الفنانة رنا كرم: 'نساء من هذا الزمن' يعرّي علاقات الصداقة بين الفتيات
اختارها المخرج سيف سبيعي وهي لا تزال طالبة في المعهد العالي للفنون المسرحية، لتشارك في مسلسل «الحصرم الشامي» المثير للجدل، وما أن تخرجت عام 2009 حتى سعت إلى بلورة خطها في العمل من خلال أداء لافت اقترنت فيه العفوية بقوة الحضور، مما جعلها تحفر بصمتها الخاصة باجتهادها ودأبها على العمل للارتقاء في ما تقدم...
إنها الفنانة رنا كرم التي منحت الحب لعملها بروح إنسانية مفعمة بالشفافية والثقة، مُطلقة العنان لموهبتها بوعي وأصالة، ومحاولة تحقيق هدفها في اختيار الدور الذي يقدّمها بطريقة محترمة على الشاشة ويحمل بين طياته تحدياً لقدراتها كممثلة، ساعية إلى التنويع وعدم التقوقع في إطار معين من الأدوار.
عديدة هي محاور حديثنا مع الفنانة رنا كرم، ولتكن البداية من خصوصية جديدها في مسلسل «نساء من هذا الزمن».
- ما مدى الجرأة في «نساء من هذا الزمن»؟
الجرأة موجودة إلى حد كبير في أكثر من مكان من المسلسل وهي تعرّي العلاقات الاجتماعية القائمة كما تعري علاقات الصداقة بين الفتيات.
- المسلسل كتابة امرأة وإخراج رجل، فإلى أي مدى سيكون أصدق في الأحاسيس؟ أم الأمر لا يتعلق برجل وامرأة؟
إن كانت المشكلة المطروحة نسائية فليس بالضرورة أن تكتب عنها امرأة، وفي المقابل إن كانت المشكلة ذكورية فليس بالضرورة أن يكتب عنها رجل، فالمهم الكتابة باحترافية عالية وأن يكون لدى الكاتب اطلاع كافٍ وخبرة حياتية حقيقية لأنه بذلك يكون قادراً على ايصال أفكار العمل بمصداقية. وأرى أنه قد يكون هناك غنى أكبر إن كانت الكاتبة انثى والمخرج رجلاً شرط أن يعرف ما يريد تماماً ويتبنى القضية المطروحة ويتعاطف معها إلى الحد الأقصى.
- هل يستطيع المخرج الرجل قيادة الممثلة لإعطاء الاحساس الصحيح في عمل أنثوي؟
لا أعتقد أن الأمر يتعلق برجل وامرأة، ولكن من يستطيع عيش القصة أكثر ويكون ملماً بها بشكل أكبر هو الأقدر على التعبير عن الموضوع أكثر رجلاً كان أو امرأة.
- إلى أي مدى يمكن التمييز بين جرأة حقيقية تغوص إلى عمق الواقع وجرأة سطحية تجارية أقرب إلى البيزنس تسعى للتسويق؟
الجمهور واعٍ جداً ويملك ذائقة فنية تخوله الحكم على العمل، وإن كان يحكم بإحساسه أحياناً، وهنا قد يعارضني أحدهم مستغرباً الشعبية التي حصلت عليها بعض الأعمال، والتي أرى أن الناس أحبوها لأنهم يريدون شيئاً خفيفاً أحياناً، ولكن في المقابل نجد مع المسلسلات التي تحمل جرعة درامية حقيقية أن الجمهور يستطيع التمييز أن هذا المسلسل أهم من ذاك، فلا تزال لدي ثقة بالجمهور رغم أنه في أماكن عديدة قد يفاجئني برأيه.
الدراما الشبابية
- بعد تجربتك في مسلسل «روزنامة»، ما ميزة المشاركة في عمل يندرج ضمن إطار الدراما الشبابية؟
أحببت تجريب هذه الظاهرة وتحمست لدعم أحد المشاريع الشبابية، خاصة أنني خريجة معهد مسرحي وابنة هذا الجيل. ومع إدراكي أن السنة الماضية كانت صعبة على الجميع توقعت أن يكون هناك موجة جديدة، وأن الشباب لديهم طاقات جميلة يمكن أن يقدّموا من خلالها شيئاً مهماً. لكن ما جرى أن التجربة أتت أقل من الطموح، والأسباب التي أدت إلى هذه النتيجة كثيرة، منها ضعف الإمكانات وضعف النص وقلة خبرة الجميع، ولكن في النهاية تبقى تجربة أولى في الدراما التلفزيونية للجميع، للكاتب والمخرج والممثلين. ولدى الحديث عن هذه الظاهرة بالعموم وليس عن «روزنامة» تحديدا، أقول أنها كانت مخيبة للآمال.
- تميز دورك في «روزنامة» بالطلاقة والعفوية، فهل هما سلاحك في التعامل مع الشخصيات عامة أم أنهما ظهرتا هنا لأن المسلسل تناول مرحلة عمرية قريبة من سنّك؟
هذا كان من الأمور المغرية بالنسبة إلي في العمل، فالشخصية جديدة علي ولم أجسد ما يشبهها. إنها مرحة وعفوية إلى درجة كبيرة ومنطلقة وبعيدة عن المبالغة وليست روتينية. ولكن مساحة الشخصية لم تكرس من خلال الكتابة، بمعنى أن هناك شخصيات في العمل كانت خطوطها أوضح ولديها قصة متواصلة، إضافة إلى شخصية نسائية أخرى لديها خطها الدرامي، ولكن الشخصية التي أديتها ليس لديها هم واضح الأمر الذي كان متعباً لي، فكان المهم أن يكون لها حضور في العمل وأن تكون عفوية وتجمع الشلة وتحقق إيقاعاً مناسباً لها.
- هل استطاع مسلسل «روزنامة» التعبير عن مشكلات الشباب؟
لم يستطع ملامسة هموم الشباب، لكنه كان عملاً اجتماعياً خفيفاً يومياً.
- كيف تفهمين الكوميديا؟ وإلى أي مدى تقاطع فهمك لها مع فهم الآخرين لها في «روزنامة»؟
أحب الكوميديا لكني أخاف منها كثيراً لأن هناك خطاً رفيعاً وشفافاً يفصل بينها وبين التهريج وهو أمر يخيفني، وقد امتلكت الشخصية التي أديتها في «روزنامة» طبيعة مرحة. ولكن بشكل عام حتى الآن لم أقدم عملاً كوميدياً، وأتمنى المشاركة بعمل مكتوب بشكل صحيح، فإما أن أقدم نفسي بالكوميديا ضمن إطار مرضٍ أو لن أشارك فيها.
- كيف تبررين التناقض بين ما تقولون وما تفعلون كجيل فنانين شباب، إذ تنتقدون أعمال البيئة الشامية وفي الوقت نفسه تشاركون فيها؟
لتثبت نفسك كممثل جيد وتستطيع أخذ فرص حقيقية ليس باستطاعتك رفض كثير من الأدوار، فأنا لم أرفض إلا الأدوار التي أفضل ألا أخوض فيها. وفي المقابل عبر كل دور أجسّده كنت أقول في نفسي إنها تجربة ينبغي أن أتعلم منها، أو أن أحقق من خلالها بعض الانتشار الجماهيري والانتشار عند المخرجين، وبالتالي هي طريقة لأقول «أنا هنا» للناس وللمخرجين، حتى أصل إلى مكان أستطيع فيه أن أختار ما أستمتع بتقديمه.
- تقولين ذلك مع أن المخرجين بدأوا اختيارك منذ أن كنت طالبة في المعهد العالي للفنون المسرحية، الأمر الذي لم يحدث مع آخرين!
هذا صحيح، ولكن رغم هذا لم أكن قادرة على الاختيار بشكل واضح ودقيق خاصة في السنتين الأخيرتين، فبعد بدء الأزمة في السورية بات هناك مكان للمنافسة غير الشريفة على صعيد الدراما للأسف، وفي العديد من الأماكن كان الخيار إما أن أشتغل هذا العمل الذي قد لا أكون مقتنعة به بدرجة كبيرة أو أن أجلس في منزلي ويأخذه غيري، وكثيراً ما كنت أختار المشاركة لأحقق نوعاً من الوجود في الساحة، وإن كان ذلك بطريقة قد لا تكون مرضية كثيراً لي. ولكن على صعيد المستوى العام لما قدمته أشعر بالرضى، ولست نادمة على أي مشاركة، رغم أنني عادة ما أكون حادة في نقدي لنفسي.
- مشاركتك في مسلسل «الحصرم الشامي» شكّلت بداية مشاكسة تشي بقادم أكثر مشاكسة. فهل تحقق لك ذلك من خلال ما قدمت؟
مسلسل «الحصرم الشامي» كان بداية مرّضية جداً، فكنت عندها طالبة في السنة الثالثة وتم اختياري فيه بطريقة مرضية جداً، فبعد حضور المخرج سيف سبيعي للعرض المسرحي الذي كنت أشارك فيه بالمعهد قال إنه يريد مشاركتي في المسلسل. ورغم أن الشخصية لم تكن مساحتها كبيرة فقد جاءت عبر عمل مهم، وكان الدور مغرياً على الصعيد الفني وجريئاً، وكان مطلوباً مني قص شعري ففعلت، وشعرت بأنها خطوة في الاتجاه الصحيح.
ولاحقاً كانت هناك خطوات صحيحة وجيدة أخرى، منها مسلسل «وادي السايح» وكان أول عمل يحكي عن البيئة الحمصية ولكن لم تأت نتيجته كما توقعنا، وتبعت ذلك خطوات أخرى أشعر بالرضا عنها مثل «طالع الفضة» و«سوق الورق»، إضافة إلى بعض الأدوار التي كنت سعيدة لأدائها.
فرص سينمائية
- كيف تصفين مشاركتك في الفيلم القصير «الرجل الذي صنع فيلماً»؟
هو من إخراج أحمد ابراهيم أحمد وتأليف علي وجيه وإنتاج المؤسسة العامة للسينما، وشارك فيه عدد كبير من النجوم. هو فيلم قاسٍ جداً ولكن في الوقت نفسه يحوي جرعة انسانية عالية المستوى، ويحكي عن مهرجان السينما عام 2016، وأنا سعيدة بهذه التجربة.
- وماذا عن فيلم «رحيل»؟
هناك فيلم شاركت فيه مع حنان سارة وهو يندرج ضمن إطار المنح الشبابية، وهو اجتماعي روحاني بعنوان «رحيل». وقد أحببت التجربة لأن فيها شيئاً مختلفاً، فقد اشتغلت على التفاصيل والرمزية في سعي لتحقيق لغة سينمائية راقية.
داخل وخارج
- غياب عدد من النجوم عن أعمال صوّرت في سورية، هل اعطى الفرصة لظهور وجوه جديدة؟
كان من الممكن أن يشكل غياب بعض النجوم عن الساحة فرصة ليكون هناك دم جديد في الدراما يستحق أن يأخذ فرصته الحقيقية، ولكن أرى أنه لم يتم توظيف هذا الأمر بالشكل الصحيح، فقد كان هناك العديد من الوجوه الجديدة على الساحة ولكن لم يثبت أحد حضوره باستثناء اسماء قليلة.
- هل تنعكس الأعمال التي صورت خارج سورية سلباً على الانتاج الدرامي أم تشكل حالة تكاملية معه؟
لم أشارك فيها، وأرى أنه طالما أننا استطعنا في الموسم الأخير إنتاج ما يفوق العشرين عملاً داخل سورية رغم الظروف الصعبة، فكان بإمكان الأعمال التي صورت في الخارج أن تصور داخل سورية، وكنت أفضل أن يستفيد أولاد بلدي من تصوير الأعمال سواء من خلال اليد العاملة أو إيجار المنزل والمحلات بقصد التصوير. وتمنيت لو كان الانتاج سورياً بحتاً، لأننا عندما نصوّر في بيروت على سبيل المثال نخرج العمل من البصمة والنكهة السورية لأن الكل يعرف أنها بيروت ولن يقتنع أحد بأن مجريات العمل تحدث في دمشق، وبالتالي أنا لست مع تكريس هذه الظاهرة، إلا أن مسلسلاً مثل «سنعود بعد قليل» احترم المشاهد وكان من أساس النص فيه جزء في دمشق وجزء في بيروت. غير أن هناك أعمالاً أخرى أتساءل لماذا صُوّرت في لبنان أو الأردن أو أبو ظبي؟ لا بل هناك مسلسلات شامية صورت خارج سورية! فعندما تقول إنه عمل سوري فلماذا لم تصوره في سورية؟! وبكلامي هذا لا ألوم هذه الظاهرة، ولكني أؤيد الدفاع عن وجودنا بشكل أكبر.
- كيف تنظرين إلى مشاركة فنان سوري في عمل عربي خاصة إن كانت شخصيته في العمل غير سورية؟
من الممكن حدوث ذلك ضمن إطار التجربة لأن فيه تحدياً لقدرات الممثل كي يظهر صادقاً ومقنعاً، لكني لست مع تكريسها كظاهرة، لأن البيئة تلعب دورها، فأنا سورية وذاكرتي وكل تفاصيلي تقول إنني سورية وهذا كله يؤثر على أدائي. بينما الفتاة المصرية أو اللبنانية مختلفة وعندما تشتغل على تفاصيلها في الشخصية ستكون مختلفة عني.
ولكن من جهة أخرى أرى أنه من حق الممثل أن يجرب أي دور، وأن يتعلم، فإن حصلت على فرصة السفر إلى بلد أوروبي وأقدم تجربة هناك بصيغة «ورشة عمل» فلن أمانع لأن أي تجربة تغنيني، وهي ظاهرة صحية.
- إلى أي مدى ترين أن الأجور عادلة؟
عموماً هي ليست عادلة، فعندما تستغل شاباً جديداً أكاديمياً وتعطيه أجراً ضعيفاً جداً لأنك تمنحه فرصة فأنا أراه أمراً سيئاً، لأنك لا تعطيه أجراً يوازي جهده.
- ماذا عنك؟
لا بأس بأجوري، ولكن أنوه إلى أنه في العام الماضي كان هناك استغلال للأزمة فلم تكن الأجور عادلة، والكل عانى من كسر في أجره، وأتوقع أن يكون العام الحالي أفضل لأن الدراما حققت التوازن بعد الخوف الذي عشناه في الموسم الأخير من موضوع التسويق. وعموماً كلما زادت الخبرة سيكون الأجر أكبر، فالتطور يفترض أن يؤدي إلى تطور في الأجر.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024