائزة نوبل، وربما أن الظرف السياسي العالمي الآن لا يكترث بهذه المنطقة ثقافياً.

وتضيف أنه رغم وجود مبدعين عرب شعراء وروائيين كبار ولهم منجزهم الأدبي المميز الذي أضاف إلى الحضارة البشرية وانشغل بالهم الإنساني العام وواكب تغيرات جمالية مميزة، إلا أن نتاجهم لم ينل تألق أعمال نجيب محفوظ، واختلف السياق السياسي والثقافي عن لحظة حصول صاحب "أولاد حارتنا" على نوبل.

وتستطرد فؤاد قائلة: هذا السياق على اختلافه كان يستدعي من القائمين على الجائزة أن ينتقوا مبدعا له أفكاره الجريئة إنسانياً وسياسياً ليبرزوا أن في تلك المنطقة المتوترة من العالم هناك فكر وعلم وجمال إنساني متحرر يناقض ما يصدر من تلك الجغرافيا والثقافة من إرهاب وقطع رقاب وتكفير.

وتذهب د. أماني فؤاد إلى أن: "ما تمور به المنطقة من متغيرات وتوجسات سياسية وإرهابية وتغير أنظمة، ربما كان هو ما يجعل أهلها في حالة انتظار لتكشف الحقائق والقوى ووجود أدب يواكب هذه المتغيرات ويعبر عن المخاض، والمؤكد هو أن حركة ترجمة الأدب العربي ليست كافية للتعريف به في صورته الجلية، ثم أنه ليس من الضروري أن ننتظر كل عام جائزة نوبل وهي موزعة على المنتج الثقافي والأدبي للعالم كله".


صامدون!

وكتب التونسي كمال العيادي على "فيس بوك": "موديانو يستحقها رغم أنه كان في ترتيب متأخر ولم يتوقعها له أحد هذه السنة لكثرة المتنافسين الذين يفوقونه قيمة فنيّاً وإبداعياً، ورغم أننا كنّا نتمناها لعربي ولأدونيس تحديداً. لا يهمّ.
السنة القادمة يتحصّل عليها أدونيس. نقول هذا منذ ربع قرن، ولن نتعب. صامدون، وستأتي حتماً وسينالها عربي".

وأضاف: "إذا لم يحصل ذلك خلال السنوات العشر المقبلة، فبحول الله سأجرجر تلك الجائزة من قرنيها إلى الحوش التونسي. سنثبت لهم أننا لسنا بالونات هواء ولسنا باعة حكايات وسرد مصاب بالسيلان وجريان الجوف وكتابات محليّة درجة عاشرة".


"مجهولات"

ويذكر أن دار "ميريت" القاهرية أصدرت رواية "مجهولات" لباتريك موديانو عام 2006 بترجمة رنا حايك التي ذهبت في مقدمة تلك الترجمة إلى أن تلك الرواية هي عن "نساء من غير قصة حقيقية. مجهولات بالنسبة إلى الآخرين وبالنسبة لأنفسهن أيضاً، يحاولن جاهدات من مرحلة الطفولة إلى عالم الراشدين، الفرار من واقع ممل إلى مستقبل غير أكيد".

ويعتبر موديانو أحد أهم كتاب فرنسا، نشر روايته الأولى؛ "ميدان النجم" وهو فى الثالثة والعشرين، ثم حصلت رواياته على أهم الجوائز الأدبية فى فرنسا وخارجها. ولد باتريك موديانو، في باريس عام 1945، من أب إيطالي وأم بلجيكية، تعارفا وتحابا في باريس زمن الاحتلال، وعاش طفولة غير مستقرّة بسبب غياب الأب، وجولات الأم التي كانت تعمل ممثلة سينمائية كثيرة التنقل والسفر، كما أن موت شقيقه "رودي" خلَّف جرحاً غائراً في نفسه.

وإضافة إلى روايته "مجهولات"، نشر موديانو خلال اربعين عاما نحو عشرين رواية  منها "دائرة الليل، شوارع الزحام، شارع الحواديت المعتمة، مسألة نسب، في مقهى الشباب". وصدر له من هذه الأعمال في القاهرة "مجهولات" عن دار "ميريت"، و"شوارع الحواديت المعتمة"، عن دار "الهلال". 

المجلة الالكترونية

العدد 1079  |  تشرين الثاني 2024

المجلة الالكترونية العدد 1079