يمنيات يبحثن عن مستقبل أفضل من الماضي
الحديث عن حقوق منصفة وعدالة اجتماعية ترتقي بالمرأة إلى مستوى متقدم من التمكين السياسي هو الخطوة التالية للنساء في اليمن بعد التحولات السياسية التي شهدتها البلاد خلال السنوات الأخيرة. التفاؤل والتشاؤم واردان في هذا الصدد لا سيما أن خيوط اللعبة الأن باتت بأيدي الأطراف الحزبية التي شهدت تجارب مختلفة بتعاملها السابق مع النساء. «لها» التقت حزبيات وناشطات من مدن يمنية مختلفة وتيارات متعددة وكان التحقيق التالي.
«رؤيتنا متجسدة في الأحلام والتطلعات»
الباحثة فاطمة مشهور تقول إنها دائماً «متفائلة بالقادم، وبشكل عام فإن كل ما كان لدينا توجه ورؤية لإشراك المرأة في كل مجالات الحياة التنموية بالتعاون مع كل القوى الداعمة، من حكومة ومؤسسات حزبية ومنظمات المجتمع اليمني، بالإضافة إلى أن تكون إرادة المرأة متوافرة ولديها اقتناع بأن تكون الرائدة في المستقبل... القادم سيكون أكثر إشراقاً».
وتضيف: «هذا لا يمنع أن تكون رؤيتنا متجسدة في الأحلام والتطلعات ويجب أن تعمل المرأة من خلال الضغط والمناصرة حتى تدفع نحو مشاركتها العامة وبالذات في الحياة السياسية. في اليمن هناك قوى مؤثرة في الحياة السياسية وعلى المرأة أن تنتبه لذلك وتكون على وعي كامل بآليات التعامل مع هذه القوى».
«يجب أن تفرض المرأة حضورها»
الناشطة جميلة أحمد غالب ترى أن «مستقبل المرأة يعتمد على المرأة نفسها كونها بعد 2011 قد عرفت طريقها إلى التغيير وتأكدت أنها شريك فاعل وقوي في المرحلة النضالية لليمن، ومثلما كانت المحرك الرئيسي للربيع العربي في اليمن فهي تستحق بجدارة أن تكون متساوية الحقوق مع الرجل ويجب على المرأة أن تضمن وجودها في المستقبل بكل المواقع السياسية المختلفة وهي اليوم مؤهلة وتمتلك الأدوات. وقد تساوت مع الرجل في وعيها الوطني خلال الثورة مما يستدعي المساواة في الحقوق دون جدال».
وتواصل: «المجتمع اليمني له تحفظات كثيرة عن المرأة وخروجها، ولكن كما تقبلها في الثورة يجب أن تفرض ذاتها ليتقبلها الآن ويعطيها مكانها في المستقبل السياسي والعام».
«الأمر مرتبط بالدعم الحكومي»
الدكتورة طيبة بركات القيادية في الحزب الاشتراكي اليمني - محافظة الحديدة، ترى أنه خلال الأحداث الأخيرة التي مرّ بها اليمن كانت المرأة في الصدارة مما يؤكد أن المستقبل واعد للمرأة على أن يكون هناك جهود تبذل للوصول إلى ذلك كدعم من القوى المتنورة داخل المجتمع. و»لا تحتاج المرأة اليوم بعد كل ما قدمت إلى شهادة لأنها استطاعت أن تقدم الكثير ووصلت إلى درجة عالية من التعليم. ثم أن الأمر مرتبط بالدعم الحكومي والشعبي لتجد المرأة طريقة للتمكين والوصول إلى صناع القرار».
«المسألة تعتمد على المرأة»
أخلاق الشامي (محافظة صعدة) تقول إن مسألة تمكين المرأة تعتمد على المرأة نفسها ومدى جديتها للمشاركة في المرحلة المقبلة. فإذا حرصت النساء على أن يعملن بشكل أفضل فإن نظرة إلى المجتمع ستتغير حولهن خاصة أن المجتمع الدولي مع هذا التوجه وينادي بتمكين النساء».
«يجب أن تكون هناك رؤية موحدة»
هناء هويدي (ناشطة نسوية) تقول إن «هناك ضبابية في الوضع، ومع هذا نحن نتطلع إلى مستقبل أفضل للمرأة وللمجتمع. وحتى اللحظة لا يمكن القول إن المرأة حصلت على حقوقها التي نص عليها الدستور اليمني، ولهذا أتمنى على كل النساء من مختلف الاتجاهات السياسية والمستقلات أن تكون لهن رؤية مستقبلية واحدة وهدف محدد ومتفق عليه ولا يتشتتن حتى يمكن الضغط بقوة موحدة. وهنا سيكون الصوت مسموعاً ومن خلاله تطرح ماذا تريد وآلية تحقيق ما تطمح آليه».
«التحرك من أجل النساء لا من أجل الأحزاب»
وترى رئيسة المنظمة العربية لحقوق الإنسان رجاء المصعبي أن «مستقبل المرأة اليمنية مرهون بواقعها اليوم, وما نلاحظه في الوضع الحالي أنه يتم استبعاد النساء من مناصب كثيرة وإن وضعت المرأة في أي موقع فهذا تكملة عدد فقط أمام المنظمات الدولية».
وتشير إلى أنه «إذا ما تحركت النساء بشكل صحيح وفكرن في النساء وليس في الأحزاب كما هو حاصل، فإن الأمر سيتغير بلا شك. وعلى المرأة الحزبية أن تدرك أن نضالها هو من أجل أن تعمل الأحزاب لصالح النساء وليس العكس».
«حاجز الصمت كسر»
عضو مجلس النواب الدكتور عبد الباري دغيش يؤكد أن «المرأة أثبتت حضورا لافتا خلال الثورة السلمية وأصبحت طرفاً أساسياً. وأنا متفائل بمستقبل المرأة بناء على مشاركتها في الحراك الشعبي الذي غيّر اقتناع المجتمع وقبوله بالمرأة واحترامه لها. ثم إن حاجز الصمت والخوف لدى المرأة كسر وبإمكانها اليوم أن تخرج ضد أي ظلم أو تمييز وترفض العنف فقد أصبح لها صوت مسموع ومؤثر في المجتمع».
«هذا التوقيت مهم لإشراك النساء»
فاطمة الخطري عضو اللجنة العامة في المؤتمر الشعبي العام تقول: «خلال الفترة السابقة تحملت المرأة اليمنية عددا من الضغوط وكانت مرحلة صعبة عانت فيها الكثير, وبهذا القدر من الضغوط نتمنى استيعاب قضايا المرأة المختلفة ونقاشها بجديه وصدق».
تواصل: «البعض يقول إن إشراك المرأة في مؤتمر الحوار، مثلاً، كمالة عدد، وهذا غير صحيح، فهناك ضرورة لأن تكون النساء عنصرا فاعلاً لتحديد ملامح مستقبلها وطرح رأيها حول مختلف القضايا السياسية والحقوقية والاجتماعية التي تعد خريطة طريق لليمن الجديد. والمرأة محور رئيس، ومن المهم أن تكون موجودة في اللجنة الدستورية كضمان لوجودها المستقبلي، لأن هذا التوقيت مهم، خاصة أننا لم نعد نقبل بالمشاركة الديكورية ونريد تفعيلا حقيقيا للمرأة في المراكز التي تتقلدها، على أن يكون لها حضور في مركز صنع القرار يوازي حضورها على أرض الواقع. ومن يقول إن المرأة غير مؤهلة فهذا الكلام غيرصحيح فالمرأة المؤهلة موجودة ومهمشة والجميع يتعمد إقصاءها».
«المؤشرات غير مبشرة»
أما الأستاذة آمنة محسن رئيسة اتحاد نساء اليمن، محافظة أبين فإن لها رأيا مختلفا عن الأخريات، وتقول: «مستقبل المرأة في اليمن غير مبشر، بدليل التعيينات والقرارات التي تصدر في الوقت الحالي ولا تعطي المرأة حقها... أن يكون للمرأة دور في الحوار الوطني لا يكفي، بل نريد أن تمكَّن المرأة في المرحلة المقبلة وتكون هي القائدة وتصنع القرار وتتخذ الرأي وتنوجد في كل مفاصل الدولة».
وتطالب محسن اتحاد نساء اليمن واللجنة الوطنية للمرأة والجهات المختلفة بالضغط على الحكومة من أجل أن تكون هناك تعيينات ومناصب للنساء لأن هذه المرحلة الانتقالية حاسمة.
«الأحزاب تتفق ضد المرأة»
وتتفق معها الدكتورة شفيقة مرشد عضو اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي اليمني، بقولها: «المرحلة الانتقالية التي تمر بها اليمن اليوم هي الفرصة الحقيقية أمام النساء، وإذا ذهبت هدراً فإن وضع المرأة سيتراجع بلا شك ولن تحصل على شيء في ما بعد. فالمبادرة الخليجية وقرارات مجلس الأمن بشأن اليمن جاءت لتؤكد ضرورة حصول المرأة على حقوقها إعمالاً لمبدأ المساواة الذي تناضل المرأة لأجله منذ عقود».
وتستطرد: «الأحزاب السياسية في اليمن تختلف حول كل القضايا وتتفق جميعها ضد المرأة وتجمع على إقصائها وتهميشها. ولكن أقول لهم بأن تمسكنا بأن تكون المرأة مشاركة موجودة في كل مفاصل الدولة ومراكز صنع القرار, ليس ترفا بل ضرورة».
«رفض للحديث عن المرأة»
فائزة البعداني عضوة المجلس المحلي، محافظة أب تقول: «المرأة تتمتع بالثقافة والأمانة في العمل وهذا يجعلنا ندعمها بقوة لأن تتقلد مناصب حساسة وفقا للحاجة الوطنية والوضع الراهن الذي يتطلب المصداقية في العمل والإخلاص والجهد من أجل بناء دولة. ولا شك أنه إذا ما مُكنت النساء فإن الوطن سوف يقطع مراحل كبيرة في التقدم والتطور والنهوض بوضع التنمية».
وأضافت: «إلى الآن لم نجد أي بادرة أو مؤشر لأن المرأة ستأخذ فرصتها بالتمكين السياسي، وهناك رفض للحديث عن المرأة بشكل عام».
تفاؤل بالمستقبل
أما أمة السلام الحاج مسؤولة الدائرة السياسية في التجمع اليمني للإصلاح، فترى أن الربيع العربي خدم المرأة، «والثورة اليمنية بالذات كانت فرصة قدمت المرأة نفسها من خلالها واستطاعت أن تلفت أنظار المجتمع الدولي حتى انعكس ذلك على الوثائق الدولية التي تخص الشأن اليمني والمتمثلة في المبادرة الخليجية والقرارات الأممية التي تنص على ضرورة أن تلعب المرأة دوراً مهماً». تضيف أن «المرأة مؤهلة لبناء الدولة المدنية الحديثة وهناك تفاؤل بالمستقبل. اجتماع النساء من كل التيارات في مؤتمر المرأة والخروج بعدد من التوصيات دليل على ذلك، ووجود نساء فاعلات في اللجنة الفنية للحوار أيضاً مبشر، إلى جانب التقارب بين المنظمات المختلفة ونزول النساء إلى الساحات... كل هذه مؤشرات تدل على أنه لا يمكن بعد الآن أن تهمش المرأة من أي حزب».
«غموض حول قضايا المرأة»
من جهتها، تقول صباح عبدالمجيد التنظيم الوحدوي الناصري، محافظة تعز: «من الملاحظ أن هناك التفافاً وغموضا حول قضايا المرأة وطغيان القضايا الأخرى على كل الملفات، ما قد يجعلنا في قلق على مستقبل الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية للنساء». وتواصل: «بشكل عام نحن نحاول الضغط على أحزابنا لتمكين المرأة في مختلف الهيئات واللجان التي تخص العمل الحزبي أولاً والسياسي ثانياً، وبما يخلق أرضية مناسبة للتمكين مستقبلاً لكل النساء في الحياة العامة. ولا بد للأحزاب أن تتحمل مسؤولياتها وتبادر لتنفيذ ذلك. وتكون نقطة الانطلاق حتى تساهم في دعم النساء ولا تكون عائقا لمسيرتهن «.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024