تحميل المجلة الاكترونية عدد 1078

بحث

يوميات محررة موضة... كارولين كاسيا

باريس- آذار/مارس 2014- كارولين كاسيا Caroline Cassia

رنّ جرس أسبوع الموضة الباريسي، وحان الوقت لأوضّب حقائبي. سيكون الأسبوع طويلاً، والأيام محمومة. في البرنامج: عروض أزياء من دون شك، وإنما أيضاً معارض، وحفلات كوكتيل، وخصوصاً متعة لقاء أصدقاء وزملاء من عالم الموضة. فنحن، صحافيي الشرق الأوسط، لا ننفصل عن بعضنا خلال أسبوع الموضة. نتنتقل ونتناول الغداء والعشاء معاً. لمحة سريعة على توقعات الطقس تجعل معنوياتي في الأرض: المطر يهطل كل الأيام تقريباً! ماذا أضع في حقائبي؟ وداعاً للأحذية العالية الكعب وأهلاً بالجزمات! اخترت الموديلات المريحة وقلت وداعاً للجاذبية...


استعداد المحارب لأسبوع مليء بآخر صيحات الموضة والعالم السحري لمحبي الموضة...

 

الجمعة 28- اليوم الأول

وضّبت الحقائب واتجهت صوب المطار. هبطت طائرتي عند الساعة 11.30 في باريس. ووفقاً لحساباتي، وجدت أن لديّ الكثير من الوقت لأمضيه في ترتيب أغراضي في الشقة، والتحقق من صندوق بريدي للتأكد من أني تلقيت دعواتي (وإذا لم تكن الحال كذلك، الشروع في إرسال رسائل إلكترونية إلى الماركات المعنية) وأخيراً، حضور عرض أزياء Dior، الأبرز لهذا اليوم، الذي سيتم عند الساعة الثانية والنصف ظهراً في متحف رودان.

وكالعادة، لم تقتصر الأجواء المحمومة على الكواليس، حيث استعدّت العارضات لعرض الأزياء، وإنما امتدت أيضاً إلى الصالة حيث بدأ المشاهير بالوصول. وكانت هناك ريري (أي ريهانا، نعم ريهانا) التي بدت في أجواء احتفالية. وكدنا ننسى حضور فاليري ترييرويلر التي جاءت إلى هنا في أول ظهور علني لها بعد انفصالها عن الرئيس الفرنسي، أو الممثلة الأميركية جيسيكا ألبا. صمت، سوف يبدأ العرض. دعونا نرى ما تصوّره راف سيمونز للشتاء المقبل... امرأة ديور مدينية بلا شك، تجمع الرجولة مع الأنوثة، وتستسلم للأجواء السائدة: فقد ظهرت الملابس الرياضية بشكل دقيق ضمن مجموعة ملابس غنية بالأقمشة والقصات، مع استعمال أربطة رياضية على الخصر، أو الظهر، أو حتى الجيوب، في الفساتين المعاطف، تلك السترات ذات القصات المثالية لناحية الدقة والعصرية. الكل ضمن ألوان مألوفة وحيوية. ينطبق الشيء نفسه على الأحذية، بحيث أدخل سيمونز الأحذية الرياضية على شكل أحذية أنيقة (يمكن القول إنها جميلة جداً في الصور، لكني لست واثقة من أني أرغب في انتعالها...). في النهاية، مجموعة يطغى عليها الطابع الرجولي-الأنثوي ولا تخلو من الحيوية.

 

السبت 1- اليوم الثاني: لا عروض أزياء اليوم ، وإنما بعض المعارض.

10.30: مرور وجيز على معرض Marais حيث المصممة اللبنانية الموهوبة ميرا ميقاتي تقدم مجموعتها Capsule التي ابتكرتها لماركة Faconnable (C X FACONNABLE). خلال ثلاثة مواسم فقط، نجحت في فرض أسلوبها، في إعادة ترجمة رموز الدار عبر إدخال النضارة والعصرية إليها. التصاميم رجولية وأنثوية مع نقوش مطبعة بالأزهار، وفضلت المصممة أطقم البيجاما الرائجة جداً هذه الأيام، عبر إدخال "السموك بيجاما" هذا الموسم، مثلما سمته، أي السموكينغ-بيجاما، الذي رغبت فوراً في أن يكون ضمن خزانة ملابسي!

11.30: تبديل الشارع والاتجاه صوب الدائرة السابعة من باريس لحضور عرض مجموعة صانع الأحذية روجيه فيفييه بطريقة استثنائية للدار الأميركية اللاتينية. في الشتاء المقبل، تم ابتكار الرموز الأساسية عند روجيه فيفييه- أي الحلقة والشكل المعقوف و Prismick – ضمن جلود معدنية، وإنما أيضاً ضمن مجموعة كبيرة من الألوان القوية، مثل الأزرق الملكي والأحمر والأحمر الداكن.

 

الأحد 2- اليوم الثالث.

الساعة 15.00: كل بيروت الشابة والتي على الموضة تهافتت إلى باليه طوكيو لاكتشاف ما سيقدمه لنا مصممنا اللبناني للموسم المقبل. ونادراً ما نشعر بخيبة الأمل مع ربيع كيروز. فأسلوبه يتضح موسماً بعد موسم، ويكتسب المزيد من النضج. لذا، لا عجب أن تكرّمه الصحافة العالمية، وتختار البوتيكات الراقية تصاميم Maison Rabih Keyrouz لتكون بين ماركات المصممين المباعة لديها. هذا الخريف والشتاء، تدمج المجموعة، التي تحمل اسم Barbes - Batroun ، بين الشرق والغرب. إنها تصاميم محررة من القيود والتعقيدات، يمكن ارتداؤها بكل بساطة. الكنزات مع القلنسوات والبرانص الصوفية البوكليه تبرز مكان معاطف المدينة مع نقوش مربعات كبيرة، فيما يمتزج كل شيء مع الجزمات القصيرة المطبعة بنقوش التساح الذهبية اللون. رائع...

الساعة 16.00: أتوجه صوب Tranoi ، صالة العرض الكبيرة حيث يقدم مصممو المجوهرات، أو الملابس أو الأكسسوارات أو الحقائب، مجموعاتهم للزبائن من العالم أجمع. توجد الكثير من المنصات لدرجة أن المرء يتوه في النهاية. وجعلت نفسي أتوه. فخلال التجول بين المنصات، صادفت ابتكارات اللبنانيين. فاللبنانيون موهوبون ويجدر بعالم الموضة أن يحسب بعد الآن الحساب لتلك المجموعة الجديدة من المصممين. هناك أولاً حقائب Sara’s bag التي لم يعد هناك حاجة إلى التعريف بها. فتلك الحقائب اليدوية جالت العالم كله ولاقت رواجاً كبيراً عبر شبكات التواصل الاجتماعي. للموسم المقبل، تم تشغيل المحركات في المجموعة وتعاونت المصممة مع هاوٍ لاقتناء السيارات الصغيرة، فجاءت النتيجة رائعة بحيث يرغب الجميع في اقتنائها، نظراً لدمجها بين الحنين إلى الماضي وبين الرسوم المتحركة. صادفت من ثم Jojoba ، واسمها الحقيقي جويل خراط، التي تقدم لأول مرة ضمن Tranoi مجموعتها من المجوهرات المبدعة. وها هي تقدم لنا أكسسوارات من المعدن الذهبي أو المعدني، مرصعة أحياناً بحبات كريستال رائجة جداً. تملك محبيها ومعجبيها في بيروت، وهي تنتظر الآن اكتساح العالم. هناك أيضاً ندى صوايا وحقائبها المصنوعة من الجلد أو جلد الزواحف التي تلقى رواجاً كبيراً في الولايات المتحدة، مدام ريف ومجوهرات المعتقة الطراز... اللائحة طويلة.

قبيل المغادرة، توقفت أمام منصة AS 29  ومنصة مجوهرات جويل (Joelle Jewellery). هاتان المصممتان للمجوهرات هما في الواقع أختان، وابتكرت كل منهما ماركتها الخاصة. وبما أني المعجبة الأولى بهما، سارعت لإخبارهما بذلك، ودعمت أقوالي بالصور العديدة الموجودة على هاتفي الخلوي، والتي تظهر التصاميم التي عرضناها لهما في صفحات الموضة والجمال في مجلتنا.


الاثنين 3: اليوم الرابع

الساعة 16.00: هل هو قدر؟ لا أذكر يوماً واحداً قدم فيه إيلي صعب مجموعته من دون أن يكون الطقس ماطراً بشدة في الخارج. في الصيف والشتاء ، يكون المطر دوماً على الموعد! هكذا، وتحت المطر المنهمر بغزارة، توجهنا عند الساعة الرابعة بعد الظهر نحو  Tuileries لحضور عرض أزياء المصمم اللبناني الذي اقترح للشتاء المقبل مجموعة ألوان خريفية تراوح بين الأحمر الداكن والبنفسجي المحروق والوردي الناعم. أحببنا نقوش الأزهار على الخلفية السوداء والخطوط الرزينة، من دون أن ننسى ما يعظّم مجد السجادة الحمراء، أي الفساتين الكاشفة للساقين بشكل رائع.

وتحت المطر المنهمر بغزارة، خرجنا من عرض إيلي صعب للتوجه إلى جادة مونتاين وقررنا الذهاب لشرب قهوة مع أصدقاء لنا من دار ديور. لكن... ما من سيارة أجرة تلوح في الأفق!! لا مشكلة لأننا وجدنا وسيلة تنقلنا: الدراجة التاكسي، المعروفة في باريس. انتابتنا نوبة ضحكة كبيرة مع أمين جريصاتي، صديق ومنسق أزياء، قبل أن نصل معاً بشكل مميز جداً أمام المطعم الفاخر في جادة مونتاين.

الساعة 18.30: زيارة سريعة لبوتيك روجيه فيفييه حيث يقام كوكتيل على شرف ميرا دوما، الجميلة الروسية والوجه الإعلاني الجديد للماركة لربيع وصيف 2014. كانت إيناس دو لا فريسانج بين الحضور، فيما أوشكت ميرا دوما على المغادرة. أليست حفلة الكوكتيل لغاية الساعة التاسعة مساء؟ قيل لنا إنه عليها المغادرة لحضور عرض أزياء سان لوران. أوه، نحن أيضاً!

الساعة 20.00: توجهنا إلى الجهة الأخرى من باريس لحضور المجموعة الرابعة لهايدي سليمان لدار سان لوران. برز الأسلوب فور عرض التصميم الأول. سيكون الشتاء مع رداء الكاب أو لا يكون، مع عودة جلية لموضة الستينات. فامرأة سان لوران ستمضي الشتاء مع الفساتين القصيرة والتنانير القصيرة وأجواء الروك. ولم نلمح أي سروال على الإطلاق. لذا، لا بد من أن تكون الساقان رفيعتين بامتياز. بالنسبة إلى الأحذية، برزت الجزمات المسطحة من الجلد اللماع أو البرق اللماع. وبين المشاهير الذين حضروا العرض كانت هناك آريا، وكاترين دونوف، وفاليري تريروايلر، وكايت موس التي وصلت متأخرة وتوجب عليها حضور العرض وقوفاً.

 

الثلاثاء 4: اليوم الخامس

10.30: تم إخبارنا بالأمر، لكننا عجزنا عن تصوره. سيتم تحويل الغران باليه إلى سوبرماركت موقت مع منتجات مصنوعة من شانيل. مركز شانيل للتسوق، مثلما كتب على بطاقة الدعوة، سيكون منصة العرض لمجموعة أزياء فائقة الأناقة للتسوق: رفوف من الكوكوكيات والكوكو فلاكس، والفاصوليا الحمراء من حديقة غابريال، وقهوة لا بوزا، وأرز فينير إلسا، وأدوات تقطيع تحمل الحرفين C، وقفازات لتنظيف مثالي، وحتى مكعبات مرقة تحمل اسم شانيل. كنتم تحلمون بهذا؟ ها قد فعلتها شانيل!

بدل أن يجلس المدعوون على مقاعدهم، اختالوا بين الرفوف لدرجة أننا وجدنا صعوبة في العودة لاحقاً إلى أماكننا. كان العرض مذهلاً لناحية الديكور والتصاميم على حد سواء. وبدأ العرض مع صوت ريهانا. في الشتاء المقبل، تسيطر الراحة على تصاميم شانيل وسوف ننتعل جميعاً الأحذية الرياضية! لم يفوّت كارل لاغيرفيلد أي تفصيل. أرسل العارضات للتسوق وهنّ يحملن سلالاً من المعدن المجدول بسلاسل جلدية صنع الدار، وعربات تسوق من الجلد المضرّب، وحقائب يدوية مضربة مغلفة بعلب لحمة تحمل لصيقة "100% جلد غنم" أو حقائب تحمل عبر الجسم على شكل علب بيض أو علب حليب كوكو. في النهاية، عند إعلان إقفال المتجر، تسارع المدعوون لإفراغ الرفوف من محتوياتها، وحاول كل واحد أخذ ذكرى معه. لكن العناء لم يكن مستحقاً إذ اضطر الجميع إلى إعادة كل شيء عند الخروج. في هذا الوقت، استطعنا رؤية كارا دولوفين، العارضة الصديقة للماركة تتنزه مع ريهانا بين الرفوف، ولا شك في أنه تم تناقل هذه الصورة عبر الانترنت. وكدنا ننسى تقريباً حضور الفاتنة كيرا نايتلي.

الساعة 12: مرور سريع على مكاتب ديور للاطلاع مجدداً على المجموعة والتمعن أكثر في التفاصيل وغنى الأقمشة المستخدمة في المجموعة.

الساعة 15: انتهى النهار بزيارة لصالة عرض المصمم اللبناني زهير مراد الذي قرر عدم تقديم مجموعة له ضمن أسبوع الموضة وإنما تقديمها مع كوكتيل صغير. كان مراد وفياً لنفسه إذ جاءت الخطوط دقيقة وجسم المرأة مقولباً بشكل جميل بألوان الأسود والأبيض.

 

الأربعاء 5، اليوم 6:

الساعة 14: انتهى اليوم أسبوع الموضة مع عرض أزياء ميوميو. انطلق العرض بعد 45 دقيقة من التأخير. انتظرنا وصول ريهانا- نعم هي أيضاً (لا شك في أنها حضرت كل العروض)- التي أطلّت بمعطف من الفرو من مجموعة برادا للشتاء المقبل. بدأ العرض أخيراً وكشف مجموعة مرحة وأنثوية ذات تصاميم عفوية: باركا، معطف واق من الهواء، سترة جلدية قصيرة، جزمات واقية من المطر وعالية الكعب... الكل ضمن ألوان فاتحة جداً... استطعنا أيضاً رؤية الممثل الأميركي جاريد ليتو الذي نال أخيراً جائزة أوسكار، وكذلك الممثلة لوبيتا نيونغو التي نالت هي أيضاً جائزة أوسكار.

انتهى العرض وانتهى معه أسبوعي الباريسي المجنون. في انتظار الحلقة المقبلة...

المجلة الالكترونية

العدد 1078  |  تشرين الأول 2024

المجلة الالكترونية العدد 1078