لؤي محمد حمزة: الدراما الخليجية تحتلّ الريادة في معالجة القضايا الاجتماعية
قبل ثلاثة عقود شهدت الدراما السعودية عصراً ذهبياً وأجبرت المجتمعات العربية على متابعتها والاهتمام بما تقدمه من جديد، وكان ذلك الزمن عندما أطلق الفنان القدير محمد حمزة رائعته «ليلة هروب»، ومن ثم «أصابع الزمن»، ليسجل اسمه وأسماء أبنائه كنجوم في الدراما العربية ورموز للدراما السعودية.
وبعد فترة غاب آل حمزة أعواماً عن المنافسة من خلال الإنتاج المحلي السعودي، لذا كان هذا الغياب محل تساؤل الجمهور والنقاد دون معرفة الأسباب الحقيقية.
ومن أبنائه لؤي محمد حمزة الذي توجه إلى الكتابة إلى جانب الإنتاج التلفزيوني وفي الوقت الراهن يقدم مفاجأة جديدة للجمهور الخليجي من خلال مسلسله الجديد «بيتك بيتك»... في هذا الحوار تطرق إلى العديد من النقاط المهمة في الإنتاج الدرامي السعودي...
- متى يخرج الممثل السعودي من المنافسة في إطار الدراما الخليجية؟
ليس في استطاعتنا أن نقصر المنافسة على فناني الخليج على مستوى الدراما الخليجية، كون الممثل الخليجي لم يعد يقف في دائرة منطقته فقط، ولا بد من أن نقوّم المنافسة من ناحية المستوى الإنتاجي للعمل الخليجي، من حيث الرؤية الفنية وأسلوب الطرح ولغة التصوير الحديثة.
هناك تجارب لبعض الممثلين الخليجين على مستوى العالم العربي، إذ سجلوا حضوراً لافتاً مثل محمد حمزة ومحمد بخش ولطفي زيني وحسن دردير.
كان ذلك في زمن الأسود والأبيض، وعلى مستوى نجوم الطرب أيضاً هناك تجربتان متزامنتان لقيثارة الشرق الفنان الراحل طلال مداح وفنان العرب محمد عبده، وهذه التجارب دليل واضح على وجود الفنان الخليجي في الإنتاج العربي منذ وقت بعيد.
- وماذا عن عملك الجديد «بيتك بيتك» الذي صُوّرت حلقة نموذجية منه في البحرين؟
العمل يتناول قضايا اجتماعية متنوعة يعانيها المجتمع العربي في الوقت الراهن تتعلق بالجانب الإنساني، وهذه القضايا تصدر من محيط الأسرة. وتم توظيف الكوميديا والتراجيدي في آن واحد لتقديم تنوع ومادة مختلفة في فن الكوميديا ذات الموقف التي تحمل رسالة للأسرة والمجتمع مع إيجاد حلول منطقية.
- هل وجدت صعوبة في إنتاج الحلقة النموذجية كونها الوسيلة لإقناع القنوات بتعميدكم لإنتاج 30 حلقة؟
أرى أن ما قمنا به إنجاز حقيقي خلال ثلاثة أيام، فقد استطعنا الحصول على العديد من «اللوكيشانات» المميزة وإقناع نجوم من البحرين بالمشاركة في الحلقة النموذجية فيما هم منشغلون بتصويرأعمال تلفزيونية، ومنهم النجمتان فاطمة عبد الرحيم وأميرة محمد، وهذا يدل على احترامهم لقيمة العمل الفني وتقديرهم لنا كمنتجين.
- كيف تقوّم تجربتك في مسلسلك الجديد إلى جانب نجوم الخليج العربي؟
أتوقع لـ «بيتك بيتك» أن يكون من التجارب الناجحة. فقد كُتب نص المسلسل بأسلوب كوميدي تتخلله تراجيديا موظفة برؤية تتناسب مع الخط الكوميدي، حتى لا يشعر المشاهد بالملل والنمطية المعهودة في تقديم مادة تلفزيونية للأسرة، ومن خلال هذا البرنامج اكتشفت أنني أستطيع القيام بأدوار الكوميديا.
- يلاحظ أنك مبتعد عن المشاركة منذ سنين طويلة مكتفياً بأعمال والدك الفنان محمد حمزة؟
من البديهي أن أبحث عن العمل الجيد والدور الذي يميزني ويزيد من نجوميتي، ولو أن الأعمال التي أنتجها الفنان محمد حمزة لا ترقى إلى اقتناعاتي، لما شاركت فيها.
ومن جهتي أرحب بالعمل إلى جانب جميع المنتجين ولكن لا بد أن أجد نفسي في النص من خلال الخطوط المؤثرة في العمل، وإذا وجدت ذلك لن أتردد.
- ما هي الدراما التي تستحق موقع الريادة في العالم العربي؟
لو تحدثنا عن الدراما التاريخية، نجد أن الدراما السورية تحتل الريادة من دون منافس، نظراً إلى ما قدمته من أعمال، فهي لا تتحدث فقط عن التاريخ العربي، بل تقدم فكراً جديداً، من خلال لغة الحوار وجذب بصر المتلقي في لعبة الكاميرا.
وبالنسبة إلى الأعمال الكلاسيكية والرومانسية، نجد أن الدراما المصرية تقدم جملة جيدة من هذه الأعمال، وقد استطاعت الخروج بمادة فنية تميزت بها، ولو نظرنا إلى الدراما الاجتماعية الجادة التي تعالج قضايا المجتمع، وتبحث لها عن حلول منطقية لا اعتقد أن هناك من يقدم أفضل مما قدمته الدراما الخليجية بعد مجموعة الأعمال الرائعة التي أنتجت في الفترة الأخيرة.
- لماذا لا تشارك في أعمال عربية؟
قُدمت لي العديد من العروض من العديد من الشركات العربية وبالذات من مصر إلا أنني اعتذرت أكثر من مرة، وذلك يعود لإختياري الدقيق لنوعية الأدوار التي يتم ترشيحي لها.
لدي اقتناع بأني فنان سعودي من منطقة الحجاز وأجد نفسي في بيئتي. إذا شاركت في أعمال وتحدثت بلهجة لا أمت إليها بصلة ولم أتعود عليها بالتأكيد لن أقنع المشاهد. وإذا كان هناك نص عربي أتحدث فيه بلهجتي السعودية من المؤكد أنني سأشارك فيه.
- كتبت مسلسل «أيام تحفة» الذي أنتجته شركة إنتاج كويتية، لماذا لم تقدمه للتلفزيون السعودي؟
قدمت العمل للتلفزيون السعودي من خلال ملخص وثلاث حلقات، وكان رد القائمين على إجازة النصوص بان النص ممتاز وطلبوا مني كتابة 30 حلقة، ففعلت وسلمتها للتلفزيون السعودي، وانتظرت أشهراً ولم يصلني أي رد بخصوص النص أو الحصول على تعميد، فما كان مني سوى أن صرفت النظر.
ومن خلال تفاهم حدث بيني وبين التلفزيون المغربي، ذهبت إلى المغرب وأنتجت حلقة نموذجية وقدمتها للتلفزيون المغربي، إلا أن القائمين على الدراما في التلفزيون المغربي طالبوني بإضافة بعض المشاهد التي لم استطع إضافتها كونها لا تخدم النص، فتوجهت إلى الكويت وعرضت العمل على الفنان عبد الرحمن العقل فكانت ردة فعله إيجابية ورحب بإنتاج العمل، إلا انه طلب إضافة قضايا سياسية داخل مجلس الأمة الكويتي، وهنا لم أتفق مع العقل كوني أجهل المشهد السياسي ولم أخض في هذا الجانب من قبل. وبعد استشارة من بعض الأصدقاء في الكويت عرض العمل على أحد المنتجين هناك وتم إنتاج العمل، ولكن إلى الآن لم يرَ النور لأن المنتج أنفق على العمل مبالغ باهظة وفي المقابل لم تشترٍه القنوات الفضائية بمبلغ يغطي تكاليف إنتاجه.
- والدك قدّم أعمالاً وجدت متابعة عربية، لماذا لم تستمروا في تطوير هذا المجال؟
عندما قدم الفنان محمد حمزة «ليلة هروب» و«أصابع الزمن» كانت المجتمعات العربية تعيش مرحلة ذهبية على مستوى الأدب والثقافة والفن، وفي ذلك العصر كانت شركات الإنتاج تعد على أصابع اليد ولا يوجد لدينا كتاب نصوص ونفتقر إلى الكوادر الفنية، لذا كان العمل الدرامي مشروعاً يحتاج إلى ورش عمل في ما يتعلق بالكتابة والبروفات التي تستمر إلى ثلاثة أشهر من أجل إتقان الشخصية بدرجة إحترافية، أضف إلى ذلك وجود نجوم من الخليج العربي والعالم العربي.
كل تلك المعطيات تحقق النجاح والتميز. في الوقت الراهن يفترض أن لا نعقد مقارنة بين الدراما قبل 30 عاماً وما هي عليه في الوقت الراهن، الفكر والثقافة والتوجه تلعب أدواراً في تغيير ذوق الناس.
- كيف وجدت اللقاء الذي جمع الفنان القدير عبد الحسين عبد الرضا والمبدع ناصر القصبي في مسلسل «أبو الملايين» على رغم ان قناة «mbc» قررت عدم إنتاج العمل لهذا العام؟
الحقيقة لم أشاهد من المسلسل سوى سبع حلقات ونوعاً ما كانت جيدة، وان كانت لي وجهة نظر في بعض المشاهد التي شعرت بأنها مضافة بطريقة غير منطقية.
إلا أن وجود نجمين ومدرستي كوميديا مختلفتين يشكل قوة للدراما الخليجية لتنافس على مستوى العالم العربي. أتمنى تكرار التجربة لوجود فنانين بحجم عبد الحسين عبد الرضا وناصر القصبي.
- توقف مسلسل «طاش» هل أثر على مستوى الكوميديا السعودية؟
لا شك أن مسلسل «طاش» افتقدناه كونه يحاكينا في العديد من القضايا، وبالنسبة إلى النجمين عبد الله السد حان وناصر القصبي فقد أوجدا حضوراً وصورة جميلين لوجه الدراما السعودية على مدى ثمانية عشر عاماً وهذا إنجاز يسجل لهما.
- عودة الفنان محمد حمزة من خلال مسلسل «أهل البلد» كانت مفاجأة للجمهور السعودي، فكيف اقتنع بالمشاركة؟
والدي الفنان القدير محمد حمزة منذ أن بدأ العمل في الدراما والمسرح والإذاعة يفضل كممثل وكاتب أن يشارك في أعمال من كتاباته، وعندما رشّحه المنتج والمخرج خالد الطخيم للمشاركة في «أهل البلد» قدم اعتذاره، إلا أن إصرار الطخيم وزيارته له في المنزل وبرفقته الفنان محمد الحجي كمدير إنتاج للعمل جعلاه يوافق رغم وضعه الصحي وكبر سنه، وكان ظهوره في العمل أكثر من رائع.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1080 | كانون الأول 2024