علّمي طفلك كيف يفي بوعوده
«طبعاً أمي... أعدك بذلك»... لكن هذا الوعد يبقى مجرد كلمات عالقة في الهواء من دون أي تنفيذ حقيقي. ما هي السبل إذاً لتعلّمي طفلك كيف يفي بوعوده؟
«طبعاً... سأدرس جيداً لأنال علامات جيدة في الامتحان»، «بدءاً من يوم غد، سأرتب غرفتي لوحدي»، «حسناً، سأتوقف عن نوبات الغضب غير المبررة...»
كم مرّة سمعنا هذه العبارات من أطفالنا، لكن هذه الوعود تبقى عالقة في الهواء من دون أي تنفيذ. هذا الأمر طبيعي جداً لأن الطفل، مهما كان صادقاً في كلامه، لا يعرف كيف يطبّق الوعود في المستقبل.
إنه لا يدرك المعنى الحقيقي لكلامه. لكن هذا لا ينفي إمكانية تعليم الطفل كيف يفي بوعوده لأن هذا يسهم في بناء شخصيته وتحديد هويته. بالفعل، يتعلم الطفل أهمية الكلام، ويتعلم الاستقلالية أيضاً.
إعطاء الأهمية لوعوده
يمكن لوعد الطفل أن يزيد ارتباطه بك، ويجعله أكثر اعتماداً عليك، خصوصاً إذا عمدت دوماً إلى تذكيره بوعده: «لقد وعدتني بأن تنهي كل محتويات الطبق!» لذا، يجب أن يفهم الطفل كل كلمة يقولها، ويفهم أن الوعد الذي قطعه إنما هو وعد لنفسه قبل أن يكون للآخرين.
دعي طفلك يدرك أن وعوده، مهما كانت، هي بمثابة تعهد ذاتي للنفس وليست لمجرد إرضاء الآخرين. في هذه الحالة، يشعر الطفل أنه كبر فعلاً وازدادت ثقته بنفسه حين ينفذ وعداً نطق به.
عدم نعت الطفل بالكاذب
لا تحاولي يوماً القول لطفلك إنه كاذب إذا أخفق في تنفيذ وعده. ولا تدعيه يشعر أنك لا تصدقينه مهما قال، لأنه لا يلتزم أبداً بأقواله. في هذه الحالة، قد يلجأ الطفل إلى ردة فعل عكسية ويضاعف أكاذيبه، مع الإحساس في الوقت نفسه بالذنب والخجل وعدم القيمة.
حاولي أن تكوني القدوة أمام ولدك، وامنحيه دوماً الدور الجيد. شددي دوماً على النقاط الإيجابية في تصرفات طفلك، وحاولي مساعدته قدر المستطاع لتنفيذ وعوده. دعيه يفهم أن المسألة قد لا تكون سهلة، لكن من الضروري دوماً السعي حتى النهاية وبذل كل جهد ممكن لتحقيق النتائج المنشودة.
احترام الأهل لكلامهم
حين يشعر الولد بأن أهله يلتزمون بالوعود التي يقولونها، يشعر بالاستقرار والطمأنينة ويدرك أنه يستطيع الاعتماد عليهم.
في المقابل، إذا وجد الطفل أن أهله لا يلتزمون بوعودهم، ولا يحاولون حتى تبرير ذلك، يشعر الطفل بالصدمة ويعيش صدمة حقيقية. الوعد هو بمثابة تعبير عن الحب برأي الطفل، وبالتالي فإن النكث بالوعد يعني الخيانة!
ماذا لو نكثت بوعدك أمام طفلك؟
يكشف الأطفال عن ذاكرة مذهلة، ولاسيما بشأن ما نعلن عزمنا على فعله لكننا لا نفعله. إنها مجرد كلمات بالنسبة إلينا. لكنها أكثر من ذلك بكثير بالنسبة إلى الطفل.
- حين ننكث بوعودنا أمام أطفالنا، نخذلهم ونلحق بهم الأذى أكثر مما نتصور.
- نخيّب آمالهم لأننا لم نلتزم بوعودنا.
- نعلّمهم ألا يثقوا فينا. وإذا عجز الطفل عن الوثوق في الوعود الصغيرة، لن يستطيع حتماً الوثوق في الوعود الكبيرة.
- نشعرهم بعدم أهميتهم. فالطفل يلاحظ أن الأهل يلتزمون بالوعود التي يقطعونها أمام الآخرين، لكنهم ينكثون بالوعود أمام أطفالهم، وهذا ما يجعلهم يظنون أنهم غير مهمين البتة في حياة أهلهم.
- نكون مثالاً غير صالح أمامهم. فالطفل نسخة عن أهله، وحين يلاحظ أن أهله لا يلتزمون بوعودهم، لن يلتزم هو أيضاً بوعوده حين يكبر قليلاً في السن.
- نعلّمهم تقليل الاحترام. فالأم التي لا تفي بوعودها تفقد احترام طفلها. المصداقية جزء أساسي من الاحترام. وإذا لم يكن المرء صادقاً مع نفسه، لن يستطيع فرض الاحترام على الآخرين.
شارك
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024