تحميل المجلة الاكترونية عدد 1079

بحث

محترف نجوى بركات يطلق 7 روايات شابة عن دار الآداب

عراقيل كثيرة كانت لتحول دون تحقيق مشروع استمرار محترف «كيف تكتب رواية؟»، إلا أنّ إصرار الكاتبة نجوى بركات على مواصلة هدفها الذي بدأته عام 2009، ضمن أنشطة بيروت عاصمة ثقافية، دفعها إلى مزيد من النضال حتى أبصرت الدورة الثانية من محترفها النور، في ظلّ كل ما يحاصرنا من ظلام وجهل وبحور دماء.
وبدلاً من أن يكسب الوسط الثقافي العربي روائياً جديداً واحداً، تخرّج من المحترف في دورته الثانية التي أقيمت على هامش معرض البحرين للكتاب سبعة روائيين هم: أسماء الشيخ (مقهى سيليني - مصر)، رنوة العمصي (الزيارة- البحرين)، أيمن جعفر (مداد الروح- البحرين)، إياد برغوثي (بردقانة- فلسطين)، منيرة سوار (جارية- البحرين)، هدى حمد (التي تعدّ السلالم- عُمان)، عبدو خليل (فندق بارون- سورية).


غدت محترفات الكتابة في أوروبا والعالم مشهداً ثابتاً في الواقع الثقافي، وقد صار القرّاء أكثر اهتماماً بالأعمال الأدبية الصادرة عن تلك الورش أو المحترفات التي غالباً ما تقي الكتّاب الجدد من عثرات الرواية الأولى.
لكنّ هذه الظاهرة مازالت جديدة عربياً، علماً أنّ نجوى بركات كانت من أوائل الذي عملوا جدياً على فكرة المحترف في العالم العربي، وكانت قد ساهمت خلال بضع سنوات في إصدار ثلاث روايات هي «صابون» (رشا الأطرش، دار الساقي)، «نابوليتانا» (هلال شومان)، «مرّة» (نغم حيدر- دار الآداب).

لاقت الدورة الأولى رعاية من وزارة الثقافة اللبنانية من ضمن مشاريع أخرى تبنتها خلال احتفالية عام 2009 (بيروت عاصمةً للثقافة العربية). لكنّ حلم الإستمرار بالفكرة كان مستعصياً أمام غياب الجهة الممولة والراعية للمشروع.
هكذا بدت نجوى بركات كمن تُحارب طواحين الهواء. ولكن أمام إصرارها على حثّ المواهب العربية الشابة والأخذ بأديهم نحو الكتابة، بقيت الروائية اللبنانية نجوى بركات صامدة إلى أن تكفلّت وزارة الثقافة في البحرين باحتضان الدورة الثانية من المحترف وتمويلها.
وفي هذا السياق، تقول بركات: «لم يكن سهلاً أن أستمرّ في هذا المشروع في ظلّ غياب مموّل يقدّم لنا ميزانية تسمح للشباب أن يأتوا من أوطانهم ليجتمعوا في مكان واحد ويتابعوا ورشات الكتابة.
ولم يكن سهلاً عليّ أن أقنع الدور المحترمة بنشر روايات لمواهب شابة وغير معروفة. التحدي كان كبيراً أمامي، لكنّ الشيخة مي أبدت اهتمامها وساندت هذا المشروع حتى نهاية الدورة التي احتفي بها في افتتاح معرض البحرين».

شهدت الدورة الثانية من «محترف نجوى بركات» منافسة قوية بين سبع روايات جدد من مصر وسورية وفلسطين والبحرين عُمان، بغية الفوز بنشر واحدة من الروايات الفائزة بالتعاون مع واحدة من أعرق الدور العربية.
ولكن في ختام الدورة التي أعلنت نتائجها على هامش معرض البحرين للكتاب، فوجئنا بأنّ الروايات السبع المشاركة قد نُشرت عن دار الآداب اللبنانية، علماً أنّ الرواية الفائزة هي «مقهى سيليني» للطبيبة المصرية الشابة أسماء الشيخ (1988).
وهنا يحضر سؤال عن أسباب نشر الروايات المشاركة، بدلاً من الإكتفاء بالفائزة فقط. فتجيب بركات: «نظراً إلى عدم وجود ميزانية كافية للمحترف، كانت الجائزة تقتصر على نشر الرواية الفائزة فقط.

ولكن إيماناً من الوزيرة مي بنت محمد آل خليفة بالمواهب الشابة المشاركة في الدورة الثانية، وجدت أنّ من الضروري نشر أعمالهم كلها، خصوصاً بعد الأصداء الطيبة التي سمعتها من أعضاء لجنة التحكيم المؤلفة من مديرة دار الآداب رنا إدريس والشاعر قاسم حداد والشاعر والروائي عباس بيضون.
وهذا من حظّ الشباب الذي فازوا جميعهم، وإن حصلت أسماء الشيخ على تنويه خاص من الوزيرة ومن لجنة التحكيم بعد منافسة شديدة مع زملائها. والمشاركون يعلمون جيداً أنّ رواياتهم لو لم تكن تستحقّ الفوز لما كنّا لنقدم لهم كلّ هذا الدعم المادي والمعنوي».

ولا شكّ أنّ احتضان دار الآداب، صاحبة التاريخ العريق في نشر الكتب وتوزيعها، أثار جدلاً، لا سيما أنّ الدار معروفة بانتقائها للأعمال الجيدة والمهمة.
وعن هذه الإشكالية أجابت رنا ادريس، مديرة الدار بالقول: «بالرغم من الانتقائية التي نعتمدها نهجاً، تبقى دار الآداب معروفة باحتضانها للمواهب الشابة التي أصبحت في ما بعد أسماء لامعة في فضاء الأدب العربي.

لذا أرى أنه ليس جديداً على «الآداب» دعم المواهب التي تستحق فعلاً الدعم والرعاية. ونحن عندما رفعنا تقريراً عن الأعمال السبعة المشاركة، قدّمنا آراءنا بصراحة وبعيداً عن حسابات النشر.
وقد اتفقنا كلجنة تحكيم على جودة هذه الروايات التي تضاهي الروايات المكرّسة بلغتها وتقنياتها وموضوعاتها.
وهذا لا يعني أنّ لم يكن لدينا بعض الملاحظات أو المآخذ على تفاصيل معينة، لكنّ الأعمال ككلّ كانت جيدة. وقد تمكنّ هؤلاء الشباب- بمساعدة نجوى بركات وإرشاداتها- تفادي الزلاّت أو العثرات التي غالباً ما نجدها في الروايات الأولى».

وعمّا إذا كانت رنا إدريس تجد مغامرة في نشر روايات سبع لكتّاب جدد وغير معروفين، تضيف إدريس: «إنّ الأعمال المنشورة لا تبتعد عن معايير دار الآداب، ولا أجد في هذا الفعل مغامرة لأنّ الدور الفرنسية والعالمية العريقة معروفة بتبنيها للمواهب الشابة لعلمها بأنهم سيتحولون لاحقاً إلى كتّاب مكرسين أو ربما «نجوم»، وهم بدورهم سيشجعون الناس من خلال كتاباتهم على القراءة واقتناء الكتب، وهذا ما يصب مباشرة في مصلحة أي دار في أي مكان في العالم».

تعيش نجوى بركات فرحة تُضاهي فرحة الروائيين الشباب بعيد إصدار أولى أعمالهم الروائية. تحتضنهم بعطف أمومي، قلّما نجده عند كتّاب آخرين. ترعاهم وهي تعرف أنّ الرابح ليس الكتّاب الجدد فحسب، بل القارئ الذي يحتاج دوماً إلى نَفَسٍ إبداعي جديد. هكذا تتخلّى الروائية عن أنانية المبدعين وتنظر إلى كتابات الشباب بعين محبة.
لا تكتفي نجوى بركات بالحلم، بل إنها تسعى دوماً إلى تنفيذه. سؤال نطرحه أخيراً: بعد النجاح الذي حظيت به الدورة الثانية بدعم وتمويل وزارة الثقافة البحرينية، كيف ننظر إلى مستقبل محترف نجوى بركات؟ وهل توفّر الداعم سيكون دوماً متاحاً في ظل ما نشهده من تهميش للثقافة وأربابها في عالمنا العربي؟

المجلة الالكترونية

العدد 1079  |  تشرين الثاني 2024

المجلة الالكترونية العدد 1079