دكتوراه فخرية لسيّدة الشاشة العربية فاتن حمامة
لأنها علامة بارزة في السينما العربية كان لا بد من تكريمها. هي التي غيّرت صورة المرأة النمطية التي كانت تسود الشاشات، واتجهت بأفلامها نحو الواقعية بتجسيد شخصيات من صلب المجتمع، فاستطاعت أن تكسب القلوب وتغيّر النفوس، وتطلق "ثورة نسائية" لطيفة، حقّقت من خلالها، وبجدلية أدوارها حقوقاً للنساء كانت مهدورة أبرزها إقرار قانون الخلع. هي فاتن حمامة التي قال عنها رئيس الجامعة الأميركية في بيروت أثناء منحها دكتوراه فخرية تقديراً لأعمالها: "فاتن حمامة تستحضر عناوين راسخة في البال، أداؤها الفطري على الشاشة استحوذ على قلوب الجمهور لأكثر من سبعين سنة وهي تبقى سيدة الشاشة العربية".
ولأن الثقافة مهدّدة في زمن الثورات والحروب، كانت فرحة سيّدة الشاشة العربية بهذا التكريم لا توصف وسعادتها قصوى كما قالت:"أشعر بسعادة قصوى اليوم، أعظم من أي سعادة بأية هدية حصلت عليها. في الوقت الراهن يتعرّض الفن والثقافة وأي شيء يتعلق بالأدب لهجوم كبير. ولذا هذه الشهادة لا تسعدني أنا فقط بل تسعد كل المثقفين والفنانين في مصر وفي العالم العربي".
ثم استذكرت دخولها مجال التمثيل"عندما تكونين صغيرة، لا تشعرين برهبة الأشياء، وتشعرين أنّ كلّ ذلك لعبة، والكلّ خايف منّك وعامل حسابك، والناس تجبلك لعب وتكوني فرحانة.. "أنا بحب شغلتي قوي"، أعطاني الفنّ الكثير وعلّمني وجعلني سعيدة. أحببت عملي وكنت صادقة بذلك. لم أكن أعمل في السينما كي أبدو جميلة على الشاشة، ولا من أجل المال.. في ذلك الزمن أساساً لم يكن هناك مال كثير في المهنة، ولا رواتب كبيرة، لكننا كنا مبسوطين وكنا غاويين".
أدوارها مرآة المجتمع
جسدت فاتن حمامة في فيلم "صراع في الوادي" شخصية مختلفة لابنة الباشا عن تلك السائدة المرتكزة على سطحية الابنة، فكانت متعاطفة مع الفقراء والمسحوقين وقامت بمساندتهم. وفي فيلم "الأستاذة فاطمة" مثّلت دور طالبة في كلية الحقوق من عائلة متوسطة وكانت تؤمن أن للنساء دوراً يوازي دور الرجال في المجتمع، وفي فيلم "إمبراطورية ميم" مثّلت دور الأم المسؤولة عن عائلتها في ظل غياب الأب،وفي فيلم "أريد حلاً" جسّدت دور امرأة معاصرة تحاول أن يعاملها القانون بالمساواة مع الرجل فكان أن حرّكت المجتمع ليطالب بقانون الخلع. وقدّمت مع المخرج خيري بشارة فيلم "يوم حلو يوم مرّ" ولعبت فيه دور أرملة في عصر الانفتاح والمبادئ المتقلّبة وتحمل هذه الأرملة أعباء ثقيلة جداً دون أن تشكو. ويرى معظم النقاد أنها وصلت إلى مرحلة النضج الفني مع فيلم "دعاء الكروان" المأخوذ من رواية لطه حسين، الذي اختير كواحد من أحسن ما أنتجته السينما المصرية، خصوصاً أنها أدّت فيه دوراً معقّداً جداً من الناحية النفسية.ومن هذا الفيلم بدأت بانتقاء أدوارها بعناية فكان فيلم "نهر الحب" المقتبس من رواية ليو تولستوي الشهيرة "آنا كارنينا" وفيلم "لا تطفئ الشمس" عن رواية إحسان عبد القدوس وفيلم "لا وقت للحبّ" عن رواية يوسف إدريس.
شاركالأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024