هل أحمي طفلي من تقلبات مزاجي؟
يضحك الطفل عندما تضحك أمه أو يرتمي باكياً بين ذراعيها كلما رآها قلقة ومتوترة. هل يجدر بنا تمالك أنفسنا أمام أطفالنا وعدم الكشف عن عواطفنا؟
لا، لأن العواطف جزء من الحياة
يجدر بكل زوجين طبعاً حماية أطفالهما من الأزمات العاطفية التي تعصف بعلاقتهما أحياناً، لكن لا ضير أبداً إذا سمع الطفل القليل من الاختلاف في الرأي بين أهله. فمن المهم أن يشعر الطفل أن أهله يمكن أن يتواجها أيضاً، ويعيشا لحظات اختلاف أو حزن أو فرح، لكنهما في النهاية يتحابان ويحترمان بعضهما البعض. المهم ألا يشعر الطفل أبداً أن له علاقة بخلافات الأهل أو اضطراباتهم.
وفي حال حصل اختلاف في الرأي أو شجار أمام الطفل، لا بد بعدها من تحويل ذلك الاختلاف إلى عنصر إيجابي في عينيه. يجب أن يفهم الطفل أن الأهل هم من البشر، ويمكن بالتالي أن يشعروا بالحزن والغضب، لأن هذا جزء طبيعي من الحياة. لكن الأمور ستعود لاحقاً إلى مجراها الطبيعي ولا داعي أبداً لأن يشعر الطفل بالقلق أو اللوم أو النبذ. ويجب ألا يقف طرفاً مع هذا الفريق أو ذاك. وهنا تبرز أهمية الكلمات والعبارات الهادئة والمطمئنة التي يجدر بالأهل توجيهها إلى طفلهم.
نعم، إذا كانت العواطف جياشة وكثيرة
يحتاج الطفل الصغير إلى الإحساس بالأمان العاطفي الذي يتيح له الاسترخاء واللعب. لذا، فإن الأم التي تكشف عن تقلبات مزاج سريعة وقوية يمكن أن توقع اضطراباً في توازن طفلها العاطفي. فالأم التي تبدأ بالصراخ فجأة لأن كوب الماء وقع على الأرض، أو تغضب بشدة لأن طبق الطعام الذي أعدّته لم ينجح كما يجب، فإنما تولّد لطفلها ضغوطاً نفسية وعاطفية قوية تدفعه إلى القلق والاضطراب.
تعلمي السيطرة على عواطفك المفرطة وحاولي ألا تلقي اللوم عليه في حال حصل خطب ما في حياتك. فإذا اضطررت لحرمان نفسك من شيء ما بهدف شراء لوازمه المدرسية، لا تجعليه يدفع ثمن حرمانك عن طريق اللاوعي. كلما شعرت بالضغط والتوتر، توجهي إلى غرفتك وأبلغي طفلك أنك تريدين الاستراحة لبضع دقائق. وإذا كان طفلك صغيراً جداً، حاولي إلهاء نفسك باللعب معه.
أحياناً إذا كان للطفل علاقة بالأمر
طفلك شديد التعلق بك ويلاحقك مثل ظلك كلما رآك متوترة أو تذرفين دمعة. يحاول لفت انتباهك بشتى الوسائل عبر تقديم رسم عفوي أو التشبث بملابسك أو ربما البكاء... كل ذلك لإلهائك عن المشاعر السلبية المسيطرة عليك. لكن تذكري أيتها الأم أنه لا يعود إلى الطفل أبداً أن يواسيك إذا كنت مضطربة أو متوترة.
وفي المقابل، إذا كان طفلك مبتسماً على الدوام ولا يتأثر على ما يبدو بأي شيء يجري من حوله، فإنه ربما في مرحلة "سيطرة زائفة على الذات"، أي أنه يحاول أن يكون المثل الصالح أمام أهله من خلال الكشف دوماً عن ابتسامة رقيقة ورباطة جأش مذهلة. إلا أن هذا خطير، لأن هذه الابتسامة قناع.
لا تشاركي أطفالك كل عواطفك. فإحساس الطفل بأن ما يجري حوله لا يعنيه قد يسبب له الحرمان، وإنما يمنحه أيضاً الاستقرار والطمأنينة. إنها طريقة لحمايته ودفعه للاهتمام بشؤونه الخاصة وعالمه الخاص.
شاركالأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1078 | تشرين الأول 2024