تحميل المجلة الاكترونية عدد 1079

بحث

كاملة أبو ذكري: زيارة السجن أرهقتني لكنني استفدت منها

بعد نجاحها الكبير في مسلسل «ذات»، وضعت أمامها كلمات المخرج الراحل يوسف شاهين عندما قال لها: «لو نظرنا إلى ما قدمناه على أنه شيء ناجح ستكون النهاية». ولهذا نسيت نجاح «ذات» وبحثت عن نجاح آخر، وحققته بالفعل هذا العام في «سجن النسا».
المخرجة كاملة أبو ذكري تكشف لنا كواليس هذا المسلسل، ولماذا كانت هناك استحالة لتصويره داخل سجن النساء الحقيقي. وترد على هجوم البعض عليه، وتعترف بأنها تمنت تصنيفه للكبار فقط.
كما تتكلم عن علاقتها بأبطاله نيللي كريم وأحمد داود وروبي، والتهنئة التي أرسلتها لها فاتن حمامة، وتكشف لنا أيضاً موقفها من اتجاه ابنتها إلى التمثيل.


- ما الذي جذبك في مسلسل «سجن النسا» لتقديمه بعد نجاحك في مسلسل «ذات» العام الماضي؟
سيناريو المسلسل كتبته المؤلفة مريم نعوم بشكل مميز للغاية، بالإضافة إلى تعاوني مع شركة إنتاج كبرى هي العدل جروب، ووجود نيللي كريم معي حمسني بشدة لتقديم المسلسل، علماً أن مجتمع السجن والسجانات كان يشغل خيالي لأقدمه في عمل فني.

- هل اقتربت من هذا المجتمع قبل تقديمك للعمل؟
بالتأكيد، كما أنني لم أهتم فقط بتقديم مجتمع السجّانات، بل أيضاً مجتمع الإجرام بشكل عام، سواء المرأة التي قتلت أو التي تعمل بالدعارة أو تجارة المخدرات، وكانت هي المرة الأولى التي أقدم فيها ذلك، وأحسست أنني بعد تقديمي أعمالاً فنية اجتماعية مثل فيلمي «ملك وكتابة» و«عن العشق والهوى» ومسلسل «ذات»، سأقدم تجربة مختلفة تماماً في مسلسل «سجن النسا».

- ألم تشعري بأنها كانت مغامرة فنية كبيرة أن تقدمي هذا المجتمع في رمضان على شاشة التلفزيون؟
علمت أن ذلك تحدٍ كبير لي في مشواري الفني، أن أتحدث عن عالم مختلف مثل السجانات والسجينات وما يدور وراء القضبان وسلوكيات هذا المجتمع أيضاً، وكان ذلك فرصة مميزة لي، والحمد لله أنها مرت على خير ونالت إعجاب الجمهور.

- هل صحيح أنه تم بناء ديكور ضخم خصيصاً لهذا العمل؟
بالطبع ، وأشكر العدل جروب على توفير ميزانية ضخمة للمسلسل. بُني سجن كامل بمدخله وعنابره... وأقولها بصراحة شديدة، كنت في أي عمل فني أبذل مجهوداً كبيراً لإقناع المنتجين بوجهة نظري وتفكيري في بداية العمل الفني، حتى أن طاقتي كانت تستنزف في إقناعي لهم، لكن لم أجد أي صعوبة مع المنتج الكبير جمال العدل في تنفيذ أي فكرة أو طلب لي في «سجن النسا».

- من الصعب على أي منتج الموافقة بسهولة على هذه الأفكار المكلفة مادياً ومعنوياً، فكيف استطعت ذلك؟
كانت مجازفة كبيرة منا جميعاً، لأننا لم نكن نتوقع أبداً نجاح المسلسل بهذا المستوى، بمعنى أن المنتج كان يمكن أن يخسر جميع أمواله التي أنفقها في هذا العمل، لكنه كان مؤمناً بأننا سنقدم عملاً فنياً مميزاً.
وبصدق شديد كان ينتابني قلق كبير، إلى درجة أنني كنت خائفة أن يشتمني الجمهور عندما يرى المسلسل، وقمت بالفعل بإغلاق صفحتي على موقع التواصل فيسبوك بعد عرض أولى حلقات المسلسل، من شدة خوفي من رد فعل الناس وقتها، والحمد لله وجدت ردود أفعال لم أتوقعها أبداً بعد عرض الحلقة الأولى.

- ما سبب كل هذا القلق بداخلك رغم نجاحك العام الماضي في مسلسل «ذات»؟
«ذات» كان عملاً يتحدث عن مصر في السنوات الماضية، أما «سجن النسا» فهو عمل فني مختلف في الشكل والمضمون، ولم يقدم مثله في الدراما التلفزيونية سابقاً، لذلك كنت أقول: إما أن يحبه الناس كثيراً أو يكرهوه تماماً ولن يكون هناك وسط بين الاثنين أبداً.

- ألم تخفّ درجة هذا التوتر بعد عرض بعض الحلقات؟
وجدت بعض الأشخاص يقولون لي إن المسلسل مميز بعد مشاهدتهم للحلقة الأولى، وكنت سعيدة جداً بذلك، لكن لم تقل درجة قلقي أبداً، لأنني توقعت أنهم يجاملونني لأنهم قريبون مني، وقلت لنفسي: من يريد أن يشتمني فليفعل، المهم أن أقدم شيئاً أحبه في الأساس ويرضيني فنياً.

- ما سبب عدم تصويرك مشاهد المسلسل في سجن القناطر حتى تظهر المشاهد واقعية بدرجة أكبر؟
كان ذلك مستحيلاً تماماً، لأننا عندما ذهبنا لتصوير بعض المشاهد في سجن القناطر تعبنا جداً لمدة ثلاثة أيام، وكانت مسؤولية كبيرة جداً على الأشخاص الذين يسهلون لنا دخول السجن للتصوير فيه، لا سيما أن بعض الممثلات كن يرتدين «جلابيب بيضاء» مثل السجينات الموجودات في سجن القناطر، مما كاد يؤدي إلى هروب بعض المسجونات، وكانت هناك خطورة كبيرة في هذا الأمر. وكانت مسألة صعبة للغاية أن نكون في السجن أشهراً عدة حتى ننتهي من تصوير المسلسل، إلى درجة أننا صوّرنا مشاهد المسلسل لأكثر من شهرين داخل ديكور السجن، ولم يكن سهلا أبداً أن نفعل ذلك في سجن القناطر.

- هل صحيح أنك كنت تزورين السجن يومياً وقتها؟
كنت أذهب مراراً لأتعرف على طريقة تعامل السجينات والسجانات وسلوكيات هذا المجتمع، وكان ذلك مرهقاً جداً لي، لكنني كنت أستفيد بمعلومة جديدة في كل مرة أذهب فيها.

- ألم تتعرضي لبعض المضايقات في تلك الزيارات؟
حدثت لي مشكلة مرة مع بعض السجينات اللواتي ينتمين إلى جماعة الإخوان المسلمين، فحدثت مشادة كلامية عنيفة بيننا، لكن خرجت منها بسلام، لا سيما أنني خرجت عن شعوري لأول مرة في حياتي بسبب قلة أدبهن.
وكنت ذاهبة إليهن في الأساس بنية حسنة، كنت أريد أن أتحدث معهن وأتناقش معهن بالعقل عن انتمائهن إلى هذه الجماعة، فوجدتهن يتطاولن بألفاظ سيئة.

- هل ترين أن وجود نيللي كريم كبطلة للمسلسل ساهم في تحقيق هذا النجاح الكبير بعد نجاحها في «ذات» رمضان الماضي؟
بالطبع نيللي كريم أضافت كثيراً إلى المسلسل بأدائها الرائع وإحساسها الصادق الذي وصل إلى قلوب الناس. وفي النهاية نحن فريق عمل وكلنا يجب أن نتعاون لنظهر أفضل ما عندنا، فالمخرج مثل المايسترو يحتاج إلى وجود عازفين مهرة.

- ما سبب تكرار تعاونك مع نيللي كريم والمؤلفة مريم نعوم في أكثر من عمل؟
لأنهما موهوبتان وملتزمتان أيضاً في عملهما وثمة لغة تفاهم كبيرة بيننا، رغم أنه في فترة معينة كان بعض الأشخاص يحاولون الإيقاع بيني وبين مريم نعوم بلعبة «الأنا»، بمعنى أنهم يحاولون أن تشعر أي منّا بأنها أهم من الأخرى فتحدث وقيعة بيننا، لكن لم يستطع أي شخص الإيقاع بيننا لأننا قلنا لنفسينا: إذاً اختلفنا لن نقدم عملاً فنياً مميزاً معاً للناس.

- هل كانت نيللي كريم مطيعة لك في التصوير أم تتعامل كنجمة؟
الأمر ليس طاعة فقط أو فرض وجهة نظر معينة لي على الممثل، لأننا لسنا في مدرسة يجب أن نطيع جميع الأوامر، لكن يمكن أن أقول شيئاً لممثل فيقول لي إنه لا يحسها بدرجة كبيرة أثناء أداء المشهد، لذلك لن أستطيع أن أفرض عليه تفكيري، لكن مع نيللي لم أتعب أبداً، لأنها تفهمني كثيراً وتعرف ما الذي أريد تقديمه على الشاشة، وأنا أفهمها أيضاً عندما أشعر أنها لا تستطيع تأدية مشهد معين أو لم يصلها إحساسه أو منزعجة منه، وذلك يحدث أيضاً مع باقي أبطال العمل الفني.

- البعض هاجم المسلسل لكونه يحمل مشاهد عنف وحرق وقتل قاسية بالنسبة إلى المشاهد في رمضان، ما تعليقك؟
كنت مع فكرة تصنيف المسلسل لـ«الكبار فقط» على التتر، لأنني أرى أن «سجن النسا» ليس من الأعمال الفنية التي يمكن أن يشاهدها طفل عمره سبع سنوات، ولا أريد أن أضحك على نفسي في هذا الأمر، لكن ذلك لم يحدث للأسف، لأنه كان يمكن أن يضر بسمعة العمل تسويقياً.
أما لو تحدثنا عن تقديم هذه المشاهد في شهر رمضان، فأرى أن شاشة رمضان يجب ألا تكون لمجرد التسلية. كما أننا نقدم مسلسلاً يحكي عن مجتمع المجرمات، وهؤلاء يرتكبن جرائمهن بالقتل أو الحرق أو الذبح ويشتمن بألفاظ معينة، لذلك الأمر يتعلق بنوعية الشخصيات المقدمة في المسلسل.

- المسلسل تعرض لهجوم أيضاً من بعض السجانات في سجن القناطر بعد عرض حلقاته الأولى باعتباره يسيء إلى صورتهن، ماذا كان رد فعلك؟
كنت أصور وقتها طوال الوقت وبصدق شديد لم أهتم أبداً بهذا الهجوم، لأنني رأيت أنهن بالغن في هذا الأمر، لأننا لم نكن نقصد أبداً مضايقة أي شخص فيهن أو الإساءة إليهن.
أما من ناحية أننا نتحدث عن الفساد الموجود في مجتمع السجانات، فأرى أن كل وسط في المجتمع المصري فيه نوع من الفساد، ولم نقدم شيئاً غير حقيقي، ولا يعني هذا أن كل السجانات مثل شخصية «غالية»، التي يأتيها رجل إلى منزلها وتقيم معه علاقة غير صحيحة، لأنها شخصية ضمن هذا المجتمع ولا تعبّر عن المجتمع ككل.

- هل اختلطت ببعض السجانات أثناء التصوير؟
نعم عرفت بعضهن وأحببتهن رغم انزعاجهن مني بسبب المسلسل، وأقول لهن يجب أن تواجهن أنفسكن في المرآة، لأن هناك أخطاء في مجتمعكن مثلما قدمنا في المسلسل.

- كيف تطورين نفسك فنياً دائماً حتى تستطيعي تقديم صورة إخراجية مميزة لأعمالك؟
أهتم دائماً بمشاهدة الأفلام الأجنبية الجيدة في فرنسا واليابان والبرازيل ولبنان وفلسطين، بالإضافة إلى أن هناك فريقاً في مجال التصوير في عملي الفني ساعدني كثيراً، يضم نانسي عبد الفتاح وبيشوي.

- هل تهتمين بنقل صورة السينما إلى أعمالك التلفزيونية؟
بالطبع، لأنني في الأساس مخرجة سينمائية، فقد أخرجت أربعة أفلام وأصور حالياً فيلمي الخامس «يوم للستات»... رغم أن السينما لا تضيف شهرة كبيرة مثل التلفزيون، أحبها كثيراً.

- من هنأك على نجاح المسلسل؟
هند صبري وهاني خليفة ومحمد ياسين وإلهام شاهين وسمية الخشاب ورجاء الجداوي، كما أبلغتني سيدة الشاشة فاتن حمامة تهنئتها عبر نيللي كريم.

- كيف وجدت العمل مع وجوه شابة في المسلسل مثل أحمد داوود وريهام حجاج؟
كانوا مريحين جداً في التصوير، وكنت أتعامل معهم على أنهم ممثلون موهوبون وليسوا وجوهاً شابة، فكانوا محبين لأدوارهم جداً في المسلسل.
وأحياناً كان ينتابني ذهول من بعض الفنانين أثناء التصوير من أدائهم في بعض المشاهد، فكنت أتعامل معهم بشخصياتهم في المسلسل، مثل «غالية» و «صابر» و»حياة»، وأحسست أنهم يصدقون الشخصيات التي يقدمونها، إلى درجة أن أحمد داوود صديقي جداً على المستوى الشخصي منذ سنوات طويلة، لكن لم أكن أطيقه في التصوير أوقاتاً كثيرة بسبب شدة تقمصه لشخصية صابر الشرير في المسلسل، ولا أنسى أبداً عندما كان يجسد مشهد خيانته لـ»غالية» مع نوارة التي قدمتها ريهام حجاج.

- هل كان للنجوم الذين عملوا معك أي طلبات خاصة سببت لك مشاكل؟
لم تحدث أي مشكلة أبداً من أي فنان فيهم، مثلاً روبي كانت تأتي إلى موقع التصوير وتدخل غرفتها وتجلس تستمع إلى الموسيقى في أذنها قبل بدء تصوير مشاهدها، ولم يطلب أي فنان أموراً مبالغاً فيها أو غريبة، فالكل كان تركيزه على دوره، ولم تكن هناك فرصة لطلبات فيها نوع من الدلع.

- هل يقلقك نجاح «سجن النسا» بهذا الشكل وأنت تختارين عملاً جديداً بعده؟
أبداً لأنني نجحت سابقاً في فيلم «واحد صفر» وحصلت على جوائز عديدة محلية ودولية، وأيضاً فيلم «ملك وكتابة»، ولا أنسى كلمة قالها لي الراحل يوسف شاهين «إننا لو نظرنا لما قدمناه علي أنه شيء ناجح فإنها ستكون النهاية»، لأنني يجب أن أقدم الأفضل دائما ولا أنشغل بما حققته سابقاً. فعندما حقق فيلم «واحد صفر» إيرادات كبيرة في مصر وخارجها شعرت بتوتر شديد حينها، إلى درجة أننا استقبلنا في مهرجان البندقية بحفاوة كبيرة وتحدث عنا الإعلام وقتها، ورغم ذلك لم أتوقف عن استكمال مشواري وتقديم أعمال ترضيني فنياً ومعنوياً وتضيف لرصيدي لدى الجمهور، لأنني رأيت بعض زملائي توقفوا عندما قدموا عملاً ناجحاً ولم يستطيعوا الاستمرار بقوة.

- هل ترين أن نجاح «سجن النسا» فاق نجاح مسلسل «ذات» العام الماضي؟
«ذات» منذ عرض حلقته الأولى حقق نجاحاً كبيراً والجمهور كان يبكي عندما يشاهده، وأدركت أنهم يبكون على مصر التي شاهدوها في العمل وكانت غائبة عنهم، أما «سجن النسا» فحقق مستوى النجاح نفسه ولا أرى أن عملاً فاق الآخر.

- ما هي أحلامك الفنية؟
 أحلم أن أقدم فيلماً استعراضياً من بطولة نيللي كريم وروبي.

- ما رأي ابنتك في «سجن النسا»؟
أعجبها كثيراً وتقول لي «سجن النسا» و«سنة أولى نصب» من أحب الأعمال إلى قلبها.

- هل توافقين على اتجاهها إلى التمثيل؟
أفضل أن تكمل دراستها ثم تقرر ما الذي تريد فعله في حياتها.

- هل تستهويك القراءة؟
أحياناً عندما تجذبني رواية ما.

- وما هي آخر رواية قرأتها؟
رواية «ذات» لصنع الله إبراهيم.

- وما هي الأفلام التي أعجبتك أخيراً؟
أعجبني جداً فيلم «لا مؤاخذة» للمخرج عمرو سلامة.

المجلة الالكترونية

العدد 1079  |  تشرين الثاني 2024

المجلة الالكترونية العدد 1079