فعاليات نسائية وحقوقية تنتقد مشروع قانون العنف ضد المغربيات
طالب مسؤولون مغاربة الحكومة بالإسراع في إجراء تغييرات في القوانين، من أجل محاربة العنف ضد النساء، معتبرين أن التشريعات الوطنية ما زالت تضم «تمييزا ضد حقوق النساء»، وذلك خلال ندوة دولية لمناقشة العنف ضد النساء وسبل القضاء على هذه الظاهرة السلبية. ونظمت هذه الندوة، التي أشرف عليها المجلس الوطني لحقوق الإنسان بالشراكة مع تحالف ربيع الكرامة، الذي يضم 23 جمعية، في الرباط. وتميزت بمشاركة مقررة الأمم المتحدة الخاصة بمسألة العنف ضد المرأة وأسبابه وعواقبه ووزيرة الأسرة والشؤون الاجتماعية والتضامن الوطني والأشخاص في وضعية إعاقة والأشخاص المسنين في دولة بنين، وعدد من الحقوقيات والحقوقيين المغاربة، وبرلمانيات وممثلي القطاعات الحكومية المعنية وخبراء ومهتمين مغاربة وأجانب.
أوضح السيد الصبار، الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، في الجلسة الافتتاحية، أن هذه الندوة ستشكل لبنة أساسية لمذكرة قائمة على مقاربة حقوقية تشاركية سيضعها المجلس في سياق المساهمة في جهود مراجعة النصوص القانونية التي تكرس واقع العنف ضد النساء.
وأكد المتحدثون أن الإطار التشريعي الوطني ينطوي على أشكال عديدة من التمييز ولا يعكس روح الدستور ولا الالتزامات الدولية للمغرب في مجال مكافحة التمييز والعنف القائم على أساس النوع الاجتماعي، ودعوا إلى تكثيف الجهود وتنسيقها لمحاربة ظاهرة العنف ضد النساء واعتبار العنف تمييزاً ينتهك الحقوق الإنسانية للمرأة.
مقاربة شمولية
ومن التوصيات التي تم طرحها في الندوة، اعتماد مقاربة شمولية للقضاء على مختلف أشكال العنف التي يعاني منها المجتمع المغربي، خاصة العنف الذي يطال النساء، واعتماد مقاربة حمائية ووقائية تكرّس عدم الإفلات من العقاب في قضايا العنف القائم على النوع، وإشراك فعاليات المجتمع المدني واستثمار تجربتها الطويلة وأرضياتها ومذكرتها واستشارتها في صَوغ القوانين ذات الصلة، ووضع سياسات عامة تأخذ في الحسبان العنف القائم على النوع الاجتماعي، وتخصيص ميزانية خاصة بالنهوض بحقوق المرأة ومحاربة التمييز والعنف الذي يطالها.
وكشفت أرقام المندوبية السامية للتخطيط أن أكثر من 60 في المئة من المغربيّات يتعرّضن للعنف بمختلف أنواعه، الجسدي والاقتصادي والنفسي.
وقالت وزيرة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية بسيمة الحقاوي، إنّ موضوع العنف ضدّ النساء يعتبر من الانشغالات العميقة للحكومة، مؤكدة «وجود إرادة جماعية لاستئصال هذه الظاهرة، بما يستوجب من إجراءات تسهم في الحدّ منها».
ورأت أن المقاربة القانونية وحدها غير كافية للحدّ من ارتفاع وتيرة العنف ضدّ النساء، إذ لا بدّ من أن تواكبها التوعية والتحسيس، في ظل وجود ثقافة التمييز باعتبارها أمراً يرتبط أكثر بالعقليات والبنى الثقافية المنتجة للعنف كسلوك وكممارسة، «وهو ما يستدعي رفع الوعي بحقوق المرأة ومركزية الانصاف والمساواة. كما انتقدت رشيدة مانجو، المقررة الخاصة لدى الأمم المتحدة في مجال العنف ضد المرأة، «ضعف معدل المتابعات القضائية لجناة ومرتكبي أعمال العنف في المغرب».
وقالت الدراسة إن «محدودية الآليات القانونية والسياسية، وقصور آليات الحماية والتصدي للعنف، ساعدت على تعزيز الإفلات من العقاب الذي يتمتع به المسؤولون عن ممارسة العنف، إذ لا تشكل الشكايات المقدمة للشرطة إلا نسبة 17,4 في المئة من حالات العنف المبلغ عنها.
واعتبرت نزهة العلوي، برلمانية سابقة وممثلة اتحاد العمل النسائي، في مداخلة حول «مشروع قانون العنف ضد النساء ومدى ملاءمته مع المواثيق الدولية» أن ظاهرة العنف عالمية وليست محلية، واستفحلت في الآونة الأخيرة بشكل كبير، مستندة في ذلك إلى إحصائيات المندوبية السامية للتخطيط، التي أظهرت أن 62.8 في المائة من النساء تعرضن للعنف، مضيفة أن دور الحركة النسائية ساهم في كشف الظاهرة والتحسيس بمخاطرها على تماسك الأسر والمجتمع برمته.
ولفتت إلى أن المغرب صادق على جميع الاتفاقيات الدولية، وعمل على ملاءمتها وفق التشريعات الوطنية، مضيفة أن مشروع قانون العنف ضد النساء جاء في سياق الدستور الجديد، لكن وصفته بـ «الجديد - القديم»، قائلة: «في الواقع، هي مجرد تعديلات على القانون الجنائي، وهو قانون يجمع بين النساء والأطفال، وأتى بتعاريف فضفاضة وغير دقيقة، وأحيانا غامضة»، مضيفة أن مشروع القانون «ركز كثيرا على المقاربة الزجرية، واعتمد مقاربة مندمجة تراعي أبعاد الوقاية والحماية والزجر والتكفل».
معالجة عمومية
من جانبها، قالت بشرى سليم، نائبة وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية «المحكمة الزجرية» في الدار البيضاء، إن «تسمية المشروع كان ينتظر منها أن تخص النساء فقط غير أن المفاجأة كانت أنه قانون يشمل فئات أخرى كالأطفال والأصول والكافلين والأزواج، ما يدخله في معالجة عمومية، ويبعده عن تصور دقيق لتجريم العنف ضد النساء».
وأضافت في مداخلة بعنوان«مشروع قانون محاربة العنف ضد النساء بين القانون الجنائي والمسطرة الجنائية»، أن مقتضيات هذا القانون «جمعت بين حماية المرأة وحماية الطفل، في حين، كان حرياً به أن يتكفل بالمرأة فقط، وتنظيم وضعيتها كضحية للعنف، خاصة أن وضعية المرأة مختلفة عن وضعية الطفل».
وبخصوص المنهجية، أشارت سليم إلى أن «القانون الجديد جاء عبارة عن تعديلات على فصول القانون الجنائي، خاصة بابه الثاني، فيما حمل بابه الثالث إجراءات مسطرية، تظهر أنها تعديلات على المسطرة الجنائية. ويتضح أن باقي مقتضيات المشروع مجرد تعديلات على قوانين قائمة، ما يفرغه من محتواه كقانون قائم الذات وخاص بفئة معينة».
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1078 | تشرين الأول 2024