كلوديا مارشليان: المجتمع العربي مريض جداً ولتخرج الأكثرية عن صمتها
هي الكاتبة اللبنانية الأولى التي طرقت باب الأعمال المشتركة مع «روبي»، لتنطلق بعدها وتصوِّب تركيزها نحو أعمال توحد العالم العربي الجريح والمتعب من ثقل الدماء والإجرام الذي أرهق كاهله.
هذا المجتمع الذي حين يُصبغ بـ«إتهام» لا يستطيع أن يثبت براءته بسهولة ولو أُعطي «فرصة ثانية». كلوديا مارشليان تمثلها كتاباتها، وترفض أن تكون صانعة نجمات، مناشدةً الكتّاب ليحذوا حذوها لا ان ينتقدوها.
تجربة «ستار أكاديمي» التي خاضتها كمديرة كانت جميلة ومسلية واكتشفت من خلالها التباعد الثقافي بين الدول العربية.
هي الداعية لعدم إجترار النجاح ولتوظيفه في عمل درامي آخر، مشيرةً إلى أن الكاتب شكري أنيس فاخوري هو الأستاذ في الحوار الإنساني.
عن تجربتها وأعمالها في الكتابة تتحدث كلوديا مارشليان في هذا الحوار مع «لها»..
- ما هي قضية «اتهام»؟
«اتهام» يتناول قصة المجتمع أي الشارع العام، ويتحدث عن فئة من الناس يمكن أن تتعرض للظلم أو لاحتيال معين. ليظهر أنه عندما يُصبغ المجتمع بصبغة معينة لا يعود باستطاعته ان يخرج منها وتصبح البراءة صعبة.
- هل يركز على بيئة معينة؟
لا أبداً، هو يتحدث عن المجتمعين اللبناني والمصري وكيفية الالتقاء بين الناس من المجتمعين، وكيف يتعامل كل انسان مع مشكلته بحسب شخصيته، وماذا يريد من هذه الحياة، وكيف سيواجهها.
- هل تلعبين دوراً في اختيار الممثلين، ولا سيما ميريام فارس أخيراً؟
أحياناً هناك اسماء لا تخطر في بالي للعب دور ما، عندما طُرح اسم ميريام أمامي من قبل المنتج رحبت مباشرة بالفكرة لأنني شاهدت لها فيلم «سيلينا»، كما شاهدت لها بعض حلقات الفوازير والكليبات.
وقلت لهم اقرعوا بابها لكي نرى ان كانت تريد ان تدخل في عمل درامي، لأنني لست قادرة على تغيير الدور ليصبح لميريام فارس الفنانة الإستعراضية.
عندما أطلعوها على الموضوع طلبت ان تقرأ السيناريو، عندها وافقت وأحبت الدور، وجلسنا معاً ووجدت فيها الموهبة التمثيلية، بدأنا التصوير ومسرورة أني لم أكن مخطئة وسنجد طاقة مهمة جداً عند ميريام فارس.
- سيرين عبد النور انطلقت مع «روبي» أكثر عربياً.
سيرين مع «روبي» كانت ممثلة كبيرة وكانت قد لعبت أدوار البطولة في معظم أعمال الكاتب شكري أنيس فاخوري.
ولكن مع «روبي» جميعنا انطلقنا إلى الخارج بطريقة مختلفة، وذلك عندما فتح منتج الدراما السورية اديب خير الباب أمامنا. ومن بعد «روبي» لم أعد أكتب شيئاً محلياً فقط ولكن تحولت كل أعمالي نحو الخارج، وتركزت أعمالنا انطلاقاً مني ومن سيرين وتقلا شمعون وحتى مكسيم خليل وأمير كرارة على المشترَك، «روبي» غيّر مسيرتنا المهنية.
- هل تجدين أن مسلسل «باب ادريس» ظُلم من ناحية الإنتشار؟
هناك عدد من المسلسلات اللبنانية التي تستحق أن تدخل العالم العربي، ولكن لا يوجد أي مسلسل لبناني دخل السباق الدرامي العربي لعدم وجود انتاج ضخم يدعمه.
- هل سيكون هناك جزء ثانٍ له؟
كلا، هم أرادوا لكني ضد.
- لماذا ضد؟
عندما نحصد نجاحاً كبيراً علينا أن نهدأ قليلاً ونتقبل النجاح من دون أن «نجترّه»، ولنستثمر النجاح في مكان آخر مع عمل درامي جديد، لا ان نقوم بعمل درامي كلما نجح نزيد الأجزاء حتى يفشل.
- هل نحن مقصّرون في ترويج الدراما اللبنانية؟
من ناحيتي لست مقصرة أبداً، وأنا أطالب الجميع بأن يحذوا حذوي لا أن ينتقدوني. هذه الطريقة الوحيدة التي بامكاننا ان نخرج بها الى العالم العربي. وليس من المعيب أن نستقطب في الأعمال اللبنانية الممثلين العرب، والبعض بدأ ينحو هذا المنحى، وهذا ما شهدناه مع زياد شويري في «عشق النساء» و»لو».
وأشير إلى أن الكتابة والإخراج هما القاعدة الأساسية التي يُبنى عليها المسلسل. عندما قدمنا «روبي» كان الكاتب لبنانياً والممثلون لبنانيين وصُور في لبنان ولكن المخرج كان سورياً، وفي «الموركس دور» لم يعتبروا المسلسل لبنانياً، لأن الإنتاج غير لبناني.
- هل هوية العمل الدرامي تستند إلى هوية الإنتاج؟
أعتقد ذلك، وهذا ما يجري عادةً حتى في الأوسكار، الإنتاج مهم ولكن القاعدة الأساسية للعمل هي النص والإخراج. ونحن اليوم في «اتهام»، النص والإخراج والإنتاج والبطولة لبنانية، طبعاً إلى جانب ممثلين مصريين، ويصور الجزء الأكبر منه في لبنان وجزء منه في مصر.
- ما الذي أضافته الأعمال المشتركة إليك ككاتبة، وإلى الممثل اللبناني؟
أضافت لي انتشاراً أوسع وكذلك للممثل اللبناني وأعطته فرصة أكبر وسوق أوسع للعمل وشهرة في الخارج. والآن هناك عدد من الممثلين اللبنانيين الذين يقيمون في دبي لأنهم يصورون مسلسل «فرصة ثانية».
- هل باميلا الكيك من بين الممثلين الذين سيلعبون دوراً في فرصة ثانية؟
صحيح، «جذور» يُعرض اليوم على شاشة mbc، ويصادف أن عدداً كبيراً من الممثلين الذي قدموا ادواراً في جذور سيمثلون في «فرصة ثانية»، إضافة إلى باميلا، هناك مارينيل سركيس وجناح فاخوري ومجدي مشموشي وجو طراد.
وعندما بدأ عرض «جذور» في دبي لم يعد باستطاعتهم السير في المتاجر لأن الناس أصبحت تعرفهم جيداً. مثلاً، جناح فاخوري تمثل منذ عشرات السنين ولم يعرفها أحد في الخارج، وبعد «جذور» زادت شهرتها العربية. وهذا انتشار جميل جداً.
قبل فترة كنت اتابع احدى القنوات المصرية بانتظار برنامج معين وقبل بدء البرنامج شاهدت مسلسلاً لتقلا شمعون مصرياً مئة في المئة، ولكني لم أكن قد شاهدته سابقاً وشاهدت في الحلقة الأخيرة ان تقلا شمعون كانت البطلة.
- كيف تقوّمين الدراما اللبنانية اليوم؟
لا أحب تقويم أعمال غيري أو أن أعمم على الجميع.
- وكمشاهدة؟
لا أستطيع أن أكون مشاهد لأني كاتبة، لأني ضمن هذا المشروع الدرامي اللبناني ولست خارج هذا الإطار ولست مخولة أن أعطي رأيي في مسلسل معين من إخراج سمير حبشي أو ايلي معلوف أو كتابة منى طايع.
طيلة حياتي لم أقوِّم أحداً وأنا أقوم بتجربتي الدرامية الشخصية وهذه تجربتي وهذا ما اقتنع به وهذا ما استطيع أن اقدمه، ولا أفرض تجربتي على الآخرين ولا اقبل ان يفرض أحد تجربته عليّ.
وإذا كنت مخطئة عندما أرحل عن هذه الدنيا ستطوى صفحتي وتنتهي، وإذا لم أكن مخطئة سيكملون ما بدأت به وأكون قد وضعت شيئاً مهماً في الدراما اللبنانية. واليوم الدراما تعطيني اكتفاءً معنوياً، شهرة، اكتفاءً مادياً وأنا اعيش من هذه الموهبة، المهنة التي أفتخر بأنها مهنتي ولا أخجل بها.
- باميلا الكيك، في حوار مع «لها» قالت إن «جذور» أجمل من «روبي»، ككاتبة كيف تجدين هذه المقارنة؟
هي عملت في «جذور»، لذلك تجده أجمل.
- كما انها قالت إنها سعيدة لأنها تعيش في عهد كلوديا مارشليان، ومتأثرة بك كثيراً.
«هيِّ عم تزيدا» تفخيماً بحبها لكتابتي، هي خريجة جديدة وصغيرة في السن، ومتحمسة كما أنها من الممثلات اللواتي لديهن شغف التمثيل. وهي من الممثلات اللواتي أؤمن بموهبتهن، وأحياناً عندما أكتب دوراً يليق بباميلا أكتب بقساوة لأنني أعرف أنها موجودة ولديها جنون التمثيل.
عندما احتجت لفتاة بسنها ولهذا المكان في التمثيل أحببتها من بين زميلاتها بهذه الموهبة. عندما كنت في سنها أعطاني شكري أنيس فاخوري أدواراً في العاصفة وانا كنت أنظر إلى شكري بالنظرة التي تنظر بها إلي باميلا.
وما زلت أقول إنه استاذي في كتابة الإنسان والحوار، ويتأثر الممثل عندما يكتب له الكاتب شيئاً جميلاً ويوصله إلى الناس.
- بمن تأثرتِ؟
أنا تأثرت كثيراً بشكري فاخوري، لأني قرأت له الكثير ومثلت في العديد من اعماله وكان بحوزتي دائماً نصوص لشكري وأحببت طريقته، مثلت لغيره ولكنه علمني الحوار الإنساني، وعلمني أنه من الممكن أن يكون هناك حوار لمدة 10 دقائق من دون وجود حدث، كحادث مروع أو موت احد.
أحياناً كان ينهي على مشهد انساني رائع بين الناس أو حوار بين طرفين، والجمهور يبقى بانتظار متابعة الحديث في اليوم الثاني. أحدث هزّة عندما عرض «العواصف». وأثّر فيّ وهو من نصحني بالكتابة.
- هل شكري فاخوري من اكتشف موهبة الكتابة لديك؟
نعم، كنت أكتب حينها في جريدة «النهار» في صفحة «رأي»، طلب مني أن أكتب معه وقال لي «انتِ بتعرفي تكتبي وانا عم قلك انك بتعرفي تكتبي». وبدأت معه في «الحل بإيدك» عام 2005 وبعدها انطلقت.
- من صوتك نعرف كم انت متأثرة به؟
انا متأثرة به لأنه انسان كبير وفنان وكاتب عظيم. ولكن بشكل عام انا متأثرة بكل فناني العالم الذين قدموا جمالاً في الموسيقى والمسرح والكتابة والشعر وحتى الرقص. أنا متابعة لإنجازات المبدعين العالميين واكتشفت ان هذه المتابعة تغذي روح الإنسان.
- منذ فترة لم نرك في أعمال تمثيلية.
لا وقت لديّ أبداً.
- «بالصدفة»، الفيلم السينمائي الأول.
صحيح، بالصدفة الفيلم السينمائي الأول وأحضر للفيلم السينمائي الثاني 125 مع المخرج فادي حداد. وبالصدفة أصبح جاهزاً والمخرج باسم كريستو جاهز الآن، من المفترض أن يكون الفيلم من بطولة رامي عياش، باميلا الكيك لديها دور مهم وهناك دور لممثلة مصرية سيتم التعاقد معها. هناك خلطة جميلة. هو فيلم لبناني في شوارع لبنان. وسنحاول أن نصور قبل شهر رمضان احتمال أن نبدأ في حزيران/يونيو.
- ماذا عن فيلم 125؟
هو فيلم عزيز على قلبي ونجتمع يومياً لكي نضعه على السكة الصحيحة ولم نختر الممثلين بعد، وسنبدأ التصوير بين شهري تموز/يوليو واب/اغسطس.
- أين تكمن محبتك لهذا الفيلم؟
125 يتناول ثقافة الحياة والموت، كيف ان هناك من يفتدي الناس بنفسه دون مقابل، ومن يفجر نفسه ليقتل الناس. يتحدث عن هذا الصراع، وعن واقع الحياة.
- ما الذي جعلك رقماً صعباً في الدراما اللبنانية، بعد «روبي»، اليوم لدينا الفضول او نتحمس لنشاهد ما تكتبه كلوديا مارشليان؟
بالتأكيد لم تبدأ ثقة الناس بأعمالي مع «روبي»، لدي 35 مسلسلاً في لبنان، ولكن لماذا تبنّاني العالم العربي بسرعة؟ لأن الناس تثق بي في لبنان. ولا يوجد أي محطة عربية في العالم العربي لا يوجد في فريق عملها لبنانيون.
عندما بدأ يصل اسمي الى الخارج من خلال اعمالي اللبنانية وعندما سأل عني المنتجون العرب في المحطات العربية، الموظفون اللبنانيون كانوا يخبرونهم بما تمثل هذه الكاتبة للبنان الأمر الذي شجع المنتجين أكثر.
أرضية بلدك مهمة جداً قبل أن تتوجهي الى الخارج، الثقة التي كانت موجودة في لبنان سهلت وقصرت لي الطريق للتوجه إلى الخارج.
خرجت إلى العالم العربي لكن ليس بالصدفة بل لأنني تعبت كثيراً على ذلك، نجح «روبي» ونجح «جذور» والآن «اتهام» أتمنى أن يحوز النجاح، وكذلك العمل الذي نصوره في دبي نتيجته حلوة. هذه النجاحات تعزز الثقة، هذه مسيرة فيها مصداقية، ان لا تخذلي الناس هو عامل مهم جداً للإستمرارية.
- «فرصة ثانية» 120 حلقة.
هو عمل طويل انتهينا من تصوير 60 حلقة وبدأنا بالقسم الثاني.
- كتبت 120 حلقة، ما مدى المجهود الذي بذلته في هذا العمل لكي لا يمل المشاهد من متابعة 120 حلقة؟
متعب جداً، هناك مجهود مضاعف عن أي عمل درامي قصير ممكن ان اكتبه، لأن الـ120 حلقة تحتاج إلى خلق احداث لجذب الجمهور. ذهبت منذ فترة إلى دبي لكي أشاهد الحلقات الأولى بعد انتهائها، شاهدت عملاً مميزاً.
- هل وجدت تعبك من خلال التنفيذ؟
نعم، اللبنانيون أبدعوا نسبةً إلى المصريين والسوريين وكل الممثلين في المسلسل، يقدمون أدواراً «بتاخد العقل»، مسرورة، الإخراج ليس لبنانياً لكن النص لبناني لي، والتصوير في دبي. وأحداث المسلسل تدور في دبي وكل شيء على ما يرام. وسعيدة بما أقدمه بالرغم من التعب.
وادعو الكتّاب ان يقدموا اعمالاً كهذه، هذا شيء جيد لنا، ويكفينا انتقاد وتقوقع، نحن منذ ستين سنة كنا نذهب إلى العالم لكي نصور اعمالنا والمصريون والسوريون عندما يصورون عملاً جديداً كانوا يتجهون نحو لبنان. الأعمال المشتركة ليست أحزاباً بل نحن نصنع دراما. ويكفينا تصنيف هذا العمل لبنانياً وغير لبناني، الموضوع مفتوح.
- هل تعتبرين نفسك صانعة نجمات؟
لا أبداً أنا لا أصنع أحداً ولكن أعطيتهن فرصة.
- ماذا عن تجربتك في «ستار أكاديمي»؟
لم أتخذ أي قرار بعد إن كنت سأشارك في الموسم العاشر من البرنامج. وكانت التجربة جميلة ومسلية، أعطيت التلاميذ وأخذت منهم.
- ما الذي تعلمته؟
ليس تعلماً، ولكن التواصل والتعاون بيننا كانا لذيذين، وبين خبرات متفاوتة في الحياة الفنية حاولنا أن نكون أكثر طبيعية أمام الشاشة ونتقرب بعضنا من بعض، وان نكسر حواجز عادةً توضع على التلفزيونات.
وتعرفت على مشاكل الشباب العربي من خلال المشاركين من دول عربية عدة واكتشفت الثقافات العربية المتباعدة. تجربتي الخاصة أحببتها وأضفت لها وأضافت لمسيرتي المهنية، وإذا كنت سأكرر هذه التجربة سأرى خلال هذه الأربعة اشهر ماذا سيكون لدي من ارتباطات لكي اقرر.
- تعرفك على مشاكل الشباب العربي يساعدك في كتابة العمل الدرامي؟
أكيد.
- هل لديك وقت لنفسك، وهل تقصرين مع نفسك؟
أنا أعطي الوقت الكافي لنفسي ولست مقصرة معها ابداً.
- أنت وحّدت المجتمع اللبناني والعربي من خلال أعمالك، ما الكلمة التي توجهينها له؟
في العمل الدرامي، عندما توجهين كلمة لن تُقال بطريقة مباشرة للانسان بأذنه ولكن من خلال آخرين يلعبون أدواراً والناس تتماهى مع هذه الكمية من الادوار التي لا بد ان تجدي نفسك في دور منها.
ولكني أرى أن هذا المجتمع مريض جداً، ويعاني الكثير وفيه الكثير من الدم والإجرام وهناك أكثرية صامتة غير راضية عما يجري. أتمنى من هذه الأكثرية أن تخرج عن صمتها وتخبر ماذا يحدث.
اذا كان يوجد في بيت واحد 10 اشخاص 9 منهم جيدون وواحد فاسد اتمنى من الآخرين أن يحاصروه لكي يجمدوه، لا ان يستسلموا.
الاجرام مستفحل في العالم العربي، لأن هناك ثورات وانا لست ضد الثورات، ومن الضروري ان تطالب الناس بحقوقها ولكن القصة تحولت ولم يعد لها علاقة بثورات وغير ثورات ولم نعد نجد الا ضحايا وموتاً وهذا شيء بشع.
- الى اي مدى كلوديا الانسانة قريبة من كتاباتها؟
كتاباتي تمثلني.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024