تحميل المجلة الاكترونية عدد 1077

بحث

بعد 40 سنة من شيوعه... دواء قد يسبّب الوفاة!

د. باتريسيا فاضل

د. باتريسيا فاضل

بين حين وآخر، تحصل بلبلة حول أدوية شائعة معينة تستعمل لسنوات ثم تظهر فجأة أقاويل وأخبار تدعو إلى سحبها من الأسواق نظراً إلى خطرها على الصحة والآثار الجانبية التي قد تنتج عنها. ولكن هل يكون ذلك صحيحاً؟ وما سبب سحب دواء من الأسواق بعد مرور سنوات على شيوعه واستعماله بكثرة؟ طبيبة العائلة باتريسيا فاضل تجيب عن الأسئلة المطروحة حول الأدوية التي يظهر خطرها بعد سنوات من استعمالها وعن دواعي سحبها من الأسواق، خصوصاً بعد كل الأحاديث التي حصلت حول الدواء الشائع الاستعمال Motilium) Domperidone ) الذي يوصف بكثرة في حالات الغثيان للأطفال والراشدين، وعن الدعوة إلى سحبه من الاسواق الأوروبية بعد أن كثر الكلام عن إمكان حصول وفاة جراء استعماله.

لماذا يمكن أن نصل إلى مرحلة سحب دواء من الأسواق، بعد سنوات على تداوله بين الناس؟
لا بد من التوضيح أنه قبل أن يطرح دواء للتداول والاستعمال في الاسواق بين الناس يكون قد مرّ بأربع مراحل أساسية للتأكد من إمكان استعماله دون مشكلة ومن فاعليته.
فبعد المرحلة الرابعة يصبح استعماله ممكناً استناداً إلى التجارب والدراسات. ففي المرحلة الثانية تكون قد حصلت التجارب على الحيوان ويتم التأكد مما إذا كان قد يسبب مشكلات خطيرة بارزة.
أما في المرحلة الرابعة فيتم التأكد من آثاره الجانبية الممكنة ومن مدى فاعليته وما إذا كان من الممكن الحصول على النتيجة المرجوة منه في مقابل الآثار الجانبية التي يمكن أن تحصل، وذلك بالمقارنة مع الأشخاص الذين لا يتناولونه. أما عندما يطرح الدواء في الأسواق ويصبح متداولاً بين الناس، فلا يعود في إطار التجارب والدراسات على عدد محدد من الناس نظراً إلى العدد الهائل من الأشخاص الذين يمكن أن يستخدموه.
إلا انه تبقى الأمور تحت السيطرة بالاستناد إلى ردات الفعل والملاحظات والتعليقات التي تعود إلى الشركة من المستخدمين والتي يتم الاستناد إليها مع الوقت لإجراء مزيد من التحقيقات والدراسات عند الحاجة.

ما أسباب البلبلة الحاصلة حول دواء Domperidone الشائع الاستعمال في حالات الغثيان من سنوات طويلة للراشدين والأطفال؟
يستخدم دواء Domperidone من حوالي 35 او 40 سنة، وهو شائع الاستعمال بين الناس. إلا أنه في البداية كان يعطى بطريقتين إما من خلال الفم أو في العرق. علماً أنه عندما يعطى الدواء في العرق تكون الجرعة كبيرة ليكون فاعلاً.
لكن بعد أن ظهر مع الوقت أنه يسبب خللاً وعدم انتظام في دقات القلب عند تناوله بجرعات كبيرة، كما كان يعطى في العرق ويسبب مشكلات في القلب، أوقفت هذه الطريقة وأصبح يعطى بالفم فقط.
وبالتالي منذ ما قبل التسعينات أوقفت طريقة إعطائه بالعرق. لكن بقيت التساؤلات حوله وأثار هذا الموضوع قلقاً.

ألم يكن الاستمرار في استخدامه خطراً؟
استمرت الدراسات حول الدواء لكنها كانت كلّها دراسات صغيرة تقوم على مراقبة على مجموعات صغيرة ولم تكن هناك دراسات جدية.
واستمر استخدام الدواء بالفم باعتباره لا يشكل خطراً، إلى أن ظهرت دراسة جدية أخيرة قبل سنتين أجراها بلجيكي وأكد فيها أن الدواء حتى وإن أخذ بالفم وبجرعات صغيرة يشكل خطراً كونه يسبب خللاً وعدم انتظام في دقات القلب وقد يؤدي إلى الوفاة.
حتى أنه أعطى إثباتات تؤكد كلامه بالاستناد إلى دراسات أجراها تبين فيها حصول نحو 125 حالة وفاة بسبب الدواء.

هل هذا يعني أن الدواء سيسحب من الاسواق وسيتم التوقف عن استخدامه؟
ليس هذا كافياً لسحب الدواء من الأسواق، بل ثمة حاجة إلى مزيد من الدراسات .
كما يطرح سؤال الآن حول ما إذا كان الخطر يكمن في الوصفة المزمنة للدواء أو الوصفة الموقتة أيضاً كونه قد يعطى كعلاج مزمن في حالات معينة كما يحصل مع الأطفال عند وجود مشكلة ارتداد الطعام، ويمكن أن يوصف بشكل موقت لمعالجة حالات الغثيان مثلاً ليومين أو ثلاثة.
فلا يعرف حتى الآن ما إذا كان الخطر وارداً في الوصفة الموقتة. لكن على ما يبدو قد يكون للجرعات القليلة حتى تأثير وخطر.

ألا تسبب هذه المسألة في كل الحالات مخاوف بشأن هذا الدواء؟
مما لا شك فيه أنه لمجرد إثارة الموضوع لم يعد من الممكن وصف الدواء بشكل عشوائي، ومن الطبيعي أن يكون الطبيب أكثر حرصاً في وصف الدواء والناس أكثر حرصاً في تناوله حتى تتضح الأمور.
مع الإشارة إلى أن المجلة الفرنسية التي أثارت الموضوع نشرت لائحة سوداء من الأدوية الشائعة الاستعمال، ولا يمكن الاستناد إلى ما تم نشره فيها لأنه يبدو في غاية القسوة كون الأمور لا تحصل في الأدوية بهذا الشكل العشوائي.

هل صحيح أن الدواء سحب من الأسواق الاوروبية؟
هذا ليس صحيحاً وحتى الآن لم يسحب الدواء من الأسواق الاوروبية ولا بد من انتظار نتائج مزيد من الدراسات.

المجلة الالكترونية

العدد 1077  |  آب 2024

المجلة الالكترونية العدد 1077