منزل حضن في ربوعه كلّ الهويات
هو باقة من كلّ الحضارات وقليل من كلّ العصور. لا هويّة واضحة لهذا المنزل، لكن الأكيد أنّه جمع مزيجاً من كلّ الهويّات. إنّه عمل جديد ومميّز من توقيع المهندس داني عون.
الأذواق كلّها أقامت بين هذه الجدران لتنتج قطعة نادرة ومميّزة تتماهى مع كون المالكة رسّامة وتعمل في مجال الأنتيكا.
في ربوع هذه المساحة الممتدة على 500 متر مربع، عبقت كلّ الحضارات والعصور. والقاسم المشترك بينها هو الإسترخاء المطلق الذي يعيشه سكان هذا المكان حيث اجتمعت العملانية والأناقة في قالبٍ واحد.
ما أن يدخل الزائر الصالونات حتى يجد نفسه في واحة خضراء متداخلة مع المنزل. فالمهندس عون استفاد من الجوّ الخارجي النضر المحيط بالمنزل وعكسه على الداخل من خلال تصميم الشرفة على أنّها حديقة داخل المنزل.
لا أبواب فاصلة بين الصالونات والشرفة الممتدة على طول قاعات الإستقبال، إلا إطارات من الخشب تقودنا إلى الشرفة علٌّقت عليها مجموعة أطباق من البورسلان الفاخر من مجموعة المالكة.
وعلى الإطارات الخشب لجهة الشرفة المقفلة بالزجاج، انسدلت الشتول الخضراء والورود بأناقة وتنسيق. المساحة الخارجية هذه بدت جزءاً من الداخل من خلال الأثاث الذي شغلها. مقاعد وثيرة عصرية الطراز باللون البيج إلى جانبها طاولة مستديرة قاعدتها من الخشب الأسود، يحلو الجلوس حولها لتناول الطعام أو لعب الورق في ربوع الطبيعة.
وكما في الداخل، تطعّم الأثاث بأكسسوار وقطع نادرة انتقتها المالكة بعناية، ومنها دروسوار من الخشب منحوت على شكل صندوق وضع عليه جهاز التلفزيون.
اللون البيج للأثاث كان طاغياً في الصالونات أيضاً. فأحدها مقعده وثير، قماشه من القطن الفاخر البيج، وإلى جانبيه مقعدان لافتا التصميم، قاعدتهما الأساسية من الجلد الهافان وفوقهما القماش البيج.
أما في الوسط وعلى السجادة الحرير، فطاولتان مستديرتان من الحديد منفصلتان يمكن توزيعهما أمام المقاعد.
وفي هذا الركن، نجد أنفسنا في ربوع البيت اللبناني النموذجي، من خلال الخشب المستخدم. وهنا أبدع المهندس عون الذي يهوى لعبة الخشب والتفنّن بها، فقام بجمع أبواب ونوافذ خشب من بيوت لبنانية قديمة، ووضعها جنباً إلى جنب لتشكّل فاصلاً بين قاعات الجلوس وغرف النوم، حيث استعمل بعضها خزائن.
«لا أحب إبراز الفاصل بين الصالونات والجناح الخاص بسكان المنزل، لذا وضعت هذه الخشبيات الأحبّ إلى قلبي، كفاصل جمع العملانية والجمالية في آن واحد.
فقمت بجمع خمس وثلاثين قطعة من هذا الخشب المنقوش بتفنّن، ورصفتها جنباً إلى جنب، فبدا حائط من الخشب يجسد مجموعة بيوت لبنانية، أضفت جمالية فريدة بألونها المتعدّدة والمعتقة، لتعبق منها رائحة التاريخ».
انطلاقاً من قرار المهندس عون أن يكون عمله فريداً، بدا كلّ شيء هنا فريد التصميم والطراز. فقبالة هذا الجدار، دروسوار فاصل بين غرفة الطعام والصالون يدعونا للتأمل في تفاصيله.
جزء منه من الطراز الكلاسيكي حيث الخشب منحوت بإتقان، وسطه مزيج من العصرية والكلاسيكة. أما آخر قطعة فيه، فعصرية بإمتياز.
الإرث التاريخي عابق في غرفة الطعام. قاعدة طاولة غرفة الطعام عبارة عن جذع شجرة عمرها ستمئة سنة، يصل وزنها إلى ثمانمئة كيلوغرام، إرتفعت حولها المقاعد من الطراز النيوكلاسيكي من القماش البيج، قاعدتها من الخشب.
ولإعطاء المكان مساحة أكبر، ابتكر عون على الحائط مجموعة من المرايا مقطعة بتنسيق، شكّلت دروسواراً مخفياً خلف المرايا التي ضمّت الخزائن.
وقبالة جدار المرايا، في الصالون الأخير، جدار حائط المدفأة من الغرانيت الأسود. مقاعد جلسة المدفأة توحي الراحة والإسترخاء، وهي عبارة عن مقعدين متشابهين ومتقابلين من القماش نفسه، المخمل البيج المائل إلى الرمادي.
وتطعّمت الجلسة العصرية بدورها بالطراز الشرقي من خلال الطاولتين في الوسط من الخشب الزاهي المطعّم بالعاج برسومٍ ناعمة. وإلى يمين ويسار الحائط الغرانيت رفوف من الخشب. لجهة اليمين، قطع صغيرة عبارة عن مجموعة من البورسولان الأبيض .
أما جهة اليسار، فوضع على رفوفها مجموعة كتب. وعلى جدار هذا الصالون علّقت لوحة زيتية من توقيع المالكة الرسامة ميرنا طعمه.
في هذا الجوّ المزيج من أطرزة وحضارات عدة، لا بدّ أنّ يكون الجفصين في السقف متناسقاً وبسيط التصميم انبعثت منه الإنارة الموجهة وغير الموجهّة إلى جانب البلاط الرخام البيج إفساحا في المجال لإظهار جمالية السجاد الحرير من مجموعات نادرة وفاخرة وبألون مختلفة.
وفي طريقنا إلى غرف النوم، كرسيان فاخران من الخشب المزخرف يوحيان بالعظمة.
جناح غرف النوم أراده المهندس شبيهاً بالفنادق. إحدى الغرف من الطراز الانكليزي، بسيطة التصميم إطارها من القماش البيج وتعلو السرير فراشات من الحديد مغروسة في الحائط بطريقة منسّقة لتبدو معلّقة وطائرة.
أما الغرفة الثانية، فتطعّمت بالكلاسيكية، إطارها من الخشب البسيط الزخرفة خزائنها من الخشب الأبيض توسطت درفها المرايا.
هذا المزيج من العصرية والكلاسيكية والنيو كلاسيكة وتوزيع القطع النادرة والتاريخية وإبرازها بفرادة، أظهر بوضوح مهارة المهندس داني عون وإتقانه الذي طبع المنزل بلمسة فريدة وغير مألوفة.
شاركالأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1078 | تشرين الأول 2024