نهلة كرم: أكتب وكأني أتكلّم مع نفسي كلاماً ليس للنشر!
«رواية جريئة لموهبة ناضجة لا تهاب مقارعة المحظورات كافة في سبيل الصدق». هكذا يقدم الروائي صنع الله إبراهيم رواية «على فراش فرويد» - دار الثقافة الجديدة، القاهرة- للكاتبة نهلة كرم.
في هذه الرواية تستدعي كرم عالم النفس الشهير سيغموند فرويد (1856 – 1936) إلى حجرتها لتبوح له بما يخيفها في حياتها، ويبدأ التداعي الحر الذي تكتشف فيه البطلة ذاتها من خلاله، وتكتشف عوالمها النفسية التي لم تعرفها من قبل، وليس مجرد عوالم مادية خاصة بالعلاقات الجسدية، على حد تعبير نهلة كرم التي أصدرت أيضا مجموعة قصصية بعنوان «أن تكون معلقاً في الهواء».
- «على فراش فرويد» ماذا تمثل لك بعد «أن تكون معلقاً في الهواء»؟
بالطبع تمثل الرواية تجربة جديدة ومختلفة تماماً عن المجموعة، فبعد أن قدمتني المجموعة للقراء ونالت استحسان كثيرين ووصلت للقائمة القصيرة لجائزة ساويرس، تحمست لاستكمال الرواية التي كنت بدأت فيها، وتشجعت لأنشرها.
أتمنى أن يكون اهتمام القراء بها أكبر من اهتمامهم بمجموعتي الأولى. عموماً أنا متفائلة، لأن قراء الرواية في العالم العربي والغربي عددهم يفوق عدد قراء القصة القصيرة.
- كيف تنظرين إلى إطراء روائي بحجم صنع الله إبراهيم على روايتك، وهل لذلك علاقة بكونه ناشرها؟
أعتبر نفسي محظوظة جداً لأن روائياً كبيراً بحجم صنع الله إبراهيم دعمني في بداية حياتي، وليس الأمر مقصوراً على إطرائه على ظهر الغلاف، فدعمه بالنسبة لي كان أكثر بكثير من ذلك، فأنا أرسلت له الرواية مخطوطة ليقرأها ويبدي رأيه فيها ولم يكن يعرفني مسبقاً، وفوجئت أنه يريد مقابلتي، وحين ذهبت إليه أبدى إعجابه الشديد بالرواية، وأخبرني أنه يريد نشرها في دار الثقافة الجديدة، فدعمه لي لم يكن له علاقة بكونه ناشرها، بل كان قبل ذلك.
- في روايتك جرأة في اقتحام عوالم شديدة الخصوصية بالذات في ما يتعلق بذكورية المجتمع ونظرته إلى المرأة، كيف وأتتك تلك الجرأة؟
حين أكتب أتخيل أنني أكتب شيئاً لن يتم نشره، فتأتيني الجرأة من هذا المنطلق وكأني أتكلّم مع نفسي حديثاً لن يسمعه أحد غيري، وهذا الأمر كان مفيداً جداً بالنسبة لي في أن أتحرر من الرقابة الذاتية التي يفرضها التفكير في رد فعل أناس بعينهم حين يقرأون ما أكتبه، بخاصة الأقارب الذين يرونك دائماً طفلاً ولا يصح أن تتكلم في أمور معينة، أو يتعاملون مع الكتابة على أنها حياة حقيقية ويبدأون في الاستجواب حول صحة بعض الأمور فيها، ومجرد التفكير في هذا الأمر أثناء الكتابة يدمر أي جرأة أو صدق، لهذا لا أفكر في أي أحد وأنا أكتب، وأتخيل أنني أكتب لنفسي فحسب.
- تتكئ رواية «تدريبات على القسوة» لعزة سلطان على بوح امرأة بمكنون نفسها إزاء علاقات حميمة، وهو ما نجده أيضاً في روايتك، هل في هذا توارد خواطر مثلاً، أم أن المجتمع بات مهيأً لاستقبال أعمال كهذه بعدما كان ذلك متعذراً إلى حد كبير في السابق؟
لم أقرأ رواية «تدريبات على القسوة». روايتي ليست مجرد خواطر تدور حول امرأة تبوح بعلاقات، ولا يمكن قراءتها من هذا المنطلق، لأن فكرة الرواية تقوم على استدعاء البطلة لعالم النفس الشهير «فرويد» إلى حجرتها لتبوح له بكل ما يخيفها في حياتها، ويبدأ التداعي الحر الذي تكتشف فيه البطلة ذاتها من خلاله، وتكتشف عوالمها النفسية التي لم تعرفها من قبل، وليس مجرد عوالم مادية خاصة بالعلاقات الحميمة، وأعتقد أنه من الصعب الحكم على المجتمع الآن بأنه مهيأ لاستقبال تلك الأعمال، فالمجتمع لا يزال يتعامل مع المرأة بمنطق «إيه اللي وداها هناك؟» وليس «ماذا فعلوا بها؟».
- إلى أي مدى أفادك عملك بالصحافة في كتابة رواية «على فراش فرويد»؟
استفدتُ كثيراً من عملي القصير في الصحافة وفي مجال الميديا عموماً، فبوجودي داخل هذا الوسط تمكنت من رؤية ومعرفة الناس عن قرب، وساعدني هذا على كتابة أشياء في الرواية بعين من رأى وليس من سمع فحسب.
- بين القصة القصيرة والرواية، أين تجدين نفسك أكثر؟
أجد نفسي في كليهما، فالقصة القصيرة تتيح لي حكي مواقف بسيطة بتكثيف لا تتيحه الرواية، والرواية تتيح لي الدخول في عوالم كثيرة ومختلفة لا تتيحها القصة القصيرة، كل منهما له مميزاته، وفكرة النص هي التي تتحكم في الإطار الذي أكتب فيه، وأتمنى أن تنال القصة القصيرة المكانة التي تستحقها وأعتقد أننا ككتاب علينا دور في هذا.
- هل أنت راضية عن مواكبة النقد لعملك؟
لا أشعر بالرضا الكامل، فلولا وجود مجموعتى القصصية الأولى فى قائمة الأعمال المرشحة لإحدى الجوائز المهمة ربما ما اهتم بها أحد. وبخصوص روايتي الصادرة أخيراً، لم يتح لها بعد الوقت الكافي للتقييم والتحليل النقدي، ولأنني في بداية الطريق ووسط مبدعين كثيرين آمل في ملاحقة نقدية سريعة لأعمالهم، وهذا غير متوافر، كما أتمنى أن يهتم النقاد بأعمال الشباب في فروع الإبداع كلها، وليس فقط الفائزين بالجوائز أو من يتقدمون لها، وأن تفسح المجلات الثقافية والصحف صفحاتها لتقديم نقد تحليلي عن أعمال الشباب حتى يستفيد الكتاب من هذه الآراء النقدية وتساهم في تطورهم.
- الانهماك في جدل حول قضايا أدبية وأخرى سياسية على فيسبوك، هل تعتبرينه منشطاً للإبداع أو معوقاً له؟
فيسبوك وسيلة جيدة للتقريب بين المبدعين والقراء، كما أنه ساهم بشكل كبير في زيادة درجة الوعي لدى الناس، بسبب النقاشات التي كانت تدور حول الموضوعات السياسية، بخاصة بعد الثورة، لكنه للأسف أصبح يستنزف الوقت والعقل في جدل لا أعتبره مفيداً أبداً للإبداع. الإبداع الحقيقي يأتي من الاحتكاك الفعلي بالشارع وليس الجدل على صفحات المواقع الإجتماعية.
- ما هو جديدك هل من عمل أدبي آخر في الطريق؟
لديَّ حماس كبير لبدء مشروع أدبي جديد، بعد أن حققت لي الكتابة أكبر حلم في حياتي وهو السفر خارج مصر، فقد فزت في مسابقة للقصص القصيرة كانت تحت إشراف معهد غوتة في القاهرة، بفرصة السفر للمشاركة في معرض فرانكفورت في ألمانيا، وأحلم بأن أبدأ هناك كتابة رواية جديدة.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1078 | تشرين الأول 2024