سكوبيلوس جزيرة تحضن كل سحر اليونان
عندما تشاهدين فيلم «مامّا ميّا» لا بدّ أن تفور فيك الرغبة لزيارة اليونان، وتتمنين الذهاب إلى المكان الذي صوّرت فيه ميريل ستريب مشاهدها.
زُرقة البحر الأبيض المتوسّط ونسائمه والبيوت البيضاء المتوّجة بالقرميد الأحمر والنوافذ والأبواب والقباب الزرقاء كلها مشاهد تجعلك تشتهين الصيف لا سيّما إذا رافقت إجازتك أغنيات فرقة الـ Abba السويدية.
هذه المشاهد ليست إفتراضًا ابتكره مخرج الفيلم وليست مونتاجًا سينمائيا أضاف إليه بعض «الروتوش»، بل هي مشاهد لأمكنة واقعية وحقيقية، وربما الكاميرا لم تكشف كل تفاصيلها.
إنها جزيرة سكوبيلوس اليونانيّة واحدة من مجموعة جزر تكوّن شمال مجموعة جزيرة سبوراديس، المستلقية عند شرق شبه جزيرة بيليون التابعة بدورها للبر الرئيسي وشمال جزيرة أوبوا.
تضم سكوبيلوس جبلين: دلفي يبلغ ارتفاعه 681 مترًا ويقع في وسط الجزيرة وبالوكي يبلغ ارتفاعه 564 مترًا جنوب شرق الجزيرة. وسكوبيلوس أكبر مساحة من جزيرتي ميكونوس وسانتوريني.
وبحسب الأسطورة فإن ستافيلوس ملك العنب ابن الملك ديونيسو وأميرة كريت أريادين، هو الذي بنى جزيرة سكوبيلوس.
ومهما كتبت الأساطير اليونانية فإن مما لا شكّ فيه أن سكوبيولس الجزيرة الأكثر خضرة بين جزر بحر إيجيه. فهذه الجزيرة تحضن أنواعًا لا تحصى من الزهور والأشجار. وهي مشهورة بغابات الصنوبر الحلبي والبلوط ، وبساتين الزيتون والأشجار المثمرة.
كل تفصيل في سكوبيلوس يفيض جمالاً مشحونًا بالأساطير الإغريقية المتلاحمة مع الطبيعة الخلاّبة. فغاباتها الصنوبرية وبساتين الزيتون تدفعك إلى ممارسة رياضة المشي حيث لن تشعري بالتعب، إذ يكفي أن تتنشقي شذا الصنوبر وأنت تجولين في أفيائه.
أما الشاطئ فلا بد أن تتقمصي دور ميريل ستريب وصديقاتها أو أماندا سيفريد التي لعبت دور الإبنة وتقفزين في المياه الفيروزية، لتعودي وتتشمّسي على الرمال اللؤلؤية غير آبهة للفحات الشمس الذهبية.
والمدينتان الكبيرتان في الجزيرة هما كورا أو كما تعرف بسكوبيلوس- المدينة، وغلوسا شمال الجزيرة. ويبدو أن هاتين المدينتين لم تتغيّرا ولم يستطع الزمن أن يثقلهما بتجاعيده. فسكوبيلوس المدينة لا تزال تحتفظ بمدرجاتها الإغريقية محمية داخل الخليج، هندستها المعمارية هي مزيج من الفن الفنيسي والنيوكلاسيكي والإيجي.
تتميّز بالقصور من الحجارة والشوارع الضيّقة المرصوفة والبيوت البيضاء التي تعتمر القرميد الأحمر وتزنّرها الحدائق الخاصة الصغيرة التي تتدلى من أسوارها عرائش الزهور والعنب، لا سيما في حي كاسترو العتيق.
أما الواجهة البحرية فتضجّ بالصخب إن لجهة الزوّار والسيّاح والسكّان أو لناحية المقاهي المنتشرة على الرصيف التي تقدّم ما لذ وطاب من المطبخ اليوناني.
وفي غلوسا عليك أن تسيري على خطى ميريل ستريب، وتصعدي درجات السلالم التي توصلك إلى القمّة حيث تصلين إلى أطلال قصر ومنزلين تقفين عندهما وتستمتعين بمشهد يوناني عزّ نظيره في العالم.
وما أجمل أن تمضي نهارك وأنت تجولين في هذه المدينة الرائعة سيرًا على القدمين تصعدين سلالم أروقتها وأزقّتها، وتتبادلين الأحاديث مع سكّان الجزيرة الذين يتميزون بطباع سكان البحر المتوسط.
وتتناولين الغداء في أحد المطاعم المنتشرة على رصيف الميناء، أو في المطعم الذي صوّرت فيه مشاهد حفلة العرس في «مامّا ميا».
كل ركن في سبوكيلوس يدعوك للفرح والإحتفال. فالسهر على الطريقة اليونانية في أحد النوادي الليلية هي قمة المتعة، ولمَ لا تمارسين تقليد كسر الصحون عندما تشعرين بالسعادة ، أو ترقصي رقصة الزوربا، على إحدى أغنيات الفلكلور اليوناني؟
الحمار هو إحدى وسائل النقل الطريفة في الجزيرة التي يستعملها السكان عند التوجّه إلى البساتين أو الغابة، أمّا في شوارع الجزيرة فليس أجمل من التنزّه سيرًا على القدمين، فأزقة الجزيرة وأروقتها تدخلك في عالم يوناني يغمره المرح والتفاؤل.
شاركالأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1078 | تشرين الأول 2024