'كان يا ما كان' و'بلغني أيّها الملك السعيد' لسلمان زين الدين
هي ليست المرّة الأولى التي يُصدر فيها الشاعر والناقد سلمان زين الدين مقالاته النقدية في كتاب، فبعد «شهرزاد والكلام المباح» و»حين يروي شهرزاد»، يُقدّم زين الدين كتابين نقدين جديدين هما «كان يا ما كان» و»بلغني أيّها الملك السعيد» (الدار العربية للعلوم- ناشرون، 2013).
ولعلّ الكاتب يُفضّل تقسيم نتاجه النقدي في مجموعتين يُحدّدهما الجندر، لا شيء آخر. فهو لا يجمع المقالات التي تتناول الروايات التي صدرت في فترة متقاربة ولا بحسب الجيل الذي ينتمي إليه الروائيون، وإنما تبعاً لجنس الكاتب.
ففي «بلغني أيّها الملك السعيد» يعرض زين الدين «قراءة في رواياتهن»، والمقصود هنا إبداعات الروائيات العربيات.
ويضمّ هذا الكتاب عشرين مقالة نقدية لعشرين رواية تتنوّع في موضوعاتها من سؤال الهوية (في رواية ميسلون هادي «زينب وماري وياسمين»)، انشطار الشخصية بين ثقافتين وحضارتين (رواية «علي الأميركاني» لهالة كوثراني)، إلى سؤال القاع الإجتماعي وما يقع عليه من تهميش وإقصاء (رواية «النباشّون» لسوسن جميل حسن)، إلى مهنة البغاء والظروف المحيطة بها (رواية «زوج حذاء لعائشة» للكاتبة نبيلة الزبير)، وصولاً إلى التحولات التي تترتّب عليها نهايات محزنة («كلّ الحقّ ع فرنسا» لماري القصيفي)...
وعن الأسئلة التي تطرحها هذه الروايات يقول الناقد في مقدمة كتابه «هي أسئلة ومسائل تتراوح بين الإجتماعي والسياسي والثقافي والديني والنفسي.
وإذا كانت بعض الروايات تلامس المسألة النسوية، بشكل أو بآخر، فإنّ المفارقة أنّ روايتين اثنتين فقط من أصل عشرين رواية تعالجان هذه المسألة، فترصد إحداهما الظلم الواقع على المرأة والمؤسسة الاجتماعية، وتُفكك الثانية ازدواجية المعايير الاجتماعية في التعاطي مع المرأة والرجل».
ومن الروائيات اللواتي تناول زين الدين أعمالهن: زينب حفني، هالة كوثراني، سلوى صافي، فوزية شويش السالم، ليلى العثمان، ميرال الطحاوي، ليلى قصراني، جمال سليم نويهض، نادين الأسعد فغالي، نبيلة الزبير، نرمين الخنسا...
أما في «كان يا ما كان»، فيتناول زين الدين «قراءة في رواياتهم»، وهو يستعير هذه العبارة من فم الحكواتي العربي القديم ليستهلّ بها كتابه الذي يشمل 64 رواية لكتّاب من مختلف الأجيال والدول العربية.
ونذكر منهم غازي القصيبي، إبراهيم الكوني، عبده وازن، رشيد الضعيف، واسيني الأعرج، إبراهيم نصرالله، ربيع جابر، عبد المجيد زراقط، حسين ياسين، أحمد علي الزين، شكيب خوري، محمد حسن علوان، ياسين رفاعية، مصطفى سعيد، ضياء الخالدي، يحيى أمقاسم، مصطفى سعيد، محمد خضر...
وتتميّز مقالات زين الدين بأنها ترصد مناخات الرواية العربية من غير أن تنزلق في فخّ القراءات الانطباعية السريعة، أو حتى في متاهات النقد الأكاديمي الجاف.
ولا يعتبر زين الدين أنّ الناقد هو الوصي على الإبداع، وإنما يتعامل مع القراءة النقدية على أساس أنّها شاهدة على تجربة إبداعية وأنها تلعب دور الوسيط بين القارئ والكاتب.
ويُمكن لقارئ هذه المقالات أن يلتمس تواضع الناقد الذي يُجسّده زين الدين والمؤمن بأنّ زمن الوصاية النقدية قد ولّى.
«كان يا مكان» و»بلغني أيها الملك السعيد» كتابان يضمّان عدداً كبيراً من الروايات التي لا تنتمي إلى جيل واحد من الكتّاب، ولا تبحث في موضوع معين وإنما ترصد الحركة الروائية خلال السنوات الأخيرة.
ويُمكن القول إنّهما يُشكلان معاً وثيقة تاريخية- نقدية تبحث في حيثيات الرواية العربية (في العقدين الأخيرين) وفي أسئلتها وهواجسها الفنية.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024