فهد العليوة: لست خيّاطاً أقصّ وأرقّع نصوصي برغبة الممثلين
كاتب شاب بقيمة نجم استطاع أن يلفت الأنظار كمؤلف درامي، ويحصد شعبية وجمهوراً يترقب أعماله وينتظرها، أوجد حالة من الرومانسية الرقيقة كان يتعطش لها الجمهور الخليجي من خلال الثلاثية الدرامية «ساهر الليل» التي وثّقت الغزو العراقي للكويت.
جرأته في طرح قضايا مجتمعه جعلته في الصفوف الأولى للكُتاب ومحل ثقة الكبار. هو السيناريست الكويتي فهد العليوة الذي يتقن رسم شخوصه على الورق لنراها على الشاشة. له فلسفة خاصة بعمله نتعرّف عليها وعلى أفكاره وأرائه في هذا الحوار:
- ما جديدك؟
أواصل كتابة نص درامي جديد بدأت العمل عليه خلال شهر رمضان الماضي، استعدادا لتقديمه إلى رقابة النصوص في وزارة الإعلام للحصول على إجازة النص والشروع في تصويره قريباً.
- هل تابعت الاعمال الدرامية التي قدمت العام الماضي؟
طبعا، فأنا أحرص على متابعة الأعمال الدرامية المطروحة سواء في رمضان أو بعده. وكانت العادة أن أظل مشغولا في رمضان بعملية التصوير والمونتاج للحلقات الأخيرة التي تعرض، عكس الموسم الفائت حين تفرغت واستمتعت بالمتابعة ومشاهدة الدراما، خاصة الأعمال المصرية التي فرضت هيمنتها على الدراما العربية مرة أخرى وعادت بقوة في المواسم الأخيرة.
ومن المسلسلات التي كنت أحرص على متابعتها في رمضان مسلسل «نيران صديقة»، ومسلسل «أبو الملايين» ومسلسل «توالي الليل» و«القاصرات».
- ماذا عن مستوى الدراما الخليجية التي يقال إنها تراجعت؟
أرى أن الدراما الخليجية تتقدم، صحيح بخطوات بطيئة لكنها أصبحت أفضل مما كانت عليه من جوانب عدة أهمها أساليب الإنتاج والإخراج، فأصبحنا نرى أعمالاً خليجية بميزانيات ضخمة تنافس الأعمال العربية، وكذلك على مستوى الإخراج الذي أصبح أكثر تطورا من خلال جودة الصورة والإضاءة والرؤية الفنية للعمل ككل.
ولكن قد يكون لدينا أزمة نصوص درامية وهذا ما يشعر المشاهد بأن الدراما الخليجية تتراجع أو إنها تقف في مكانها بسبب التكرار، وذلك لعدم التجديد في القصص والقضايا التي يعالجها الكتّاب.
ويرجع ذلك الى عدة أسباب أهمها الرقابة وتضييق الخناق علينا نحن الكتاب وحصرنا في مواضيع اجتماعية مكررة تشعر المشاهد بالملل.
- هل أساءت الدراما الكويتية إلى صورة الأسرة الكويتية؟
لا طبعاً، المشاهد في مكل مكان أصبح لديه الوعي الكامل ليعرف أن ما يطرح في الدراما هو إما حالات فردية تمثل بعض السلبيات في كل مجتمع، أو حالات نماذج سلبية من الخيال تساعد المؤلف في ايصال فكرته.
والدليل على كلامي أن الدراما المصرية طرحت جميع الجوانب السلبية للمجتمع المصري وتجاوزت كل الخطوط الحمراء والمحاذير ولم يؤثر ذلك على نظرة العالم إلى مصر وإلى الشعب المصري.
- نجاح ثلاثية «ساهر الليل» وخاصة الجزء الاخير «وطن النهار» حصرك في مربع معين؟
لا أرى ذلك بل على العكس النجاح الكبير أكسبني ثقة بالنفس أكثر وحماسة لتقديم ما هو أفضل.
- هل يستفزك أن يقال عنك «كاتب الرومانسية» وما يترتب عليه من حضورك في قالب محدد؟
بطبعي لا أحب التصنيف رغم وجود كتاب متخصصين في كل مجال، مثل الاثارة أو الرعب أو الغموض أو الرومانسية أو التاريخ. لكني أرى نفسي في أكثر من مجال ولن أنحصر في قالب محدد سواء الرومانسية أو غيرها.
ولكن في الوقت نفسه أنا فخور بالرومانسية التي كتبتها في معظم ما قدمته والنجاح الذي حققته بفضلها.
- تحرص على كتابة أعمال اذاعية، فما السبب؟
بدايتي كانت في الاذاعة من خلال مسلسل «غنيمة والذيب»، وقد أحببت جو العمل الاذاعي وروح الاسرة الواحدة السائد أثناء تسجيل العمل.
- ألا ترى ان المسلسلات الإذاعية تكون مظلومة ولا تلاقى نصيبها من المتابعة؟
اليوم في ظل هذا العدد الهائل من الفضائيات من الطبيعي أن يهجر الناس الراديو، فحتى التلفزيون بات اليوم مهددا بالهجر بعد طغيان المواقع الالكترونية التي تتيح للمشاهد متابعة أي عمل يريده في أي وقت دون الحاجة الى التقيّد بمواعيده وانتظار وقت البث في الفضائيات.
لكن رغم هذا يبقى للإذاعة متابعون أوفياء ولمست ذلك من خلال ردود الفعل التي تأتيني وقت بث مسلسلاتي فيها.
- اين بات مصير مسلسل «فال مناير» الذي كان سيجمعك بحياة الفهد؟
المسلسل لا يزال مشروعاً قيد التنفيذ، لكنه متوقف إلى اشعار آخر ولا استطيع التصريح بأكثر من ذلك.
- كان يفترض أن تجمع القديرتين سعاد عبدالله وحياة الفهد في مسلسل واحد بعد فشل عملهما «البيت بيت ابونا».هل شعرت بالارتياح لأن التجربة لم تتم؟
لا أرى أن مسلسلهما قد فشل، فجمع القديرتين حياة الفهد وسعاد عبدالله في مسلسل واحد نجاح بحد ذاته. قد يكون المسلسل واجه بعض الظروف التي أثرت على نجاحه بالصورة التي توقعها الكل.
ومن المستحيل أن أكون سعيداً بأن حلمي بجمع الفنانتين القديرتين لم يتم فقد كنت متشوقاً لرؤيتهما معا بعد هذا الانقطاع الطويل. والفشل معهما هو نجاح لأي كاتب، وأتمنى أن يتحقق الحلم يوما ما وأجمعهما في مسلسل واحد فعلا.
- ترتبط أثناء كتابة العمل بأبطالك من الممثلين الذي تكتب لهم، ألا ترى إن ذلك يضيق على الكاتب اختياراته؟
ارتباطي ببعض الممثلين أثناء الكتابة جاء باختياري الشخصي ومتى أحسست بأن فرصي في التنويع ككاتب معدومة أو ضيقة فأنني سأفك هذا الارتباط وأحرص على التجديد والتنويع والكتابة لممثلين آخرين... الموضوع بهذه البساطة فمصلحة العمل تأتي أولا وأخيرا.
- قدمت أعمالاً مع شجون الهاجري وهيا عبد السلام ألا إن الشخصيات التي رسمتها لهيا تركت بصمة اكبر عند الجمهور.
قدمت مع شجون برنامج «شوجي» وكان من إعدادي، وأعتقد أنه ترك بصمة لا تزال واضحة لدى الجمهور. وقدمت معها أيضا مسلسل «مذكرات عائلية جداً» فقط، بينما مع هيا عبدالسلام قدمت ثلاثة مسلسلات درامية ضخمة.
والفرق هنا بحجم العمل ونوعه ولا يمكن عقد مقارنة من هذا النوع، والظروف فقط هي ما أخر تعاوني مع شجون في مسلسل درامي جديد.
- تشترط في عقودك أسماء ممثلين بعينهم، فما السبب؟
هذا الكلام غير صحيح ولا اشترط أسماء ممثلين بعينهم بل أضع من ضمن شروط العقد المبرم بيني وبين المنتج أن يكون لي رأي في اختيار الممثلين والمخرج.
- لماذا أنت بعيد عن الكتابة المسرحية سواء لمسرح الطفل أو الكبار؟
لي تجربة في مسرح الطفل لست راضيا عنها وأرى أني استعجلت فيها ولم تكن ناضجة بما فيه الكفاية، فقررت الابتعاد عن المسرح إلى حين تطوير أدواتي في الكتابة المسرحية حتى لا أكرر أخطائي السابقة.
وحاليا أحضّر لعمل مسرحي للكبار مع فنان كوميدي من نجوم الصف الأول، للأسف لا يمكنني إعلان اسمه حاليا حتى يتم الاتفاق النهائي. وستكون مسرحية كوميدية لعيد الفطر بإذن الله.
- الم تفكر في دخول عالم كتابة الرواية؟
التفكير في الرواية سبق التفكير في الدراما التلفزيونية، لكن الظروف شاءت أن يسبق التلفزيون الأدب فتوقف الحلم إلى أن تتوافر الظروف والوقت المناسب، فالكتابة للتلفزيون سرقتني من الأدب ولم تترك لي الوقت الكافي. وكما معروف فأن كتابة الرواية تحتاج إلى تفرّغ تام وإلى وقت يتعدى السنة.
- من هم الكتاب الذين ينافسونك في الساحتين الكويتية والخليجية؟
كل الكتاب الموجودين حاليا في الساحة ينافسونني وكذلك الكتاب الذين سيدخلون الساحة قريباً. العمل الجيد يفرض نفسه والمشاهد لا يحكم على العمل من خلال اسم فلان أو تاريخه الفني بل على جودة العمل والمضمون الذي يقدمه.
- هل أنت أغلى كاتب شاب في الدراما الكويتية والخليجية؟
الأجر المادي الأعلى لا يعني أن فلاناً أفضل من فلان. قد أكون فعلا أتقاضى أجراً كبيراً لكني لا أعرف أجور بقية الكتاب لأستطيع أن أجزم بأني الأغلى. وإن كنت الأغلى فهذا لا يعني أني الأفضل، وعموماً الفن لا يقوَّم بالمال.
- اتجهت الكاتبة هبة مشاري حمادة الى الدراما المصرية، فهل تفكر في أن تحذو حذوها؟
سعيد جدا بتجربتها وأتمنى لها التوفيق فهي كاتبة يجب علينا في الخليج أن نفخر بها وبنجاحاتها وبوصولها إلى هذا المكان الجميل. وبالنسبة إلي، الفكرة موجودة وسبق أن صرحت في أكثر من لقاء بذلك منذ بدايتي لكني أفضل التركيز حالياً على الدراما الكويتية.
- ككتاب شباب تواجهون اتهاماً بأنكم تستنسخون من أعمال أدبية عربية وعالمية؟
لم يوجه إلي مثل هذا الاتهام من قبل وأنا حريص جداً على أن تكون مسلسلاتي أصلية بعيدة عن الاقتباس أو الاستنساخ.
- ما سرّ الحروب التي تقام عليك بين فترة وأخرى؟
لا سر في هذه الحروب سوى النجاح الذي يغري صغار العقول لمحاربة الناجح والنيل منه لأنه يذكرهم دائما بنقصهم وفشلهم. وللأسف واجهت العديد من هؤلاء في المجال الفني ولا تزال الحروب قائمة لكني «قدها و قدود» كما يقول المثل.
- ألم تفكر في خوض تجربة التمثيل؟
لا طبعاً فأنا ممثل فاشل وأخاف من الكاميرا بشكل كبير وهذا سبب عدم ظهوري التلفزيوني حتى في اللقاءات، بالإضافة إلى إن مهنة التمثيل لا تغريني أبداً ولا أشعر تجاهها بأي فضول، على عكس الأخراج مثلا الذي أفكر جديًا حاليًا في دراسته.
- ما المشكلة بينك وبين رقابة النصوص في الكويت؟
لا يوجد مشكلة بل على العكس أرى منهم كل الحب والتقدير والمساعدة.
- لكن مشاكلك معهم كانت السبب وراء إصرارك على تصوير «عزيز النفس» خارج الكويت؟
مسلسل «عزيز النفس» لم ترفضه الرقابة بشكل رسمي إلى اليوم رغم تقديمه من المنتج إلى وزارة الإعلام منذ سنتين. ولا أعرف السبب الذي عطل إجازته حتى الآن وهذا ما دفعني للتفكير في تصويره خارج الكويت، ولا علاقة لذلك بأي مشكلة واضحة أو خلافات.
- كيف تتعامل مع مزاجية الفنانين وخاصة النجوم في طلباتهم للتغيير في النص أو التعديل في الشخصيات والأدوار؟
أقابل طلباتهم بالرفض التام،. فليس من حق أي ممثل مهما علت مكانته أو نجوميته التدخل في النص المكتوب. وحده المخرج له الحق في التغيير وإبداء الملاحظات وتعديل السيناريو. للممثل حق قراءة النص ورفضه أو قبوله.
أما تعديله وتغييره فمرفوضان تماماً عندي، لأني لست خياطاً أقصّ وأرقّع حسب الطلب.
- هل تفكر في تكرار تجربة كتابة الأجزاء؟
أجزاء منفصلة مثل «ساهر الليل» لا أعتقد. أما الأجزاء المتصلة فهذا ممكن حسب النص والفكرة.
- هل تعرضت للغدر؟
تعرضت للغدر من أناس كنت أعتقد أنهم أصدقاء وبمثابة الأشقاء.
- بعيدا عن العمل ما هي هوايتك؟
أحب القراءة والطبخ والرسم.
- كيف هي علاقتك بالمطبخ؟
علاقة جميلة جداً وأحب دخول المطبخ لاختراع وجبات جديدة أغلبها فاشل للأسف ولدي النية لأخذ دورات مبسطة في الطبخ.
- وماذا عن الحب؟
موجود وبقوة وهو ما يجعلني أبتسم كل صباح رغم كل الصعوبات والمشاكل. فشكراً لوجوده في حياتي.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024