الزوجة الثرية هل هي عقدة للرجل؟
الزوجة الثرية قد تكون حلم شباب كثيرين، لكن هذا الحلم يتحول على أرض الواقع أحياناً إلى مشاكل لا حصر لها، خاصةً عندما يرتبط الرجل بفتاة فقط لمجرد ثرائها، فيتحول هذا الثراء بعد ذلك إلى عقدة يعانيها الزوج، وتظل تطارده في نظرات من حوله. فمتى تكون الزوجة الثرية عقدة للرجل؟ وهل نجاح العلاقة يتوقف على المرأة نفسها أم على مدى ثقة الرجل بنفسه، وهو يقرر الزواج بمن هي أكثر ثراءً منه؟ وهل الزواج بامرأة ثرية يفقد الزواج عنصر التكافؤ؟ علامات استفهام عديدة نبحث عن أجوبتها.
في البداية ترى إيمان سمير، مهندسة معمارية، أن تفكير الرجل في ثراء زوجته وتأثره بذلك يختلف من شخص إلى آخر، تبعاً للبيئة التي نشأ فيها ومدى ثقته بنفسه، فهناك من يتسم بالشهامة ولا يقبل أي نقود تصرفها عليه زوجته، وهناك من لا يستطيع تحمل مسؤولية البيت فيبحث عن زوجة ثرية يعرف أنها تستطيع التصرف في أي مواقف صعبة. وتؤكد أن عدم تحمل المسؤولية أصبح منتشراً في جميع الطبقات، وتضرب مثلاً بقصة إحدى صديقاتها التي تزوجت من شخص ينتمي إلى عائلة من طبقة راقية، وبعد زواجها بفترة قصيرة ترك عمله وأخذ يبحث عن عمل آخر، لكنه لم يرض بأي عمل عرض عليه، وأصبحت الزوجة التي تنتمي إلى عائلة ميسورة الحال هي المسؤولة عن كل كبيرة وصغيرة من نفقات البيت منذ ست سنوات، ولا يحاول زوجها أن يضحي ويعمل في أي شيء لا يرضيه، لأنه اطمأن إلى أن هناك من تتحمل المسؤولية عنه.
وتروي إيمان قصتها مع زوجها السابق الذي كان يعاني من الاستهتار وعدم تحمل المسؤولية، فتقول: «بعد محاولات مستمرة من أهلي لإقناعي بفكرة الزواج منه، تمت خطبتنا، وخلال فترة الخطوبة كان يطلب مني أحياناً النقود بمنتهى الجرأة، وعندما أعترض يتراجع ويعتذر ويختلق أسباباً مختلفة لما فعله، فأعود وأفترض فيه حسن النية. استأجرنا شقة وتزوجنا وذهبنا لتمضية شهر العسل، لكني فوجئت بعد العودة بأنه فسخ عقد الشقة، وذهب كل منا للعيش مع أهله فاشتريت شقة من نقودي وطلبت منه أن يتولى تشطيبها بقيمة المقدم الذي استرده بعد فسخ عقد الشقة القديمة. لكنه أخذ يتهرب ويقول: لا أعلم أين ذهبت النقود، فاضطررت لتشطيبها بنفسي. وتزايدت المشاكل خلال تلك الفترة التي استمرت أشهراً، بسبب تهربه من تحمل أي مسؤوليات وشعوري بأنني أقدم العديد من التنازلات لمجرد أنني ثرية. وبعد معاناة ومناقشات عديدة ومحاولات للشد والجذب حصلت على الطلاق».
وترى إيمان أن أبرز الحلول لعودة شكل الأسرة الصحيحة التي لا يشوبها أي نوع من الاستغلال، هو محاولة إحياء النخوة التي أصبحت عملة نادرة في الرجال الآن، وأيضاً على الزوجة أن تفهم كيفية احترام الزوج وتقديره، حتى يستطيعا تكوين أسرة سليمة يتمتع أفرادها بصحة نفسية جيدة.
سلبيات الثراء
في معظم الأحيان يكون لثراء الزوجة آثار سلبية على الحياة الزوجية، نظراً إلى عدم التوافق والتكافؤ»، هذا ما تؤكده مروة أحمد، محامية في إحدى الشركات، وتقول: «تتمثل هذه الآثار في استغلال الزوج لزوجته بسبب إحساسه بالنقص، أو من خلال عدم اقتناع الزوجة بزوجها، لأنها لا تحتاج إليه في شيء، بالإضافة إلى عدم تقديرها لأي شيء يفعله أو يشتريه لها، لأنها تستطيع أن تحصل على أفضل منه بسهولة بواسطة الإمكانات المادية المتاحة لها».
وتروي مروة قصتين إحداهما لإحدى قريباتها والأخرى لأخت صديقتها، وتوضح القصتان مدى تأثير سلبيات هذا الثراء على الحياة الزوجية. فالأولى فتاة كانت تعمل في مكان تحصل منه على راتب كبير، وبعد فترة من زواجها من شخص أقل منها اجتماعياً ومادياً توفي والدها وورثت عنه كل ثروته. وبعد حصولها على ميراثها بفترة بدأ زوجها يستغلها، فقد طلب منها تغيير محل سكنهما وشراء منزل بمساحة أكبر، ولم تر أي مشكلة في أن تكتب المنزل الجديد باسمه، خاصة بعد أن اعترض على أن يعيش في منزل باسم زوجته. وبعدها بفترة طلب منها أن يغير سيارته لأن تكاليف إصلاحها أصبحت كبيرة، وبالفعل اشترت له سيارة وكتبتها باسمه أيضاً لكي يكون كما أقنعها مسؤولاً عن أي إجراءات تخصها في المرور وخلافه. ومرت الأيام وكان الزوج يبيت النية لكي ينهل على قدر ما يستطيع من أموال زوجته، ومع مشاغل الحياة وزيادة أعباء أطفالها استطاع أن يقنعها بأن تترك عملها وتشتري محلاً لممارسة أي نشاط تجاري فيه يدرّ دخلاً يساعد في توفير احتياجات الأسرة، وبالفعل استجابت لفكرته واستقالت من عملها واشترت محلاً لاستثماره في تجارة الملابس والإيشاربات، لكنها ارتكبت الخطأ نفسه مرة أخرى واستجابت له وكتبت المحل باسمه لكي لا تحتاج أن تحرر له توكيلاً وتقوم بإجراءات قد تكون ليس لديها الوقت لتنفيذها. وفي البداية كانت تذهب لتباشر العمل في المحل بنفسها، ومع تركه لجميع أعباء أبنائه على عاتقها أصبحت لا تستطيع متابعة أعمال المحل بمفردها طوال الوقت، فاقترح عليها أن يجعل أخاه يباشر العمل معها ليساعدها ووافقت. ولكن أخاه راح يبقى طوال الوقت في المحل، وبالتالي بدأ وجودها يقل إلى أن أصبح نادراً. وفوجئت بعدها بفترة أن زوجها اشترى محلا مجاوراً للمحل الخاص بها بالمشاركة مع أخيه على الرغم أنه لا يملك أي نقود لفعل ذلك، وتزامن مع ما فعله استيقاظها من غيبوبتها واستيعابها لمدى استغلاله لها على مدار سنوات زواجها منه، إلى جانب عدم تحمله لأي مسؤوليات تخص البيت أو الأولاد، لكنها استطاعت فهم ذلك بعد فوات الأوان، خاصة أنه أصبح يملك كل شيء اشترته بنقودها ولا تملك هي أي شيء، بعد أن جردها من ممتلكاتها باختيارها، وهي الآن على خلاف كبير معه وتطلب منه الطلاق بعد أن صغر في نظرها بسبب أفعاله.
قصة أخرى
أما عن قصة أخت صديقتها فتحكي مروة قائلة: «هي فتاة جميلة من عائلة ثرية، لكنها «دلوعة» جداً وتفعل ما يخطر لها. تزوجت من شاب أقل منها اجتماعياً لمجرد أنها تريد أن تتزوج وتنجب مثل جميع صديقاتها، لكنها كانت غير مقتنعة به لأن عائلته أقل من عائلتها اجتماعياً، كما أن إمكاناته المادية لا تستطيع أن تلبي احتياجاتها المبالغ فيها، ومهما حاول أن يرضيها كان يفشل في ذلك. وبعد أن حققت ما تريده وأنجبت طفلاً منه أصبح أول الحلول لديها لأي مشكلة بينهما هو الطلاق، بحجة أنه لا يلبي احتياجاتها ولا يستطيع تحمل المسؤولية المادية لمنزله، ووصل بها الحال إلى أنها أقامت عليه قضية خلع بعد أن حققت كل ما تتمناه من فكرة الزواج».
وترجع مروة ما وصلت إليه هذه الفتاة إلى أنها تتمتع بشخصية أقوى من زوجها، فضلاً عن أن امتلاكها الثروة التي تلبي لها ولابنها جميع احتياجاتها.
أزمة صديقي
ويرى أحمد بهي الدين، مضيف جوي، أن زواج الرجل من سيدة أكثر ثراءً منه يسبب له أزمات نفسية كثيرة في معظم الأحيان، وقد يؤدي إلى تغيير شخصيته، «ويرجع السبب في ذلك إلى أن مجتمعنا شرقي تتحكم فيه العادات والتقاليد والأعراف، وديننا يؤكد أن القوامة للرجل بالإنفاق، وعندما يحدث دون ذلك تبدأ المشاكل، لأن كلا الطرفين لا يمارس دوره الطبيعي. لقد نشأنا على أن الأصول تعيب على أي رجل يسمح لسيدة أن تدفع له نقوداً».
ويتذكر تجربة أحد أصدقائه قائلاً: «كان صديقي معجباً بزميلته في الجامعة، ونشأت بينهما قصة حب جميلة كللها بالزواج، رغم ظروف الشاب المادية الصعبة والفارق الكبير بينهما في المستوى المادي. بعد فترة بدأ صديقي يتغير وينزوي بعيداً عن بقية أصدقائه، بسبب إحراجه من معرفتهم بتفاصيل حياته، فقد جعله والد زوجته يبيع الشقة الخاصة به لأنها تقع في إحدى المناطق الشعبية، واشترى أخرى لهما في حي راقٍ وكتبها باسم ابنته. وتكرر الأمر عندما قرر الزوجان تغيير مكان سكنهما إلى إحدى المدن الجديدة، اشترى والدها من جديد شقة باسم ابنته. وكان من الملاحظ بين جميع أصدقائه أنه لا يستطيع اتخاذ أي قرار خاص بالشؤون المالية، لأن كل القرارات التي تحتاج إلى مال هي التي تتخذها، مثل قرار تغيير شقتهما أو سيارتهما أو سفرهما إلى أي مكان، وهو ما كان يسبب له الإحراج في معظم الأحيان، ويجعله يبتعد عن أصدقائه قدر الإمكان، لأنه لا يستطيع الرد على استفساراتهم. وأصبح قليل التحدث عن الخطط المستقبلية والطموحات، على عكس ما كان يحدث قبل زواجه، كي لا يسأله أحد عن شيء لا يستطيع الرد عليه. ورغم استمرار صديقي في الزواج فإنني أشعر بضيقه وعدم سعادته».
ثرية وأكبر سناً منه
ويروي الدكتور أسامة يحيى، المأذون الشرعي في مدينة السلام، قصة إحدى سيدات الأعمال الثريات، قائلاً: «تزوجت من شاب يصغرها بثلاث سنوات كان يعمل لديها في الشركة، وكانت الزوجة هي المسؤولة عن كل مصاريف المنزل ومصروفه الشخصي أيضاً. وبحكم أن صاحب المال هو صاحب الكلمة بدأ الشاب يشعر بعدم رجولته، خاصة بعد أن بدأت تهينه بشدة وتتطاول عليه بالألفاظ، مما أدى إلى زيادة شعور الزوج بإهانة كرامته وعدم استطاعته تقبل ذلك، وهو ما أدى إلى أن يأتيا إلي لكي ينفصلا، فعلا ذلك ثلاث مرات، وقد استطعت بفضل الله أن أصلح بينهما مرتين، لكن في المرة الثالثة كان رصيد المودة بينهما قد نفد وتم طلاقهما بعد أقل من عشرة أشهر من زواجهما».
ويتناول الدكتور أسامة قصة زوجة أخرى ثرية قائلاً: «تزوجت من صديق أخيها الذي يصغرها بسبع سنوات، بعد أن تعرفت عليه وكان الإعجاب متبادلاً بينهما. كانت الفتاة تتمتع بقدر كبير من الجمال، لكن فارق العمر بينهما جعلها تغار عليه بشدة حتى من محادثاته مع زملائه من أيام الجامعة، غير أنه كان دائم التواصل مع زملائه وزميلاته على موقع «فيسبوك». وذات يوم استطاعت الزوجة أن تفحص حسابه الإلكتروني وهاتفه الجوّال، فاكتشفت أنه يتحدث مع فتيات، وهو ما زاد الغيرة في قلبها وجعلها تصر على الطلاق منه. ولجأت إلي مع زوجها وأخيها مصرة على الطلاق، وأثناء محاولتي للإصلاح فوجئت بها تنهال عليه بالضرب ولم يستطع أحد إيقافها ووقع الطلاق بالفعل.
ويرى أسامة يحيى أن الارتباط بزوجة ثرية ليس عيباً، لكن نجاح هذا الزواج يتوقف على اتزان الرجل وثقته بنفسه، وأيضاً على عدم تحكم المرأة في زوجها لأنها ثرية، خاصةً أن حالات طلاق كثيرة تحدث بسبب المشاكل الناتجة عن ثراء الزوجة.
عدم تكافؤ
تؤكد الدكتورة مريم محمد سعيد، خبيرة العلاقات الأسرية وتنمية الموارد البشرية، أهمية التكافؤ بين الزوجين في المستويات المادية والاجتماعية والعلمية، وتشير إلى أن الفجوة الكبيرة بين الزوجين في هذه النواحي تؤدي إلى التنافر بينهما، نظراً إلى اختلافهما في الطباع والسلوكيات الاجتماعية، مما يهدد بانهيار الحياة الزوجية، الأمر الذي ينتج أمراضاً نفسية تظهر تأثيراتها على الجسم، مثل اضطرابات القولون العصبي وقرحة المعدة والاكتئاب والقلق، وقد يكون الطلاق الصامت هو مصيرهما فيعيش كل منهما حياة منفصلة عن الآخر.
وتوضح أن المستوى المادي أو الاجتماعي الأعلى للزوجة قد يؤدي إلى الشعور بالحقد والنقص لدى معظم الأزواج، ويمتد هذا الشعور إلى محاولة تدمير الزوجة نفسياً أو التحكم فيها بشكل مبالغ فيه، وأحياناً يصل لدى بعضهم إلى خيانة زوجاتهم من أجل البحث عن جانب يتفوق فيه عليها، مثل انجذاب أخريات إليه.
وتؤكد الدكتورة مريم أن ثراء الزوجة مقارنة بزوجها قد يؤدي إلى أحد خيارين، فإما أن يقبل الزوج أن تكون لزوجته القوامة بالصرف على المنزل، وفى هذه الحالة يعيش صراعاً داخله بين قبوله ورفضه لواقعه، أو أن يفرض قوامته ويرفض مساعدات زوجته، وفي هذه الحالة لن يستطيع تلبية احتياجات منزله وأسرته.
وتشير الدكتورة مريم إلى إحدى الحالات التي لجأت إليها وتعد مثالاً واضحاً للمشاكل التي تنتج عن ثراء الزوجة، فتقول: «ارتبطت إحدى الفتيات بشاب أقل منها في المستوى المادي والاجتماعي بشكل واضح، وأحبا بعضهما كثيراً وتزوجا، وبعد فترة بسيطة من الزواج بدأ يفرض سيطرته عليها ويتحكم فيها بشكل مهين، نتيجة شعوره بالنقص، إلى درجة أنه فرض عليها عدم الذهاب لعملها، وكان يحاول أن يعذبها نفسياً ويذلها بأي شيء تطلبه، فعندما تطلب منه أي احتياجات لا يأتي بها، رغم أنه لديه المال لذلك، وإذا أحضرها لها يكون ذلك مصحوباً بعبارات سيئة مثل: «ماذا تعرفين أنت عن الشقاء والتعب، أنت عشت مثل الملوك». وكان يتعمد أن يهجرها كثيراً ليشعرها بالإذلال، وكانت الزوجة أيضاً تقوم بإذلاله بمعايرته بأهله عندما تشعر بأنه ضغط عليها كثيراً، وظلت الأمور على هذا الحال لمدة 15 سنة، حاولت الزوجة خلالها الضغط على نفسها من أجل الأبناء وبقايا الحب الذي كانت تعيشه معه، إلى أن أصيبت بانهيار عصبي وجلطة، وعندما تماثلت للشفاء قامت بخلعه، لكن بعد انفصالهما لم يستطيعا العيش بعيداً عن بعضهما، وعادا من جديد لكن بعد عدة جلسات نفسية لتأهيلهما للتعايش معاً».
انتهازية
وتؤكد الدكتورة رضوى سعيد، استشارية الطب النفسي في مستشفى قصر العيني، أن ثراء الزوجة «يؤثر على الطرفين نفسياً، لأن المرأة عندما تكون مسؤولة عن الإنفاق تسلب دور الرجل في العلاقة وتصبح صاحبة الشق الأقوى فيها، لأننا في مجتمع لديه مفاهيم تتفق مع الشرائع السماوية ويعمل بها، مثل قوله تعالى: «الرجالُ قوَّامون على النساء بما أنفقوا». لذا فإن فكرة تولي المرأة لمعظم مناحي الإنفاق يؤثر بالطبع على شكل الأوضاع في المنزل، حيث تتعامل الزوجة على أنها الرجل، مما يعود بالسلب على العلاقة الزوجية نفسياً ومعيشياً، لأن اختلاف الأوضاع في المنزل عن الصورة المعتادة قد يغير في شكل رؤية الزوج لنفسه أو رؤية الزوجة له، فعندما لا ترى المرأة زوجها رجلاً، لن ترغبه وستنفر منه أيضاً في كل التعاملات، حتى في العلاقة الحميمة بينهما».
وتصف الزوج الذي يستغل شريكة حياته مادياً، بأنه انتهازي لديه سمات وصولية، وترى أن هذا النوع من الأزواج أصبح منتشراً جداً، وأن معظم الزيجات خلال هذه الأيام مبنية على المصالح لتوطيد أواصر القرابة مع من سيكون أكثر نفعاً وقوة، لأن معظم الزيجات في مجتمعاتنا العربية تلعب فيها العلاقات الأسرية دوراً واضحاً، والقليل منها نافع والكثير خطير، وتوضح أنه من الحكمة أن يختار كل فرد شريك حياة يجعله أقوى وأكبر، لكن هناك شخص قد ينحّي كل مبادئ وأولويات الاختيار في جانب، ويجعل المصالح هي المعيار الوحيد للاختيار، وهو أمر بالغ الخطورة، خاصةً أن هناك حديثاً عن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول «تنكح المرأة لأربع، لمالها ولحسبها وجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك».
وتشير الدكتورة رضوى إلى أن عدم سير منظومة الزواج بشكلها الطبيعي والجيد، مثل أن تقوم فقط على المصلحة، يؤثر على الأطفال وعلاقة أفراد الأسرة ببعضهم، لأن عدم سعادة الزوجة يجعل الزوج تعيساً، وبالتالي ستنعكس التعاسة على كل أفراد البيت، وتوضح أن المرأة التي لديها قوة الثراء تكون في معظم الأحيان «باراناوية»، أي أكثر شكاً في كل المحيطين بها، حتى زوجها، وتتصور أنهم يحاولون التقرب منها من أجل ما تملكه من مال، وتنصح أي فتاة مقبلة على الزواج، خاصة الثرية، أن تبحث عن تاريخ الشخص الذي سترتبط به، وعلاقاته بالآخرين، وشكل هذه العلاقات، وتقيّمها بموضوعية لمعرفة صفاته الشخصية من مميزات أو مساوئ، لأن الإنسان تاريخ، ويفضل أن يقوم الأهل بهذا الدور وألا تستخف الفتاة برأي الأهل، حتى إذا كانت تميل إليه عاطفياً، خاصةً أن أي رجل يفضل عند الدخول في مشروع ارتباط أن يكون هناك تكافؤ في العلاقة، فإذا أقبل على الدخول في علاقة غير متكافئة مع زوجة أغنى منه، فلابد من البحث عن سبب إقباله على هذه الخطوة بدقة، حتى لا يتم اكتشاف مدى استغلاله بعد ذلك.
نظرة المجتمع
ويوضح الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع، أن الزواج عملية تبادل اجتماعي بين الطرفين، فمن الممكن أن تتزوج فتاة ثرية من شخص يتمتع بمزايا أخرى، فمثلاً قد يكون أقل منها في المستوى المادي والاجتماعي، لكنه ناجح مهنياً. ويرى أن نظرة المجتمع للزيجات التي تتم بين امرأة ثرية وزوج أقل منها، يشوبها دائماً نوع من الشك بأن الزوجة لم تجد عريساً يناسبها اجتماعياً، أو أن الزوج مخادع استطاع أن يوقع بشريكة حياته ليستغلها. ويوضح الدكتور سعيد أن هذه النظرة تعود إلى طبيعة المجتمع، الذي يعد تفكيره دائماً ضد المرأة وضد النماذج غير المعتاد عليها من الزيجات، لكن هذه النظرة تختلف حسب الوسط الذي تتم فيه الزيجة، أو مدى التفاوت بين الزوج والزوجة من حيث السن والثراء والثقافة.
ويؤكد أن احتمالات نجاح مثل هذه الزيجات لا تختلف كثيراً عن احتمالات نجاح زيجات من يتمتعون بالمستوى الاجتماعي نفسه، ويشير إلى أن كل زيجة تختلف عن الأخرى مثل بصمات الأصابع، وتتوقف نسبة نجاحها على قدرة كل من الطرفين على تلبية احتياجات الآخر والحفاظ على المشاعر الطيبة بينهما.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024