نديم جرجورة: لا سينما لبنانية... ومنذ نشأتها تعيش حالة ارتباك
منذ نشأتها تعاني من الإرتباك، ويظن صانعوها، إن أُنتجت، أنهم مبدعون ووصلوا إلى العالمية، فيحملون فيلمهم الأول ويدورون فيه أرجاء العالم، فيما المخرجون العالميون يتجنبون التحدث عن أفلامهم الأولى اعتباراً منهم أنها تجربة.
السينما اللبنانية غير موجودة في الشكل العام وهناك محاولات فردية أو كما يطلق عليها الناقد السينمائي نديم جرجورة «مغامرة»، يحاول متقنوها وهم قلائل أن يصنعوا السينما من خلال أفلامٍ وثائقية وبعض الأفلام الروائية الطويلة.
المشاهد اللبناني غير مثقف سينمائياً، ويحبّ أن يشاهد الأفلام المسلية، ويُسقط الإتهامات على أفلامٍ لم يشاهدها لأنها لا تستهويه، بحسب جرجوة.
السينما اللبنانية بحاجة إلى شركات إنتاج وممثلين وكُتّاب، وكما يقول جرجورة مع «لها» إن المستوى التعليمي في المعاهد والجامعات أصبح هابطاً، الأمر الذي دفعه لترك لجنة التحكيم لأفلام التخرج في جامعة «ألبا».
ونكشف في هذا التحقيق آراء بعض المخرجين السينمائين ونلقي نظرة على طبيعة بعض الأفلام «السينمائية» التي تم التطرق إليها في الحوار.
- كيف تقوّم السينما اللبنانية اليوم؟
في الشكل العام لا يوجد ما يسمى سينما لبنانية بعد، لأن صناعة السينما في حاجة إلى كثير من المقومات، علماً أن هناك مجموعة أفلام ومخرجين يحاولون صنع سينما.
- ما هي مقومات صناعة السينما؟
نحن في حاجة إلى إستديوهات، شركات إنتاج، ممثلين سينما وكُتاب سيناريو. أخيراً بدأنا نشاهد متخصصين، كمصوّري سينما، هندسة صوت ومونتاج سينمائي، لكن هذه التخصصات لا تكفي.
هناك أكثر من تجربة فردية وأعتبر أنهم يقومون بـ «مغامرة» ويحاولون إنتاج سينما لبنانية كما يتوجهون نحو الخارج. هناك عدد من الشركات التي تقدم الخدمات الفنية، ولكن ليست صناعة سينمائية.
منذ نشوء السينما اللبنانية وهي تمرّ بحالة ارتباك، لم تمر بمرحلة واضحة وثابتة أو قدمت شيئاً مفيداً وعميقاً.
السينما تمر بمراحل، تاريخياً في أربعينات وخمسينات القرن الماضي كثرت الأعمال السينمائية، وبعدها بسنوات أثناء التأميم في مصر جاء الممثلون المصريون إلى لبنان، وتم إنتاج عدد من الأفلام ولم يُعرف حينها إن كانت سينما لبنانية أم مصرية.
وبعد أيلول الأسود في الأردن عمل الفلسطينيون على صناعة أفلام سينمائية في لبنان. حاول مجموعة من المخرجين أن يُوجدوا ما يسمى السينما البديلة من خلال التحدث إلى الناس وعنهم، ووقعت الحرب اللبنانية وحاولوا أن يكملوا فصُنعت أفلام عدة. وفي الآونة الأخيرة نشاهد حركة شبه مستمرة.
- نحن نعيش عدم استقرار، كيف كثرت هذه الإنتاجات؟
لا يوجد سبب معين لكثرة الأفلام الأخيرة، ولا يمكن أن نعتبر ذلك إنتاجات، بل هناك مموّلون يدفعون أموالاً. في الشكل العام لا أدري ولكن نحن نمر بمراحل، مرحلة كثافة أعمال ومرحلة ركود.
في آخر التسعينات جاء زياد دويري وجوانا حاجي توما وخليل جريج، أنتجوا أفلاماً طويلة. ثم انخفضت وتيرة الأعمال.
المسألة ليست مرتبطة بالوضع الأمني في لبنان سواءً قبل السبعينات أو بعدها، والوضع العام في لبنان كان دائماً مرتبكاً، ولبنان ليس بلداً أساساً، طالما ليس لدينا بنية بلد سيبقى هذا الوضع مستمراً.
كما أن كثافة الأعمال لا تتعلق بكثرة معاهد السينما، على العكس، كثرة معاهد ومدارس السينما إنما هو تسفيه للسينما وإساءة إليها.
- هل هناك دراسة سينمائية في لبنان؟
هناك كثر يعتقدون أنهم يدرسون السينما، وحتى الجامعات الخاصة والأساسية في لبنان المستوى التعليمي فيها هبط.
والتعليم ليس الطريقة الوحيدة لإيجاد مخرج، هناك الكثير من المخرجين الذين لم يدرسوا السينما، أحبوا السينما وعملوا وبنوا مهنتهم.
بالنسبة إلى الأفلام الوثائقية، يبدو أن هناك وعياً عند الجيل الجديد لأهمية الصورة الوثائقية ولأهمية كيف نبني سينما لها علاقة بنا كبشر، أو لها علاقة بنا كذاكرة أو ربما أسئلة معلّقة في حياتنا لم يُجب أحد عنها مرتبطة بالبلد والحرب والنظام الطائفي.
- إلى أي مدى يستقطب الفيلم الوثائقي الجمهور؟
تجارياً ليس له جمهور، هناك محاولة. مثلاً، هناك فيلم وثائقي اسمه «ملاكي» لخليل زعرور يتناول فيه مفقودي الحرب اللبنانية لكنه لم يحصد نسبة مشاهدة كبيرة، وفيلم إليان الراهب «ليالٍ بلا نوم» عُرض لفترة أطول وحاز نسبة مشاهدة أعلى بقليل، و«ميراث» لفيليب عرقتنجي جذب جمهوراً أكبر.
المسألة أن اللبناني لا يملك ثقافة سينمائية وغير مثقف بشكل عام. وعندما يقولون إننا منذ نشأتنا منارة الشرق وجامعاتنا هي الأرقى، فهذا ادّعاء. لم نكن يوماً منارة الشرق لأن الشرق كان تافهاً وقد حُيِّد لبنان عنه لذلك تطور قليلاً.
نعم كانت الجامعات تُدرس وتُخرج عباقرة أما اليوم فالأمر اختلف. الفيلم الوثائقي لا جمهور يشاهده لأنهم لا يعرفون ما هو الوثائقي، يعتقدون أنه تقرير سينمائي، الأفلام السينمائية الجدية هل لديها جمهور؟ لا، لأننا غير معتادين.
- يبدو أنك ناقم على الوضع بأكمله.
ثمة أفراد عملوا على التاريخ ولكن هناك أشياء معلّقة، لا يمكننا أن نكذب على أنفسنا. وهؤلاء الأفراد لم يؤسسوا لأنفسهم أي تراكم، وفي السنوات العشر الأخيرة شاهدنا العديد من النشاطات الثقافية، ولكن إلى أين أوصلتنا؟ هل أوجدت تراكماً؟ لا أدري.
بلدنا منذ زمن يعيش على المبادرات الفردية في الإقتصاد والتجارة والسياسة وفي تأسيس الأحزاب، كله مبادرات فردية.
- ما هو الفرق بين الأفلام اللبنانية التي تعرض في الصالات السينمائية والفيلم السينمائي؟
الأفلام التي تنجح اليوم تلعب على وتيرة إما أن تكون مسلسلاً تلفزيونياً ويتم إنتاج حلقة منه على أساس فيلم سينما، أو نجوم تلفزيون يحصدون نجاحاً، إما أفلاماً دينية أو عن المقاومة.
وهذه الأفلام لديها جمهورها سلفاً. كمشاهد لست ضد، ولكن بالنسبة إلي السينما كل شيء. مثلاً في بلد كأميركا يصدر حوالي 6000 فيلم سنوياً، هناك 3000 فيلم رديء، ولكن هناك صناعة أفلام، وفي المقابل هناك أفلام تمتلك الشروط السينمائية في الكتابة والمعالجة وادارة الممثل والإخراج والمونتاج والموسيقى والأزياء.
نحن بلد صغير والأفلام الطاغية هي التجارية، وبالتالي ذلك يعكس طبيعة البلد، نحن بحاجة إلى وقت نعم، لكن هناك بعض الأفلام المهمة.
- ما هي الأفلام المهمة؟
كل الأفلام الوثائقية لسيمون الهبر، نديم ميشلاوي، رامي نيحاوي، اليان الراهب، زينة صفير. الأفلام الطويلة لغسان سلهب ومحمود حجيج.
- أتقصد محمود حجيج في الأفلام الوثائقية أم الطويلة؟
فيلم «طالع نازل»، وحتى الأفلام القصيرة التي لم تعرض وكذلك أفلامه التجريبية، لديه تنويع. هذه الأفلام لا تُعرض إلا في المهرجانات والإحتفالات الثقافية.
هذا التنويع في الأشكال والأنماط لا يصل إلى الجمهور لأن هناك مشكلة في الموزع وصاحب الصالة، والذي يتعامل من الناحية التجارية مع الفيلم ويعرضه بالتزامن مع الفيلم الأميركي.
لكن الفيلم اللبناني ليس كالأميركي، لماذا لا يتم تخصيص صالة أو اثنتين للفيلم اللبناني، ويأخذ فترة اطول من الفيلم الأجنبي، لأن الناس بحاجة لأن تسمع من بعضها عن الفيلم ولا تكتفي بالإعلان.
مثلاً عندما يتم عرض فيلمSpider man مع «طالع نازل»، بالطبعSpider man سيتفوق على الفيلم اللبناني، لذلك على صاحب الصالة أن يمدد فترة عرض الفيلم اللبناني.
- لماذا لا يشاهد اللبناني الفيلم اللبناني؟
لأنه لا يملك مستوى ثقافياً، اذ لا يمكنه أن يقول ان فيلم «طالع نازل» غير ناجح من دون أن يشاهده، أحترم ذوقه، ولكنه شاهد bebe و«حبة لولو» و«طق الحنك»، أتحبأنيتم«استغباؤك»؟،يكفيأنالسياسييستغبيك.
- هل تعتبر فيلم «طالع نازل» سينمائياً؟
طبعاً، لديه مشاكله ولكنه فيلم سينمائي بالتأكيد، لأن موضوعه مهم ويتناول موضوع لا يزال اللبنانيون يخافون من الإعتراف به. كلنا بحاجة إلى علاج، وكثر منا يذهبون إلى معالج نفسيّ ولا يعترفون لأن المجتمع يعتبرنا مجانين، علماً أن المجتمع اللبناني اليوم أصبح يتقبل هذه الفكرة قليلاً. اللبناني لا يريد أن يرى عُريه الداخلي على الشاشة.
- لماذا معظم الأفلام اللبنانية تصور البيئة اللبنانية كبيئة سيئة؟
شخصياً، لا أتعامل مع المخرج من حيث تصويره لبيئة أو طريقة معينة. إذا كان يملك ثقافة سينمائية وتجربة سينمائية متكاملة، على صاحب الصالة أو الموزع أن يمنع من هم ما دون الـ17سنة، وهذا موجود في أوروبا والغرب، والجميع يلتزمون.
وبالتالي كمخرج يحق لي أن أقول كل ما أريد بالطريقة التي أود، أنا مع أن يتم تناول كل المواضيع من «حبة لولو»، bebe، لنادين لبكي وغسان سلهب... أنا مع أن يفتح الباب أمام كل هذه الأفلام ولندع الناس تشاهد وتقرر.
على الرغم من رأيي السلبي في اللبنانيين وتعاملهم مع هذه الأشياء، لو اعتاد الجمهور على مشاهدة الكثير من الأفلام المتنوعة وليس فقط bebe.
Bebe «حلو» إذا تمت مشاهدة إليان الراهب ثم أجرينا مقارنة من ناحية المشاهدة، ولا أتحدث عن المستوى.
- Bebe سجل نجاحاً كبيراً...
يريد الناس أن يتسلّوا وليسوا معتادين على مشاهدة شيء آخر.
- ماذا عن «غدي»؟
موضوعه مهم، طريقة المعالجة كانت بحاجة لجهد أكبر، وآخر 40 دقيقة منه يجب أن تتلف.
- لماذا؟
لأنه دخل بالدعوة إلى المحبة. مهمة السينما لا تتمثل بإعطاء الدروس.
- ألا يجب أن يكون لديك رسالة من الفيلم الذي تنتجه؟
برأيي لا، الرسالةلاتُوجهعبرالفيلم السينمائي، حتى الأفلام التاريخية لا تتكلم عن التاريخ كتاريخ بل تتناول نظرة المخرج إلى هذا التاريخ. مثلاً في افتتاح مهرجان «كان» تم عرض فيلم Grace de Monaco وعائلة الأميرة الراحلة في موناكو احتجت على الفيلم لأنه لا ينقل الحقيقة، فقال مخرج الفيلم «أنا أستوحي من التاريخ ولا أصنع فيلماً عن التاريخ»، وبكل بساطة هذه هي السينما.
وهذه ميزة «طالع نازل»، إذا كان الفيلم لديه بعض المشاكل من حيث الإطار العلمي البحت، إذ لا يعطي درساً في علم النفس، بل يعرض هذا البلد وحكايات الناس ومشاكلهم أمام شخص له علاقة بهذا الموضوع. حتى الرومانسية، ليست درساً في الحب، هي ليست دروساً.
- ماذا عن «قصة ثواني»؟
اعتقد أنه من الأفلام المهمة ولم يأخذ حقه.
- ماذا عن دور الفتى ابن الـ14 عاماً، بلعبه دوراً لا يليق بعمره، ألاّ يؤثر عليه نفسياً؟
أليس هذا الواقع اللبناني؟ الولد الذي مثّل في «قصة ثواني» أليس ممثلاً؟ هو ممثل ويتم التعامل معه على هذا الأساس وهذه مهمة فريق العمل والمخرج، وهذا جزء بسيط جداً من «القرف» الذي يعيشه هذا المجتمع.
- لماذا هذه الصورة الوحيدة التي نصورها عن مجتمعنا؟
المخرج حُر في اختياره للصورة التي يريد. مثلاً، لماذا اختارت اليان الراهب في فيلمها أسعد شفتري؟ وهوجمت لانها اختارت «زعيماً» واحداً ولم تختر أكثر، هي حرة.
- أعني بنقل الصورة الوحيدة عن مجتمعنا،عندما تخاطب المخرج يقول لك انه ينقل الواقع وهذه هي البيئة.
هذا جزء من الواقع، أنا أتعامل كمشاهد وكناقد مع هذا الجزء من الحالة ولا يمثلني. عندما يشارك فيلم في الأوسكار يقولون إنه يمثل لبنان، غير صحيح، الفيلم يمثل مخرجه والعاملين فيه.
- الفيلم لمن، للمخرج أم الكاتب؟
تقليداً وفي العالم، للمخرج، بالتأكيد ذلك يستند إلى مدى تأثير المخرج ومدى إظهاره للصورة التي يود أن يوصلها من خلال نظرته إلى العمل. لذلك الفيلم الجدي في لبنان هو الفيلم الذي يكتبه مخرج.
- من بدأ تجربة سينمائية جدية؟
غسان سلهب بالتأكيد، ولا أحد سيستطيع أن يكمل بعده. لديه مشروع سينمائي متكامل، منذ فيلم «أشباح بيروت»، يبذل جهداً من خلال الصورة والمواضيع وكيفية المعالجة. هناك أكثر من شخص خصوصاً الذين يعملون في الأفلام الوثائقية، أمامهم مشروع سينمائي وثائقي.
الفيلم الوثائقي ليس تقريراً تلفزيونياً أو فيلماً تسجيلياً كما يطلق عليه المصريون، هم لا يسجلون ما يجري في الشارع، بل يتناولون قضايا حقيقية وأناساً حقيقيين ولكن يعملون سينما.
مثلاً عندما عرض فيلم My Last Valentine in Beirut أثار اعتراض نقابة الممرضين، لا يمكننا أن نعمم، هذه حالة وتمثل شخصية معينة، وهل اذا كانت ممرضة فاسدة تكون جميع الممرضات فاسدات؟ في كل مهنة هناك الفاسد والجيد.
في مصر عندما صدر فيلم «الأفوكاتو» لعادل إمام قامت الدنيا ولم تقعد وكان جوابه انه تناول محامياً بعينه وليس مهنة المحاماة بأكملها. السينما تتناول قصصاً فردية وخاصة ولا تعمم.
Bebe مع كل تفاهته، هل يمثل كل الفتيات؟ «حبة لولو» هل كل النساء كما ظهرن في الفيلم؟ أنا أتعامل مع الفيلم ان كان فيلماً سينمائياً أم لا. وأحترم رأي كل مخرج في عمله واختياره للموضوع الذي يتناوله.
- لماذا يتم التركيز على الحرب اللبنانية؟
على العكس، أتمنى أن يكون هناك تركيز على الحرب اللبنانية، منذ 24 سنة تركنا الحرب العسكرية، لا يوجد أفلام طويلة باستثناء الوثائقي، ماذا تكلمنا عن الحرب؟ لم يدخل أحد في تفاصيل الحرب، أنا مع تناول ملف المفقودين والمخطوفين، ولا أطلب ولا أقول إن الجميع مجبرون على أن يتناولوا هذه القضية ولكن يجب البحث في العديد من القضايا. لم يسأل أحد كيف بدأت الحرب وكيف توقفت؟ لماذا شهدنا مجازر في الحرب؟ فلنتطرق إلى ذلك.
- ماذا تحتاج السينما اللبنانية؟
نحن بحاجة إلى المواد التي تتطلب مالاً، أي بحاجة إلى شركات إنتاج، لأن هناك محترفين تخصصوا في التصوير والمونتاج.
صناعة السينما بحاجة إلى ميزانيات ومنتجين فنانين لا يفكرون بالجانب المادي فقط. مثلاً من أنتج bebe هو زوج ماغي بو غصن أي بطلة الفيلم، و»حبة لولو» هو منطق تلفزيوني أي عمل تجاري.
- أكاديمياً؟
كنت عضو لجنة تحكيم في أفلام التخرج لجامعة ألبا على مدى 5 سنوات، وتوقفت عن ذلك. في السنة الأولى، مثلاً، كانت نسبة التفوق حوالي الـ40 في المئة، ولدى الطلاب هوس سينمائي رائع، لديهم ثقافة سينمائية وبصرية وحتى ثقافة عامة.
لم يقتصر الموضوع على السينما، شاهدوا أفلاماً وقرأوا كتباً ويفهمون بالرواية والموسيقى. و30 نسبة في المئة أقل مستوى لكنهم جيدون، ولكن الآن لم نعد نستطيع أن نجد فيلماً متميزاً.
- لماذا التراجع؟
لأن الجامعات لم تعد مهتمة، فقدنا المستوى، هناك فضائح. من يُدرّس؟ حتى الطلاب يعتقدون أن السينما «بريستيج»، كل السينمائيين، يتجنبون التحدث عن أفلامهم الأولى لأنهم يعتقدون انها تمرين، هنا يدّعون الإخراج من الفيلم الأول.
المخرج يولد في فيلمه الثاني، ومن الفيلم الثالث نعرف إن كان لديه مشروع سينمائي متكامل أم لا.
آراء مخرجين لبنانيين في بعض الأعمال اللبنانية...
إليان الراهب
- كيف تجدين السينما اللبنانية؟
تقوم بتجربتها الأولى.
- نشهد في الآونة الأخيرة عدداً كبيراً من الإنتاجات السينمائية اللبنانية، لماذا؟
في نهاية 2013 برزت ثلاثة أفلام سينمائية: «غدي»، «قصة ثواني» و«طالع نازل» وربما «حبة لولو» أيضاً، وبعض الأفلام الوثائقية التي أعتبرها أفلاماً سينمائية حقيقية. أما ما تبقى من إصدارات سينمائية فلا تملك المعايير السينمائية، وهي أفلام كان يجب أن تُعرض على الشاشة الصغيرة ولكن بسبب استخفافهم بالسينما يعرضون هذه الأفلام في السينما.
لا شروط مهنية تصنف الأفلام لتكون سينمائية. وازدياد هذا النوع من الأفلام يعود إلى ازدياد القيمة المدفوعة لإنتاج فيلم سينمائي، إذ لا تحتاج هذه الأفلام إلى كلفة كبيرة وبالتالي يجنون ما ينفقون من الجمهور اللبناني.
- من يحدد معايير الفيلم إن كان سينمائياً أم تلفزيونياً؟
لا أحد يحدد في المطلق، لغياب لجنة متخصصة بالعمل السينمائي، وبالتالي أنا أقوَّم من خلال ما درسته وتعلمته عن الأفلام السينمائية، وتبعاً للشروط العالمية، وبرأيي هذا هو المعيار.
- تراجع مستوى الأفلام السينمائية يعود إلى غيابنا عن السينما العالمية؟
بالتأكيد، هذا جزء من تراجعنا.
- في الآونة الأخيرة بتنا نشهد عدداً كبيراً من الأفلام التي تتناول الحرب اللبنانية، لماذا التركيز اليوم على هذا النوع من الأفلام؟
يجب أن نضع يدنا على الجرح، لأن لبنان منذ نشوئه يعيش في أزمات، وإذا رفضنا التحدث عن هذا الموضوع اليوم لن نتحدث به أبداً.
رودني حداد
«بيروت أوتيل» مُنع عرضه في الصالات اللبنانية، ولكن ما هذا «الخبث»؟! نقبل بأشياء في المنزل وعلى الطريق وكلنا نعرف أن هناك أشياء تتخطى فيلم «بيروت أوتيل»، كالبرامج الحوارية والمواضيع السياسية التي تُعرض. يمكن أن أفهم أن يُمنع موضوع يتناول قضايا سياسية أكثر من هذا الفيلم، الفساد يضرب كل العالم وهو مرض القرن الحادي والعشرين. الفساد هو مرض العالم.
محمود حجيج
«طالع نازل» لم يتطلب موازنة كبيرة ولا مؤثرات صوتية أو إضاءة لأننا نستحق أكثر من مؤثرات صوتية وفتيات يرقصن، لأننا شعب متعب من الصورة الخطأ التي تُنقل عنا، ونستحق أن نرى أنفسنا بطريقة أفضل.
ومجتمعنا يتحمل نتيجة تصرفاته بغض النظر إن كانت صحيحة أم خطأ، ومهنة الفنان هي الإضاءة على قضية معينة في هذا المجتمع وهذه مهنته التي يتقاضى أجره عليها، ويحق له أن ينقل كل شيء ولا يتطرق إلى مواضيع ويستثني أخرى. لا يوجد شيء معيب لا يمكننا نقله، ودور المجتمع في تلقف العمل واتخاذ القرار في ما يود أن يفعله.
جورج خبّاز
في «غدي» أبرزت السلبي والايجابي، كما أظهرت أولاد الحي وكذلك والد غدي وأستاذه عازف الموسيقى فوزي، والمجموعة المختلفة ومدى نظافتها من الداخل وكيف حوسبت على جوهرها. لكن لا شك انه في كل مجتمع هناك سيئات وحسنات وكفنانين علينا أن نكون مرآة لمجتمعنا.
ونحن نتحمّل مسؤولية تصوير بيئتنا كبيئة لهو وسهر، وكذلك الممثل الذي يقبل بقيام دور تاجر مخدرات أو بائعة هوى واقتصار دوره على ذلك.
نظرة على بعض الأفلام اللبنانية التي عُرضت أخيراً
«قصة ثواني»
فيلم روائي لبناني طويل يتناول قضايا إجتماعية حساسة في لبنان كالمخدرات والدعارة والتحرش الجنسي بالأطفال وسواها.
قصة كتبتها نبال عرقجي وعملت على إخراجها لارا سابا، وتأتي في إطار قصة ثلاث شخصيات في بيروت، تتقاطع أقدارها من دون أن تعرف أي منها الأخرى، وتؤثر قرارات كل منها من حيث لا تدري في حياة الشخصيات الأخرى.
«غدي»
الفيلم يتناول النظرة المتخلفة إلى المختلف بكل أنواعه انطلاقاً من الإختلاف الجسدي الذي يمثله غدي وصولاً إلى الإختلافات الأخرى، كالإختلاف العرقي والديني عند حسن وتقلا، الإختلاف الإجتماعي عند صوفي بائعة الهوى، الإختلاف الجنسي عند ليلو الذين يعتبرونه مثلي الجنس. بحيث يتم التعامل مع المختلف دائماً بفوقية أو شفقة أو بعدائية. الفيلم دعوة للذات.
«طالع نازل»
فيلم طالع نازل Stable Unstable، ابتعد عن المظاهر ودخل في عمق أزمات المجتمع اللبناني من خلال مصعد بناية وعيادة طبيب نفسي. حركة المصعد في الصعود والهبوط وحال المرضى تشير إلى عدم الإستقرار، الذي هو إنعكاس الوضع العام على حالة المواطن اللبناني.
حاول مخرج الفيلم محمود حجيج اختصار مشاكلنا في سبع حالات اختارت ليلة رأس السنة لتقوم بمراجعة نفسها، محاولةً الوصول إلى حياة جديدة في 1/1 من السنة الجديدة وإلى واقع جديد تقرره بنفسها.
«بيروت بالليل» أو «بيروت أوتيل»
فيلم لبناني أنتج عام 2011، ومنع عرضه الأمن العام اللبناني. ويتناول قصة مغنية شابة اسمها زها تحاول أن تتحرر من زوجها. وتلتقي ماثيو، و هو محامٍ فرنسي، في أحد الملاهي الليلية في بيروت.
خلال الأيام التالية تُثار الشكوك حول ضلوع ماثيو في أعمال جاسوسية، بينما تتفاقم المشاكل بين زها وزوجها حيث تحاول أن تتخلص منه. رغم كل هذه الصعوبات يعيش زها وماثيو قصة حب لا تخلو من المشاكل والعنف.
«حبة لولو»
يروي الفيلم قصة فتاة تخرج بعد ثلاثة أيام من القصف من الملجأ لتأمين الطعام لذويها. وفي طريق عودتها إلى الملجأ يعتدي عليها ميلشيوي لبناني فتحمل منه، وتترك بيت والديها لتؤمن لقمة عيشها مع ابنتها ليال فتعمل في صناعة العطور، وتعيش مع ابنتها برفقة «حلا» بائعة هوى.
كبرت ابنتها بدون أوراق ثبوتية، وتتعرّف «ليال» على رجل أعمال جاء إلى لبنان بعد غيبة طويلة في أميركا وهو متزوّج مدنياً من أميركية تخونه مع صديقها ويرفض فكرة طلاقها لأنها ستحصل على نصف أملاكه وثروته.
وكما تعوّدت «ليال» تبدأ معه حملة أكاذيبها ولكن من دون أن تخطط للأمر تقع في غرامه!
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1080 | كانون الأول 2024