إشترك
ألبانيا البلاد الجميلة التي لم تخضع لتقشّف التاريخ
بعد عقود من التقوقع في قمقم الشيوعيّة خرجت ألبانيا إلى الحياة، ازالت عنها التقشّف القسري لتكشف أمجاد زمانها القديم حين كانت إحدى إمارات الإمبراطورية العثمانية.
ورغم أن الثورة الحمراء حطّمت مساجدها وكنائسها وأزالت كل معالمها التي تعكس ترف الفن المعماري وجماله، فإنّها لم تتمكن من طمر جمال طبيعتها المتوّجة بالجبال والهضاب وغابات الصنوبر المتدحرجة نحو السهل الساحلي المنبسط غربًا عند البحر الأيوني المتفرّع من البحر الأبيض المتوسّط، وقد زنّرتها يوغسلافيا شمالاً ومقدونيا شرقًا واليونان عند الجنوب الشرقي.
تيرانا العاصمة
بنى تيرانا السلطان سليمان باشا عام 1614. فكان المسجد أول ما شيّده، تلاه مخبز وحمام تركي. وفي الثامن من فبراير/شباط 1920 أعلنت تيرانا العاصمة الموقتة لألبانيا حين تهاوت الإمبراطورية العثمانية، لتعلن 31 كانون الأوّل/ديسمبر 1925 عاصمة ألبانيا الدائمة.
رزحت البانيا ستين سنة تحت قهر الديكتاتور أنور خوجا الذي عزلها عن بقية العالم، لتسير البلاد في خطى ثابته نحو الإزدهار بعد وفاته، وتوجّهت نحو الإقتصاد الحرّ.
وراهنًا تجمع تيرانا الماضي والحاضر، شوارع إسفلتية وأبنية شاهقة تراقب المدينة وهي تنفض عنها برودة العهد الشيوعي، فطلت أبنيته بألوان الفرح الزاهية وأطلقت العنان للحياة الليلية الصاخبة وكأنها عروس تعيش حالة من أهازيج الفرح المستمرّة وهي تخلع قميص الزمن الشيوعي الأحمر، وترتدي فستان الحرّية.
ولعلّ منطقة بولوكو أو The Block، أفصح إعلان لتيرانا عن ذلك. فهذه المنطقة التجارية كانت مركز إقامة القادة الشيوعيين الذين كانوا يعيشون في ظل حماية أمنية مشدّدة، فيما اليوم يفضّل سكّان المدينة التجوال فيها وارتياد المطاعم والمتنزّهات. ومن هذه المنطقة تنطلق «الكايبل كار» نحو قمّة داجتي حيث الوقوف يوفر مشهدًا بانوراميًا يحبس الأنفاس.
بيرات
تقع هذه المدينة في الوسط الجنوبي لألبانيا وتعدّ واحدة من أجمل المناطق الألبانية المتوّجة بغابات الصنوبر، ويخترقها نهر أوسوم الذي تقول الأسطورة التي يتناقلها الألبانيون عبر العصور، إن جبل تومور الذي يزنّر المنطقة كان في الأصل ماردًا تبارز مع مارد آخر كان اسمه شبيراغ، للفوز بقلب حسناء، فمات الماردان وغرقت الحسناء في دموعها التي تحوّلت نهرًا يعرف اليوم بنهر أوسوم.
هذه الأسطورة الجميلة التي أنسنت جبل تومور ونهر أوسوم، ربّما كانت ملهمة المعماريين في حقبة العثمانيين فبرعوا في تشييد بيوت جعلت المنطقة المظللة بكروم العنب في المرتبة الأولى من حيث جمال المعمار العثماني وروعته.
فعلى ضفّة نهر أوسوم الذي يخترقها، تحتشد البيوت المطلية بالأبيض والأسود بنوافذها الكثيرة التي تبدو كأن الزمن يقف خلفها ويتأمل روائع الطبيعة بصمت جميل.
التجوال في البلدة العتيقة مانغاليم سيرًا على القدمين في شوارعها المرصوفة وفي محيط القلعة متعة فريدة تدخلك في عالم ألباني جميل. لقد أدرك سكان هذه المنطقة جمال المعمار العثماني الذي يقطنون في أحضانه فحوّل بعضهم بيوتهم إلى فنادق، فيما بعض المباني الأثرية تحوّلت إلى نزل يقصدها مجموعات السيّاح الشبيبة ذات الدخل المحدود.
تتميّز بيرات بالحياة الليلية حيث تحتشد النوادي الليلية والمقاهي بين أروقتها التاريخيّة وعلى الضفّة المشرفة على النهر، وما على زائر المنطقة إلا أن يجول ليلاً ليقيس حرارة المدينة.
جيروكاستر
تقع مدينة جيروكاستير في جنوب ألبانيا، مستلقية على المنطقة التاريخيّة إبيروس. وتعتبر البلدة العتيقة التي دخلت ضمن لائحة التراث العالمي، من أروع المناطق العثمانية التاريخية النادرة التي لا تزال على سيرتها الأولى بكل تفاصيلها.
وتقع في واد بين جبل جير Gjere ونهر درينو. ويطغى على مشهد المدينة قصر جيروكاستر حيث ينظم كل خمس سنوات مهرجان فولكلور جيروكاستر الوطني.
بشوارعها الضيّقة المرصوفة وبيوتها العثمانية المترفة والمشاهد البانورامية الطاغية على البلدة وقلعتها التي تبدو محلّقة فوقها. يبدو أن جيروكاتسر شُيّدت لتكون إحدى مدن الخيال في قصص الأطفال أو وُلدت في رواية قوطية أو ملهمة شعر ملحمي ينظّمه مرشد الجبل.
دوراتسو
تعتبر دوراتسو ثانية كبرى مدن ألبانيا تبعد عن العاصمة تيرانا 33 كيلومترًا، تمتدّ على طول الساحل وفيها المرفأ البحري الذي تنطلق منه قوارب العبارات نحومرفأ باري الإيطالي.
تضم بوريس أكبر مسرح روماني في بلاد البلقان اكتشف عام 1960 ودخل ضمن لائحة التراث العالمي. زيارة دوراتسو تضجّ بنسائم البحر الأدرياتيكي الذي تستريح عليه المدينة، فالنزهة المسائية على الكورنيش البحري مغامرة لا تخلو من غرابة.
فعلى طول الرصيف يقف بعض الشبان وهم يستعرضون دببة تقف على مقود أو ثعابين تلتف حول أعناقهم. وهذا الإستعراض يكون خلال أمسيات الصيف.
وفي كل عام خلال شهر أيّار/مايو ينظَّم مهرجان المرفأ المفتوح، حيث يُسمح للعامّة الدخول إلى المرفأ والإستمتاع بمعرض السفن التاريخيّة والإبتكارات العصريّة.
أما لمن يرغب في إجازة هادئة على الشاطئ، فقرية شين بيتر شمال دوريس تستقبل هواة البحر في خليج لالزيت، حيث المنتجعات البحرية تستقبل هواة الرياضات البحرية يطلقون العنان لشغفهم في أحضان زرقة البحر الأدرياتيكي.
المطبخ الألباني
يعتبر المطبخ الألباني رمزًا لمزيج الحضارات التي حضنتها فهو يضم المطبخ التركي والإسباني والإيطالي والسوري وهو مشهور بالمكوّنات الغذائية الصحيّة.
مقالات ذات صلة
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1080 | كانون الأول 2024
