تحميل المجلة الاكترونية عدد 1079

بحث

طفلك يطرح أسئلة وجودية؟

طفلك يطرح أسئلة وجودية؟

أين كنت قبل أن أولد؟ لماذا الناس لا يشبهون بعضهم؟ ماذا يعني غدًا؟ يبدأ الطفل طرح هذا النوع من الأسئلة الوجودية بين الثالثة والسابعة، وهي تخفي وراءها علامات استفهام كبيرة ومهمة بالنسبة إليه.
و يطرحها على والديه لأنهما في رأيه يمتلكان معرفة كاملة عن الحياة. لذا يرى اختصاصيو علم نفس الطفل أنه من الأفضل التحقّق من معنى هذه الأسئلة خصوصًا عندما يكرّرها الطفل.


في الطريق إلى اكتشاف ذاته
أين كنت قبل أن أولد؟ وأين أكون حين أموت؟ هل كان اسمي أيضًا سمير عندما كنت في بطنك؟ ماما أنت أيضًا لن تكوني موجودة في يوم من الأيام؟

ماذا يريد الطفل أن يقول حين يطرح هذه الأسئلة؟
قبل السادسة يتمحور تفكير الطفل على وجوده الشخصي. فمثلاً حين يسأل والدته كيف يصنع الأطفال؟ يريد أن يعرف حقيقة تكوينه، وكيف أتى وما إذا والداه أحباه فعلاً كي يحصلا عليه. وقد يبدو السؤال في البداية سؤالاً علميًا: وهذه اللحظة المناسبة للتحدث عن الحب.
كما أنّ هذا النوع من الأسئلة يخفي علامة استفهام كبيرة جدًا. فمصدرها شعور الطفل بالقلق على موقعه في هذا العالم ويريد التأكد من صلابة أصوله.
فمثلاً حين يطرح الطفل سؤال ماذا يحدث إذا اختفت الشمس فربما يشعر بالقلق على مستقبله وما إذا كان سيختفي والداه. وهذا قلق مشترك عند كل الأطفال.

كيف يمكن مساعدته؟
يشكّل الكتاب بالنسبة إلى الطفل نقطة انطلاق جيّدة خصوصًا إذا شعرت الأم بالإحراج في الإجابة عن سؤال من أين أتيت؟ وأين كنت قبل أن أولد؟ أمّا إذا كان سؤاله عن موقعه في سلالة العائلة، يمكن الأم مساعدته عن طريق صنع شجرة عائلية توضع عليها الصور الحديثة، مما يسمح له في فهم من أين أتى.

اكتشاف معنى المساحة والزمن
من أين أتى هذا؟ متى غدًا؟ قريبًا كم يعني من الوقت؟ إنّه الصباح أم المساء؟

ما الذي يريد معرفته من هذه الأسئلة؟
يرى الطفل نفسه مركز الكون ويرى العالم في صورته. فالهواء مثلا بالنسبة إليه يفكّر بالطريقة نفسها وأنّ لديه القدرات وردات الفعل نفسها التي لدى الإنسان.
فعندما يبحث الطفل في أصل الظواهر الطبيعية أو عناصر الطبيعة، فهذه طريقة ليستعلم عن وجوده، من أين أتيت؟ ومن أنا؟ فهو يسعى إلى تحديد موقعه في المساحة المكانيّة والزمن أيضًا.
وعندما يسأل إلى أين يذهب هذا؟ أو من أين أتى هذا الشيء؟ يشير أيضًا إلى أنه يدرك أن هناك «قبل» و«بعد» فيصيغهما عندما يبدأ بإدراك معنى الوقت الذي مضى.
ولكن تبقى هذه الأمور غامضة بالنسبة إليه، وهذا يحتاج من الأم إلى بعض الصبر ، فهو بين السادسة والسابعة يصبح قادرًا على التمييز بين الماضي والحاضر والمستقبل.
وإلى أن يبلغ هذه السن على الأم أن تكون مستعدّة للكثير من الأسئلة حول الزمن والمكان.

كيف يمكن مساعدته؟
بإعطائه أمثلة واضحة تتعلّق به شخصيًا في استعماله للوقت. مثلاً بدل أن تقول له والدته «سنقرأ هذا الكتاب لاحقًا» وهو بدوره يسألها: «متى هذا الـ «لاحقًا»؟ يمكنها أن تقول له « سنقرأ الكتاب بعد أن تستحم وتتناول عشاءك».
أما في ما يتعلّق بالمستقبل البعيد نسبيًا أي بعد يومين أو ثلاثة، مثلا تقول الأم سنزور الجدّة بعد يومين، ويسألها الطفل كم من الوقت يعني؟ حينها يمكن أن تستعمل طريقة عدّ مرات النوم الليلي. «
سنزور الجدة بعد مرّتين من النوم الليلي». من المهم أن تؤكد للطفل النوم في الليل، لأنّه سيظن أن قيلولة بعد الظهر هي أيضًا نوم.

محاولة اكتشاف العالم
لماذا الناس مختلفون في الشكل؟ لماذا لست صبيًا؟ لماذا شعر رامي طويل رغم أنه صبي؟ لماذا بشرة خالي سمراء؟

ما الذي يريد معرفته؟
يكون الطفل حسّاسًا جدًا تجاه ما هو شبيه و مختلف. فعندما يكون صغيرًا جدًا تربكه الإختلافات وتخيفه، لأنها تشكّل بالنسبة إليه ظاهرة المجهول. فبين الثانية والثالثة يعبر مرحلة استثنائية محرّضة.
فهو يكتشف جسمه واختلافه عن غيره واختلاف الجنس وألوان البشرة وطول الشعر ويتبع الآراء والصور النمطية الثقافية المتعلقة بجنسه، فالتنورة للبنت والسروال والشعر القصير للصبي.

كيف يمكن مساعدته؟
عليه أن يندمج ويدرك أنّ كل إنسان فريد والناس مختلفون، فهناك الطويل والقصير، وهناك من يضع نظّارت وآخر لا، هناك من له بشراء داكنة. ويكون ذلك من خلال القصص والموسوعات العلمية التي تفسر للأطفال معنى الإختلاف والتحدّث إليه بطريقة منطقية.

كيف نجيب؟
صاحب الأسئلة العلمية: في البداية على الأهل معرفة طريقة الطفل في التفكير في العالم المحيط به. ومن ثم الإجابة عن سؤاله بتحويل السؤال إليه ليكون واضحًا في ما يسأل، ومن ثم إعطائه تفسيرًا علميًا، ويمكن الاستعانة بالموسوعة، لأن أسئلته أحيانًا لا تنتهي، لذا فإنّ تحديد ما يريد معرفته وإعطائه الجواب العلمي قد يشبع فضوله، ولكن سيعود يسأل عن أمور أخرى، وهذا بسبب شعوره بالتوتر والفضول وقد يعبّر عن شكوكه فورًا أو بعد فترة إذا ما رأى ظاهرة غريبة بالنسبة إليه. ومن الناحية العلمية فهو يحتاج أيضًا إلى أن يسمعه والداه ويؤكدا حبهما له.
صاحب الأسلئة الدقيقة: إذا كانت أسئلة الطفل محرجة ، وإذا كان الوالدان غير مستعدين للإجابة، وإذا شعرا بأنهما محرجان أو يخشيان الإجابة المربكة، يمكنهما تأجيل الإجابة ولكن يجب عدم ترك الطفل في حالة من الشك.
صاحب الأسئلة المتكرّرة نفسها: لماذا تفعلين هذا؟ يعيد السؤال بشكل دائم عندما يرى والدته تقوم بعمل ما، فهو يحاول احتلال المكان من خلال لفت انتباهها بغض النظر عن الموضوع. وفي المقابل للأم حق أن تجيبه بلطف «لأنه هكذا».

 

المجلة الالكترونية

العدد 1079  |  تشرين الثاني 2024

المجلة الالكترونية العدد 1079