جمال الأعمال الخشبية يغيّب الألوان!
تعبق الحداثة مع الكلاسيكية في مزيج نادر ينطلق منه العمل الهندسي للمهندس شادي بو سابا جامعاً أولاً الأفكار الهندسية ومنطلقاً بها لتحقيق أي مشروع هندسي، فيصهرها في عمل واحد متراص ليحقق ديكوراً متوازناً كلوحة فنية مكتملة يميزها تواصل دقيق بين مختلف العناصر الهندسية والجمالية.
اثر الدخول إلى المنزل تنفتح أمامنا ردهة كبيرة يقول عنها بو سابا: «لا أحب المداخل الصغيرة ولا أن تتحول إلى غرفة دائمة، بل أحققها مداخل مفتوحة رحبة أمام قسم الاستقبال لتبرز الأعمال وحدةً مترابطة ويكون المنزل مفتوحاً بعضه على بعض».
من الداخل يبدو الباب الكبير كلوحة خشبية متناغمة بألوان متناقضة، تتكامل مع الأعمال من حولها، وقد تحقق بذلك إخفاء جهاز التدفئة وعلبة الأجهزة الكهربائية... وهذا الجدارالخشبي يبرز أمامنا كلوحة كبيرة.
وقد عمل المهندس على أن تنتهي من جهة الصالونات بشكل شبه دائري لتتصل من الخلف بغرفة جلوس مستقلة لها خصوصيتها كما تضم مكتباً، علماً أنها غير منفصلة بمساحتها عن سائر غرف المنزل.
الألوان هادئة وهي أكثر الألوان المفضلة عند المهندس لأن المساحات كبيرة والإضاءة الطبيعية متوافرة عبر واجهات زجاجية كبيرة. ويرى بو سابا أن تقوية الألوان تضعف الجمالية.
أما الذي يعوض عن تغييب الألوان فهي النوعية وخاصة في استعمال الرخام، بحيث نرى الشرفة الكبيرة المغلقة مميزة بسقفها «سكاي لايت» ومقفلة بالزجاج على نحو يسمح لنور بالدخول. كما استعاض المهندس عن الألوان بالخشب كمادة نفيسة وجميلة.
الصالونات
مساحة الصالونات رحبة ، ويلفت النظر فيها طاقم من الجلد البني وآخر بلون رصاصي عصريّا الكراز، موزعان بشكل رحب ليوفّرا راحة بين أجزائهما.
ولأن الكنبات متباعدة أمكن وضع طاولات بمقاسات كبيرة تعكس عصرية الأعمال.
وتتضمن الصالونات مدفأة حديثة تتصدر الجدار الكبير. ويعتقد كل من ينظر إليها أنها مشغولة من الحجر الأحمر والأخضر، لكن يوضح بو سابا انه استعمل قطعاً من الخشب «الماسيف» الصلب، وأن كل قطعة خشبية هي من نوع مختلف عن الأخرى مع الحفاظ على ألوانها الطبيعية.
وقد ابتكر هذه التقنية ليستبعد الحجر ويستعيض عنه بالخشب تناغماً مع ألوان الأرض.
أما غرفة الجلوس ففيها طاقم عصري من الجلد المخملي بلونه البيج الفاتح ليتناغم مع أعمال الخشب من حوله.
ولأن المكان رحب ولا يرغب المهندس في فوضى الطاولات الصغيرة فقد صمم طاولة كبيرة للوسط تتألف من أربع طاولات صغيرة يمكن توزيعها عند الحاجة وتسهيل الحركة بينها.
غرفة الطعام
تبرز غرفة الطعام بطراز عصري متناسق مع تصميم المنزل. فمن خلال الخشب تم الجمع بين السقف والأثاث.
وقد صُنع السقف من الخشب الصلب المضروب بالرمل كأنه منحوتة فنية، كما تكرر هذا النوع على وجه الأسطح في هذه الغرفة.
واختيرت الطاولة بارتفاعين لسطحها، ويقول بو سابا: «هي مريحة جدا للضيافة وتسهّل وضع الأدوات للمائدة». وتتوزع حولها كراس بمقاعد جلدية بلون خردلي.
وانتُقيت الإنارة بطراز شرقي لتعكس جمالية الأعمال العصرية والشرقية.
الأرض والأسقف
يفترش الأرض بلاط من رخام نفيس يضم رسوماً تتواصل مع بعضها وتتلاقى مع التصاميم حتى السقف، وكذلك حال الألوان التي تترابط من خلالها الأرض مع السقف والمدفأة.
وتحدد الأسقف كل غرفة بمفردها، لذلك برزت المساحات كبيرة تتشارك برونقها مع الأثاث ووظائفه.
وأحيانا تترابط المساحات مع بعضها كما نرى السقف في الأعلى الذي يمتد ويلتوي ليشكل تواصلا مع غرفة نوم الأولاد في الطابق العلوي.
نهاراً يمتاز هذا المنزل بإضاءة طبيعية رحبة نظراً إلى الواجهات الكبيرة الموزعة.
أما ليلاً فتتوزع الإضاءة بقوة في المنزل ومعظمها بشكل غير مباشر، لذلك عمل بو سابا على تكثيرها ويعزو ذلك الى سقف المنزل الذي يبلغ ارتفاعه ستة أمتار ونصف متر.
كما أبعدت الإضاءة التي تتدلى من السقف حتى لا تخدش النظر وتحافظ على هذا المدى الجميل ما بين السقف والأرض.
غرف النوم
ما بين غرفة نوم الماستر وغرفة نوم الأولاد غرفة جلوس تجمع بينهما. وفي الغرفة الماستر العصرية المشغولة من الجلد والخشب تبرز ألوان الخشب متناقضة ما بين الفاتح والداكن، ويشير المهندس إلى أن استعمال التناقض في ألوان الخشب يسمح بإبعاد الألوان عن الغرف.
وتتوافر في غرفة نوم الأولاد مساحات لوظائف عديدة. ففي الغرفة الأولى حيث تكثر الألعاب تناغمت ألوان خشب السنديان في الأرض مع الألوان الخشبية الموزعة في الغرفة والتي تم تصميمها في أعلاها بشكل هندسي لافت، فبرزت كعلبة خاصة بالأولاد.
كما وفر استعمال هذا النوع من الخشب الى تغييب السجاد لأنه يمنح البرودة صيفاً والدفء شتاءً.
أما الأخرى فاتسمت بالبساطة وفيها سريران بغطاءين مطرزين بالورود مع طاقم بحجم صغير خاص بالأولاد مؤلف من صوفا وقطعتين من الكرسي المتوسط الحجم.
أما غرفة نوم الضيوف ففيها سرير موجود ومصنوع من الخشب والقماش القاسي، وخزانة حديثة متناغمة مع طرازه.
ويرى بو سابا أن المنزل العصري يتناغم فيه السجاد العجمي بألوان وأنواع مختلفة لكن بقطع صغيرة، وهو يبتعد عن استعمال العصري ضمن معالجة تجمع كلاسيكية السجاد وعصرية الاثاث.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024