شواطئ حول العالم تحف الطبيعة الأسطورية
حول العالم شطآن رمالها زاهية، تستريح عليها أمواج عاتية تهدأ عندما تذوب بين فراغاتها الصغيرة. وحصى صغيرة وكبيرة نحتها الهواء والماء والزمن، فتحوّلت إلى تحف ارتمت على شواطئ رحبة تغسلها الشمس من الفجر حتى الغسق متلاعبة بخيوطها الأرجوانية كأنها حورية تعزف بأناملها الرقيقة على أوتار قيثارة الزمن والشطآن لا تزال هنا تراقبها بلا كلل.
شواطئ جميلة لا تزال على سيرتها الأولى منذ أن كانت الجغرافيا وكتب تاريخها.
بيريسا سانتوريني في اليونان
لا تتوقعي أن تزوري بيريسا وحدك فهي مشهورة إلى درجة عليك مشاركة أحدهم في هذه الزيارة، فهي من أروع الشواطئ التي تحضن الرمال السوداء لجزيرة سانتوريني، تمتد عند أقدام ميزا فونو ولسان صخري كبير يضاء ليلاً.
وبما أن هذا الشاطئ طويل ويحتشد فيه الكثير من هواة البحر ففي إمكانك أثناء ذلك تنفّس بعض هواء التاريخ وزيارة أطلال مدينة ثيرا العتيقة سيرًا على القدمين. ويجدر بك انتعال خفّين أثناء المشي على هذا الشاطئ لأن الرمال السوداء تحتفظ بالحرارة حتى المساء.
بابكوليا في هاواي
لا تحضن شواطئ الجزر البركانية لأرخبيل هاواي مجرد رمال بيضاء، بل تشكّل الرمال السوداء والحمراء والخضراء جزءًا منها أيضًا، فهنا لا نتحدّث عن أخضر زمردي لوصف رمال باباكوليا، بل نشير إلى لمسة خضراء سببتها بلورات الزبرجد الزيتوني التي أودعتها الطبيعة قبل حوالي 10 آلاف سنة، بسبب انفجار بركاني. وهذه البلورات الأكثر وزنًا من بقية المواد البركانية التي عندما يكنسها البحر سوف يكشف الشاطئ عن لون أخضر فاقع.
جاينت كوزواي، في أيرلندا الشمالية
يمكن القول عن هذا الشاطئ وبكل ثقة إنه تحفة الطبيعة الأسطورية. تشكلت من ثوران بركاني، ألاف الأعمدة البازلتية السداسية الشكل مجتمعة كما أنابيب الأورغ، وتسمّى أنابيب الأورغ البازلتية. وعند مشاهدتها قد لا يصدق الواحد منا أنها لم تنحت بمعول إنسان.
تقول الأسطورة، أن المحارب فين ماكول وهو مارد تبادل تهديدات من خصمه الاسكتلندي، ليتبارزا في ما وراء البحر وكي يتمكنا من القتال بنى كلا الخصمين ممرًا مرتفعًا.
وتدعم الجيولوجيا هذه الأسطورة لأنه توجد أشكال مماثلة في اسكتلندا. ويجب عدم تفويت مشاهدة المنحوتات الطبيعية الرائعة مثل جاينت بوت،Chimney Stacks أو أنابيب المدفأة.
جزيرة هاربور في الباهامس
يجب أن توخز حتى تصدّق أن ما تراه عيناك حقيقة، هل هو خداع البصر تجاه ريف مخدّر بألوان لحية رجل عجوز؟ أم أنّها مجرد رمال وردية؟ إنّها بالفعل رمال ورديّة، استقت ألوانها من جزيئات المرجان المختلطة بالرمال البيضاء.
هذه الشواطئ الرائعة برمالها الوردية تمتدّ على الساحل الشرقي لهاربور أيلاند في الباهاماس. وإذا لم تكتفي من جزيرتك المفضلة تأكدي أن المياه الزرقاء الشفافة لجزر الباهاماس في إنتظارك.
خليج الأمير وليام في ألاسكا
قربها من النقطة الأكثر شمالية في خليج ألاسكا منح شواطئ الزاوية هواء فوق طبيعي. فبرك الأنهار الجليدية التي تصبّ في البحر، والهواء المنعش النقي، وقمم الجبال تنعكس على المياه الشفّافة، وشواطئ برمال سوداء، تزنّرها تلال خضراء، تسبح في مياه زرقتها فاقعة.
هذا باختصار ما يمكن قوله عن خليج الأمير وليام في ألاسكا، ناهيك بالحديث عن سكان هذا الخليج: فقمة البحر وثعالبه، الحيتان والنسور والدببة التي تعيش في ما بينها بقوانين الطبيعة لا بقوانين الإنسان. يعتبر هذا الخليج فردوس رياضة الكاياك.
شاطئ الزجاج في كاليفورنيا
يعتبر هذا الشاطئ الشاهد على قدرات الطبيعة الخارقة في تحويل الرصاص إلى ذهب. فعند أقدام لسان صخري حيث كانت بلدية فورت براغ حتى أواخر عام 1960 تفرغ فيها النفايات، وكذلك سكّان المنطقة كانوا يرمون من أعلى الجرف في المحيط النفايات الصلبة كسيارتهم القديمة المهترئة وأدوات الكهرباء المنزلية.
إلى أن وضعت السلطات المحلية حدًا لهذا التلوّث البئيي ومنعت رمي النفايات، وعلى مرّ العقود قام البحر وأمواجه بدورة سحرية فعلاً، وكأنها غربال ضخم فصل الزجاج عن الفضلات، وصقلها بصبر، حتى تحوّل الشاطئ الذي يحضنها أشبه بواجهة بوتيك مجوهرات. وكان الناس قد اعتادوا جمع هذه القطع الجميلة من الزجاج إلى أن جاء قانون منع هذه العادة.
شاطئ بولينغ بول في كاليفورنيا
مقارنة بالرمال الخضراء أو تيّارات الأمواج المتلاشية، فإنّ صخورًا دائرية قد لا تبدو للوهلة الأولى تشكّل سببًا كافيًا لزيارة هذا الشاطئ الكاليفورني.
ومع ذلك فإنّ رؤية كرات البولينغ الصخرية العملاقة مصطفّة بشكل محكم ودقيق على الرمال، وكأن الطبيعة أجرت قياس المسافة بينها بالمسطرة، لا بدّ أن تثير القشعريرة عند الوقوف عندها.
وتكشف جمالها أكثر عندما يكون تيار المحيط جذرًا فهذه الصخور الكرات، دائرية بشكل كامل وملساء وكأنّ يدًا خفية رصفّتها الواحدة إلى جانب الأخرى بمسافة متوازية. والصخرة الأكثر ليونة تآكلت من الخارج بسبب الموج، ولكنّ قلبها الصلب جعلها تقاوم نحت الموج.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1080 | كانون الأول 2024