تحميل المجلة الاكترونية عدد 1077

بحث

التدخين سبب في 95 في المئة من الحالات ووقفه ضروري في تحدي المرض

ب. جورج خياط

ب. جورج خياط

ب. ماري لويز كونيسكي

ب. ماري لويز كونيسكي

من الواضح أن كل مدخن يستبعد فكرة إصابته بالمرض أو بأي مشكلة صحية نتيجة التدخين، فلكل عارض مبرر بالنسبة إليه بعيداً عن السبب المباشر.
لكن في الواقع تصل نسبة حالات الانسداد الرئوي المزمن الناتجة عن التدخين إلى 95 في المئة. وغالباً ما يتأخر التشخيص نتيجة رفض المدخن إجراء إي فحوص على أثر ظهور أول أعراض المرض كالسعال المزمن بالدرجة الأولى، بحيث يصل في النهاية إلى طريق لا عودة فيه ويصبح عاجزاً عن القيام بأبسط الأعمال اليومية الروتينية بسبب مرضه.

ما هو التعريف الطبي للانسداد الرئوي المزمن؟
مرض الCOPD أو الانسداد الرئوي المزمن هو عبارة عن مرض يسبب انسداداً في الرئتين بحيث يصبح مرور الهواء منهما وإليهما أكثر صعوبة مع انسداد القصبات الهوائية.

ما أعراض الانسداد الرئوي المزمن التي تستدعي استشارة الطبيب؟
يلاحظ مريض الانسداد الرئوي المزمن سعالاً يزداد حدةً وصعوبة بشكل تدريجي. لكن تكمن المشكلة في أن المريض، الذي يكون من المدخنين عامةً، قد لا يدرك ان وجود هذا النوع من السعال هو مشكلة سببها الانسداد الرئوي بل يظن ان التدخين يسببها لديه بكل بساطة دون أن يحاول اللجوء إلى الطبيب وإجراء الفحوص اللازمة في الوقت المناسب.
وعندما تسوء حالته يعي صعوبة الوضع. علماً انه مع مرور الوقت، يضيق نفس المريض أثناء القيام بأبسط الأعمال الروتينية ولاحقاً حتى أثناء الركود او النوم فيصبح التنفس صعباً عليها.
كما تزداد حالة المريض سوءاً نتيجة الالتهابات الصدرية التي يكون أكثر عرضة لها، فتزداد أعراضه حدةً نتيجة ذلك.
لكن أولى أعراض الانسداد الرئوي المزمن التي تستدعي استشارة الطبيب وإجراء الفحوص اللازمة هي السعال المزمن والحاد وزيادة الإفرازات المخاطية والضيق في الصدر وانقطاع النفس.

هل يسهل اكتشاف أعراض المرض؟
بشكل عام يمكن أن يلاحظها المريض، لكن مع المدخنين تحديداً ، تبين أن نسبة 80 في المئة من المرضى لا تعرف بإصابتها.
فبالدرجة الأولى يرفض الناس المرض، وتحديداً لأن المريض يكون مدخناً يستبعد فكرة المرض ويرفضها ولا يريد الاعتراف بهذا الاحتمال سواء كان صحيحاً أو لا، فيجد أعذاراً للأعراض التي يعانيها ويعتقد أن السعال ناتج عن التدخين فحسب وأن لا مشكلة في ذلك.

هل التدخين هو السبب الوحيد للإصابة بالانسداد الرئوي المزمن؟
يعتبر التدخين المسبب الاول للانسدداد الرئوي المزمن في أكثر من 90-95 في المئة من الحالات . حتى ان الأشخاص الذين يدخنون لسنوات طويلة هم عرضة بنسبة 50 في المئة للإصابة بالانسداد الرئوي المزمن مقارنةً بغير المدخنين.
مع الإشارة إلى انتشار تدخين النرجيلة التي تساهم أيضاً في الإصابة بالانسداد الرئوي المزمن، تماماً كالسيجارة.
وثمة أسباب أخرى للانسداد الرئوي المزمن، وإن بنسبة أقل كالتلوث الذي يشكل مشكلة حقيقية في الشرق الاوسط. كما تبرز في المنطقة مشكلة التعرض للمازوت والغاز والحطب للتدفئة والطهو، خصوصاً في المناطق النائية. لذلك، يمكن القول إنه بإلغاء التدخين يخف انتشار المرض بنسبة 70 في المئة على الأقل.

هل يلعب العامل الجيني دوراً في الإصابة؟
في حالات قليلة جداً، ثمة أشخاص يصابون بالانسداد الرئوي المزمن لأسباب جينية تجعلهم أكثر عرضة للإصابة. لكن بشكل عام، نادراً ما يصاب شخص لم يدخن يوماً بالانسداد الرئوي المزمن.

هل من سن معينة يجب فيها البدء بإجراء الفحوص اللازمة لكشف إصابة محتملة بالانسداد الرئوي المزمن؟
على كل مدخن، حتى إذا لم تظهر لديه أعراض ولم يشعر بوجود مشكلة، أن يجري تخطيطاً للنفس. فبهذه الطريقة يمكن كشف المرض في بدايته ويمكن منع نتائجه ومضاعفاته في الوقت المناسب. صحيح ان نتائج التدخين لسنوات لا تظهر إلا بعد الأربعين، لكن يجب أن يعرف كل شاب مدخن أو فتاة نتيجة تراكم لسنوات سابقة من التدخين.
علماً انه حتى يشعر المريض بوجود مشكلة في البداية يجب ان يقوم بمجهود أو أن يمارس الرياضة، فقد لا يلاحظ في البداية أنه يعاني مشكلة من هنا أهمية تخطيط النفس الذي لا بد من التشديد على اهمية إجرائه لجميع المدخنين.
كذك لا بد من الإشارة إلى أن السعال مع إفرازات وبلغم لاكثر من 3 أسابيع لا يعتبر أمراً طبيعياً، خصوصاً للمدخن، مما يستدعي استشارة الطبيب.

إذا كان التدخين هو السبب الرئيسي للإصابة بالانسداد الرئوي المزمن، ما مدى الأذى الذي قد ينتج عن التدخين السلبي؟
مما لا شك فيه ان للتدخين السلبي خطورة كبرى على غير المدخنين، لا تعتبر خطورته بالدرجة نفسها كالتدخين المباشر.
وتبين ان الشخص الذي يتعرض للتدخين السلبي يعتبر أكثر عرضة ثلاث مرات للإصابة بالانسداد الرئوي المزمن مقارنةً مع من لا يتعرض للتدخين.
من هنا أهمية قرار منع التدخين الذي صدر في لبنان، ولا بد من التشديد على اهميته لأن التدخين في الأماكن العامة يشكل تعدياً على حرية غير المدخنين.

في اي سن يظهر الانسداد الرئوي المزمن عامةً؟
يعتبر الانسداد الرئوي المزمن من الامراض التي تصيب الكبار بالسن، إلا انه في الواقع يتم تشخيص نصف الحالات لدى أشخاص هم دون سن 65 سنة. لكن مما لا شك فيه أن حالات الانسداد الرئوي المزمن تبدو أكثر شيوعاً في سن متقدمة.

ما مدى شيوع الانسداد الرئوي المزمن؟
يسبب الانسداد الرئوي المزمن وفاة حوالي 3 ملايين شخصاً في العالم سنوياً. إلا ان نسبة انتشار المرض تزيد بشكل ملحوظ.

هل يعتبر الرجل اكثر عرضة للإصابة من المرأة؟
يبدو عدد حالات الإصابة بالانسداد الرئوي المزمن متقاربة بين رجال ونساء.

ما المضاعفات التي تنتج عن الانسداد الرئوي المزمن بشكل يؤثر على حياة المريض؟
أظهرت نتائج دراسة BREATHE عن الانسداد الرئوي المزمن في منطقة الشرق الاوسط وأفريقيا أن نسبة 27 في المئة من مرض الانسداد الرئوي المزمن تعجز عن متابعة العمل نتيجة مضاعفات المرض وتحديداً مشكلات الجهاز التنفسي.
كما أن نسبة 48 في المئة من الحالات تابعت العمل لكن مع تأثير واضح لمضاعفات المرض على نوعية العمل.
كما أظهرت الدراسة وجود نسبة 49 في المئة من الحالات التي عانت مشكلات في القلب والشرايين، وما يراوح بين ثلث وثلثي المرضى أكدوا تأثر نوعية حياتهم نشاطاتهم اليومية الروتينية التي باتت محدودة بسبب إصابتهم بالمرض.
فالمرض يشكل عائقاً أمام المريض في قيامه بأبسط الأعمال والنشاطات اليومية الروتينية. مع الإشارة إلى أن الانسداد الرئوي المزمن يحتل المرتبة السادسة حالياً بين الامراض التي تؤدي إلى الوفاة. ومن المتوقع أن يحتل المرتبة الثالثة عام 2020.

كيف يتم تشخيص الانسداد الرئوي المزمن؟
يمكن ان يعمل الطبيب على تشخيص المرض بوسائل عدة أبرزها فحص النفس الذي لا بد من التشديد على أهميته لكشف المرض وقياس كمية الهواء التي تصل إلى الرئتين وتخرج منها.
كما يمكن ان يعرف الطبيب من السماعة الطبية ما إذا كان المريض يعاني التهاباً صدرياًأو صفيراً، او يمكن أن يجري للمريض صورة شعاعية للصدر لاكتشاف علامات الإصابة بالانسداد الرئوي المزمن واستبعاد أي حالات أخرى.
كما يكمل التشخيص استجواب المريض بأسئلة معينة تسمح بتحديد حالته ومدى تقدمها .

هل يمكن الشفاء من الانسداد الرئوي بالعلاج؟
صحيح أن لا علاج نهائي للانسداد الرئوي المزمن ولا يمكن الشفاء منه نهائياً، لكن ثمة علاجات حديثة عدة تسمح بالسيطرة على الأعراض التي يعانيها المريض وتسمح بتحسين نوعية حياته.
لكن بالدرجة الأولى، الخطوة الأهم التي يجب أن يقوم بها المريض هي الإقلاع عن التدخين. حتى انه إذا اوقف المريض التدخين فيما لا يزال المرض في مرحلة مبكرة والأعراض لا تزال بسيطة، قد لا يحتاج إلى علاج بعدها.
ثمة علاجات عدة يمكن وصفها للمريض بحسب حالته ومدى تقدمها. وفي الحالات المتقدمة قد تكون هناك حاجة إلى الأوكسيجين لمساعدته على التنفس سواء لفترات قصيرة متقطعة او لفترات طويلة يومياً.


كيف يظهر الأثر الإيجابي لوقف التدخين لدى المدخن المصاب بالانسداد الرئوي المزمن؟
خلال 3 اشهر من وقف التدخين تتحسن الأمور بشكل واضح بالنسبة إلى المريض ويخف الانسداد لديه. علماً أن الحالة تختلف بحسب درجات المرض، ففي الدرجات المتقدمة منه تكون الأعراض أكثر صعوبة وقد تكون هناك حاجة إلى دخول المستشفى ويتطلب العلاج مزيداً من المتابعة.


هل تعلمين؟
عن الدراسة التي أجريت عن الانسداد الرئوي المزمن في منطقة الشرق الاوسط وأفريقيا BREATHE، تحدث كل من رئيس الجمعية اللبنانية للأمراض الصدرية البروفسور جورج خياط والبروفسورة ماري لويز كونيسكي من اللجنة التوجيهية للدراسة، فقد أظهرت الدراسة إصابة أكثر من 13 مليون شخص في المنطقة بالمرض وأن نسب الأشخاص الذين هم عرضة للإصابة تصل إلى 30 في المئة.
ومن المتوقع أن تزداد حالات العجز والوفيات الناتجة عن المرض في العقود المقبلة نتيجة تزايد معدلات التدخين إضافةً إلى ارتفاع معدلات التلوث بنسب عالية مما يلعب دوراً أيضاً في الإصابة بالمرض.
كما تبين في الدراسة أن نسبة الحالات التي تخضع للعلاج وفقاً للخطوط التوجيهية العلاجية الحالية تقل عن 10 في المئة، مما يشير إلى خطورة الوضع، مع ما ينتج من ذلك من عبء على المجتمع والاقتصاد والمرضى وعائلاتهم.
وتكمن المشكلة الكبرى، بحسب دراسة BREATHE في أن المرضى لا يملكون الثقافة الكافية في ما يتعلق بمرضهم ويجهلون سبل مواجهته، مما يدعو إلى تكثيف الجهود لرفع الوعي في هذا المجال، خصوصاً أن نسبة 30 في المئة من المرضى ليسوا متأكدين من سبب إصابتهم بالمرض، فيما تنكر نسبة 50 في المئة من المرضى أن للتدخين علاقة بالإصابة.

المجلة الالكترونية

العدد 1077  |  آب 2024

المجلة الالكترونية العدد 1077