عابد فهد: أبحث عن وجه جديد جداً ليشاركني بطولة 'الأسود يليق بك'
اشتهر بأدوار الشرّ وقد صدّقه الجمهور إلى درجة الكراهية... يرى الدور الطبيعي العادي غير مغرٍ ومملاً، ويتحضّر لتوقيع هدنة سينمائية تكون بمثابة الفاصل للعودة إلى عشقه، التلفزيون. تشكيل ثنائي تمثيلي معه حلم كل ممثلة شابة، وهو المغنطيس الذي يجذب الممثلين للمشاركة في أعماله.
يروي مشهداً من دراما واقعية ملوّثة نعيشها، تحرّضه فنياً وتحرجه مع ذاته، ويشبّه الواقع الذي نعيشه بمباراة كرة قدم. يخلع عنه ثوب العنف والتسلّط، ويطلّ بشخصية المتسامح الحكيم في «لو»... الممثل السوري عابد فهد في هذا الحوار.
- من الزوج المتسلّط في «لعبة الموت»، إلى العقلاني المتسامح في «لو»، هل تعتقد أن «غيث» سيكسبك تعاطف الجمهور الذي كرهك في الأعمال السابقة؟
لم أختر شخصية غيث لكي أكسب من خلالها جمهوراً، فهناك أشخاص أُعجبوا بشخصية عاصم وتعاطفوا معه، وحتى الذين كرهوه، شعروا بذلك من كثرة تصديقهم له. فأنا لا أؤدي دوراً لكي أكسب أو أخسر في هذه الحياة، بل أؤديه لأنه موجود في المجتمع.
أضيء على الشخصيات التي تتحلّى كل منها بمقوّمات وتركيبة نفسية معينة، أكان عاصم في «لعبة الموت» أو رؤوف في «الولادة من الخاصرة» أو غيث في «لو»، وأظهر للناس أن هؤلاء الأشخاص موجودون في الحياة والمجتمع. هناك من يستحوذ على الآخرين ويتسلّط عليهم، ومن يعنّف زوجته ومن يسامحها، والأمر مرهون بطريقة لعب الشخصية.
- حدّثنا عن دورك في مسلسل «لو».
فيه الكثير من الحِكمة والدقة والصلابة، إذ أعيش مواجهات مستمرّة مع زوجتي «ليلى» التي أشعر بخيانتها لي، فأواجه الأمور بكل هدوء وأحاول تكذيب ما حصل لكي أحافظ على صورتها الجميلة في ذهني وذكرياتي معها ومع ابنتي في المنزل.
تمسّكت بحبي لزوجتي ولم أشأ أن تكبر ابنتي وتتأثر نفسياً بخطيئة والدتها. لمت نفسي وبرّرت لها خيانتها باعتبار أني أهملتها وأشعرتها بفراغ عاطفي، وسعيت للتعرّف إلى العشيق السرّي لأحاول فهم الدوافع الكامنة وراء خيانتها لي قبل محاسبتها. ألتقي العشيق وأستمع إلى التفاصيل في مكان حصول الخيانة.
كُتب الكثير عن قصص الخيانة، لكننا في «لو»، نعالجها بأسلوب مختلف تماماً وهو تحدٍّ لنا. علماً أنه مقتبس عن الفيلم الشهير Unfaithful، وأفلام وروايات عالمية أخرى، تولّت كتابته اللبنانية نادين جابر، ووضع له السيناريو والحوار السوري بلال شحادات، ويحمل توقيع المخرج السوري سامر البرقاوي وقد أنتجته شركة «سيدرز آرت بروداكشن».
- في ملامح وجهك قسوة، والتكبّر والغرور صفتان تلاحقانك... هل هذه هي حقيقة عابد فهد؟
قد أخبرك بأني إنسان صالح، أحب الحيوانات والأطفال، أتعاطف مع الفقير وأكره الثري، ولا يصدقني القرّاء! فأصعب الأمور هي أن يتحدّث الإنسان عن نفسه. المقربون سيقدمون لك خلاصة عني، إسأليهم...
- هل أنت عصبي؟
أتصف بالمزاجية أكثر من العصبية، فإن لم يدهشني أمر ما أو يثر لديّ فكرة مثمرة خلال لقاء معين، يمكن أن أترك المكان أو ألغي هذا اللقاء... فالخطأ يزعجني والظلم يثير عصبيّتي أكثر من أي شيء آخر.
- عابد فهد المغنطيس الذي يجذب الممثلين للمشاركة في عمل ما، مجرّد وجودك في العمل يضمن مشاركة أهم الممثلين. من يجذبك من الممثلين؟
يجذبني محمود عبد العزيز، الممثل المصري القدير، أستمتع بالعمل إلى جانبه... كما تمنّيت التمثيل إلى جانب الراحل أحمد زكي.
- يلخّص العمل الدرامي الجديد «قلم حمرة» الذي تؤدي فيه دور الطبيب المكتئب، إلى جانب سلافة معمار الكاتبة المتحرّرة، الوضع السوري حالياً. لماذا شُكّك باحتمال عرضه على شاشة رمضان؟
اعتبر «قلم حمرة» جرعة زائدة من الجرأة. وبرأيي، حظوظه لأن يبرز بعد رمضان كبيرة. وسوف يشاهده عدد أكبر من المشاهدين.
- ما الذي يُميّز هذا العمل؟
العمل ذكي وجديد ولا يشبه الأعمال التي شاركت فيها من قبل، أكان على صعيد التأليف (يم مشهدي) أو الإخراج الذي استمتع بتفيذه حاتم علي.
عملنا بمتعة لأن العمل يشبه الحياة ويشبهنا، والحوارات التي كان تدور بيننا بشكل يومي كانت تحمل الكثير من الألم والفرح والسخرية التي اضطررنا لأن نلملم جراحنا فيها، سخرنا من أنفسنا نتيجة الظروف التي نعيشها...
- كرهك الجمهور بسبب «رؤوف» وأنت تعتبره صديقاً لك! وقد صرّحت أنه من الشخصيات التي كنت تُطرب خلال تأديتها...
في طريقي إلى مكان التصوير لتأدية دور رؤوف، كنت أستمع إلى الموسيقى والأغنيات الطربية، كنت أدخل المشاهد مسلطناً، فقد أصبح رؤوف صديقي.
بيننا علاقة وطيدة استمرّت لثلاث سنوات، في الجزء الأول من المسلسل كنت أحاذره، كنت أحضّر كثيراً للدور وأؤدّيه بحذر، وفي الثاني كنت ألعب معه، أما في الجزء الثالث فقد غلبت «الأخ رؤوف»، انتصرت عليه وانتهيت منه، ولهذا السبب لم يكن هناك جزء رابع من «الولادة من الخاصرة».
- هل كنت مع تنفيذ جزء ثالث من «الولادة»؟ هل تحّملت القصة هذه الإطالة؟
بالتأكيد، وقد أخذ الجزء الثالث حقّه وزيادة، فالناس شاهدوه بقوة وطالبونا بجزء رابع.
كفى عنفاً...
- في مسلسل «لعبة الموت» قمت بتسليط الضوء على وجع يومي، داعياً النساء المعنّفات إلى أن يكسرن حاجز الصمت. ففي لبنان، علت صرخات النساء وبرزت جمعية «كفى» وأُنتج مسلسل تلفزيوني تناول العنف الأسري وخاصة تعنيف المرأة بأسلوب درامي. ماذا يعني لك هذا الأمر؟
هذا انتصار، ويعني أن العمل استوفى شروطه وأننا حققنا الهدف. فما أروع أن تمتدّ أبعاد العمل إلى المجتمع وتنقذه، فقد أصبح هناك صوت آخر غير صوت الممثل يقف ويقول كفى عنفاً.
- كيف علّقت زوجتك زينة على شخصية عاصم العصبي العنيف للمرة الأولى؟
زينة ليست مشاهدة عادية تفاجّأ وتندهش وتُصدم... زينة تحلّل المشهد واللحظة فنياً وتدرسهما بعمق، فإن لم يكن المشهد آسراً ومقنعاً لا تندهش.
في الحلقتين الأولى والثانية، مع بداية الحدث الرئيسي، أي حين انفجرت العلاقة بيني وبين سيرين، قالت زينة Wow Bravo إنه عمل جيّد ومهم.
- قالت سيرين عبد النور إن الضرب كان حقيقياً، وأنك كنت تطلب منها أن تساعدك كي لا تؤذيها. بينما قلت إنك لم تلمس جسدها، وأن كلّ ما عرض هو ضرب في الهواء. هل فعلاً ضربتها؟
ضربتها بالغلط... «حرام» أصبتها في يدها وكتفها في المشهد الأخير، وذلك لأننا كرّرناه 15 مرة ومن كل الزوايا، فكان لا بد أن تفلت اليدان دون قصد ولو لمرة!
- كيف تقوّم الدراما السورية اليوم؟
الدراما السورية في أوجها اليوم، لقد وصلت إلى أهم مكانة لها في أصعب الظروف. فالشعب يشاهد الدراما على وقع الطلقات النارية والإنفجارات. والدراما تحارب لكي تحافظ على حضورها وصدارتها عربياً.
- هل خرج نص سينمائي سوري يروي التجربة السورية المؤلمة أم بعد؟
ليس بعد. أنوي تنفيذ عمل كهذا لكنه لم يطرح عليَّ بشكل جدي وعملي حتى الآن.
- هل من تَقَدُّم في مشروع تحويل رواية الكاتبة أحلام مستغانمي «الأسود يليق بك» إلى فيلم سينمائي؟
عقدنا اجتماعات مع شركة twofour54 أبو ظبي، وأصبحت الخطوات عملية وأكثر جديّة منذ أسبوعين، وخلال فترة قريبة سنشهد الإقلاع... العمل سيكون سينمائياً، ومن ثمّ تلفزيونياً.
- هل تمّ ترشيح اسم البطلة؟
أبحث عن وجه جديد جداً، ليس معروفاً على الإطلاق، يخدم المشروع ويزيده حقيقية. نريدها ممثلة جزائرية أو تونسية تطلّ على الشاشة للمرة الأولى، من خريجي المعهد العالي للفنون المسرحية في المغرب العربي.
هذا ما يفتقده مسلسل «الأخوة»...
- من يلفتك من الممثلين الشباب؟
أحب تيم حسن، فهو ممثل رائع يملك الحضور والذكاء ويعرف أدواته جيداً، كما يلفتني باسل خياط وقيس الشيخ نجيب فهما يفيضان فنّاً.
أما مكسيم خليل، فأعتبره من الممثلين الموهوبين جداً، يلعب بمفرده ويغرّد خارج السرب بأدائه التمثيلي. الممثلون السوريون كثر وجميعهم متميزون.
- ماذا عن مسلسل «الإخوة»، هل تتابعه؟
هي التجربة الأولى التي يخوضها الممثل السوري في عمل تلفزيوني طويل، ويبدو أن الملل بدأ يصيب بعض ممثليه نتيجة السيناريو «الممطوط» المطوّل غير المستفزّ وغير المحرّض للممثل. فالممثل السوري يحتاج إلى مادة غنيّة لكي ينبض بالحياة وبالأداء، وهو ما يفتقده «الأخوة»...
- هل شكا لك أحد الممثلين؟
لم يشكوا لي لكني أعرفهم، الشباب أصدقائي وأفهمهم جيداً. فقد تألّقوا في أعمال مهمة في السابق، وشاهدت أداءهم الساحر في أعمال قائمة على مادة مهمة، وأرى اليوم وهجهم يخفت في «الأخوة»... السبب واضح، فالعمل طويل ويحتاج إلى ورشة كتابة لكي تنقذه، يحتاج إلى أفكار وأحداث.
- ما هي قراءتك الخاصة للواقع العربي الذي نعيشه؟
نحن شعوب «عم يلعبوا فينا بالطابة»... يجرون التسويات والصفقات ويبيعون ويشترون بمزاجهم، والشارع ينطح ويناضل لكي يعيش ويؤمن لأبنائه المستقبل وهو صعب. حرام، «نحنا حرام»...
- بعد 30 سنة تمثيلاً، ما سقف طموح عابد فهد؟
سأعلن عنه ضمن مشروعي الذي بدأت التحضير له أخيراً، والذي سيبصر النور في رمضان 2015. سأعبّر عمّا في داخلي وأكون صادقاً مع نفسي ومع المشاهد، وأظهر خلاصات وإشارات لطموحي وأحلامي.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024