تحميل المجلة الاكترونية عدد 1080

بحث

أيّها الأهل انتبهوا إلى العبارات التي توجّهونها إلى أطفالكم...

كثيراً ما يطلق الأهل عبارات تتضمن نعوتًا تسيئ إلى الطفل، وغالبًا ما يكون سبب هذه العبارت تصرّفًا قام به. ورغم أنّ الأهل لا يقصدون أذيّة طفلهم فإنّ وقعها عليه قد يؤثر سلبًا في شخصيته وسلوكه الاجتماعي.


يشير اختصاصيو علم نفس الطفل إلى أنّ الطفل يتلقّى العبارات أو الكلمات التي يوجّهها الأهل إليه كأنها حقيقة. فإذا نعتت الأم طفلها بالغبي أو بالمزعج، فإنه سوف يقتنع بأن هذه هي حقيقته.
والنعوت السلبيّة تؤذي شخصيته أكثر مما تقوّم سلوكه وبالتالي يفقد ثقته بنفسه. وتصير الصفات بالنسبة إلى الطفل حتميات لا مفر منها. فالبنت التي تناديها أمّها مثلاً بالسمينة سوف تتجنب ممارسة أي نشاط رياضي، والولد الذي تناديه أمّه بالخجول يمكن أن يتجنب الاتصال بأترابه. لذا فإنّ الذي يجب فعله هو تنبيه الطفل إلى سلوك محدّد أو تحديد تصرّف معين تودُّ الأم أن يغيّره.
مثلاً «تعمّ غرفتك الفوضى عليك ترتيب الأقلام والكتب المنتشرة في كل ركن من أركان الغرفة». عوضًا عن أن تقول له:» أنت ولد فوضوي».

 

أمّا الآثار السلبية التي تنتج عن العبارات السيئة غير المقصودة فهي كالآتي


المقارنة تعزّز الغيرة

1 «لماذا لا يمكنك أن تكون مثل شقيقتك»
2
«عندما كنت في سنّك، كنت الأولى في صفي»

الخطأ: عندما تقول الأم لطفلها إنه لا يتصرّف في شكل جيد أو أنّ أداءه المدرسي ليس جيدًا مقارنة بأخته، فهي بذلك تزرع بذور الاستياء وتعزّز شعور الغيرة بينهما. إذ ليس من الصواب وجود منافسة بين أفراد عائلته.
لأن ذلك يؤدي إلى شعور الطفل بعقدة النقص وأنه أقل منهم شأنًا حتى المقارنة الإيجابية يمكنها أن توقد نار الغيرة بين الأبناء. مثلاً عندما تقول الأم: «أنت أفضل من أخيك في كرة المضرب»، فهي بذلك تغرس في أطفالها النزاع وروح المنافسة السلبية.
الصواب: عوضًا عن أن تقول الأم لطفلها مثلاً: «أنت أفضل من أخيك عندما كان في سنك»، يمكنها أن تقول «أنت تثبت جدارتك في الأمور التي تقوم بها».


 عبارات تولّد الشعور بالذنب

1 «كيف يمكنك أن تتصرّف بهذا السوء بعد كل ما فعلته من أجلك»
2
«سوف تسبّب موتي»

الخطأ: عندما يشعر الطفل بالذنب عند ارتكابه هفوة صغيرة أو تسبّبه بمشكلات خارجة عن سيطرته سوف يعتقد أنه المسؤول عن أي ضرر يصيب أحد أفراد العائلة، ما يُنشئ عنده عقدة ذنب.
والشعور المتكرّر بالذنب يمنع الطفل من القيام بأي عمل جديد أو مستقل خوفًا من إلحاق الضرر بأهله.
الصواب: من الضروري أن تشرح الأم لطفلها الصواب من الخطأ عند ارتكابه حماقة غير مقصودة. كأن تقول له مثلاً: «من غير الصائب أن تأخذ أشياء رفيقك دون أن تطلب الإذن منه. كيف تشعر إذا أخذ شقيقك شيئًا تملكه دون إذن منك؟».


عبارات تؤذي معنويًا تولّد شعورًا باليأس

1 «لن تنجح في أي عمل تقوم به»
2
«يوماً ما سوف تفشل»

يفقد الطفل ثقته بنفسه تبعًا لتوقّعات الأهل. فبعض الأهل يظنون أنهم إذا تحدّثوا بشكل سلبي عن نجاح الطفل، فإنهم يحفّزونه على التحدّي والنجاح، ولكن غالبًا ما تكون النتيجة عكس ذلك.
لذا عليهم تشجيع الطفل وأن يتوقّعوا له دائمًا النجاح في المستقبل، وأن يُظهروا له الأمور الجيدة والإيجابية في كل ما يقوم به، لأنّ التوقّع السلبي يؤدي إلى فقدان الطفل ثقته بنفسه، مما يعرقل أداءه المدرسي، وأحيانًا المبالغة في التوقع السلبي يؤدي إلى رسوبه.
وعوضًا عن التحدث إليه بطريقة سلبية، عليهم التحدث إليه بإيجابية. كأن تقول الأم لطفلها مثلاً: «أعرف أنك تمرّ بأوقات صعبة الآن، ولكنني أثق بقدرتك على النجاح في المستقبل».


عبارات تطالب بالكمال تولّد شعورًا بالعجز

1 «لماذا حصلت على الدرجة الثانية»
2
«نلت فقط 7/10 لماذا خسرت النقاط الثلاث الأخرى»

الخطأ: يريد بعض الأهل أن يصل أطفالهم إلى مرتبة الكمال في كل ما يفعلونه. فلا يسامحونهم على ارتكاب الهفوات خصوصًا حين يتعلق الأمر بأدائهم المدرسي.
فعندما تقول الأم لابنتها مثلاً: «لست جيدة كفاية كان عليك أن تجتهدي أكثر». هذه الجملة تضع الطفلة أمام توقّعات غير واقعية ما يؤدّي إلى فقدان ثقتها بنفسها.
الصواب: من الضروري إظهار الإيجابية في العمل الذي يقوم به الطفل كأن تقول الأم مثلاً:» من الجميل أن تحصلي على كل هذه العلامات المرتفعة في التقرير المدرسي».
وأن تلفت انتباهها إلى العلامات المتدنيّة بقولها: «بدأت تتقدمين في شكل ممتاز وأنا واثقة أنك سوف تتخطّين أي صعوبة».


عبارات قاسية تولّد شعورًا بالنبذ

1 «أتمنّى لو أنّك لم تولد»
2
«لا أحد يمكنه أن يحبك»

نبذ الطفل يعني بالنسبة إليه أنّ أمّه لا تحبه وتتمنى أن يبتعد عنها، وشعوره بأنه غير مرغوب من الإنسانة التي أنجبته فيظن أن الجميع لن يحبوه وسوف ينبذونه.
والذي يحتاج الطفل إليه فعلاً هو الشعور بالحبّ غير المشروط من والديه، وبأنّهما يحبانه كما هو عليه وليس لما يفعله.
الذي على الأهل فعله هو التعبير عن عاطفتهم لطفلهم مهما فعل من سوء. وأن يكرّروا ذلك يوميًا بالكلام « نحبك»، وبالفعل كاحتضانه أو مداعبته أو مشاركته في النشاطات التي يمارسها.


عبارات اللوم أثناء الغضب تسبّب شعورًا بالظلم

1 «لقد جعلتني أفقد صوابي»
2
«لا يمكن أخاك أن يقوم بذلك، أنت الذي قام بذلك»

إلقاء المسؤولية على الطفل و لومه على أفعال الآخرين، يجعله يشعر بالظلم مما يدفعه إلى تعمّد الأذى، فهو سيقول في نفسه «طالما أنهم يتهموني في كل مرّة على عمل لم أقترفه، فلمَ لا أقوم به بالفعل».
وعمومًا من السهل جدًا على الراشدين أن يلقوا تبعة أفعالهم على الطفل. فإذا أراد الأهل أن يعلموا الطفل تحمّل مسؤولية أفعاله، عليهم أن يكونوا المثال الذي يقتدي به وأن يُظهروا له اعترافهم بمسؤولية الأفعال التي يقومون بها.
الواجب فعله: عندما تفقد الأم صوابها عليها بعدما يهدأ روعها أن تعتذر من طفلها كأن تقول له مثلاً: « آسفة لأنني صرخت في وجهك. أشعر بالتعب الشديد وعليّ أن أمرن نفسي السيطرة على أفعالي».


عبارات التعيير تسبب شعوراً بالخجل

1 «يجب أن تخجل من نفسك، لقد تصرّفت كالأطفال»
2
«لا أصدق أنك تخاف من الهرّة الصغيرة»

الخطأ: إشعار الطفل بالخجل من خطأ أو ذنب ارتكبه، يُشعره بأنه ناقص وضعيف. ويظن بعض الأهل أنهم عندما يعيّرون طفلهم بعمل قام به، أنهم بذلك يقوّون شخصيته، والعكس هو صحيح.
بل هم وعن غير قصد يضعفون معنويات الطفل ويقللّون ثقته بنفسه، خصوصًا عندما يوجّهون إليه ملاحظات جارحة أمام الغرباء.
الصواب: عوضًا من أن تقول الأم لطفلها عندما يبكي لأن أحدهم أخذ لعبه مثلاً: «أنت كبير لا يجدر بك أن تبكي»، من الأفضل أن تقول له: «من الصعب أحيانًا أن نشرك الآخرين في ألعابنا، في المرة المقبلة سوف أضع ألعابك الخاصة في غرفتك».


عبارات التهديد تولّد شعورًا بعدم الأمان

1 «إذا لم تصعد إلى السيارة، سوف أتركك وحدك»
2
«إذا كررت هذه الحماقة مرة ثانية، سوف أطلب من الشحاذ أن يأخذك بعيداً»

الخطأ: إن التهديد والوعيد من الأمور المبالغ فيها يستخدمهما الأهل في التربية كي ينصاع الطفل لأوامرهم ويهابهم. فكثيرًا ما نسمع الأم تقول لابنها مثلاً: «سوف أحطّم عظامك إذا لم تتصرف في شكل لائق».
على الرغم من أنها لا تعني ما تقوله لكن التهديد يوجد جوًا من الخوف ويُشعر الطفل أنه غير آمن ويعيش في محيط عنيف وعدائي.
والتهديد يؤذي الطفل نفسيًا، خصوصًا إذا كان الأهل مصدره، فهم يمثلون بالنسبة إليه الأشخاص الذين يمكنه الثقة بهم والاعتماد عليهم.
الصواب: يجب تنبيه الطفل وليس تهديده. فالتنبيه هو أكثر واقعية وأخف وقعًا على الطفل ويمكّنه من توقع نتيجة أفعاله إذا لم يطع أمه.
فعوضًا عن تهديده بالقول:» سوف أعطيك للشحّاذ» يمكنها أن تقول» إذا استمريت في إغاظة أختك سوف أعزلك في الغرفة».


عبارات التفضيل تولّد الأنانيّة

1 «لا أحب أخاك فهو يبكي كثيرًا»
2
«أنت المفضل عندي»

خطأ: قد تستعمل الأم هذه العبارات عند قدوم مولود إلى العائلة، ظنًا منها أن إظهار عدم محبتها للمولود الجديد سوف يخفّف حدة الغيرة التي قد يشعر بها الأخ أو الأخت الكبرى.
وهذا خطأ لأن ذلك قد يعوّد الطفل على الأنانية، وتصير لديه رغبة دائمة في أن يكون محطّ انتباه جميع من حوله، مما قد يؤثر على سلوكه الاجتماعي وأدائه المدرسي.
فمثلاً في المدرسة لن يستحوذ وحده على حب المعلمة واهتمامها، وإذا أبدت المعلمة أيّ اهتمام بتلميذ آخر سوف يغار بشدّة.
الصواب: «أنا أحبكما أنتما الاثنين لأنكما طفلاي اللذان منحني الله إياهما». وعليها أن تشجعه على مشاركتها في الاهتمام بشقيقه الرضيع.

المجلة الالكترونية

العدد 1080  |  كانون الأول 2024

المجلة الالكترونية العدد 1080