مجموعة Croisiere 2013 Chanel في سنغافورة
رحلة إلى آسيا لحضور يومين من الاحتفالات بالإناقة مع شانيل. فبعد الكاب دانتيب عام 2011 وحدائق قصر فرساي عام 2012، اختار كارل لاغيرفيلد مدينة سنغافورة لعرض مجموعته كروازيير لدار شانيل. وهل من خيار أفضل لعرض مجموعة مخصصة للسفر الاستوائي من تلك المدينة الواقعة على درجة واحدة فقط من خط الاستواء، حيث الصيف هو الموسم الوحيد طوال السنة؟ شاركت مجلة «لها» في الرحلة.
الأربعاء 8 أيار/مايو بدأت الاحتفالات عشية عرض الأزياء المنتظر. نحو حدائق الفندق. اجتمعنا لحضور عرض خاص لأحدث فيلم قصير لكارل لاغيرفيلد «في قديم الزمان». الديكور الساحر لهذا الفندق الأسطوري ذي الأجواء الاستعمارية، وهذه السهرة الجميلة الربيعية حيث وصلت الحرارة والرطوبة إلى ذروتهما، جعلا كل المدعوين يسافرون في الزمن...
عودة إلى الخلف:
قبل 100 عام. افتتحت غابرييل شانيل أول بوتيك لها في دوفيل بمساعدة خالتها أدريان، فأعطت نكهة جديدة وجريئة للموضة، متناقضة تماماً مع أسلوب الملابس السائد في تلك الحقبة. بعد قرن كامل، وفي سنغافورة، قرر كارل لاغيرفيلد، المدير الفني لدار شانيل منذ العام 1983، أن يكرّم الروح الطليقة لكوكو وأسلوبها في الموضة الثورية مع الفيلم القصير «في قديم الزمان»، بحيث أعاد سرد بدايات غابرييل شانيل في دوفيل عام 1913. الفيلم بالأسود والأبيض، يظهر كوكو شانيل، التي أدت دورها الممثلة البريطانية كيرا نايتلي، في أول بوتيك لها في دوفيل، عام 1913، مع أدريان، الخياطة، التي أدت دورها الممثلة الفرنسية كلوتيلد هيسمي. قدمت المرأتان شيئاً فشيئاً ما يشكل نجاح دار الأزياء الراقية- قبعات أكثر خفة، سترات ثنائية الألوان أو حتى سترة من التويد. وأخيراً، فيلم من 13 دقيقة مع اختيار مذهل للوجوه، كل عارضات الأزياء العالميات الوفيات للماركة.
قيل لنا لاحقاً إن تصوير الفيلم جرى على مدى يومين في مدينة السينما، في ضواحي باريس، خلال شهر آذار/مارس 2013. كان الديكور مماثلاً تماماً للشارع الذي تواجد فيه بوتيك كوكو شانيل.
الخميس 9 أيار/مايو لتقديم مجموعة كروازيير، كان لا بد من إيجاد المكان المثالي بالنسبة إلى سيد شارع كامبون: لوين كلاستر، ثكنة عسكرية تم تحويلها لاستعمال آخر، واقعة على هضبة ديمبسي، وسط أشجار جوز الطيب، على مسافة دقائق قليلة فقط من ناطحات سحاب فائقة العصرية في وسط المدينة. المباني القديمة بالأسود والأبيض تم تجديدها قبل أكثر من ستة أشهر وجرى تحويلها إلى معارض طويلة مبيّضة بالكلس، محمية من الشمس الاستوائية بستائر ذات صفائح سوداء وبيضاء. استعاد الموقع جزءاً كبيراً من عظمته الاستعمارية القديمة بعد تنظيف جيد، مع الحفاظ على شيء من الصدأ المترسب على الجدران ذات الطلاء المتقشر والسقوف الخشبية المهدمة. والواقع أن هذا السحر، وهذه الرومنسية وهذه الشوائب غير الموجودة غالباً في الأبنية الجديدة هي التي سحرت كارل لاغيرفيلد وولدت هذه الأجواء.
ديكور لم يخفق أبداً في جذب الـ1200 مدعو، من ممثلين ونجوم روك آسيويين، بينهم سفيرات شانيل زو كزون، وآنا موغلاليس، وأستريد بيرغيس-فريسبي، والممثلات داكوتا فانينغ، ورينكو كيكوشي، وفان وونغ، ولون ماي غواي، وزوي تاي أو حتى رياو وونغ جونغ، والمغنية كيت تشان وأيضاً المغني سيون تشوي، من دون أن ننسى أيقونة الموضة كارين روتفيلد وكذلك الصحافة العالمية التي جاءت لحضور هذا الحدث المميز في عالم الموضة.
تم افتتاح العرض بتصميم تحية لأسلوب الآنسة شانيل، مع جيليه طويل باللون البيج وسروال واسع وفضفاض وصفوف من اللآلئ، تماماً مثل تلك التي وضعتها كيرا نايتلي التي أدت دور كوكو في الفيلم القصير. عرض أزياء قدم التحية لأسلوب غابرييل شانيل مع أجواء حقبة العشرينات وأجواء رياضية، مناسبة ليس فقط لمجموعات الكروازيير وإنما تذكرنا أيضاً بأولى مجموعات شانيل من الجرسيه. كل التصاميم الكلاسيكية لدار شانيل موجودة هنا، وإنما أعيد ابتكارها بشكل عصري. «لا بد من فعل شيء لم يفعله أحد من قبل، وإنما يستطيع الناس اعتباره بمثابة تصاميم كلاسيكية للدار. هذه هي الفكرة، وهذه هي وظيفتي»، قال كارل لاغيرفيلد بعد انتهاء العرض. من الخطوط البحرية الرفيعة إلى الخطوط العريضة جداً، إلى قارورة العطر Chanel No 5 التي جرى تحويلها إلى حقيبة، مروراً بالتويد، والأسلوب الرجالي-النسائي ومجموعة ألوان الأسود والأبيض والكحلي، برزت كلّها مرة جديدة هذا الموسم. الأجواء الاستعمارية طغت على المجموعة، لتذكيرنا بالحقبة التي احتلّ فيها البريطانيون الجزيرة مع بذلات عسكرية. وأخيراً، لمسة بانك خفيفة زينت الطلات هنا وهناك، بدءاً من تسريحات الشعر (بتوقيع سام ماك نايت) والماكياج (بتوقيع بيتر فيليبس) وصولاً إلى أقراط الأذنين المعلقة في أذن واحدة فقط والقلادات السلاسل. تلميح إلى معرض معهد الأزياء في نيويورك (MET Costume Institute): «بانك، من الفوضى إلى الأزياء الراقية»، المخصص لموضة البانك والذي افتتح أبوابه في اليوم نفسه وإنما في الجهة الأخرى من العالم. في مجموعة ألوان طغى عليها اللون الأزرق الشاحب، والبيج، والكحلي والأسود، بدت الأقمشة وكأنها عاشت قبلاً أناقة الماضي. للسهرات، فساتين بحمالات رفيعة من التويد مزينة ببرق لمّاع أسود وأبيض أو أزهار كاميليا من نسيج دار لومارييه. يضاف إلى كل ذلك فساتين ضيقة من القش الأسود اللماع وسترات جميلة جداً بياقات عالية وأكتاف دائرية، تذكرنا بالفساتين الصينية التقليدية- وإنما من دون الوقوع في شرك التقليد. تقدّم المجموعة التحية إلى دوفيل، وإلى أفكار كوكو الأولى، مع تحية إلى الفن الآسيوي التقليدي. «لا أحب الاستعمار وإنما أحب الأسلوب»، قال كارل لاغيرفيلد ممازحاً.
أكملنا السهرة في حدائق النخيل الرائعة على صوت فريق مغنيات باهاينا، ومهندسي الصوت «هورسميت ديسكو» من لندن، والمغني اللاتيني السنيور كوكونات...
تقول الممثلة كيرا نايتلي:
«ظننت أن الفيلم من دون أصوات. وعندما وصلت، طُلب مني التحدث بالفرنسية. لم أقل إلا «بونجور» (صباح الخير) و»ميرسي» (شكراً) ثم تابعت باللغة الانكليزية. التصوير مع كارل لاغيرفيلد هو متعة حقيقية. قبلت فوراً تأدية دور كوكو»، مثلما ذكر في البيان الصحافي.
في هذا الفيلم القصير، ترتدي كيرا نايتلي وكلوتيلد هيسمي ثياباً متشابهة، صممها كارل لاغيرفيلد خصيصاً لدار شانيل. وضمن فريق الممثلين، كانت هناك أسماء وفية للدار مثل العارضات ستيلا تينانت، وليندسي واكسون، وجايمي بوشير، وكارولين دو ميغري، ولايدي أماندا هارليش وابنتها تالولاه. وبين الشبان كان هناك باتيست جيابيكوني، وسيباستيان جوندو، وجاك دايفيس، وبراد كرونيغ مع ابنه هادسون. فيلم تكريمي يظهر الارتيابية التي سادت في تلك الحقبة مقارنة مع موضة الآنسة شانيل. اليوم، نملك الجواب: أسلوب شانيل لا يموت أبداً... إنه سرمدي.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024