إجازات تنتهي بكوارث منزلية
حوادث قد تقع ولم تكن بالحسبان، وتؤدي إلى خسائر مادية ومعنوية لا تقدّر بثمن. قد يكون السبب أنبوبة غاز، أو صنبور مياه، أو حتى مبيداً للحشرات، وبعض الأحيان التهاون في بعض الأمور، أو الحرص الشديد الأكثر من اللازم، في اتخاذ بعض الاحتياطات. لكل عائلة معاييرها الخاصة بالسلامة قبل السفر والغياب عن المنزل، كل حسب مخاوفه وتجاربه وخبراته. وبلا شك تعدّ حوادث الحرائق، و تسرب المياه، والسرقات، والتسمم الكيميائي من أدهى الحوادث التي قد تقع أثناء الغياب عن المنزل لفترة طويلة... تجارب لأصحاب منازل عادوا بعد عطلة جميلة لمواجهة كارثة أليمة، ونصائح يقدمها متخصصون لسلامة منازلكم وقت السفر في التحقيق الآتي...
عش الزوجية يغرق بعد شهر العسل
أثاث جديد وبيت لم يُسكن لفترة طويلة. وقعت المصيبة عند العودة من شهر عسل، يقول عبد الرحمن بن طشة: «أمضينا أنا وزوجتي شهر العسل في تايلاند، وبعد أسبوعين على غيابنا عدنا إلى المنزل فوجدناه مغمورا بالمياه. ورغم وجود المفتاح مع والدي، وقد تأكد من سلامة البيت قبل عودتنا بيومين، شاء القدر أن ينفجر أحد صمامات المياه، فبقي لمدة يوم كامل يصب الماء في المنزل. وبفضل من الله لم تصل المياه إلى مستوى تلامس به توصيلات الكهرباء والأجهزة الإلكترونية، لكن تركت هذه الحادثة آثاراً على الجدران والأثاث استغرقت إزالتها وقتاً».
كلفة أثاث وطلاء جديد بسبب أدوات صحية مقلدة
في تجربة مماثلة، كانت الأدوات الصحية المقلدة سبباً في إتلاف أثاث منزل رائد عبد الحليم الذي تغيّب عن المنزل، عاد ليراه غارقاً في فوضى عارمة، وقد تلف أثاث البيت، ودهان الجدران، فالرطوبة تسببت بتعفن الأثاث، مما أجبره على شراء أثاث جديد وتحمّل كلفة طلاء المنزل بالكامل.
فاجعة موت أحد أفراد العائلة من المبيدات الحشرية
وفاة شاب بسبب المبيدات الحشرية، حادثة مروعة يروي قصتها أحمد الحنفي، وقد حدثت قبل سنوات لأحد أقاربه في مدينة مكة المكرمة. فقد قررت العائلة الذهاب في رحلة للتخييم خارج المدينة، وقبل ذهابهم وضعوا بعض المبيدات الحشرية لقتل الفئران والحشرات وأغلقوا الأبواب والنوافذ بشكل محكم، لكونهم سيغيبون عن المنزل لمدة ثلاثة أيام. وفي غيابهم قدم إلى المنزل ابنهم الشاب الذي كان يعمل في مدينة أخرى، ولديه مفاتيح للمنزل دخل ولم يجد أهله، وكان قد قرر المبيت في البيت، وفوجئت العائلة عند عودتها بوجود الابن على أحد الأسرّة بدون حراك. وقتها كان قد فات الأوان، فبعد استنشاقه لهذه المبيدات مات بشكل بطيء أثناء نومه.
احتياطات من الجرذان والحشرات
الجرذان والحشرات من أكبر المخاوف التي كانت تعاني منها السيدة منال أيمن، فلكونها تقطن بالطابق الأرضي يعتبر وجود الحشرات أمراً مسلّماً به، ولخوفها من استخدام المبيدات وقت الوجود في المنزل، تلجأ إلى استخدامها قبل السفر. وفي كل مره تنوي فيها السفر، تتخذ احتياطات ضرورية، للحرص على سلامة المنزل أثناء غيابها، فبعد التأكد من إغلاق صمامات المياه وفصل الكهرباء عن كل البيت، وسلامة أنبوبة الغاز من التسريب، تضع بودرة خاصة لقتل الصراصير والحشرات على زوايا الغرف، وتقفل كل المنافذ التي قد تتسلل منها الجرذان.
علا الجنيدي تتخذ احتياطات مختلفة قبل السفر، فالنباتات والحيوانات الأليفة التي تملكها في المنزل هي أهم ما تهتم به، فتبحث عن من يتولى أمرها أثناء فترة سفرها. وكذلك تحرص على وضع ممتلكاتها الثمينة، ومفاتيح المنزل عند أحد الأقارب، ليتفقد المنزل بين الحين والآخر، ويفتح الشبابيك بعض الوقت لتهوئة المنزل.
إذاعة القرآن والدعاء
أما السيدة أم عبد الرحمن، فتركها للبيت لفترات طويلة يسبب لها بعض القلق والوساوس، فتطلب من أولادها على الدوام الذهاب إلى المنزل والتأكد من سلامته. وتحرص قبل مغادرتها المنزل على تشغيل إذاعة القران الكريم، لحماية منزلها من أي مكروه. ولا تنسى أبدا دعاء الاستوداع، فهي تجد أن هذه الخطوات تكفل لها العودة بسلامة، ودون حدوث مكروه لها ولمنزلها طوال فترة سفرها وغيابها عن المنزل.
الاستعجال كاد يتسبب بحريق
السفر المفاجئ وعدم الترتيب المسبق للرحلة، عرّضا نورة عبد الله لموقف لن تنساه أبدا، فبعدما فوجئت بمرض أحد أقاربها في مدينة الرياض، سارع زوجها إلى حجز تذاكر للسفر. ولضيق الوقت ومحاولة الإسراع في تجهيز الحقائب ومستلزمات أطفالها، نسيت قدر الماء الذي تعقم به زجاجات طفلتها يغلي، ولكن بعد وصولها إلى المطار تذكرت أنها لم تجلب زجاجات طفلتها، وعادت على الفور إلى البيت لتجد الدخان يتصاعد ورائحة المنزل كريهة من احتراق القدر. ورغم أنها فوتت الرحلة، وتكبدت خسارة مادية، حمدت الله على تذكّرها الزجاجات.
التسمم الكيميائي تتشابه أعراضه مع التسمم الغذائي
عن المواد الكيميائية والمبيدات يؤكد الدكتور منصور القدسي استشاري حوادث وطوارئ في مستشفى الملك عبد العزيز في جدة، أن هذه المواد الكيميائية وبالذات المحظورة منها مثل فوسفيد الألومنيوم، لا يجوز استخدامها بأي طريقة من الطرق في المنازل والحدائق، لكونها تؤثر بشكل مباشر على صحة الإنسان عند استنشاقها أو تناولها عن طريق الخطأ. فهذه المواد تصبح أخطر عند وضعها في المنزل، ومع تركه مغلقا لمدة طويلة تتجاوز الثلاثة أيام دون تهوئة، تحولها الرطوبة والحرارة إلى غازات سامة قد تضر بالجيران، كون هذا الغاز ينتقل عبر الهواء وليس له رائحة نفّاذة، ويسبب استنشاقه لفترات طويلة موتاً بطيئاً وتدرجياً، مما يجعل الأمر كوفاة شبه طبيعية.
ولفت القدسي إلى أن أعراض التسمم الكيميائي «تتقارب مع أعراض التسمم الغذائي التي تتمثل بالخمول، والكسل، والغثيان، وقد يصاحبها طفح جلدي. وللأسف جرعة بسيطة من هذه المواد الكيميائية قد تقتل طفلاً. وبالطبع التشخيص في حالات التسمم الكيميائي يتطلّب مراحل للتأكد منه، فإصابة أكثر من فرد من العائلة بالأعراض نفسها هو مؤشر لاحتمال استنشاقهم مواد سامة وتعرضهم لتسمم كيميائي. عندها تؤخذ عينات من المريض لفحصها على الفور لدى مركز السموم، ومن ثم يتم تحديد درجة الخطورة ومعالجة الحالة فوراً. والأهم من ذلك تبليغ الجهات المختصة لتفحص مكان سكن العائلة. ولكن أكثر ما نواجهه في قسم الطوارئ من حالات التسمم الكيميائي هي حالات تناول طفل إحدى مواد التنظيف أو أي مادة كيميائية عن طريق الخطأ، وهذه الحالات تعد أسهل لأن السبب يكون معروفاً».
ويشدد القدسي على ضرورة عدم استخدام أي مبيد غير مصرّح أو غير موثوق، وبإمكان أي مواطن التأكد من سلامة المبيدات الحشرية غير المعروفة المصدر، عن طريق زيارة مركز السموم، ومن ثم استخدامها بعد التأكد من عدم ضررها، وطريقة استخدامها، والجرعة المناسبة.
الأخطار المحتملة في المنازل وقت غياب أصحابها
أوضح العقيد الدكتور صالح بن علي القحطاني مدير إدارة التوعية في المديرية العامة للدفاع المدني السعودي، أن توعية المواطنين والمقيمين هي أهم ما تسعى إليه مديرية الدفاع المدني لكونها صمام الأمان الذي يعمل على تفادي الحوادث بمختلف أشكالها، ويؤكد أن الحوادث المنزلية التي قد تحصل أثناء غياب أصحابها، أو سفرهم لفترات طويلة تنحصر بعدة أخطار، أهمها الأخطار الكهربائية التي قد تنتج عنها خسائر كبيرة سواء في الأرواح أو في الممتلكات خصوصا في المواقع الآهلة بالسكان، كالشقق والمباني الكبيرة، والتي غالباً تعود مسبباتها إلى إهمال وعدم حرص من العائلة قبل مغادرتها المنزل، وعدم التأكد من القابسات الكهربائية الخاصة بالأجهزة المتحركة، أو استخدام الوصلات الرديئة الصنع وغير المطابقة للمواصفات والمقاييس. وأضاف أن ترك جهاز الراديو يعمل على مدار الساعة، أو ترك سخانات المياه الكهربائية تعمل خلال فتره غياب الأسرة، يشكلان خطراً كبيراً. وكذلك هناك أخطار الغاز وتسربه، وخطر تسرب المياه، والتي قد ينجم عنها تلف للممتلكات، وتماس كهربائي عند تلامس الماء مع الأسلاك. تأتي بعدها أخطار المبيدات الحشرية والزراعية وعمليات تعقيم المنازل، والتي يجب الوعي بخطورتها الشديدة التي قد تهدد حياة سكان المنزل أو حتى الجيران، ويجب تجنب استخدامها بشكل مطلق، وخصوصاً فوسفيد الألومنيوم الذي ينتج عنه غاز الفوسفين القاتل عندما يختلط بالماء أو الرطوبة، والذي تم تجريم استخدامه عالمياَ في هذا المجال. وكذلك هناك مادة الآسيد القلوية أو ما يطلق عليها تسويقياً «ماء النار»، وهي مادة خطيرة جدا. وأوضح القحطاني أنه يمكن الاستعانة بمعقمات آمنة تباع في المتاجر الكبيرة والمحلات المعروفة، وفي عبوات مُحكمة الغلق، وفي كل الأحوال لا بد من الاطّلاع على التعليمات والتحذيرات المدونة على العبوات وإغلاقها بإحكام، وإبعادها عن متناول الأطفال، والتأكد من تاريخ صلاحيتها.
لاحتياطات أكثر أماناً
ويشدد العقيد القحطاني على أهمية اتخاذ رب الأسرة الاحتياطات الضرورية، والتأكد منها قبل مغادرة المنزل، وبالذات إذا كانت المدة التي سيغيبونها عن المنزل طويلة وذلك لضمان السلامة العامة، والتي من خطواتها:
● فصل جميع الأجهزة غير الضرورية كالتلفاز، والراديو، والغلّايات، والمصابيح، وأدوات التسخين كالمايكروويف والمكواة، والأجراس الكهربائية، ومراوح الشفط، والثلاجات بعد تفريغ محتوياتها، لكون كل تلك الأجهزة قابلة للسخونة وإحداث تماس كهربائي تنجم عنه حرائق.
● وأكد ضرورة فصل شواحن أجهزة الجوال حتى ولو لم تكن متصلة بالأجهزة نفسها، لأن هناك وصلات مقلدة ورديئة الصنع.
● ومن ثم تأتي مسألة التأكد من أنابيب الغاز، والأفران، والتأكد من عدم وجود تسرّب باستخدام الرغوة، أو الصابون، والتأكد من الوصلات النحاسية والمطاطية وسلامة مفاتيح الأفران، ووضع أنبوبة الغاز في موقع آمن بعيد عن أشعة الشمس والحرارة.
● وفي حال استخدام المبيدات حشرية والمعقمات قبل السفر، لا بد من التأكد من تغطية كل الأواني، وإبعاد هذه المواد قدر الإمكان عن الأطعمة، لتجنب حدوث حالات من التسمم الغذائي.
● وتعد عملية التأكد من صنابير المياه والمحابس وإقفالها بإحكام ضرورية جداً للسلامة.
● كما يوصى بترك نسخة من مفتاح المنزل أو الشقة لأحد الأقارب، أو الأصدقاء لحالات الضرورة، وإبلاغهم عن وجهة السفر والمدة التي سيغيبونها عن المنزل.
● وأوضح أنه عند شك الجيران بخطر، سواء تسرب غاز، أو حريق، أو تسرب مياه، أو رائحة غريبة، يجب على الفور إبلاغ غرفة العمليات في الدفاع المدني على رقم الطوارئ 998 لاتخاذ الإجراءات اللازمة، وإخلاء العمارة السكنية لتجنب أي طارئ.
شاركالأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1080 | كانون الأول 2024