في السعودية: ساعات العمل لا ترهق الطهاة... والتحدّي الأكبر تحضير الطعام وقت الصيام
لم يختلف استعداد الطهاة السعوديين لشهر رمضان المبارك عن غيرهم في البلاد العربية، فلشهر العبادات نكهة خاصة بينهم، ولا سيما ما يتعلّق بأصناف الطعام والحلويات التي ترافق هذا الشهر. وإجتماع الأهل حول مائدتي الإفطار والسحور، عادة رمضانية تُعزز مبادئ الرحمة والمحبة.
«لها» تحدثت مع بعض الطهاة السعوديين الذي أطلعونا على كيفية استقبالهم لشهر رمضان...
الإدريسي: يستغرق عملي في مطبخ رمضان نحو ست ساعات
يهم الشيف سمية الإدريسي التي تعمل في أحد مطاعم مدينة جدة، تفادي التأخر عن طلبات نُزلاء الفندق في اليوم الأول. عن هذا تقول: «لرمضان نكهة مميزة لدي، فهو شهر العبادات والصلاة، وأحرص دائماً على تنظيم الوقت بين عملي في مطعم الفندق ومسؤوليات بيتي. وأعمل على إعداد كميات كافية للمعجنات مثل السمبوسك والكبة، ووضعها في قسم التجميد لكسب الوقت، خاصة أننا نقوم بتحضير مكونات وجبتي الإفطار والسحور، لكن الإقبال على وجبة الإفطار هو الأكثر، خاصة مع أول أيام شهر رمضان حين يراوح عدد الزبائن في المطعم ما بين 1300 و1700 شخص».
ولفتت الإدريسي إلى أنها تختار «الفترة الصباحية، من الساعة التاسعة صباحاً إلى الساعة الرابعة بعد الظهر، لأتمكن بعدها من الذهاب إلى منزلي، وإكمال ما تبقى لمائدة إفطار رمضان، ليستغرق عملي في مطبخ رمضان نحو ست ساعات وأحياناً أكثر».
يُشار إلى أن الإدريسي شاركت في العديد من المسابقات العالمية والمهرجانات الدولية، وحازت العديد من الميداليات، وكانت آخر مشاركة لها في الموسم الأول لبرنامج «توب شيف» في بيروت، وفاز طبقها ثلاث مرات كأفضل طبق، وتضيف: «زوجي هو الملهم الأول ليّ في مجال الطبخ، وهو من علمني وشجعني على الاستمرار بهذا المجال».
العزة: أفضّل أن أمضي وقتاً طويلاً في الطبخ خاصة في وقت الصيام
الشيف لولوه سليم العزة صاحبة «مطبخ لولوه»، لتعليم فنون الطهو للفتيات، بدأت مسيرتها منذ ما يقارب السبع سنوات لتعليم الفتيات السعوديات أو بعض الطاهيات غير المحترفات فنون الطهو، إضافة إلى تعليمهن فن تقديم الطبق بصورة فنية جميلة وشهية وغير تقليدية.عشقت العزة فن الطهو منذ الصغر من خلال الحفلات التي كانت تقيمها في منزل والديها ومن ثم منزل زوجها، مما جعلها تجعل من الهواية احترافاً، علما أنها خريجة أدب إنكليزي. مطبخ لولوه العزة يعلم الفتيات كل ما يتعلق بفن الطهو من التسوق مرورا بالتقطيع، حتى التنظيف، إلى الخطوة الأخيرة وهي الطبخ. وقد تنوّع مطبخ لولوه العزة من التايلاندي، إلى الإيطالي، إلى الهندي، وحتى الأكلات العربية ولكن بطريقة مبتكرة.
عن عملها في شهر رمضان قالت: «رمضان شهر الخير والكرم. بالنسبة إلي كطاهية أحضّر الكثير من الأكلات الشهيّة، و استقبل الكثير من الأهل والأصدقاء للاستمتاع بمائدة الإفطار، والسحور أيضاً. كما أحب أن أمضي وقتاً طويلاً في الطبخ خاصة في وقت الصيام، الأمر الذي يوفر لي الوقت للعبادة وقراءة القرآن الكريم».
وتحرص العزة على «تحضير الأكلات الممكن وضعها مجمدة في «الفريزر»، إلى حين الاستعمال مثل السمبوسك والباشميلات والكنافة وغيرها، كما أعمل على ابتكار الكثير من الوصفات الجديدة للتغيير، ولنيل رضا أولادي وعائلتي».
جاد: طهو الطعام وأنت صائم أكبر تحدٍ لأي شيف في العالم
قال رئيس ومؤسس جمعية الطهاة السعوديين الذي يعمل في قسم إدارة المنتجات والتسويق في الخطوط العربية السعودية في جدة الشيف ياسر جاد، والذي يعمل في الفترة الصباحية إن «عمله لا يختلف في شهر رمضان، عن بقية أشهر السنة، لكني سأتحدث بشكل خاص عني في شهر رمضان، وخصوصية استقبال الشهر المبارك، وهو شهر التفاؤل بالخير، واليُمن والعطاء، والعمل لا يختلف فيه عن بقية أشهر السنة، سواء كان في مجال الطبخ أو أي مجال آخر. ذلك أن الشيف مجبر على تقديم وجبة للناس. وقد يبدو الاختلاف بسيطاً في قائمة الطعام سواء في الفنادق والمطاعم، كوجود أنواع معينة من الطعام، فهناك بعض الشركات التي تضيف لمسات خاصة، بحيث تكون الوجبة رمضانية، وفي الوقت نفسه عملية، مثل وجود السمبوسك، بشكل وحجم يتماشيان مع المكان الذي سيتقدم فيه».
ولفت جاد إلى أن خصوصية رمضان بالنسبة إليه كشيف، تكمن في «طهو الطعام، وأنا صائم، وهذا أكبر تحدٍ لأي شيف، بأن يكون صائماً ويعدّ مئات الأصناف من الطعام دون تذوقها، اعتماداً على خبرته».
بترجي: أحرص على وجود الأطباق الخفيفة على مائدة الإفطار والرئيسية على السحور
قال الشيف الهاوي رائد محمد بترجي (36 عاماً)، الذي يعمل موظفاً إدارياً في شركة، إنه منذ أن كان في التاسعة من عمره، كان يهوى صنع الحلويات والطبخ وابتكار وصفات جديدة في بعض الأكلات التقليدية، «كنت أطمح إلى أن أصبح شيف عالمياً مبتكراً، خاصة أني كنت أحب متابعة البرامج التلفزيونية لفنون الطهو، وأقرأ بعض الكتب وأتابع والدتي وخالتي أثناء وجودهما في المطبخ. لم أدرس الطبخ بل تعلمته بهذا الشكل، وسوف أجد الفرصة لأكون الشيف الذي أريد يوماً».
ويضيف بترجي: «شهر رمضان هو شهر اجتماع العائلة بشكل دائم إلى مائدتَي الإفطار والسحور، لذلك أبحث دائماً عن الأكلات الخفيفة والمنوعة بلمسة ابتكارية ومطورة، وأركز في الغالب على وجود نوعين من الحساء والسلطات، خاصة على مائدة الإفطار. أما على مائدة السحور فتبقى الأطباق الرئيسية الشهية، وبالتأكيد هي صحية. وأحرص دائماً على سماع تقويم مائدتي من قبل العائلة، وهم بالتأكيد لا يجاملونني».
بابكير: العمل في رمضان يحتاج لجهد وتنظيم
عملت الشيف أماني بابكير في مطعم خاص بالنساء في جدة، كان يبدأ عملها من بعد المغرب إلى الساعة الثانية بعد منتصف الليل، تقول: «العمل في رمضان يحتاج إلى جهد كبير وتنسيق وتنظيم. وكنا نستقبل هذا الشهر بالكثير من التجهيزات المسبقة، حرصاً على توفير طلبات أي زبونة كانت تأتي لتجده جاهزاً في أي وقت، خاصة الأطعمة التي تحتاج إلى التجميد، مثل المعجنات، وغيرها. كان العمل مُقسماً إلى فترتين صباحية من الساعة التاسعة إلى الساعة الرابعة بعد الظهر، ثم الفترة الأخرى التي تبدأ بعد موعد الإفطار إلى الساعة الثانية بعد منتصف الليل. وكان استقبال الزبونات مريحاً خاصة أن المطعم نسائي فقط، الأمر الذي يبعث على الراحة في العمل».
بخاري: لشهر رمضان نكهة خاصة حتى في أصناف الأكل
شيف سعودي متخصص في الطهو المباشر أمام الجمهور، منحته خبرته في منصة محكمين برنامج «توب شيف» Top chef، تأكيداً لقدرته في مهارات الطهو. إلا أن الشاب المكي الشيف فهد عبد الله بخاري يؤكد أن إبداعه الحقيقي يتمثل عندما يتعلق الأمر «بالمطبخ الحجازي والمكي تحديداً».
وعن تجربته، يوضح أنه مارس منذ طفولته في مكة هوايته المفضلة في محاكاة الأصيل من وصفات الطبخ الشعبية الحجازية، وعندما كبر عمل لدى جهات عدة، إلا أن الفرصة الحقيقية أتته لدى إعلان لتموين السعودية بطلب شباب سعوديين للعمل بمهنة طباخ. ويقول: «لم تكن مهنة الطاهي مرغوبة في المجتمع وقتها، إلا أنني تمسكت برغبتي، واستفدت من نخبة من الطهاة في مكان واحد لدى تموين الخطوط السعودية، وأتقنت عملي حتى وصلت إلى منصب نائب رئيس الطهاة في التموين السعودية. وحالياً لا أجد صعوبة في اللحظات الحاسمة عندما نستعد لتقديم 200 طبق بالتصميم نفسه والطعم نفسه، وفي وقت واحد».
عن استقباله لشهر رمضان، قال بخاري إنه عندما كان يعمل في الخطوط السعودية، «كنا نحرص على إنتاج أكثر من 700 ألف وجبة في اليوم، ويتم الاستعداد لشهر رمضان قبل شهر، فنبدأ بإعداد الأكلات التي نتمكن من وضعها في ركن التجميد، وتنسيق أنواع الحساء بشكل يومي وتجهيز مستلزماتها، كأنواع الحساء السعودية مثل حساء الحبّ، وحساء الفريك، وحساب لسان العصفور، وأنواع مختلفة من حساء الخضار. كل ما ذُكر يتم الاهتمام به في شهر رمضان. وقمة المتعة أن أجد الأشخاص مستمتعين بما يأكلونه».
وأشار بخاري الى انه وعند الانتهاء من عمله يعود لمنزله ليساعد زوجته في إعداد مائدة الإفطار.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024