هل أقلق؟ طفلي يمصّ إصبعه...
تختلف الآراء حول مص الإبهام أو المصاصة عند الطفل. إذ يجد بعض الأطباء أنها عادة سيئة لا يجوز على الإطلاق تعويد الطفل عليها، لما ينتج عنها من آثار سلبية، في حين يرى بعضهم الآخر أنه من الممكن السماح للطفل بها شرط أن لا تصبح عادة دائمة.
أمّا الأم فقد تجد فيها حلاً مريحًا للتخلص ولو موقتًا من نوبات البكاء والغضب التي تنتاب طفلها. لكنها تبدأ القلق عندما يكبر الطفل قليلاً ويصير مص الإبهام أو المصّاصة عادة لا تتمكن من منعه عنها.
هل مص الإبهام يتلف أسنان الطفل ويشوّه حنكه؟ وإذا استخدم المصّاصة هل يصير من الصعب عليه التخلي عنها؟ ما هو الخيار الأمثل؟ وبأي من هاتين العادتين يتعلق الطفل أكثر؟
الإختصاصيون المؤيدون يجيبون عن أسئلة الأم لماذا يمص غالبية الرضّع إبهامهم؟
يحتاج حديث الولادة إلى مصّ إصبعه، فهذه غريزة لديه وجدت عندما كان جنينًا، وتؤكد ذلك الصورة الصوتية التي تقوم بها الحامل، والتي غالبًا ما تظهر وضعية الجنين في رحم أمه وهو يمص إبهامه.
إذًا مصّ الرضيع إبهامه فطرة، فهو يمص إصبعه أو المصاصة المطاطية أو أصابع يده كلها أودبدوبه أو بيجامته، أي كل ما تقع عليه يداه فهذا يحمل له شعورًا جميلاً بدأ حين كان جنينًا.
وفي المقابل على الأم أن تدرك أنّ الرضيع غالبًا ما يختار ما إذا كان يرغب في مص إبهامه أو المصاصة ومن الصعب أن تفرض إختيارها.
ماذا على الأم أن تفعل؟
من المهم جدًا ألا تعتبر الأمّ مص الإصبع أو المصّاصة حلاً للتعويض عن غيابها أو حنانها. فالرضيع يبدأ مص اصبعه بشكل غريزي وخلال أشهر يكون مص الإصبع سببه شعور بالجوع أو التعب والتوتر أو شعور بعدم الأمان.
الرضيع يقرّر ما إذا كان يريد مص إصبعه أم لا
ما الفارق بين مص الإصبع ومص المصاصة؟
عندما يقرّر الرضيع مصّ إصبعه أو المصّاصة على الأم ألا تنسى أنّها مسألة وقت ولا يمكنها القيام بشيء حيال ذلك. فهذا أمر فطري، ومحاولة إلباس الطفل قفّازات لمنعه من مص أصابعه سوف توتره وتجعله يبكي.
إذ لا يجوز إطلاقًا منع الرضيع من مص إصبعه بالقوة، فذلك يسبب إزعاجًا لحاجته الأساسية. رغم ذلك لا يتعلّق الأمر بالسماح للطفل بمصّ إصبعه أو مصاصته من دون توقف طوال اليوم، وإنما توفير حاجاته العاطفية أوّلا ثم البيولوجية. وعندما يعيش الرضيع تغيرات أو مراحل من الإنفصال على الأم طمأنته، وبالتالي يذكّره مص إصبعه بحياته داخل الرحم عندما كان جنينًا، وهكذا يعيد الثقة بما حوله ويتحضر ليكبر بسلاسة. أمّا المصّاصة فحسناتها أنها تتيح للأم قدرة التحكّم في إعطائها للطفل أو حجبها عنه، ويمكنها غسلها عندما تكون متّسخة.
المصاصة مفيدة أحياناً شرط أن لا تصير الحل الوحيد
ويرى الاختصاصيون المؤيدون أنه يجوز السماح للطفل الرضيع باستعمال المصّاصة إذا لم تكن سنّه تتعدى الأربعة أشهر، فهناك بعض الأطفال يحتاجون إلى مص إبهامهم أكثر من أقرانهم.
وقد يكون سبب ذلك، استمرارهم في الرضاعة من أثداء أمهاتهم ساعات طويلة، فيكون الجوع والرضى مرتبطين ببعضهما. لذا عوضًا عن ترك الطفل يصرخ ويبكي يمكن إشباع حاجته من الرضاعة بإعطائه مصاصة، لأنها سوف تهدئه وتشعره بالمتعة.
ولكن في الوقت نفسه على الأم تجنبها كحل للمشكلات التي قد يكون يعانيها، وعوضًا عن إسكاته بها، عليها أن تعرف أولاً ما يحتاجه فعلاً. لذا يجب السماح باستعمالها باعتدال وفي فترات محدّدة أي عندما تنتاب الطفل نوبات بكاء شديدة، وعلى أن تبدأ الأم بخفض استعمالها تدريجًا بدءًا من شهره الرابع.
الإختصاصيون المعارضون يجيبون بين الإبهام و المصّاصة: أيّهما أهون الشرّين؟
يرى بعض أطباء الأطفال أن مص الإبهام أو المصاصة عادة سيئة جدًا وعلى الأم ومنذ الأسبوع الأول من ولادة الطفل عدم تعويده عليها. فقد لاحظ أصحاب الرأي المعارض لمص الإبهام أنّ الأطفال الذين لم تعوّدهم أمهاتهم على المصاصّة لم يكتسبوا هذه العادة.
لذا يرفضون بشدة استعمالها في الأسبوع الأول لولادة الطفل بحجة أن الطفل لا يزال رضيعًا ولن يتعوّد عليها، فهذا مفهوم خاطئ بحسب رأيهم.
المصاصة تشوّه الأسنان وتضعف السمع وتفقد الشهية
إن مص الإبهام يسبب اندفاع الفك الأعلى إلى الأمام ما يسبب تشوهًا في الأسنان، كما أنّ مصّ الإصبع أو المصّاصة مدة طويلة يكثر من إفراز اللعاب في الفم الأمر الذي يؤدي إلى ظهور أسنان مسوّسة. يضاف إلى ذلك التأثير السلبي للمصّاصة على الجيوب الهوائية في الأنف الأمر الذي يسبّب التهابًا دائمًا في الأذنين يؤدي بدوره إلى ضعف السمع. كما أن المصّاصة تفقد الطفل شهيّته على الطعام، مما يؤثر في نموه الجسدي.
وعن الخيار بين المصاصة ومص الإبهام يرى الإختصاصيون المعارضون أن لديهما الآثار السلبية نفسها على صحّة الطفل. غير أن الطفل قد يتعلّق بالمصاصة أكثر لأنه يمكنه استعمالها أثناء اللعب، في حين لا يمكنه مص إبهامه إذا أراد أن يلعب.
تخويف الطفل يجعله أكثر تشبثًا
قد تواجه الأم صعوبة في تخليص طفلها من مص الاصبع فتلجأ إلى وسائل بدائية كطلاء أصابعه بمادة طعمها مر، أو إلى تخويفه والضرب أحيانًا ليكف عن هذه العادة، وهي في الحقيقة تزيد من تشبثه بها خصوصًا إذا عمدت إلى تعييره أمام الغرباء.
لذا تنصح الأم بأن تعمل على إشباع حاجات طفلها العاطفية والمادية، وإلى اتباع أسلوب الترغيب والمكافأة.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024