تحميل المجلة الاكترونية عدد 1079

بحث

عبد الواحد النبوي: ألجأ إلى الكتب التي تغذي الروح وتبعث الأمل

عبد الواحد النبوي: ألجأ إلى الكتب التي تغذي الروح وتبعث الأمل

عندما يقع الإنسان في عشق الورق تُصبح العلاقة بينهما ملتبسة، ولا يُمكن أحداً أن يفكّ لغزها إلاّ الإنسان العاشق نفسه الذي يرى في كتبه ثروته الحقيقية.
ولأنّ المكتبة هي الركن الذي يُخبّئ فيه القارئ النهم ثرواته الورقية الثمينة، قمنا بزيارة استكشافية لمكتبة أحد «عشاّق الكتب» الخاصّة، الدكتور عبد الواحد النبوي، رئيس دار الوثائق المصرية وأستاذ التاريخ في جامعة الأزهر، وجئنا بالاعترافات الآتية:


- كيف تكوّنت مكتبتك؟
المكتبة مكوّن رئيسي من بناء شخصية الفرد، وهناك قول مأثور: «قل لي ماذا تقرأ أقل لك من أنت». وقد بدأت تكوين مكتبتي بشكل واضح منذ المرحلة الإعدادية، وغلب عليها الطابع التاريخي والأدبي، علاوة على بعض الكتب المرتبطة بالعقيدة، فقد كان للنشأة في أسرة متمسكة بالقيم والتقاليد في ريف الوجه البحري بمحافظة الدقهلية دور في توجيه ثقافتي.

- هل تتذكر أول كتاب اشتريته؟
من أوائل الكتب التي اشتريتها «مقدمة ابن خلدون»، وهو من العلامات البارزة في كتب المعرفة باعتباره كتاباً موسوعياً في علوم المعرفة المختلفة. ويعتبر علماء الاجتماع ابن خلدون واضع أصول علم الاجتماع بما أورده من آراء وأفكار في مقدمته.

- هل أثر تخصصك في التاريخ على تكوين مكتبتك؟
ليس التخصص فقط، لكن مع تقدم العمر دخلت فروع أخرى من المعرفة إلى المراجع والمصادر في المكتبة، فجاءت كتب الفلسفة والمنطق والجغرافيا والسياسة والاقتصاد والاكتشافات العلمية لتصبح أحد الأركان المهمة في المكتبة.
ومع التقدم في الدراسة والانخراط في تخصص التاريخ، ضممت أرففاً جديدة للمكتبة لتتسع لفروع التاريخ المختلفة، بدءاً من التاريخ القديم ومروراً بالعصور الوسطى وازدهار الحضارة الإسلامية ثم عصر النهضة وتاريخ العالم الحديث ووصولاً إلى تاريخنا المعاصر.

- أرى في الأرفف وثائق من الأرشيف البريطاني. من أين جمعت هذه الوثائق؟
لم يقف تكويني للمكتبة عند المراجع باعتبارها عماداً لها، بل كانت الدوريات والمجلات العلمية مكوناً مهماً من مكونات المكتبة، كما كانت صور الوثائق من الأرشيفين البريطاني والأميركي جزءاً لا يمكن الاستغناء عنه لي ولأي دارس للتاريخ الحديث والمعاصر.
ولذا فإن مكتبتي تحتوي على جزء ليس بالقليل من صور الوثائق البريطانية التي حصلت عليه من خلال زياراتي المتعددة لبريطانيا، وبعضها جاء بمراسلة الأرشيف نفسه.
وفي كل الأحوال فإنني حريص على تخصيص جزء من دخلي لإمداد مكتبتي بكل ما هو جيد وجديد في مجال تخصصي من مراجع حديثة، علاوة على حرصي الدائم على اقتناء المراجع متنوعة المعارف، التي أثرت في الثقافة الإنسانية والتي يحتاجها الباحثون عن المعرفة.

- هل مؤلفاتك وأبحاثك جزء من تكوين المكتبة؟
نعم، إذ تضم مكتبتي مكاناً لما أنجزته من كتب وأبحاث، وكلها موضوعات تتعلق بالحراك المصري والعربي في التاريخ المعاصر، ولعل الجزء الأكبر منها تناول تاريخ الخليج العربي، ولعل أهمها الدراسات التالية: «مصر والسياسة البريطانية في إمارات الخليج العربي 1954 – 1970»، «زيارة الملك فيصل بن عبد العزيز لبريطانيا مايو 1967 دراسة وثائقية»، و«الخليج العربي في وثائق الخارجية المصرية» و«المملكة العربية السعودية في وثائق الخارجية المصرية (1936 – 1956)» و«الملك سعود بن عبد العزيز وأزمة السويس 1956: دراسة وثائقية في سياسة المملكة العربية السعودية تجاه الأزمة» وبحث بعنوان: «محمد علي والخليج العربي».

- وهل تطرقت أبحاثك إلى الشأن المصري والصراع العربي الفلسطيني؟
بالتأكيد فهناك دراسات تتناول الشأن المصري مثل: «المعارضة في البرلمان المصري 1924 – 1936»، و«محمد علي وعصره»، «العلاقات المصرية الأميركية (1961-1968)»، «التسهيلات المرورية في مصر للموظفين العثمانيين وأمراء البلدان المجاورة»، و«صفحات من تاريخ المجمع العلمي المصري» وكان للشأن العربي نصيب مما قمت به من أبحاث فجاء منها أعمال تحت عنوان: «فلسطين في البرلمان المصري 1936 – 1952»، و«القدس في وثائق حرب 1948»، و«الوثائق العربية في الأرشيف البريطاني قراءة في العلاقات البريطانية – التونسية خلال القرن التاسع عشر»، كما ضمت مكتبتي عملين تناولا تاريخ أوروبا الحديث والمعاصر، شاركت أساتذة كباراً في إنجازهما وهما: «التاريخ الأوروبي المعاصر»، «المدخل إلى تاريخ أوروبا الحديث».

- ما آخر أبحاثك التي ضممتها إلى المكتبة؟
آخر ما خرج إلى النور من أعمالي كتاب عزيز على القلب، خرج بمناسبة مرور أربعين عاماً على حرب أكتوبر، وهو نشر لأول مرة لأكثر من 550 وثيقة عن حرب أكتوبر 1973، وجاء تحت عنوان «مصر في قلب المعركة: من وثائق حرب أكتوبر في الأرشيف المصري».

- هل تحرص على القراءة يومياً؟
رغم المشاغل والالتزامات، فإن أهم التزام هو عدم البعد عن القراءة والبحث، ولا يمر يوم إلا وهناك المزيد من القراءة وليس هناك التزام أو حرص على قراءة كتاب معين على الدوام، وإنما الأمر يرتبط أحياناً بإنجاز عمل محدد يستدعي قراءة مجموعة من الكتب مرتبطة بهذا العمل، وتختلف الكتب باختلاف الإنجاز، إلا أن هناك لحظات معينة تلجأ فيها النفس إلى بعض الكتب التي تغذي الروح وتبعث الأمل وتريح الفؤاد وتغسله من هموم الحياة. 

المجلة الالكترونية

العدد 1079  |  تشرين الثاني 2024

المجلة الالكترونية العدد 1079