تحميل المجلة الاكترونية عدد 1078

بحث

في الكويت: أطفال الشوارع من البدون والذين شرَّدتهم الحروب

في الكويت هناك صنفان من الأطفال الفقراء الذين يبيعون في الشوارع، صنف ثابت ودائم هم من الكويتيين البدون الذين لايحملون الجنسية مع أنهم من مواليد أرضها، والصنف الثاني من الأطفال العرب الذين شرَّدتهم الأزمات والأحداث المأسوية التي تعيشها بلدانهم.


أحمد: نُنهي واجباتنا المدرسية ونذهب للعمل الليلي

في منطقة السلام كان أحمد (9 أعوام) يجلس على الرصيف يبيع البنًك والنقل والترمس. قال: «أنا كويتي بدون ووالدي يعمل براتب ضئيل ويتحمل مصاريف مدارسنا الخاصة وهي تكاليف غالية، وحين نعود من المدرسة أنا وأخي ننهي واجباتنا المدرسية بعد صلاة العصر ونخرج لنبيع ماتطبخه أمي من الترمس والنخي والنقل، أنا في منطقة وهو في منطقة أخرى. ووالدي يظل يتردد علينا. ونظل على هذا الحال صيفا وشتاء».

ويصف أقسى ما يواجهه بقوله: «في الصيف الحر الشديد يؤذينا. أقف أبيع بلا مظلة تحت درجة حرارة تصل إلى 46 وفي الشتاء البرد والمطر. حتى إنني أتذكر إن سيارة والدي تعطلت ولم يأت في الشتاء حتى الساعة الحادية عشرة ليلا في ليلة ممطرة فتبللت ثيابي وكنت ارتجف برداً ومرضت بعدها وارتفعت حرارتي لأيام. هذا كله يهون من أجل أن ندفع أقساط المدرسة».


مروان: أُعيل أمي واخوتي إلى حين عودتنا إلى سورية

مروان (12 عاماً) فتى سوري يبيع ألعاباً عند الإشارات الضوئية. قال: «جئنا بعد اندلاع الحرب السورية في زيارة إلى الكويت وانتهت مدة زيارتنا أنا وأمي وأخوتي الثلاثة لخالتي التي تعمل هنا، ونحن الآن مخالفون لقانون الإقامة ولكن لا يمكننا أن نعود إلى سورية فبيتنا في حلب شبه مهدم وغير صالح للسكن والحياة في سورية باتت صعبة. وحتى لانشكل عبئاً على عائلة خالتي نزلت أبيع هذه الألعاب، والحقيقة إن هناك جمعيات خيرية تساعدنا لكني أحب أن أعمل وأبيع خصوصاً أنني عاطل عن الدراسة لظروف البلد وأي مبلغ أحصل عليه يساعدنا في معيشتنا. وللأمانة أقول إن الكويتيين كرماء معنا حتى أن الكثيرين منهم يعطونني ديناراً بينما اللعبة الضوئية أبيعها بريع دينار. كما أن بعضهم يمنحني المقسوم دون أن يأخذ مني شيئاً. وسأظل على هذا الحال حتى تتحسّن الأحوال في سورية».


سالم: أبيع البطيخ حتى يعمي الغبار عينيّ

سالم ( 12 عاماً) طفل من البدون يبيع البطيخ على الطرق قال: «أنا من البدون محروم من التعليم، وحتى لا أجلس «مثل الحريم» في البيت أساعد والدي في بيع «الرقي» (البطيخ) السعودي الذي نشتريه بالجملة من تجار السعودية . ولأن الجو حار جداً يفسد الرقي قبل أن نتمكن من بيعه بالكامل ولهذا يكون ربحنا قليلاً. ونحن نعيش في ظروف قاهرة محرومون من التعليم من العلاج من كل شيء ومن كل أسباب العيش الكريم لأننا بدون، ورغم أن والدي من مواليد الكويت وعسكري سابق لم نحصل على الجنسية الكويتية ونبيع في ظروف جوية صعبة. أحياناً يعمي عيوننا الغبار الكثيف، لكن ليس أمامنا سبيل للعيش غير هذا».


غازي: مطاردون قانونياً

غازي (13 عاماً) من البدون يبيع «مرشات» عطور منزلية عند الإشارات الضوئية. يقول: «أشتري عطوراً منزلية من سوق الجملة وأبيعها هنا في المناطق السكنية عند الإشارات الضوئية، لأني من فئة البدون. والدي متوفى وهو من مواليد الكويت وخدم في السلك العسكري 40 عاماً وتوفي مريضاً بالسرطان وترك لي مسؤولية العائلة. نحن نسكن في الصليبية أفقر مناطق الكويت وأمي خياطة تخيط الملابس لكبيرات السن وتخيط أثواب الصلاة وتبيعها للنساء في المنطقة، ويأخذ أخي الأثواب ليبيعها في السوق كبائع متجول، ومع هذا لا ننتهي من الملاحقات القانونية إذ يطاردني رجال البلدية لمصادرة بضاعتي وقوتي لأنني لا أملك تصريحاً، وحين نتقدم للحصول على تصريح لا نحصل».


فهد: بائع الخضار جاء خطأ الى الدنيا!

فهد ( 10 أعوام) يجلس على الرصيف يبيع الخضار والخضرة على مدخل مدينة الصليبية. يقول: «أنا بدون لا أذهب إلى المدرسة بل أساعد أبي في مصاريف البيت، هو يعمل حارساً في مزرعة، وكل يوم الفجر يأتي منها بالقليل من الخضار كالطماطم والخيار والبصل والثوم والخضر بأنواعها، وأبيعها من الفجر حتى الليل وأعود لأمي بالمصروف اليومي. وأنا وحيد والديّ وتعتبرني والدتي غلطة لأنهما من البدون وحين تزوجا اتفقا على عدم انجاب المزيد من البدون لكنني جئت إلى الدنيا والحمد لله. ولا أستطيع أن أذهب إلى المدرسة لأن أوراقي ناقصة، وكل ما أتمناه أن أذهب إلى المدرسة وأشتري حقيبة أحملها على ظهري وأضع فيها الأقلام والألوان والكتب وأكبر وأصبح طبيباً».

نحو إدماج الأطفال البدون في المجتمع ومنحهم حق الالتحاق بالمدارس الحكومية

رصد تقرير لجمعية حقوق الإنسان حالات عديدة لأطفال بدون يعملون باعة في الشوارع تحت أشعة الشمس الحارقة لساعات طويلة، لم يستكمل البعض منهم الدراسة بسبب الحاجة لإعالة الأسرة. ولا يتمتع هؤلاء الأطفال بحقوق الضمان الاجتماعي أو الحماية من الاستغلال الاقتصادي ومن «أداء أي عمل يكون ضاراً بصحة الطفل أو بنموه البدني أو العقلي أو الروحي أو المعنوي أو الاجتماعي»، كما توصي اتفاقية حقوق الطفل. وأشار الى أن الاطفال العاملين يتعرضون إلى إلقاء القبض عليهم أو مصادرة بضائعهم من قبل بلدية الكويت، ومعها الشرطة، في حال ضبطهم وهم يقومون ببيعها، الأمر الذي يتسبب بقطع أرزاقهم دون أن تقدم الدولة بدائل فاعلة لرفع المستوى المعيشي للاطفال وذويهم. وأوصى التقرير بتنفيذ بنود اتفاقية حقوق الطفل وتطبيقها على جميع فئات البدون كحقوق الهوية والتعليم والرعاية الصحية ورعاية المعاقين والضمان الاجتماعي والحماية من الاستغلال الاقتصادي والتجمع السلمي.

كما أوصى بإلغاء السياسات التضييقية بمنع إصدار البطاقة الأمنية أو تجديدها، وإلغاء القيود الأمنية وتحويلها الى القضاء للفصل في قانونيتها، وإعادة أصحاب الجوازات المزورة الى وضعهم السابق كبدون، لكي ينظر في مسألة استحقاقهم للمواطنة كحال الفئات الأخرى. وكذلك إصدار تشريعات تسمح لجميع فئات البدون بإصدار الوثائق الرسمية كشهادات الميلاد والوفاة والزواج ورخص القيادة وجوازات السفر. ودعا التقرير إلى إلغاء السياسات التمييزية في التعامل مع البدون في ما يتعلق باشتراطات الالتحاق بالمدارس والضمان الصحي والعلاج. وطالب بتسهيل الإمكانات لاندماج الاطفال في المجتمع ومنحهم الحق في الالتحاق بالمدارس الحكومية، بدلا من عزلهم في مدارس رديئة المستوى.

المجلة الالكترونية

العدد 1078  |  تشرين الأول 2024

المجلة الالكترونية العدد 1078